وكان قاضي القضاة عبد الجبار بن أحمد الهمداني نفع الله بصالح عمله يرى رأي القاسم ويحيى عليهما السلام في ذلك، ويقول: إن المعصية من حقها أن تعظم لعظم نعمة المعصي، كما تعظم حقوق الوالدين، إذا كانت نعمة عظيمة ، ولانعمة تكون أعظم من نعمة الله تعالى، فيجب عظم معصيته. وقال: إن المعصية والطاعة إذا تساويا فيجب أن يكون العقاب أعظم.
وقد قيل عن بعض من يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « لاتنظر إلى صغر الذنب، وانظر إلى عظم من عصيت ».
وقد يحسن ذم العاصي بالمعصية على الدوام، وإنما هذه المسألة تسأل عنها الملحدة، فأما من صدق بالرسل فلا بد من أن يقر بما قلنا، والعقل قد دل على ذلك.
وطريق الحجة في تخليد الفساق في النار من الكتاب، قال تعالى: ?ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها? [النساء: 14] ، ولاحجة لمن قال: إن الفاسق لم يتعد كل الحد.
قوله: (وجب على قود التوحيد، واطراد الحكمة أن دارا غير هذه الدار يثاب فيها المطيعون، ويعاقب فيها المسيئون).
(وجب): لزم. (على قود التوحيد): حقيقة.
اختلف شيوخ العدل في خلق العالم وإقامة التكليف هل كان يجب ذلك من طريق الحكمة على الله، أم لا؟ فذهب شيوخنا رحمهم الله تعالى إلى أن ذلك كان حسنا في الحكمة، ولم يكن واجبا، وإنما يجب على الله تعالى إذا أراد التكليف إعطاء القدرة، والآلة، والعقل، وإقامة الدلالة، والإثابة عند القيام بالطاعة.
وذهب بعض شيوخ العدل إلى أن التكليف وخلق العالم كان واجبا.
صفحة ٤٢