طبقات المشايخ بالمغرب لأبي العباس الدرجيني
طبقات المشايخ بالمغرب
الجزء الأول
تأليف : الشيخ أبو العباس أحمد بن سعيد الدرجيني رحمه الله تعالى
? تقديم الكتاب
? مقدمة
? ذكر الفاظ مما اصطلح عليها أهل الطريق وتعارفون بينهم
? ذكر طبقات المشائخ
? ذكر فضائل الفرس من العجم
? فضائل البربر من العجم
? حملة العلم إلى المغرب
? امامة أبى الخطاب عبد الاعلى بن السمح
? بيان مسالة الحارث وعبد الجبار واختلاف الناس فيها
? مقتل أبى الخطاب واصحابه رحمهم الله
? ولاية ابى حاتم يعقوب بن لبيب الملزوزى الهوارى
? ذكر وقعة مغمداس
? مقتل أبى حاتم واصحابه
? امامة عبد الرحمن بن رستم
? أمامه عبد الوهاب بن عبد الرحمن
? أول افتراق في الأباضية
? محاربة الامام عبد الوهاب رحمه الله للواصلية
? نزول الامام عبد الوهاب رحمة الله على مدينة طرابلس
? الافتراق الثاني في الاباضية
? استعمال أبو عبيدة عبد الحميد الجناونى رحمة الله ومحاربته خلف بن السمح
? امامة افلح بن عبد الوهاب
? الافتراق الثالث في الاباضية
? امامة محمد افلح بن عبدالوهاب
? امامة يوسف بن محمد بن افلح
? وقعة مانو وانقراض الإمامة
? انتشار مذهب الشيعة
? ذكر اخبار ابي يزيد مخلد بن كيداد الناكثي
تقديم الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب الذي بنعمته تتم الصالحات
أضع بين يدك أيها القارىء الكريم هذا الكتاب القيم الذي يكتب لهو لأول مرة أن يخرج من حيز المخطوطة وظلمات خزان الكتب بعد أن تحدث الناس عنه كثيرا ونقل منه كتاب السير والتاريخ بالمغرب العربي وخاصة تونس والجزائر ولم يكتب له الحظ أن يعتني أحدا منهم بتحقيقه وإخراجه .
صفحة ١
وما أقدمني على هذا العمل المضني وشجعني عليه ألا ما نحن عليه في مغربنا هذا من حاجة إلى احياء تراثنا وابراز معالم شخصيتنا التاريخية وبط حاضرنا المشرق بماضينا المجيد لنبني على دعائم الأصالة والتفتح معا لانفرط ولانفرط ولعلها تكون منا مساهمة متواضعة في دفع مسيرة النهضة وتراثها تلك النهضة الثقافية التي تحياها الجزائر وسائر أقطاب المغرب العربي في هذه الظروف الحساسة .
وقد أعتمد في تحقيق هذا الكتاب ثلاث نسخ خطية رأيت فيهن الغناء من غيرهن وهن قلائل النسخة الأولى نسخة خزانة شيخي الفاضل ابراهيم ابن ابي بكر الفراري وهي أصح النسخ وأشدها تحقيقا ، وقد أهمل الناسخ ذكر تاريخ كتابتها وذكر اسمه ، والنسخة الثانية نسخة الشيخ اطفيش الحاج محمد ، وهي هي نسخة قديمة جدا قريبة من عهد المؤلف يذكر كاتبها أنه فرغ منها سنة 758 هجرية ، والنسخة الثالثة نسخة خزانة القاضي أبو فاره ابراهيم ويرجع تاريخها إلى القرن الثاني عشر الهجري .
وقد حاولة أن أقابل بين النسخ ما استطعت وأثبت النص صحيحا بعد تحقيقه وربما تكون النسخ متفقة في العبارة كما هي مع الإشارة استطعت وأثبت النص صحيحا بعد تحقيقه وربما تكون النسخ متفقة في العبارة كما عدم اتضاح المراد أو استقامة العبارة عند ذلك أثبت العبارة كما هي مع الإشارة إليها وأبداء ما يبدو لي الصواب .
وخدمة للكتاب وتقريبا له لمتناول القارىء أضفت عناوين هامشية لمختلف المساءل والمباحث الواردة في أثناء الكتاب وأثبتها على هامش الصفحات حتى يسهل الرجوع إليها واستجلاؤها كما أضفت للكتاب فهارس العناوين والموضوعات الواردة فيه وللأعلام والأماكن المذكورة وسوف يجد القارىء من حين لآخر تعليقا مني على ما أراه لابد منه للإيضاح أو إزالة اللبس.
صفحة ٢
وبودي لو أخرج الكتاب وعليه دراسة علمية وتحقيقات تاريخية لتكون الفائدة أكمل وأشمل ولكن أعتقد أن هذا العمل سيكون خطوة ثانية بعد تحقيقه وطبعه وعسى أن يجد أبناءنا الطلبة والرجال المتفرغين للبحث من ينتدب لذلك وحسبي أن أكون قد قمت بأول خطوة في الموضوع.
وقد رجوت من الشيخ الفضل المحقق عبد الرحمن بكلي _ وأنا في أثناء تحقيق الكتاب - أن يقدم له بمقدمة تكون أمس بالموضوع وأنسب بالكتاب أكتفى بها عن التعريف بالكتاب وبالمؤلف فلبي رغبتي ورحب بها فله مني كامل الشكر والتقدير كما أقدم ثنائي وشكري الخالص للأخوان الذين قدموا لي يد المساعدة ولم يبخلوا بأي جهد فساهموا معي في اخراج الكتاب بما قدموه من جهد وخدمات شكر الله سعيهم وجزاهم خيرا.
