فمن ذلك التكليف في فعل شيء يجب فعله، وهذا على ثلاثة أقسام: قد يكون من أفعال القلوب مثل العلم بالله تعالى، وبأنبيائه، وسائر أصول الدين. وكالعلم بما يحتاج المكلف إليه من الفرائض والسنن. وقد يكون من أفعال اللسان كإظهار الشهادتين، فإن إظهارهما واجب، والتفوه بهما فرض مرة واحدة، وما زاد على ذلك لايلزم ولايجب، إلا عند خوف الاتهام في الشبهة عند من يقول بوجوبه. وكذلك الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد يجب باللسان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند شروط تحصل، نذكرها:
أول شيء: أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض الكفايات، وفروض الكفايات هو الذي إذا قام به واحد سقط عن الباقين، مثل الصلاة على الميت ودفنه، وسد الثغور، والجهاد، وصلاة العيدين عند جماعة من الفقهاء ، وتعلم الفقه للفتيا، والجلوس لتعليم الناس معالم الدين.
وهما واجبان على قدر الطاقة، إذا كان المعروف المتروك فرضا، فإن كان نفلا كان الأمر به نفلا. وكل من رأى منكرا يرتكب، أو فرضا يترك، وجب عليه أن يكره ذلك بقلبه كراهة شديدة، ويظهر ذلك من نفسه إن لم يكن معلوما منه، ويأمر تارك الفرض بالقيام به، ومرتكب القبيح بالانتهاء عنه، فإن لم يتم المراد بالملاينة، وإلا خاشنه، فإن تم بالمخاشنة، وإلا أخذ بالنهي عنه فعلا.
وشروطه: أن يعلم أن المتروك فرض، وليس من مسائل الاجتهاد التي يختلف الفقهاء فيها، وأن يعلم أن المرتكب قبيح، وليس من مسائل الاجتهاد.
ومنها: أن يعلم أن لنهيه تأثيرا أويغلب في ظنه.
ومنها: أن يعلم أن نهيه لايؤدي إلى فساد أكثر مما ارتكب.
صفحة ٣٩