أن معناه لا تشد لنذر العبادة فيه ولذا قالوا لو نذر الصلاة في غيرها لم يلزمه فلا يكره شد الرحل لبعض الأماكن المتبرك بها أو لزيارة من فيها من الصالحين أو لطلب العلم بل قد يكون هذا واجبا عليه انتهى وأما تكفير هذين الإمامين الجليلين فمن فرط الاعتداء ومن مجاوزة الحدود وبذلك رجع معتقد هذا بالردا وقد تكرر السؤال عنهما من العلماء الأعلام فأجابوا بأحسن جواب وفوقوا على الطاعنين فيهما سهام الملام قال الإمام المحقق والشهاب المدقق علم المتأخرين وأستاذ العارفين الشيخ أحمد بن حجر الهيتمي في فتاويه ما نصه الشيخ محيي الدين بن عربي رحمه الله ورضي عنه أمام جمع بين العلم والعمل كما اتفق على ذلك من يعتد به كيف وقد ذكر بعض المنكرين في ترجمته أنه كان وصل لمرتبة الاجتهاد وحينئذ فإسلامه متيقن وكذلك علمه وعمله وزهادته وورعه ووصوله في الاجتهاد في العبادات إلى ما لم يصل إليه أكابر أهل الطريق فلا يجوز الإقدام على تنقيصه بمجرد التهور والتخيلات التي لا مستند لها يعتد به بل يستصحب ما علم من إسلامه وعلومه ومعارفه هذا ما يتعلق بذلك وأما الكتب المنسوبة له فالحق أنه واقع فيها ما ينكر ظاهره والمحققون من مشايخنا ومن قبلهم على تأويل تلك المشكلات فإنها جارية على اصطلاح القوم وليس المراد منها ظواهرها ثم قال والحاصل أنه يتعين على كل من أراد السلامة لدينه أن لا ينظر في تلك المشكلات ولا يعول عليها سواء قلنا إن لها باطنا صحيحا أم لا وأن لا يعتقد في ابن عربي خلاف ما علم منه في حياته من الزهد والعبادة الخارقين للعادة وقد ظهر له من الكرامات ما يؤيد ذلك منها ما حكاه صاحب القاموس أنه لما فرغ من تأليف كتابه الفتوحات المكية جعله وهو ورق مفرق على ظهر الكعبة فمكث سنة لم تطير الريح منه ورقة ولا وصلت إليها قطرة مطر على كثرة أمطارها ورياحها فسلامة تلك الأوراق من المطر والريح مع مكثها سنة على السطح من الكرامات الباهرة الدالة على إخلاصه
صفحة ٩