مقدمة
الحمد لله الذي الذي خلق السمات والأرض وجعل الظلمات والنور يعلم ما يسرون وما تعلنون والله عليم بذات الصدور ، خلق الأنسان عمله البيان وكل شئ عنده بمقدار سبحان من جعل له عينين ولسانا وشفتين ، وهديناه النجدين ، فسعيد يسره لليسرى وشقى يسره للعسرى ، هو الذي خلقكم وما تعلمون لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون ، احمده من عرف جلاله وكبرياءه واقدس من دون التشبيه صفته واسماءه ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين والمرسلين الذي ارسله الله رحمة للعالمين ونسخ بشريعة دينه كل شريعة ودين ، وعلى آله واصحابه الاكرمين ، وتابعيهم باحسان إلى يوم الدين وتابعي التابعين صلى الله عليهم اجمعين صلاة دائمة إلى يوم الدين .
وبعد : فان العلم دليل يقتدي به ، والي طريق الرشد هاد يهتي به " إنما يخشى الله من عباده العلماء " " والعلماء ورثة الانبياء " وفي الآية والخبر دليل على أن العلم ما صاحبه العمل ، وصادفته الخشية والوجل فإنه من أخشى الله تعالى لما لديه ، ويسعى فيما يقدم بين يديه ، وهل لمن عرى من الخشية فوز بعمل الحسنات ، واستحقاق وراثة تلك الدرجات ؟
صفحة ٣
وينبغي لمن نزع إلى هذا النزع وطلب هذا العمل الأرفع ، آن يتعرف مناقب السلف والأخبار ، ويحصل سيرهم الصالحة ليقتدي بحميد تلك الآثار ، فإن ذلك مما يقوى الرغبة والاشتياق (1) والحرص على المصير إلى تلك المنازل السنية واللحاق ، ويخص على الطريق الأثوم ، وينهي عن أهواء الهاون في هواء الخسران والندم ، فما أتقمن من عرف طريق الصلاح ان يتبعه ! وما أقبح من جهة أن يضيعه ! وقد استمرت عادة اصحابنا ان اول ما يمرن عليه المبتدئ أذا وصل ، السكينة والوقار وتعليم سير السلف ، لتكون لهم على اتباعهم معينة ، فإاذ أكتسى تلك السلف تلك الحلة قلما بدلها ، ثم بعد ذلك " ما يفتح الله الناس من رحمة قلما بدلها ، وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم " . فالله ينفعهم وينفع بهم في الدنيا والدين ، ويجعلنا لآثارهم مقتدين ، لا مبدلين ولا مغيرين وينقذنا برحمته اجمعين ، وهو ارحم الراحمين كتاب ابى زكرياء يحيى بن ابى بكر رضى الله عنه (2)استخلص ذلك وانتقيه فبادرت لاجابة سؤاله ايجابا لعظم حرمة السؤال وان كان ينبغى ان اكون ممن استغفى واستقال فرأيت عصيانه من النكير بل المحظور ، فأخذت في تهذيب الكتاب المذكور واضيف إلى ذلك ما لا بد منه من خطبة وشعر غير مشهور ، على انى معترف بالقصر والفهامة ، وراغب في الاغضاء من ذوى الفطان والنباهة متيقن ان الماء يطيب بطيب موارده ، وان كان اجاجا ، وقد يعود مرا معافا وان كان عذبا ثجاجا ، ولا شك انى قصدت الفن الذي بدأت بذكره لم احفل بعيب عائب ، ولا بشكره فان ظفرت بموافقة من اجيب سؤاله فقد ظفرت بالمرغوب ، فان قصرت فلا غرو لابطاء السكيت (3)عن شاء المجلى والله اسأله . التوفيق والارشاد إلى سواء الطريق ، وقد رأيت ان اقدم مقدمة تكون فراشا للكتاب ، تفهم منها ألفاظ اصطلح عليه اصحابنا المتأخرون ، وفيها عند من لا يعرفها اضطراب ، ثم آتى بتسمية مشائخها وذكر طباقتهم خلفا عن سلف ، على ترتيب يتأتى بيانه ، ليتم المقصود ويتألف ، ثم اجرد السيرة وانقلها من الكتاب المذكور ، على حسب ما وقعت فيه ، وما كان في ألفاظه خشونة نقلت معانية فيكون نفهم ما سئلت سهلا على قارئه .
