أحدها: أنه بني؛ لأنه منقول من فعل الأمر، والتقدير فيه: (أمس) محذوف اللام (¬10). ونسب للكسائي (¬11)، وهو مبني على مذهبه أن الأمر معرب (¬1).
والثاني: أنه مبني؛ لافتقاره إلى اليوم الذي بعده، كافتقار الحرف إلى ما بعده؛ فكان معناه في غيرها، حكاهما ابن الدهان.
والثالث: أنه بني لتضمنه معنى حرف الإشارة؛ لأن قولك: (لقيته أمس) في معنى: (لقيته في ذلك اليوم)، قاله الزجاج (¬2)، ورده الفارسي بأنه كان يجب على هذا بناء جميع الأسماء؛ إذ ما من اسم إلا وهو إشارة إلى مسماه ودليل عليه.
وقد استشكل على المصحح أمران:
أحدهما: أنه لو كان علة بنائه تضمنه اللام، لم يجز ظهوره معها، وقد مر أن المضمن للحرف لا يظهر معه ذلك الحرف (¬3)، وقد قال تعالى: {كأن لم تغن بالأمس} (¬4)، {كما قتلت نفسا بالأمس} (¬5).
وقال الشاعر (¬6).
وإني وقفت اليوم والأمس قبله ببابك حتى كادت الشمس تغرب
والجواب: أن الألف واللام إنما [27ب] دخلت عليه بعد تنكيره في إعرابه، كما يعرب (¬7) إذا أضيف أو صغر أو ثني أو جمع لزوال البناء. وقيل: اللام زائدة كالتي في (النسر) (¬8)، والممتنع معه ظهور لام التعريف؛ لأن (أمس) المعرفة هو (أمس) الذي قبل يومك (¬9).
وقال العبدي (¬10): يحتمل أن تكون الألف واللام دخلت على طريق الدلالة على الألف واللام الأخرى المرادة. قلت: ويسهل ذلك عدم التلفظ بالأولى.
صفحة ٤٨