Shicr Wa Fikr
شعر وفكر: دراسات في الأدب والفلسفة
Genres
وما الذي جعل «أفلاطون» يقول: «إن الزمان هو صورة الأزل»
11
إن لم يكن هو الفزع من الزمان؟! ثم ما الذي دفع أرسطو - والمفكرين من بعده حتى «برجسون» - إلى «تمكين» الزمن وقياسه، إلا أن يكون هو الخوف من عضة نابه، والسعي إلى قيمة أخرى ترتفع فوقه كالفكر الثابت الذي يفكر في نفسه أو الأبد الساكن الذي يتعزى الإنسان به ويأمل فيه.
إن صرخة «باسكال» التي ترددت في «خواطره»،
12
ستظل تطرق أبواب قلوبنا بشدة: «أرى هذا الفضاء الكوني المخيف الذي يحط بي، وأجد نفسي مقيدا بركن من هذا الامتداد الهائل، دون أن أعرف لماذا وضعت في هذا الموضع دون سواه، ولا لماذا حددت هذه الفترة الزمنية القصيرة التي قدر لي أن أعيشها في هذه النقطة بعينها لا في نقطة غيرها من الأزلية التي سبقتني أو الأبدية التي ستأتي بعدي.
لست أرى من كل ناحية إلا هذه اللانهايات التي تحبسني، وكأنني ذرة وظل لا يدوم إلا لحظة واحدة بلا عودة.»
وإن «كانط» ليقدم الزمان على المكان، فيصف الأول بأنه الشرط الصوري القبلي لجميع الظواهر بوجه عام، وهذا عكس المكان المقصود على الظواهر الخارجية وحدها،
13
كما يحمل أحد الكتب المؤثرة على الفكر المعاصر هذا العنوان المهم: «الوجود والزمان». ومع أن مشكلة المكان قد لا تقل أهمية عن مشكلة الزمان، بل ربما كانت أشمل منها وأقدر على إلقاء الضوء على طبيعة الإنسان وماهيته التي تعلو على المكان والزمان جميعا، وإن ظلت أسيرة لها،
Unknown page