----------------------------------------------
(1) في نسخة : الاستيثاق
(2) يشر الى تاريخ أبي زكرياء يحي بن أبي بكر الذي لا زال مخطوطل وهو اصل هذا الكتاب
(3) السكيت بصيفة التصغير : آخر الخيل في الحلبة عكس المجلى
صفحة ٥
ذكر الفاظ مما اصطلح عليها أهل الطريق وتعارفون بينهم فمن ذلك العزابة واحدهم عزابى ، هذه اللفظة أستعملتها لقبا لكل من لازم الطريق وطلب العلم وسير أهل الخير ، وحافظ عليها وعمل بها ، فان حسن جميع هذه الصفات سمي عزابيا ، وان حافظ على السير والعمل بها فقط سمي به ، وأن حصل العلم دون السير والعمل بها والمحافظة عليها لم يسم بهذا الاسم ن واعلم ان لهذا الصنف سيما انفردوا بها ، واحوالا عرفوا بها ، لا يتفضل عليهم فيها سواهم ، وذلك في تسميتهم ، وخطابهم ، ومؤاكلتهم ، ولباسهم ، واوقات نومهم وقيامهم ، واورادهم وصيامهم ، وعبادتهم ، وعندهم في ذلك قوانين يعتادونها وحود لا يتعدونها ، وهذا الاسم مشتق من الغزوب عن الشئ وهو البعد عنه ، فاستعير لمن بعد عن الامور الدنيوية الشاغلة عن الاخرة ، ولو استقصينا وصف تلك الاحوال لا تسع القول فطال ، وسيأتي ذكر ما امكن من ذلك في موضعه ان شاء الله ، واول ما استعمل هذا اللقب في أيام ابي عبدالله محمد بن ابى بكر رضى الله عنه ، لما أسس الحلقة ورتب قوانينها .
الحلقة ، اسم لجماعة تشتمل على الشيخ يعلمهم العلم ويلقنه السير ويبصرهم في الدين بحسب ما يفتح الله على كل واحد منه يحصل البعض ، وان أعياه الكل ، " فان لم يصبها وابل فطل " فكانهم محلقون ولو أنهم مفترقون .
التلميذ اسم للواحد المبتدئ عند الدخول في الطريق سواء كان طالب فنو أو مقتصرا على الصلاحية فقط وأصل هذه اللفظة فارسى .
الختمة : اجتماعهم لذكر الله والدعاء عند طلوع الشمس وعند غروبها بشيخ أو بغير ، وكأنهم يختمون به عمل الليل وعمل النهار .
صفحة ٦
المجتمع والجمع والميعاد ، الفاظ مترادفة على معنى واحد وهو أن يجمعهم الشيخ على وعظ يفيدهم ، أو لتذمير امرمهم يكون شورى من أصلاح فساد أو تلاقي فوات ، أو امر بمعروف أو نهي عن منكر ، فمع الاختيار أن يكون ذلك يوم الاثنين ويوم الاثنيني ويوم الخميس ، ويكون في أي وقت دعت اليه الحال ، ليلا أو نهارا ، في أي يوم كان ، أول من رتبة أبو الحر على بن الحصين بمكة (1)
الهجران والابعاد الفاظ تترادف على معنى واحد وذلك ، او ظهرت عليه خزية أو أتى بنقيصه في قول أو عمل أو تصنيع ، فأنه يهاجره كل اهل الصلاح فلا يكلم ولا يخطر حالت بينه وبين أهل الخير ، فان تاب واستغفر قبل منه ورجع إلى الجماعة ، وزال عنه شين ذلك الوسم ، وكان بقاؤه في وحشة الهجران بقدر عظم الجرم وصغره ، وتوبة المجرم واصراره ، فمنهم من يتوب فيرجعه في الحال ، ومنهم من يبقى ساعة او ساعتين أو يوما أو يومين أو أياما أو أعواما أو عمره أن عظم الجرم ودوام المجرم على الاصرار وترك الاستغفار ، أسال الله ان يقينا شرا أتفسنا وشر كل ذي شر .
الظهور : تولية أمام عدل يسند إليه الأمور .
الكتمان : ملازمة الأمر سرا بلا امام
ولاية الدفاع : أن يدهم أهل الكتمان بداهمة ، فيولوا عليهم من يدفع عنهم العدو .
------------------------------------
(1) أبو الحر علي بن الحصين العنبري الشاري من أصحاب عبدالله بن يحي طالب الحق وهما من الشراه ، عاش في أوائل القرن الثاني بجنوب الجزيرة العربية رحمه الله
صفحة ٧
ذكر طبقات المشائخ وتسمية المشاهير منهم جيلا بعد جيل هذا الفصل نقتله مما فعله الشيخ ابو عمار عبد الكافى رضى الله عنه : وذلك أنه لما رأى العزابة يسندون أمر دينهم واحدا عن واحد ، اكابر ذلك ، وثقة عن ثقة ، رأى من حسن نظرة أن يكون ذلك جولة عن جملة ، ولم يتخللها خلل ولا اختلال ، لن ذلك أذا كان واحدا عن واحد دخله الغلط ووقع فيه الطعن ولأن أخبار اآحاد ضعيفة عند اصحاب الحديث فرتبها رحمة الله على المبين من سني الهجرة ، والتاريخ الذي بينه وبين هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر ممن أشتملت عليه كل خمسين سنة من المئين المذكورة .
فالذين اجتمعت عليهم الخمسون الأولى من المائة الاولى هم أصحاب رسول الله عليه وسلم ، وفضيلتهم رضي الله عنه ، واسماؤهم ومزاياهم أشهر من أن نحتاج إلى تعدادهم ، فهم مجوم الهدى ومصابيح الدجا ، وأنما نعتت على مكانتهم من أمهاد الفضل ، تبركا بذكرهم ، ولئلا يكون السكوت عن ذكرهم في محالهم من التقدم اعراضا ، أو التجوز عن شرفهم غمضا (1) وأغماضا (2).
وممن اشتملت عليهم الخمسون الخرى من المائة الاولى : جابر بن زيد الازدي ، وعبدالله بن أباض المدنى ، وعمران بن حطان الشيباني ، وجعفر بن السماك العبدى واوب بلال مرادس وعروة ابنا ادية وهي جدة لهما وهما ابنا جدير حنطليان فيما ذكر المبرد ، وصحار العبدي ، وقريب ، وزحاف ، وسالم بن عطية الهلالى ، والخباب بن كليب ، والاحنف بن قيس ، وأياس بن معاوية ، ونظراؤهم كثيرون .
