22
والحاصل أن مسلمي إسبانية كانوا قد أخذوا ينكصون وتنحص أجنحتهم ولم يبق أدنى خطر منهم على فرنسة، وأخذت هذه المملكة تتقوى وتتقدم إلى الأمام، وسنة 987 انتقل الملك إلى آل كابت
Cabet
فكانوا أجدر به من المتأخرين من سلالة شارلمان، ثم تنصر النورمنديون وصاروا عاملا عظيما من عوامل القوة النصرانية وسكنوا وركنوا وتركوا العيث والدعارة، وكذلك تنصر المجار وأصبحت أوربة كلها مسيحية، وفي ذلك الوقت بدأت الناس تطالب الملوك بحقوقها وتنبهت الجماعات وناقشت السلطة الحساب وتأسس ما يسمى بالحرية البلدية مما أدى في آخر الأمر تدريجا إلى الحالة الاجتماعية التي جعلت أوربة في مقدمة العالم المتمدن، وأورق من ذلك الوقت غصنها واخضر رعيها وأفلح سعيها، على أن سواحل فرنسة لم تسلم من غارات المسلمين إلى ما بعد ذلك بمدة طويلة ففي سنة 1003 نزل مسلمون أندلسيون في أرض أنطيب أو عين الطيب
Antibes
وأخذوا بعض رهبان أسرى وفي سنة 1019 غزا منهم أناس مدينة أربونة فاجتمع عليهم الأهالي وكشفوهم ثم قتلوهم وأسروا منهم عشرين رجلا كانوا في غاية الطول والعظم، فأرسلوهم إلى دير سان مارسيان في ليموج، فاستخدم منهم رئيس الدير اثنين وفرق الباقين على أصحابه، وجاء في مجموعة الدون بوكيه خبر يفيد أن هؤلاء لم تكن لغتهم عربية.
وفي سنة 1047 نزل مسلمون أندلسيون في جزيرة لارين
Lerins
23
واستاقوا عددا من الرهبان أسرى فذهب رئيس دير سان فكتور في مرسيلية إلى الأندلس لافتكاكهم، وكان بعض أمراء الأندلس شرعوا يشنون الغارات البحرية على بلدان المسيحيين، وأشهر هؤلاء مجاهد العامري الذي استولى على دانية وجزر الباليار والإفرنج يسمونه موجيت
صفحة غير معروفة