هذا تعليل لقوله مندرج تحت أصول الفقه، (والقواعد) جمع قاعدة وهي قضية كلية منطبقة على جزئيات موضوعها وتسمى تلك الجزئيات فروعا واستخراجها منها تفريعا، كقولنا كل جماع فرق بينهما وبين الضابط أن القاعدة تجمع فروعا من أبواب شتى، والضابط يجمع فروعا من باب واحد، وقوله (منضبطة)أي محكمة في نفسها لا يتطرق عليها خلل فلا يخرج عنها شيء من جزئياتها إلا بدليل يخرجه عن حكمها، والضبط في اللغة هو الحفظ بحزم، (وقوله بها معاني إلخ) أي مرتبطة معاني أصل الفقه بهذه القواعد التي هي أصول الفقه فيها، متعلق بمرتبطة اسم فاعل من ارتبط المطاوع لربط يقال ربطته إذا شددته بالحبل ونحوه فارتبط أي طاوع لذلك، (والمعاني) هي الصور الذهنية من حيث أنه وضع بأزائها، الألفاظ والصور الحاصلة في العقل، فمن حيث أنها تقصد باللفظ سميت معنى، ومن حيث أنها تحصل من اللفظ في العقل سميت مفهوما، ومن حيث أنها مقول في جواب ما هو سميت ماهية، ومن حيث ثبوتها في الخارج سميت حقيقة، ومن حيث امتيازها الأغيار سميت هوية (انتهى) والضمير من أصله عائد إلى فن الفقه، (والأصل) في اللغة عبارة عن عما يفتقر إلى غيره، وفي الشرع عبارة عما ينبني عليه غيره، والمراد به هاهنا الأدلة الشرعية التي يستنبط منها الحكم ويبنى عليها الفقه، فإن معانيها متوقفة على معرفة القواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الحكم منها فلا يحل لأحد أن يقضي بكل دليل منها على مدلوله حتى يعرف ناسخ الأدلة من منسوخها ومحكمها من متشابهها وخاصها وعامها ومطلقها من مقيدها وهكذا والله أعلم.
ولم أجد في فنه مع شرفه ... نظما يريك دره من صدفه.
صفحة ١٥