وممن اشتملت عليه الخمسون الاولى من المائة الثانية : أبو عبيدة مسلم بن ابي كريمة التميمي ، وضمام بن السائب ، وابو مودود حاجب الطائى ، وابو عبيدة عبد الله بن القاسم ، وأبو حمزة بن نوح الدهان ، وعبدالله بن يحيى الكندي ، وابو حمزة المختار بن عوف الشارى ويلج بن عقبة ، وابرهن بان عبد الرحمن ، وابو الحر على ابن الحصين العنبرى ، وابو يزيد الخوارزمي ، وأبو محمد المهدى ،وابو روح ومازن ابنا كنانة ، ونظراؤهم كثير.
صفحة ٨
وممن اشتملت عليه الخمسون الاولى من المائة الثانية ومن هنا أنتشار المذهب بالمغرب ، ولذلك كان رجاله شرقيين وغربيين عربا وبربرا تلامذة ابي عبيده وغيرهم ، الربيع أبن حبيب ووائل بن ايوب الحضرمى وابو غسان مخلد بن المعرد ، وعبد السلام بن عبد القدوس ، ومحبوب بن الرحيل ، وأبو الخطاب المعافري وهو عبد الاعلى بن السمح وعبد داود القبلى ، واسماعيل بن درار الغدامسى ،وعبد الوهاب بن عبد الرحمن ابن رستم ، وابو حاتم الملزوزى وابو سفيان ، ونظراؤهم كثير .
وممن اشتملت عليهم الخمسون الاولى من المائة الثالثة : افلح بن عبد الوهاب ، وابو مرادس ، ومهدى ، وابان بن وسيم ، ومحمد بن يانس ، وبو مهاصر ، وابو زكرياء التوكيتي ، وعبد الحميد ، ونظراؤهم كثير .
ممن اشتملت عليه الخمسون الاخيرة من المائة الثالثة : محمد بن افلح وبانه يوسف وسعد بن أبي يوسف وعمروس ابن فتح ، ابو منصور الياس ، وابو معروف ، ونظراؤهم كثير.
وممن اشتملت عليه الخمسون الاولى من المائة الرابعة : حسنون ابن ايوب ، وابو مسور اليهراسنى ، وابو الخطاب وسيل بن سيتتن(3) الزواعي ، وابو القاسم يزيد بن مخلد ، وابو خزر يغلى بن زلتاف ، وهي امه وهو ابن أيوب ، وعبود المزاتى ، وجنون بن يمريان ، وسليمان بن ماطوس ، وسليمان بن زرقون النفوسى ، ومحمد بن مسلم وابو سهل الفارسى ، ونظراؤهم كثير .
وممن اشتملت عليه الخمسون الاخيرة من المائة الرابعة : أبو نوح سعيد بان زنغيل وابو صالح بكر بن القاسم اليهراسنى ، وابو زكرياء فيصل بن ابى مسور ، وابو عمر النملى ، وابو موسى عيسى بن السميح الزواغى ، وابو نوح سعيد بن بخلف المدونى ، وابو محمد ويسلان بان يعقوب ونظراؤهم كثير .
صفحة ٩
وممن أشتملت عليه الخمسون الاولى من المائة الخامسة : ومن هنا ابتداء العزابة ابو عبدالله محمد بن بكر ، وزكرياء ويونس ابما فصيل بن أبى مسور ، وعبدالله بن مانوج وعبدالله بن زورتين ، وويسلان بن ابى صالح وابو بكر الزواغى وورسفلاس ابن مهدى وعبدالله أبن الخير ، وورسفلاس بن عبدالله ، وابو مكدول مطلكودانس الزنزفى ، وأهل غار " أمجان " وابو جابر بن سدرمام ، وابو عمران موسى بن زكرياء ، وكباب ابم مصلح وابو يحي زكرياء بن جرنان ، وعبدالله المدونى ونظراؤهم كثير .
وممن اشتملت عليه الخمسون الاخيرة من المائة الخامسة : سليمان بن يخلف
، وابو يخلف ، وابو سليمان داود بن أبى يوسف ، وابو العباس احمد بن محمد بن بكر ، وعيسى بن يرشوكسن ويحيى بن ابى بكر ، وزكرياء بن ابى زكرياء ، وماكسن ابن الخير ، ومزين بن عبدالله ن ومصال بن يحيى ، وسليمان ابن موسى ، وعبدالله ابن سلام ، واسماعيل بن ييدير .
وممن اشتملت عليه الخمسون الاولى من المائة السادسة : عبد الرحمن بن معلى ، ويحيى بن زكرياء ، وايوب بن اسماعيل بن المعيز ، وعبدالله بن محمد . فالى هنا انتهت تسمية من سمينا - ثم قال فهؤلاء أئمتنا في الدين وقاداتنا في الاسلام رحمهم الله .
