الأول: أن يكون عاين كل واحد منهم في قبره في الأرض على الصورة التي أخبر بها من الموضع الذي ذكر أنه عاينه فيه، فيكون الله قد أعطاه من القوة من البصر والبصيرة ما أدرك به ذلك يشهد لهذا الوجه قوله: (رأيت الجنة والنار في عرض هذا الحائط)، وهو محتمل لوجهين أحدهما: أن يكون رآهما من ذلك الموضع، كما يقال: رأيت الهلال من منزلي من الطاق، والمراد موضع الطاق. ثانيهما: أن يكون مثل له صورتهما في عرض الحائط والقدرة صالحة لكليهما.
...الثاني من الوجوه: أن يكون عاين أرواحهم هناك من صورهم.
...الثالث: أن يكون الله تعالى لما أراد إسراء نبيه رفعهم من قبورهم لتلك المواضع إكراما لنبيه وتعظيما حتى يحصل له من قبلهم ما قد أشرنا إليه من الأنس والبشارة وغير ذلك مما لم نشر إليه ولا نعلمه نحن إظهارا للقدرة التي لا يغلبها شيء ولا تعجز عن شيء، وكل هذه الوجوه محتملة ولا ترجيح لأحدهما على الآخر إذ أن القدرة صالحة لكلها، انتهى.
...ومما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم في قبره المكرم، زيادة على ما تقدم، واقعة السلطان السعيد، نور الدين الشهيد، المشهورة، وقد ذكرها مؤرخو المدينة الشريفة وغيرهم.
صفحة ١٢٧