قوله عليه السلام: (وفيما بين أزمنة الرسل فترات)، هو الوقت الذي يكون بين رسولين، وهو مأخوذ من السكون، كالوقت الذي بين موسى وعيسى، وبين عيسى ومحمد صلوات الله عليهم، وليس تحير الضلال فيها إلا من وجهين: أحدهما تمسك أمة كل نبي بماجاء به، غير مقرة ولامصدقة بنسخ شرائع الأنبياء أو بعضهم. والوجه الثاني : إجابة دعوة نبيها مع تصديق الأول، وإجازة نسخ شريعة الأول بشريعة الثاني، أو بعض منها. وفي أهل هذه المقالة من يوافق في جواز النسخ عقلا، ويدعي المنع منه من حيث يدعى أن موسى صلى الله عليه قال: إن شريعته دائمة، وأنها لاتنسخ. والذي يبطل هذا القول ظهور المعجز على من يدعي نسخ شريعته، وقد عرفنا ذلك في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فيعلم بذلك أنهم مبطلون، لأحد وجهين: إما بالنقل، وإما بالتأويل؛ لأنه لايمتنع أن يكون مراده صلى الله عليه وآله وسلم بأن شريعته دائمة إلى غاية، بل لابد من ذلك، لأن التكليف منقطع، فإذا دلت هذه المعجزات الظاهرات على النبي صلى الله عليه وآله وسلم على صدقه في نسخ الشريعة المتقدمة، علم بذلك قول الخصوص دون عموم الأوقات. وقالت: إن ذلك يدل على البداء، وقالت البراهمة: إن ذلك ينقض أدلة العقول، ولاتحسن بعثة الأنبياء عقلا.
صفحة ٧٩