============================================================
فلما تعشى المطران وأخذ مقعد المسامرة قال لوزير سابور: أيها الراهب الحكيم آخبرنى ما كان من أمر عين أهذ. وكيف تنان عاقبة شته ، وهل خلصته العجوز من وثاق الذئب أم لا ؟، فان نفسى إلى علم ذلك متطلعة وأراك الليلة صالح الحال .
فقال الوزير : سمعا لقولك وطاعة لأمرك، ثم أقبل عليه يحدثه فقال : ان عين أهله أقام على حالته موتقا طول ليلته تلك، فلما أصبح دخل عليه النيب فتهدده بالقيل وزاده إلى وثاقه قيدا تقيلا وخرج عنه ، فقطع عين أهله نهاره ذلك بالأمانى، فلما جنه الليل قلق واستوحش وبكى وانتحب وجاعت العجوز فأضرمت نارا قريبا منه وجلست تصطلى.
ث م اقبلت على عين أهله فقالت له : تعز واصبر واذكر مصائب الناس فتأس بهم ولا تذهل عن النعمة العظمى فى حفظ نفسى، فقال لها عين أهله : لقد صدق القائل هان على الطليق ما لقى الأسير، فقالت له العجوز : أيها الفتى، ان حداثة السن قصرت بى عن ادراك كثير من الحقائق، أفتسمع حديثا لى فيه سلوة قال : نعم فانعصى على به .
فقالت العجوز : نكروا أن تاجرا مكثرا كان له ابن ليس له غيره ، وكان شديد المحبة له والشغف به فأتحفه بعض معارفه بغزال فرخ صغير، فطق به قلب الغلام ولد التاجر فكان لا يفارقه ، وجعل أهل الغلام على ذلك الغزال حليا ن فيسا، وارتبطوا له شاة ترضعه حتى اشتد الغزال وشدن نجم قرناه(1)، قال الغلام لأهطه : ما هذا الذى فى رأس الغزال ؟ قالوا : قرناه، فاعجبه سوادهما ال وبريقهما، فقيل للغلام : انهما سيكبران ويطولان حتى يكون صفتهما كيت وكيت، فقال الغلام لأبيه : أحب أن أرى ظبيا له قرنان كبيران ، فأمر آبوه فصيد له ظبى شى السن(1)، قد استكمل قوة ونموا ، فأعجب به الغلام وكرمه أهله وحلوه وآنسوه(1) فأنس، والف الغزال الظبى للمجانسة الطبيعية .
فقال الغزال للظبى : ما ظننت - قبل أن أراك - أن لى فى الأرض شكلا، (1) أى قوى واستغنى عن أمه .
(2) أى نبتت اسنان مقمة فمه دلالة على نموه .
(3) استانسوه .
صفحة ٦٧