AUTO [ مقدمة المؤلف]
يقول الفقير إلى عفو الله ومغفرته الحسين بن الناصر بن عبد الحفيظ بن عبد الله بن المهلا عفا الله عنه وعنهم آمين: لما من الله علينا وعلى المسلمين بخليفة الحق، وقائم الصدق أمير المؤمنين، وخليفة النبي الأمين، المحيي لسيرة النبي الأمين، ووصيه أمير المؤمنين، ومن حذى حذوهما من الأئمة الهادين صلى الله عليه وعليهم أجمعين حتى جدد الله به على رأس هذا القرن الحادي عشر، دين سيد المرسلين، وجعل أمام هذا التجديد ما حدث من الحوادث في اليمن الميمون التي جرت سنته بحدوث مثلها أمام تجديد المجددين منذ آدم الصفي إلى زمن الحبيب الذي اصطفاه على الأولين والآخرين وإلى يومنا هذا فيمن خلفه من أئمة العترة الراشدين، ليحقق الله له ما وعد أولياءه المتقين من الفتح المبين إثر ما يقع من فساد المفسدين وأعداء الدين المتين، وليعلم من تبعه من المؤمنين، تخصيصه بتجديد ذي القوة المتين، من بين أكابر العصر الذين لهم الفضائل في العالمين، وليكون له -إن شاء الله- ما أعده الله لأمثاله من الأئمة المجددين منذ سيد الوصيين وقائد الغر المحجلين إلى هذا الحين الإمام الأعظم الأواه المجاهد في سبيل الله، من لا يعلم في الأرض خليفة حق إلا إياه، المؤيد بالله أمير المؤمنين محمد بن أمير المؤمنين المتوكل على الله العزيز الرحيم أيده الله للمسلمين، وحفظه بذكره الحكيم.
وعلمت رغبته في إحياء السيرة النبوية والعلوية والحمل عليهما، ورفع المظالم وإزالة المفاسد والمآثم وتفقد ما حدث في المسلمين بواسطة العمال مما ليس من الشريعة في شيء لمصادمته نصوص كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله الهداة.
Page 36
وكنت وعدته عليه السلام إرسال مؤلفي الذي حملني على تأليفه نصح من اطلع عليه، والشفقة على عباد الله، ومعاونة أئمة الهدى -خصوصا هذا الإمام الأعظم أيده الله- عملا بحديث ((إنما الدين النصيحة...))إلخ، فبعثت إلى حضرته عليه السلام بهذه النسخة ألتمس دعاه الصالح فأقول[1ب]:
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين:
أحمدك اللهم على ما مننت به من النعم الغضيرة، وهديتنا إليه من سبل مراضيك المنيرة، وعرفتنا به من علوم كتابك وسنة نبيك النضيرة، وعلمتنا إياه من علوم الاجتهاد التي سرنا بها في رياض علوم أئمتنا الهداة أحسن سيرة، وأشهد أنك الله الذي أمرت بالعدل والإحسان في آياتك الشريفة الشهيرة، ونهيت عن الفحشاء والمنكر فالعيون بالنهي عنهما قريرة، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي هدانا إلى الإيمان، وجاء بمعجزات القرآن وأمرنا باتباعه في الإقدام والإحجام، وبين بما جاء به من السنة النبوية سبل الحلال والحرام؛ فنحن بهديه مهتدون، وبآثاره وآثار عترته الأكرمين مقتدون، وفي مناهج علومه وعلومهم الشريفة سائرون، صلى الله عليه وآله وسلم الذين خصوا بكل فضيلة، وأوتوا كل منقبة جميلة، وتنزهوا عن كل رذيلة، وسبقوا إلى كل خلة جليلة؛ فمن طور سيناء علومهم توجد تلك الأنوار، وفي واديهم المقدس وبقعتهم المباركة تطهر تلك الأسرار. وبعد:
Page 37
فطالما عول علي جماعة من فضلاء الزمان، وأرباب العدل والإحسان، وحلفاء السنة والقرآن، لما رأوا من جهلة العمال الذين خلطوا الحرام بالحلال، وتهوروا في انتهاك الأعراض والنفوس والأموال، ولم يبالوا في جمع الأموال أجمعوها من حرام أو حلال، وكلما زجرهم أرباب العلم والعمل عن تلك الأعمال، وعما ارتطموا فيه من سيئات الأعمال، رأوا النهي عن المنكر منكرا ونسبوا ذلك إلى الأئمة الهادين في الورى، وادعوه عادة لهم قديمة الزمان، وطريقة منسوبة إلى أولئك الأعيان، وهم في هذه الدعوى كاذبون، وفي نسبة ما لا يحل إلى الأئمة مبطلون؛ وكيف ينسب إلى أئمة الدين وخلفاء النبي الأمين الرضاء بتحليل الحرام، والارتطام في تلك الآثام وهم شموس الهداية المشرقة وسحابة الفضائل المغدقة ورياض المكارم المورقة قد ائتمنهم الله على بريته وارتضاهم لحفظ خليقته، واسترعاهم على أهل ملته.
في إنشاء مطمح الآمال الموقظ لجهلة العمال من سنة الضلال على نهج (بهجة الجمال) للعلامة ابن بهران رحمه الله خلا أنه رحمه الله لم يستوعب أحوال أئمة العترة ولم يأت (بشيء) مما زدناه في مؤلفنا هذا من أمور تحدد سير الأنبياء [2أ] والمرسلين، ويحيي ما كان عليه قدماء الأئمة الهادين من عترة النبي الأمين، ونجمل من حفظ ما أودعناه فيه على الاقتداء بهم واجتناب ما ليس من سيرتهم من مفاسد طالما أنسها العمال واسترسل فيها الجهال، حتى حسبوها من الشريعة، وظنوا تحتمها عليهم لما رأوا من سكوت أرباب النهي والأمر عن التنكير لخفاء الأمر عليهم في ذلك لجوازه عندهم، ولما أهمله العلماء من إيقاظهم إلا من بين منهم الحق ولم يكتمه وهم قليل، والله حسبنا ونعم الوكيل.
Page 38
فهاك كتابا جامعا لأشرف المقاصد وسفرا ينهل (وارديه) أعذب الموارد، مبينا فيه ما كان عليه سيد النبيين، وأخوه سيد الوصيين وذريتهما الذين خصوا بإحياء علوم الدين صلوات الله عليه وعليهم أجمعين وهذا أوان الشروع في المقصود فنقول:
Page 39
AUTO الباب الأول [(1) النبي الأعظم محمد بن عبد الله (ص)]
( 53 ق ه - 11ه / 571 - 633 م)
في ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله [وسلم ] وما كان عليه من العلم والحلم والصبر والعدل والشكر والزهد والتواضع والعفو والعفة والجود والشجاعة والحياء والمروءة والصمت والتؤدة والوقار والرحمة وحسن الأدب والمعاشرة.
Page 40