أن يراد أحدهما ليلزم المحال أو المصادرة الثاني أن الكلي مفهوم وكل مفهوم ثابت ضرورة تميزه عند العقل فالكلي ثابت وليس في الخارج لأن كل ما هو في الخارج مشخص فيكون في الذهن الثالث أن من القضايا موجبة حقيقية وهي تستدعي وجود الموضوع ضرورة وليس في الخارج لأنه قد لا يوجد في الخارج أصلا كقولنا كل عنقاء حيوان وعلى تقدير الوجود لا تنحصر الأحكام في الأفراد الخارجية كقولنا كل جسم متناه أو حادث أو مركب من أجزاء لا تتجزأ إلى غير ذلك من القضايا المستعملة في العلوم فالحكم على جميع الأفراد لا يكون إلا باعتبار الوجود في الذهن وفي المواقف ما يشعر بأن قولنا الممتنع معدوم قضية حقيقية وليس كذلك في اصطلاح القوم وأعترض بأنا لا نسلم أن الإيجاب يقتضي وجود الموضوع قولكم أن ثبوت الشيء للشيء فرع ثبوته في نفسه قلنا معنى الإيجاب أن ما صدق عليه الموضوع هو ما صدق عليه المحمول من غير أن يكون هناك ثبوت أمر لأمر بمعنى الوجود والتحقق فيه وإنما ذلك بحسب العبارة وعلى اعتبار الوجود الذهني بل اللازم هو تميز الموضوع والمحمول عند العقل بمعنى تصورهما فيكون مرجع الوجوه الثلاثة إلى أنا نتصور ونفهم أمورا لا وجود لها في الخارج فتكون ثابتة في الذهن لأن تعقل الشيء إنما يكون بحصوله في العقل بصورته إن كان من الموجودات العينية وإلا فبنفسه وهذا نفس المتنازع لأن القول بكون التعقل بالحصول في العقل إنما هو رأي القائلين بالوجود الذهني وإلا لكان العلم بشيء ما كافيا في إثبات المطلوب والجواب أنه لا بد في فهم الشيء وتعقله وتميزه عند العقل من تعلق بين العاقل والمعقول سواء كان العلم عبارة عن حصول صورة الشيء في العقل أو عن إضافة مخصوصة بين العاقل والمعقول أو عن صفة ذات إضافة والتعلق بين العاقل وبين العدم الصرف محال بالضرورة فلا بد للمعقول من ثبوت في الجملة ولما امتنع ثبوت الكليات بل سائر المعدومات سيما الممتنعات في الخارج تعين كونه في الذهن فإن قيل في رد هذا الجواب أن المعقولات التي لا وجود لها في الخارج لا يلزم أن تكون موجودة في الذهن لجواز أن تكون صورا قائمة بأنفسها كالمثل المجردة الأفلاطونية على ما سيأتي في بحث الماهية وكالمثل المعلقة التي يقول بها بعض الحكماء زعما منهم أن لكل موجود شبحا في عالم المثال ليس بمعقول ولا محسوس على ما سيأتي في آخر المقصد الرابع أو قائمة ببعض المجردات كما تدعيه الفلاسفة من ارتسام صور الكائنات في العقل الفعال وينبغي أن يكون هذا مراد الإمام بالأجرام الغائبة عنا وإلا فقيام المعدومات بالأجسام مما لا يعقل قلنا الكلام في المعدومات سيما الممتنعات ولا خفاء في امتناع قيامها بأنفسها بحسب الخارج ولا بالعقل الفعال بهوياتها إذ لا هوية للممتنع بل غاية الأمر أن يقوم به تصورها بمعنى تعقله إياها وهو يستلزم المطلوب من جهة استلزامه كون التعقل بحصول الصورة في العاقل فترتسم الصورة في القوة العاقلة وهو المعنى بالوجود
صفحة ٧٨