فأما قول اليهود: إن ذلك يدل على البداء، فخطأ، لأن ذلك يدل من هذا الباب على أن البداء أن تأمر زيدا بفعل وتنهاه عنه في وقت واحد على وجه واحد، فأما إذا تغايرت الأفعال والأوقات، فليس ذلك يدل على البداء، من حيث علم تعالى مصالح المكلفين لما خلقهم عليه من الاختلاف، وكذلك اختلاف المصالح لاختلاف الشرائع في الأعيان والأوقات والأفعال، وذلك بحسب قيام الدلالة، وذلك جائز ولايعلم إلا بورود شرع من المكلف على يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
(ويدفن الحق) أصله من واريت الشيء عن الإبصار وأخفيته، أي يخفيه قوم قد علموه.
(ويغمض البرهان)، مأخوذ من تغميض العينين، وهو مثل الأول، والبرهان هو الحق الذي شرعه الله تعالى، وسماه بذلك برهانا لاهتداء الناس به، لم يشرط عليه السلام في ذلك شرطا أنه لايكون ذلك الطول كذلك إلا بتظاهر الجبارين على أولياء الله، وهم أهل الكبرة الذين جمعوا الأموال، واستعبدوا الرجال، وهم أضداد الأنبياء عليهم السلام. قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: « الكبرياء رداء الله ».
صفحة ٨٠