فإن قيل: أفيجوز أن يبلغ ثواب بعض المطيعين أن يكون مكفرا لعقاب بعض الكبائر؟
قيل له: قد ورد الشرع بما يدل على أن ذلك لايصح، من حيث علق به تعالى الحد، على وجه الجزاء والنكال، فلم يخص مكلفا من مكلف، وكان يجوز من جهة العقل خلاف ذلك، ولو عمر العمر الطويل لقد كان يجوز في ثوابه أن يزيد على قدر عقاب هذه الكبيرة، لكنه قد ثبت بما ذكرنا أنه تعالى لايبقي أحد من هذا القدر من المدة ، وهذا كما نقول: إن المؤمن لو عمر عمرا طويلا لبلغ قدر ثوابه قدر ثواب الأنبياء صلوات الله عليهم لكن الدلالة قد دلت على خلاف ذلك من حاله.
(وتقضت آجال العاصين ولم يعاقبوا)، العقاب: هو جزاء على فعل المعصية ، وهو القبيح، وهو اسم لترك الواجبات واستباحة المحظورات، وإن اختلف العصاة في أحوالهم قولا وفعلا.
فإن قيل: أفيجوز أن يدخل العاصي النار بذنب واحد يختم به عملا صالحا، ويكون ذلك منه مع انقطاع العمر والخروج من الدنيا للموت، وإن عمل أعمال المؤمنين قبل هذا الذنب الواحد في عمره؟
اعلم أن شيوخ العدل اختلفوا في عقاب الكفار والعصاة، هل يجب من طريق الحكمة، أم لا؟ فعند شيوخنا أن ذلك لايحسن ولايجب، بل يجوز من الله سبحانه أن يغفر، لأن الغفران حقه، وهذا قبل ورود الشرع، فأما الآن فقد استقر الشرع . وقد أجمع المسلمون على تعذيب أهل الكبائر، وتخليدهم في النار، واختلفوا في الفساق.
وأما عند الهادي عليه السلام فلا خلاف بين من يروي عنه من اليحيوية والقاسمية p> في تخليدهم في النار، وإحباط أعمالهم بذنب واحد.
صفحة ٤١