وذكر الفارسي أن حرف الاستفهام والشرط على مذهب سيبويه مقدر مع أسماء الشرط والاستفهام، وحذف للعلم به (¬1). وعلى هذا فالبناء في الاستفهام والشرط بالنظر إلى الحرف المحذوف؛ لأنه في حكم المنطوق به لا بالنظر إلى الاسم. قال صاحب البسيط: وهذا ضعيف؛ لأن تقدير (¬2) حرف الاستفهام مع الاسم المعرب لا يوجب له البناء؛ فالوجه المصير إلى تضمن معنى الحرف لتحقق علة البناء مع إفادة المعنى. انتهى.
وقد اعترض على الناظم في هذا القسم بأمور:
أحدها: انتفاضه بالظروف؛ فإنها معربة، مع أنه نص في هذه الخلاصة على أنها مضمنة معنى (في) (¬3)، وأجاب ابنه بأن التضمن المانع من الإعراب هو اللازم، وتضمن الظرف لمعنى (في) غير لازم؛ فلهذا لم يعتبر، فإنك إذا (¬4) قلت: (صمت يوم الخميس)، كان على معنى (في)، فإذا قلت: (الخميس) لم تجد فيه ذلك المعنى (¬5).
ويوافقه قول أبيه في باب الاستثناء من شرح التسهيل: "وأجاز الفراء (¬6) بناء (غير) على الفتح عند تفريغ العامل سواء كان المضاف إليه معربا أو مبنيا (¬7) وكأن حامله [13ب] على ذلك جعل سبب البناء تضمن (غير) معنى (إلا). وذلك عارض؛ فلا يجعل وحده سببا" (¬8). انتهى.
وقد سبقه إلى هذا الجواب: ابن الخشاب، وزاد (¬9) قوله: "فظهوره في بعض الأحوال كظهوره في جميعها، وفي بعض الظروف كظهوره في كلها" (¬10) انتهى [8أ].
وهو منتقض بالأسماء التي لم تستعمل إلا ظروفا؛ فإن التضمن فيها لازم، ومع ذلك ليست مبنية. وأجاب غيره بأن الاسم المضمن لمعنى الحرف إنما يبنى إذا كان مستغنيا في أصل وضعه عن الحرف، وضمن معناه للاختصار. وأما الظروف فظهور الحرف معها هو الأصل، وهي في أصل وضعها محتاجة إليه. وإنما أجيز حذفه للعلم به، ولو كان حذف حرف الجر من الاسم المتعدى إليه الفعل به يوجب بناءه لوجب أن يبنى المفعول به والمفعول له إذا حذف حرف الجر في الشعر. وأيضا فالظروف كثيرة؛ فلو بنيت لكثر البناء في الاسم، وأنه خلاف الأصل (¬11).
صفحة ٣٨