343

Matmah Amal

مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال من سيرة الضلال

Genres

Sufism

وأما ما يروى عن ابن عمر من تحريق الرجل فقول آحاد الصحابة ليس بدليل شرعي؛ ولذا أحرق أمير المؤمنين [عليه السلام] مال آكل الربا، ولم يأخذ إلى بيت المال منه شيئا؛ وقد كان في زمنه عليه السلام [101أ] وفي زمن من سبق قبله في العصاة كثرة، وفيهم من معصيته أكثر من معصية غيرهم، ولم يرو عنه ولا عن غيره أنه عاقب أحدا من أولئك بأخذ شيء من ماله، وكذا لم يؤثر ذلك عن أحد من أكابر الأئمة المتقدمين، كزيد بن علي والهادي والناصر، والمؤيد بالله وأمثالهم، بل المعروف عنهم اجتناب ذلك والتنزه عنه.

وأما ما يروى عن بعض الأئمة المتأخرين فحكايات أفعال لا تعرف وجوهها، وأقوال آحاد الأئمة وأفعالهم ليست من الأدلة الشرعية، وإذا كان لا يتأسى بشيء من أفعال النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا بعد معرفة وجهه كما علم في الأصول فكيف بأفعال غيره، وظاهر كلام كثير من العلماء أن العقوبة بإتلاف المال منسوخ وغير جائز، ولا يبعد القول بجوازها في حق بعض الناس إذا رأى الإمام في ذلك مصلحة لا تعارضها مفسدة؛ إذ الدليل على جوازها أظهر كما في حديث: ((لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس، ثم أخالف إلى رجال يتخلفون عن الصلاة فآمر بهم فيحرقون بيوتهم بحزم الحطب...))الخبر وهو وإن كان محتملا للنسخ، ففي فعل أمير المؤمنين دليل على بقائه، ومثله روي عن الهادي [عليه السلام]، وغيره من الأئمة من قطع نخيل المخالفين وهدم دورهم؛ فليس في العقوبة بإتلاف المال مثل ما في العقوبة بأخذه من التهمة التي ورد النهي عن الوقوف في مواقفها من التشبيه بالجبابرة الظلمة في مصادرات الناس وأخذ أموالهم بغير حق، وغير ذلك من المآثم، على أن اجتناب العقوبة بإتلاف المال أحوط وأرجح، ولأن يخطئ الإمام في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة كما ورد في الأثر؛ هذا كله فيما وضح فيه موجب التأديب بأمر صحيح شرعي.

Page 385