صفحة ١٠
" قال الشيخ ابو العباس " فهذا الترتيب الذي رتبه الشيخ ابو عمار عبد الكافى رضى الله عنه حسن في المعنى إلا أنه لم يذكر الطبقة التي فيها شيوخه ومعاضروه إلا بعضا من الكل واستغنى فيها عن كثير من العدد ، وفيمن سمى كفاية ، ولولا قصده الاكتفاء بتسمية من سمى لزدت من معاصره عدة مشائخ ، أئمة أهل علم ودين ، وأصحاب تواليف اضراب عثمان بن خليفه السوفى وقرناؤه ولكنى عدلت عن ذلك إذ المقصور تسمية جماعة فالمحصول قد حصل ، ورأيت ان أذكر جماعة الاشياخ الذين اخذوا عن الجماعة التي أنتهى إليها ترتيب الشيخ الذين أبى عمار واضمهم إلى الخمسين من المائة التي نحن فيها وهم الذين أخذنا عنهم وفي آخر الكتاب أذكر أن شاء الله ما وصل إلى وصح عندى من مناقبهم ، وكراماتهم ، فيتقدم ذكر مناقب من تقديمهم فيكون كل واحد في رتبته ، ويجرى كل سابق في حلبته .
ففمن أشتملت عليه الخمسون الاخيرة من المائة السادسة : ابو عمارة عبد الكافى بن يعقوب التناوتي ، وابو يعقوب يوسف بن ابراهيم السدراتى ، وابنه ابراهيم ، وزكرياء ابن صالح ، وفيصل بن ابى مسعود ،وأسحاق بن ابراهيم ومحمد التميجارى ، وموسى النفوسى ، وابو نوح بن يوسف وابنه يحي، ويوسف بن خلفون ، ومحمد بن أبى على السوفى ، وعبد السلام بن عبد الكريم ، والفضل بن أبى سفيان ، اسماعيل بن صالح ، ويوسف بن محمد الوسياني ، وفى هذه الطبقة أدركتهم يعدون جدى سليمان أبن علي ، وجدى يخلف بت يخلف النفوسى ، ونظراؤهم كثير .
صفحة ١١
ممن أشتملت عليه الخمسون الاولى من المائة السابعة : مشائخ جيلنا فمنهم من صار إلى الله ومنهم الاحياء فمن الاموات محمد بن ابى جميل ، وسعد بن معاذ ، وابراهيم أبن اسحاق ، وابو سهل يحيى ، وابو يعقوب بن عبدالله وميمون بن معدين ، وقد اشير علي بان انظم والدي في سلكهم ومن الاحياء ، يحيى بن فيصل ، وعيسى بن زكرياء وصالح بن سليمان الزواغي ، ويحيى بن داود السعيدى (4) ويبيب بن محمد ، واحمد بن محمد ، وعمر بن يخلف الزواغى ، ومن هذه الطبقة معاصرون من أهل الاجتهاد والزهد والكرامات وليسوا هنالك في العلوم : عبد الكافى ابن ونمو الريغى ، وابراهيم بن عيسى المديونى ، وسليمان أبن يكنى ونظراء النوعين كثير .
فهؤلاء أشياخنا وقادتنا وائمتنا وساداتنا جعلهم الله اعلاما للهدى وجنبنا باتباعهم سبيل الموبقات والردى وحشرنا أجمعين في زمرة اوليائه المتقين.
ثم ناخذ في ذكر ما بسطنا لاجله مقدمة الكتاب ، ونذكر الامم فالامم من اخبار المتقدمين ، ونأتى بعده بمناقب الصالحين ، وربما اندرج ذكر بعض المناقب في أثناء التاريخ والاخبار ، والله الموفق وبه نعتصم وهو حسبنا ونعم الوكيل .
ومن ها هنا أبتدائ في أستخراج ما أنبه عليه من الكتاب المذكور فأول ذلك ذكر سبب مصير مذهب الاباضية ببلاد المغرب وابتداء امرهم ونقتله من ارض المشرق واخبار العلم الخمسة النفر .
صفحة ١٢
حدث غير واحد من اصحابنا عن الامام افلح عن ابنه عبد الوهاب عن جده عبد الرحمن بن رستم أنه قال : أول من جاء يطلب مذهب الاباضية ونحن بقيروان أفريقية ، سلامة بن سعيد قال قدم علينا من أرض البصرة ومعه عكرمة الاباضية وعكرمة يدعو إلى مذهب الصفرية ، فسمعت سلامة يقول وددت ان لو ظهر هذا الامر يعنى مذهب الاباضية يوما واحدا من أول النهار إلى آخر فلا أسف على الحياة بعدة ، فقيام عبد الرحمان مجتهدا في ذلك الامر ، فقال له رجل من أهل الدعوة اذا كنت تريد العلم بما كلفت به وعلقت مطلبه بخاطرك ، فدونك أرض البصرة ، فان بها رجلا عالما يكنى ، أبا عبيدة مسلم بن ابى كريمة التميمي ، فانك تجد عنده ما تطلب ، فلذلك توجه عبد الرحمن بن رستم إلى البصرة رحمة الله ، وقيل أن أمه هي التي ارشدته إلى ذلك وله حديث سأذكره بعد أن شاء الله عند الخمسة النفر الذين قرأوا على أبي عبيدة واذكر ما صح عندنا من خبرهم في موضعه من الكتاب .
