والحق: أن المراد ب (التضمن) - هنا - غير التضمن في باب الظروف، بل التضمن قسمان (¬1):
أحدهما: انتقال معنى الحرف إلى الاسم بالوضع، وهو المراد في باب البناء (¬2).
والثاني: مقارنة معنى الحرف للاسم حالة التركيب، لا بالوضع. وهو المراد في باب الظروف؛ فإن الظروف ضمنت معنى (في) حالة التركيب، لا حالة [14ب] الوضع، بدليل أنك (¬3) إذا لفظت ب (يوم الخميس) وحده، لم تجد فيه معنى (في) ألبتة، وإنما تجده إذا قلت: (صمت يوم الخميس)، بخلاف (متى)، ونحوه من المبنيات (¬4)، إلا أن تسمية الأول تضمينا ظاهر، والآخر فيه تجوز؛ ولهذا رجع ابن مالك في بقية كتبه عن (¬5) (الظرف) ب (التضمن) إلى (التقدير)، كما في (الكافية)، وإلى (المقارنة)، كما في شرحها (¬6).
وقد يقال: إذا كان المراد ب (التضمن) - هنا - تضمن حرف مخصوص، لا مطلق الحرف، كما صرح به صاحب البسيط، زال الاعتراض بالظرف.
وبعد، فهذا السؤال قديم، قال أبو الفتح في خاطرياته (¬7): "سألته عن الظروف المنصوبة فقلت: قد قلت: إن فيها معنى (في)، فلم (¬8) لم تبنها لتضمنها معنى الحرف؟ فقال: لم يدخلها معنى الحرف؛ لأنها ضمنت معناه، وترك اللفظ به، بل دخلها معنى الحرف قبل حد دخوله، والحرف ملفوظ به، بدليل إلزامهم ضمير الظرف الحرف، فدل على أن الحرف كأنه ملفوظ به مع المظهر؛ لأن ما يدخل على المظهر يدخل على مضمره، تقول: (ضربت زيدا، وضربته). قال: فقلت له: فيلزم على هذا أن يكون الظرف مجرورا، فقال: لم يجر [9أ]؛ لأن الحرف لما زال عن اللفظ عاقبه النصب، كما أنه لما زال من المفعول عاقبه النصب في قولك: (اخترت الرجال [15ب] زيدا)، وإن كان بمعنى المفعول، ولا حرف فيه بمعناه، وفيه الحرف (¬9). قال (¬10): ونظيره: قوله:
صفحة ٣٩