فاحسن ابو الخطاب رضي الله عنه السيرة وعدل في سيرته واحكامه ، وكانت ولاية أبي الخطاب اربع سنين وقد ولي على رأس أربعين ومائة ، وبلغنا ان امرأة من نساء القيروان كتبت بطاقة إلى الامام ابي الخطاب رضي الله عنه تشكو اليه جور (ورفجومة ) تقول فيما كتبت له : ( اما بعد " يا أمير المؤمنين " فان لى ابنة وقد بلغت في الخوف عليها من ورجفومة والحوطة عليها ان حفرت حفرة تحت سريري وصنتها فيها عنهم خشية ان يفسدوها كما فعلوا بامثالها فانظر الينا والسلام ) وكانت ورفجومة ولاة مدينة القيروان فلما وصلت البطاقة الى ابي الخطاب رضي الله عنه صادفته وهو يتوضأ ، فقرأها وجعل يبكي رحمة بما نزل بها ، فنادى ( الصلاة جماعة ) واجتمع اليه الناس وصلى بهم ، ثم صعد المنبر خطيبا ، فحمد الله وانثى عليه ثم أخذ في ترغيب اصحابه في الجهاد وامر رعيته في التأهب والاستعداد ، وان يعزموا على المصابرة والجلاد ، فخرج من المسجد وسل عند بابه سيفه وكسر غمده ، قال : لا حكم إلا لله ترغيبا في الجهاد وغضبا لله ولدينه ، وبلغنا من طريق آخر ان ورفجومة أخرجوا امرأة من القيروان وهي تصيح وتقول : اغيثونى معاشر المسلمين ، فلم تجد احدا يدفع عنها فلما بلغ أبا الخطاب رحمه الله ما نزل بها ، واستغاثتها بمعشر المسلمين فلم تجد أحدا يدفع عنها قال أبو الخطاب مجيبا لها : لبيك لبيك .
صفحة ٢٨