---------------------------------------------
(1) تساهلا
(2) التجاوز عن الشئ وتركه
(3) اثبته صاحب السير باسم وسيل بن سنتين ، وكذلك صاحب الاباضية في موكب التاريخ وهو أصح
(4) كذا بالنسخ ولعلة نسبة إلى صعيد مصر
صفحة ١٣
ذكر فضائل الفرس من العجم بلغنا أن رسول اله صلى الله عليه وسلم لما نزل قوله تعالى : " يايها الذين آمنوا من يرتدد منكم عن دينه " الآية أشار إلى سليمان الفارسى وكان جالسا بين يديه قال : لعلهم أن يكونو من رهط هذا ، وعنه صلى الله عليه وسلم قال : " أن لله كنزا ليس من ذهب ولا من فضة ، لكنه في بطون ابناء فارس " وذكر ابن داب عن عمر بن الخطاب رصى الله عنه أنه مشى ذات يوم مع المغيرة بن شعبة ، وكان المغيرة اعور ، فقال له عمر رضى الله عنه ك هل أبصرت بعينيك هذه قط شيئا يا مغيرة ؟ قال نعم يا أمير المؤمنين قال له عمر سيعود الاسلام كما عورت ثم ليعمن حتى لا يدرى من له ولا من عليه ، فاذا أتى علية مائة وستون سنة رد عليه سمعه وبصره ، بوفد كوفد الملوك ، طيبة ارواحهم ، صالحة اعمالهم ، فقال له المغيرة من أي ماء يا امير المؤمنين ؟ امن الحجاز ام من ماء العراق ام من ماء الشام ؟ فولى عنه عمر وتركه ، فوليت الفرس تاهرت على رأس ستين ومائة . وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لو تعلق الدين بالثريا لنالته رجال من العجم ، واسعدهم به فارس ، وروى زيد بن اسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رؤيا وقصها على أصحابه ، فقال رأيت غنما سوداء خالطتها غنم بيض ، فتأولتها ان العجم يدخلون الاسلام فيشتركونكم في نسائكم ، واموالكم ، فتعجبوا من ذلك ، فقال : العجم يدخلون بلادنا يا رسول الله ! فقال : أي ، والذي نفسي بيده لو أن الدين تعلق بالثريا لنالته رجاله من العجم ، واسعدهم به أهل فارس ، ومن طريق آخر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : لو تعلق العلم بالثريا لنالته الفرس ، وقال بعض المفسرين في قوله تعالى :" ستدعون إلى الفرس ، وقال بعض المفسرين في قوله تعالى : "ستدعون إلى قوم أولى باس شديد تقاتلونهم أو يسلمون " هم بنو جنيفة وقال بعضهم هم فارس .
صفحة ١٤
وذكر أبن قتيبة وعمرو بن بحر الجاحظ وغيرهما من أصحاب التاريخ عن أبن عباس رضى الله عنهما أنه قال لما كان ليلة مولد النبى صلى الله عليه وسلم ، ارتج ايوان كسرى ، فسقطت منه أربع عشرة شرافة فعظم ذلك اهل مملكته فما كان باوشك من أن كتب إليه صاحب اليمن يخبره أن بحيرة ساوة غاضت تلك الليلة ، وكتب إليه صاحب الشام يخبره أن وادى السماوة انقطع تلك الليلة وكتب إليه صاحب طبرية يخبره أن ماء تلك الليلة لم يجر في بحيرة طبرية ، وكتب غليه صاحب فارس يخبره أن بيوت النيران خمدت تلك الليلة ، ولم تخمد قبل ذلك بألف سنة فلما تواترت الكتب عليه ابرز سرية وظهر لأهل مملكته فاخبرهم الخبر ، فقال : الموبذان ايها الملك أنى رأيت تلك الليلة رؤيا هالتنى ، قال له وما رايت ؟ قال له : رأيت أبلا صعابا تقود خيلا عرابا حتى أقتحمت دجلة وانتشرت في بلادنا فقال له : لقد رأيت ، فما عندك في اويلها ؟ فقال له : ما عندي فيها ولا في تأويلها شئ ، ولكن أرسل إلى عاملك بالحيرة يوجه إليك رجلا من علمائهم فانهم أهل علم بالدثان فبعث إليه رجلا من علمائهم فانهم أهل علم بالحدثان فبعث إليه فوجه إليه عبد المسيح بن نفيلة الغسانى ، فلما قدم عليه أخبره كسرى الخبر فقال : أيها الملك والله ما عندى أخبره كسرى الخبر فقال : ايها الملك والله ما عندى فيها ولا في تأويلها شئ ، ولكن جهزنى إلى خال لى في الشام ، يقال له سطيح فقال : جهزوه ، فلما قدم على سطيح وجده أختصر فناداه فلم يجبه وكلمه فلم يرد عليه فقال عبد المسيح :
صفحة ١٥
فرفع إليه سيطح رأسه فقال : عبد المسيح على جمل مشيخ إلى سطيح بعثط ملك بنى ساسان لارتجاج الايوان وخمود النيران ، ورؤيا الموبذان ، رأى أبلا صعابا ، تقود خيلا عرابا ، حتى اقتحمت الوادى ، وانشرت في البلاد ! عبد المسيح : أذا ظهرت التلاوة ، وغاض وادى السماوة ، وغارت بحيرة ساوة وظهر صاحب الهرواة فليس الشام بشام ، يملك منهم ملوك وملكات على عدد الشرافات ، وكل ما هو آت آت ، ثم قال :
ثم اتى كسرى فاخبره الخبر فغمه وهاله ثم تعزى ، وقال إلى أن يملك أربعة عشر ملكا يدور الزمان ، فملك منهم تسعة إلى مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال ابن قتيبة فالله اعلم ممن التمام ، وليس إلا الخمسة الائمة الذين ولوا بتاهرت من ارض بعض المغرب ، ولوها نيفا على مائة وخمسين فيما ذكر بعض الرواة ، قال أبو العباس احمد رحمه الله . اما قول الشيخ ان التمام كان بالائمة الخمسة وانهم منهم فانا اراد في النسب لا في غيره ، واراد ان ولايتهم اذ ولول صحيحا غلا ان ولايتهم على دين الاسلام ومذهب العدل والقوام .
