ثم شبههم عليه السلام بقوم (مختلفي الأجناس)، كعربي وعجمي، (متبايني الديار)، كأهل الشام واليمن، وغيرهما من الجهات، (متفاوتي اللقاء)، متفاوت لقاهم لبعد المسافة بينهم، ولكثرة الأخطار (متقطعي الأسباب)، ليس بينهم قرابة ولا جوار ولاصحابة، (متراخي الأزمنة)، امتد الزمان بينهم، فمتقدم ومتأخر، (ينقلون خبرا واحدا متسق النظام)، هو مثل ضربه بالخيط المنظوم به الخرز، أي أن هذا الخبر متسق الرواة إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وإن لم يروه إلا واحد عن واحد على الشرط الذي شرطناه، (محروسا من الغلط)، لايغلط الراوي فيه، (محصنا من الوهم) غير متوهم فيه.
(ولعله يخرج في مال أحدهم وبدنه لايعارضهم فيه معارض بتكذيب، قد كاد ولما أن يكن عيانا ).
هذا الكلام فيه تقديم وتأخير، وترتيبه: قد كاد يخرج في مال أحدهم وبدنه لايعارضهم فيه معارض بتكذيب، ولعله أن يكون عيانا. هذا أولى في الكلام، وأبلغ في التمام، وأكثر اتساقا عند النظام الذي أشار إليه هذا الإمام عليه السلام، لأن الراوي العدل يروي الخبر ولو خرج في نفسه وماله، وأشفى منه على الهلكة من الظالم، وهو قوله عليه السلام: قد كاد ولما أن يكون عيانا، لأن الأخبار المروية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أربعة أقسام:
خبر متواتر من جهة اللفظ والمعنى، معلوم منهما جميعا، وذلك كالخبر المروي في ركعتي الفجر في صلاة الفجر، وفي وجوب خمسة دراهم عند تمام النصاب.
صفحة ٥٣