والدليل على وجوبه قوله تعالى: ?ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون? [آل عمران: 104] ، وقال تعالى: ?كانوا لايتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون? [المائدة: 79] ، وقال تعالى: ?وتعاونوا على البر والتقوى ولاتعاونوا على الإثم والعدوان? [المائدة: 2].
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في خبر مشهور: « من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإنكار ».
وليس على من رأى مجتهدا يعمل بمسألة من مسائل الاجتهاد أن ينكر عليه في ذلك.
(فلما تصرمت أعمار المطيعين ولم يثابوا، وتقضت آجال العاصين ولم يعاقبوا).
(تصرمت): انقطعت أعمارهم، هذا مأخوذ من التعمير والعمارة، والمعنى: وقعت الفرقة بين الروح والجسد إلى الوقت الذي يوافي الله بينهما، وهو قوله عز وجل: ?وإذا النفوس زوجت? [التكوير: 7] ، وقد روي في ذلك أخبار ليس هذا موضع ذكرها.
(أعمار المطيعين): هم الذين عملوا بطاعة الله عز وجل، اعتقادا، وقولا، وفعلا، على ما شرطنا من قبل ، حتى جاءهم الموت وهم على ذلك مستقيمون.
وقد روى المؤيد بالله رحمة الله عليه، عن آبائه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: « من كان آخر كلامه لاإله إلا الله دخل الجنة ». ولابد على هذا أن يكون للاعتقاد أجر، وللأفعال أجر من جنس قول: لاإله إلا الله.
(ولم يثابوا): الثواب هو الجزاء على الفعل الحسن، وهو الإيمان، وهو اسم لجميع الواجبات والطاعات، يعبر به عن ذلك وإن اختلف المطيعون لله بأحوالهم، وهو يزيد وينقص، من حيث كانت الواجبات تزيد وتنقص.
صفحة ٤٠