صفحة ١٦
فضائل البربر من العجم وعن فضائل البربر من العجم ما بلغنى ان عائشة رضى الله عنها ، دخل عليها ذات مرة رجل من البربر وهى جالسة ومعها نفر من المهاجرين والانصار ، فقامت عائشة وسادتها فطرحتها للبربرى دونهم ، فانسل القوم واجلين بذلك ، فلما قضى البربرى حاجته وخرج ارسلت إليهم عائشة ، حتى أجتمعو إليها ، فقالت لهم : ما الذي اوجب خروجهم على تلك الحال ؟ قالوا : لا يثارك علينا وعلى نفسك رجلا كنا نزدريه ، وننتقص قومه ، فقالت انما فعلت ذلك لما قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت اتعرفون فلانا البربري ؟ قالوا نعم ، قالت كنت انا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ، ذات مرة جالسين ، اذ دخل علينا ذلك البربرى مصفر الوجه غائر العنين ، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال ما دهاك ؟ أمرض ؟ فارقتنى بالأمس ظاره الدم فجئتنني الساعة كأنما انتشرت من قبر ، فقال ، يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بت في هم شديد ، فقال ما همك ؟ قال : تردد بصرك في بالامس خفت ان يكون نزل في قرآن فقال : لا يحزنك ذلك ، فانما ترديدى البصرة فيك لن جبريل عليه السلام جاءنى ، فقال أوصيك بتقوى الله وبالبربر قلت: وأى البربر ؟ قال قوم هذا ، واشار إليك فنظرت غليك ، فقلم لجبريل ما شأنهم ؟ قال : قوم يحيون دين الله بعد ان كاد يموت ويجدونه بعد أذا يبلى ثم قال جبريل : يا محمد دين الله خلق من خلق الله نشأ بالحجارة واهله بالمدينة ، خلقه ضعيفا ثم ينميه وينشئة ، حتى يعلو ويعظم ، ويثمر كما تثمر الشجرة ثم يقع وانما يقع رأسه بالمغرب ، والشئ إذا وقع لم يرفع من وسطه ، ولا من اسفله ، انما يرفع من عند رأسه.
صفحة ١٧
وبلغنا عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه انه قدم عليه وفد من البربر ، من لواته ارسلهم إليه عمرو بن العاص وهم محلقو الرؤوس واللحا ، فقال لهم عمر من أنتم قالوا من البربر من لواته ؟ فقال عمر لجلسائه : هل فيكم من يعرف هذه القبيلة في شئ من قبائل العرب والعجم ، قالوا : لا ، قال : العباس بن مرادس السلمى عندى منهم علم يا أمير المؤمنين هؤلاء من ولد بنى قيس ، وكان لقيس عدة من الاولاد ، أحدهم يسمى بربر بن قيس ، وفى خلقه بعض الرعونة فقال : اخرق ذات مرة فخرج إلى البرارى فكثر بها نسله وولده ، فكانت العرب تقول تبربروا أى كثروا فنظر إليه عمرو بن الخطاب رضى الله عنه فاستحضر ترجمانا يترجم كلامهم ، فقال لهم مالكم محلقو الرؤوس واللحا ؟ فقالوا شعر نبت في الكفر ، فاحببنا ان نبدله بشعر ينبت في الاسلام ، فقال هل لكم مدائن تسكنونها فقالوا : لا ، قال : فهل لكم حصون تتحصنون فيها ؟ قالوا : لا فقال : هل لكم اسواق تتبايعون فيها ؟ قالوا : لا ، قال : فبكى عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، فقال له جلساؤه وما يبكيك يا أمي المؤمنين ؟ قال عمر أبكاني قلة هذه العصابة من المسلمين ، واجتماع أمم الكفر عليها ، فان الله تعالى سيفتح للاسلام بابا من المغرب بقوم يعز بهم الاسلام ويذل بهم الكفر ، أهل خشية وبصائر يموتون على ما أبصروا ، وليست لهم مدائن يسكنون فيها ولا حصون يتحصنون فيها ، ولا أسواق يتبايعون فيها ، فلذلك بكيت الساعة . حين ذكرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ن وما ذكر من الفضل عليهم فردهم إلى عمرو بن العاص وأمره ان يجعلهم في مقدمات العسكر ، واحس إليهم عمر بن الخطاب رضى الله عنه وأكرمهم ، وأمرمهم ، وامر عمرو بن العاص أن يحس إليهم ، فكانوا مع عمرو بن العاص حتى قتل عثمان ، فلما كان هذا الخبر في عصابة من أهل المغرب عن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رجونا أن يكونوا أئمتنا ومن اقتفى آثارهم وأن يكونوا أهل تلك الفضيلة .
