وهذا غير بدع في كلامهم، ألا ترى أن (مذاكير، وملاقيح) (¬11) لا واحد لها من لفظها، وإنما الظاهر منه: (مذكر وملقح)، وأنت تقدره واحدا غير ما ظهر، كأنك قلت: (مذكير وملقيح)، كذلك أيضا [11ب] تقدر حرف الإشارة وإن لم يظهر لفظا، ولكن ذكر ما يدل عليه من لفظ الاسم مع (ها) التنبيه؛ لقرب التنبيه من الإشارة، واستغنى باسم الإشارة عن وضع حرف الإشارة؛ ولذلك قيل في حدها: إنه الاسم الموضوع لمسمى وإشارة إليه، وصار هذا نظير التعجب. هذا قول الناظم، وابن جني، والسيرافي (¬1)، وقال صاحب البسيط: إنه المشهور. ورده الفارسي، وقال: "لا يبنى بتضمن الإشارة؛ لأن كل اسم يشار به إلى مسماه" (¬2). وإنما علته كعلة (أمس) الآتية (¬3).
وجعل الزمخشري في المفصل (¬4) علة بناء [7أ] المبهمات تضمنها شبه معنى الحرف، وحكى ابن برهان (¬5)، عن أبي الحسن (¬6)، عن عيسى (¬7) صاحب الجامع أنه "إنما بني المبهم لتضمنه معنى الإشارة التي تقوم مقام حرف التعريف (¬8) إلا أن حرف التعريف بالألف واللام يرجع إلى جنس أو معهود. والتعريف بالإشارة خارج عنهما؛ لأنك تقول للمخاطب: (هذا) مع الإشارة بجارحة أو ما يقوم مقامها من الكلام على غير معنى الجنس. ولا عهد بينك وبينه، وإنما هو تعريف لهذا الحاضر" (¬9).
فإن قيل: إذا قلنا بالمشهور، وهو واضح في (أولاء) (¬10) ونحوه، أما (هؤلاء) فلا يمكن دعوى التضمن فيه لظهور الحرف، وهو (ها)، فالجواب: قال الأصفهاني (¬11) [12ب]: الحرف الذي هو (ها) غير ذاك الذي تضمن معناه، وهذا الموجود زائد (¬12)، كما أن الألف واللام في (الأمس) عند من بناه زائدة، وأن الاسم بني لتضمنه معنى ألف ولام أخرى (¬13).
صفحة ٣٧