والقسم الثاني: متواتر من جهة اللفظ، والمعنى مختلف فيه، كقوله عليه السلام: « من كنت مولاه فعلي مولاه » ، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: « أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لانبي بعدي » ، فلفظ هذا الخبر منقول متواتر، ومعناه مختلف فيه، فهذان القسمان يقبلان في أصول الدين وفروعه، وهما كآية من القرآن في كونهما حجة، وإليهما أشار عليه السلام في جرح البدن والمال من الراوي.
والقسم الثالث من الأخبار: هو الخبر المستفيض وهو الظاهر عند كثير من الفقهاء.
والقسم الرابع: خبر الآحاد، فهذان القسمان يقبلان في الفقهيات والفروع، ولايقبلان في الأصول. والذي يدل على أنهما يقبلان في الفروع إجماع الصحابة على قبول خبر الواحد، كقبولهم خبر عبد الرحمن بن عوف في جزية المجوس ، وكقبول خبر أبي بكر في إعطاء الجدة السدس ، ما روي في ذلك. وروي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه قال: كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا نفعني الله بما شاء ، فإذا سمعته من غيره حلفته فإن حلف صدقته، وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر.
وكقبول خبر: حمل بن مالك في جنين المرأة ، وقبول هذا النوع ظاهر عندهم، فصار هذا أصلا في قبول خبر الواحد في الفروع، ويدل على ذلك أيضا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يبعث السعاة والعمال إلى النواحي، ويأمرهم بأخذ الصدقات وسائر الحقوق.
صفحة ٥٤