صفحة ١٨
وبلغنا ان رجلا من 1رية ابى بكر الصديق رضى الله عنه عن بعض الخلفاء أنه قال : با أهل مكة ويا أهل المدينة اوصيكم بالله وبالبربر خيرا ، فانهم سياتونكم بدين الله من المغرب بعد أن تضيعوه ، هم الذين ذكرهم الله في كتابه بقوله :" يا أيها الذين آمنوا من يرتدد منكم عن دينه فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه ، أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين . يجاهدون في سبيل الله واسع عليم ". لا ينظرون في حسب امرئ غير طاعة الله ، قال البكرى : فمن حين وقعت الفتنة انما نقاتل نحن العرب على الدينار والدرهم وأما البربر فانهم يقاتلون على دين الله ليقيموه قال : وهو يرفع الحديث إلى ابن مسعود رضى الله عنه أن آخر حجة حججنا قام خطيبا فقال : يا أهل مكة ويا أهل المدينة اوصيكم بتقوى الله وبالبربر فأنهم سيأتونكم بدين الله من المغرب ، وهم الذين يستبدل الله بكم اذ يقول :" وان تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا امثالكم " والذى نفس ابن مسعود بيده لو ادركتهم كنت لهم أطوع من امائهم ، واقرب إليهم من دثارهم ، وبلغنا عن عائشة رضى الله عنها انها أبصرت صبيا له ذؤابتان ذا جمال وهيئة فقالت من اى قبيل هذا الصبى الشقى ؟ قالوا من البربر ، قالت عائشة البربر يقرون الضيف ويضربون بالسيف ويلجمون الملوك لجام الخيل .
قلت وانما قدم الشيخ رحمة الله ذكر الفرس والبربر تنبيها على فضيلة ائمتنا اذ كانوا من الفرس وفضيلة من انتهى إليه مذهبنا بالمغرب اذ كانوا جلهم البربر ولم يقصد بذلك تاخير العرب عن الفضيلة اذ فضيلة العرب افضل وشرفهم أقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابة ، وعلى ألسنتهم أنزل القرآن ، ومنهم كان أسلافنا من الصحابة والتابعين لهم باحسان إلى يوم الدين ، ولكل خصلة من الفضل بحسب عطاء الله ويسره له ، والله يؤتى من فضله من يشاء والله واسع عليم .
صفحة ١٩
خبر الخمسة نفر (حملة العلم إلى المغرب) أبو الخطاب عبد الاعلى بن المسيح المعافرى ، وعبد الرحمن بن رستم الفارسى ، وعاصم السدراتى ، واسماعيل أبن درار الغدامسى ، وابو داود القبلى ، وتحدثهم إلى ابى عبيدة رحمة الله وأخبارهم الاول فالاول .
أخبار عبد الرحمن بن رستم بن بهرام بن كسرى الملك الفارسى رحمه الله
كان مولده بالعراق وكان أبوه منجما وكان يرى في علم مدخر عندهم ان ذريته ستلى أرض المغرب ، وكان أبوه رستم متوجها من العراق ومعه عبد الرحمن أبنه وزوجته ليصل إلى أرض المغرب ، فلما كان بمكه أو قريبا منها ادركته حمامه ، وانتقضت أيامه فلقى عبد الرحمن وامه الحجاج من أهل ارض المغرب بمكة فتزوج رجل من القيروان أن عبد الرحمن ، فأقبل بهما حتى قدموا أرض القيروان ، ونشأ بها عبد الرحمن .
صفحة ٢٠
فلما بلغ مبلغ الرجال وقرأ وتصفح ، نظر إليه رجل من أهل مذهبنا ، فقال له يا بنى ، ان كنت جادا فيما أراك تطلبه فاقصد ابا عبيدة مسلم بن ابى كريمه ، تجد عنده ماتطلب . فسار عبد الرحمن بن رستم إلى ابى عبيدة رحمة الله فاجتمع بالنفر الذى ذكرنا ، فصدوا ابا عبيده رحمه فصافحهم ابو عبيده وسألهم عن احوالهم ، ومن أين أقبلوا فاخبروه انهم أرادوا تعلم العلم ، فاجابهم إلى ذلك ، ومكثوا عنده عدة سنين ، وكان أبو عبيدة رحمة الله مستخيفا تخوفا من بعض أمراء البصرة (1) فادخلهم سربا وجعل فيه سللسة وطفق يعمل القفاف بباب السرب فمتى رأى شخصا مقبلا حرك السلسلة فسكتوا فإذا انصرف حركها فيأخذون في دراستهم ، وكان عبد الرحمن شابا جميلا حديث السن وكان أبو عبيدة يجعل بينه وبين الناس سترا لئلا يشغلهم بجماله ، فلما بلغوا من العلم ما شاء الله وأرادوا الانصراف إلى بلادهم رغب عجائز متصلحات من المذهب إلى ابى عبيده في أن يريهن عبد الرحمن ليودعنه ويزودنه بالدعاء ، فقالت أحداهن : بارك الله فيك كما بارك في عين الشمس ، وقالت الثانية بارك الله فيك كما بارك في انسان العين ، وقالت الثالثة : بارك الله فيك كما بارك في مطيب الطعام من الملح .
فلما عزموا على المسير إلى بلادهم كلموا أبا عبيدة وشاوروه فيما يستقبلون من أمورهم ، فقالوا له : يا شيخنا أرأيت أن لو كانت لنا قوة بالمغرب ووجدنا في أنفسنا طاقة أفنولى علينا رجلا منا ؟ فقال لهم أبو عبيدة توجهوا إلى بلادكم فان يكن في أهل دعوتكم من العدد والعدة ما تجب معه التولية عليكم فولوا على أنفسكم رجلا منكم، فان ابى فاقتلوه ، واشار إلى أبى الخطاب رحمه الله تعالى .
صفحة ٢١