الثاني: أنه يلزم على هذه العلة بناء (غد)؛ إذ الأمر فيه كالأمر في (أمس).
وأجيب: بأن (غدا) حذفت (¬1) لامه؛ فلا يجمعون عليه حذف لامه، والبناء. ورده ابن الدهان بنحو قول الشاعر (¬2):
وما الناس إلا كالديار وأهلها بها يوم حلوها وغدوا بلاقع
فأعاد اللام، يعني: لام الكلمة. وهو معرب. قال: والصواب أن يقال: إن (غدا) غير مشاهد الوجود، و(أمس) مشاهد محقق معلوم؛ فهو أشبه بالمعرفة. ونظير ذلك: (قط، وأبدا)، أعرب (أبدا)؛ لأنه مستقبل ك (غد) وبني (قط)؛ لأنه للماضي (¬3)، ك (أمس) (¬4).
ومنها: الغايات المقطوعة عن الإضافة، نحو: (قبل، وبعد، وأول، وعل)، وما حمل عليها نحو: (حيث، ولدن).
وجوابه: أن علة بنائها ما ذكر في الموصولات (¬5) من افتقارها إلى [15 أ] ما يبين معناها؛ لأن المضاف شديد الافتقار إلى المضاف إليه، فصار كتوقف الحرف على متعلقه؛ فإذا قلت [28ب]: (رأيته قبل)، فإنه يحتاج إلى ما يبنيه ولا يبني على الضم إلا إذا تقدم ما يدل عليه، ونوى فيه المضاف؛ كما في قوله تعالى: {لله الأمر من قبل ومن بعد} (¬6)، أي: (من قبل الغلب ومن بعده)، ولو لم يتقدم (¬7) {غلبت الروم} (¬8) ما صح إطلاقه، وكان المضاف ظاهرا، ولو لم ينو أعرب، كقوله (¬9):
فساغ لي الشراب وكنت قبلا أكاد أغص بالماء القراح
واعترض ابن هشام في شرح الإيضاح، وقال: ينبغي على ذلك أن تبني الأسماء المقطوعة عن الإضافة، نحو: (كل، وبعض).
صفحة ٤٩