الذين} هم الذين {يؤمنون} يصدقون {بالغيب} بما غاب عنهم مما أنبأهم به النبي - صلى الله عليه وسلم - من أمر البعث والثواب والعقاب وغير ذلك، فهو بمعنى الغائب. وحقيقة الإيمان في الشرع هو المعرفة بالله وصفاته وبرسله، وبجميع ما جاءت به رسله؛ وكل عارف بشيء فهو مصدق به، لأن الإيمان هو التصديق، والمؤمن هو المصدق، والمصدق هو المقر المعترف بالإسلام. والتصديق من الإيمان الطاعة والعمل لله بما أمر. {ويقيمون الصلاة} يتشمرون لأدائها من غير فتور ولا توان؛ أو أريد بإقامتها تعديل أركانها. وقيل: للداعي مصل تشبيها في تخشعه بالراكع الساجد، ويقال: أقام بالأمر، وأقام الأمر، أتى به معطيا حقوقه. {ومما رزقناهم ينفقون(3)} المراد به الزكاة لاقترانه بالصلاة التي هي أختها، أو غيرها من الإنفاق في سبيل الخير لمجيئه مطلقا.
{والذين يؤمنون بما أنزل إليك} يعني: القرآن، {وما أنزل من قبلك} سائر الكتب المنزلة قبله، {وبالآخرة هم يوقنون(4)} الإيقان العلم بانتفاء الشك.
{أولئك على هدى من ربهم} أي منحوه وأعطوه من عنده، وهو اللطف والتوفيق على أعمال البر. {وأولئك هم المفلحون(5)} أي الظافرون بما طلبوا، الناجون عما هربوا، فالفلاح درك البغية، والمفلح والفائز من البغية كأنه الذي انفتحت له وجوه الظفر.
صفحة ١٣