علاقة المؤلف بالسلطان أما بعد ، فإن عافى رحمة ربه الغنى، أبا محمد محمود بن أحمد العينى ، عامله ربه بلطفه أجلى واخفى ، يقول : إن من جملة منن الله تعالى على إنى كنت رزقت التمثل بن يدى هذا الملك من قديم الزمان ، والتحلى بصحبته المنيفة قبل هذا الأوان ، فرجائى من الله تعالى أن يكون ذلك سبا لنصب ما خفض من حالى ورفع ما جزم بالى من كسر بالى ، وجر ما يصلح شأنى بلطفه ، وإبدال الهموم بالسرور بعطفه ، إنه على ذلك قدير ، وبالإجابة جدير سبب تأليف الكتاب ولما جريت العادة باخاف الملك الى من كأن يصحبه وهو مختف في الحجاب ، وتقديمه إياه على من كان نائيا عن الباب سيما اذا ظهر إستحقاقه لذلك وقامت بينته على ذلك ، أردت تذكير [الملك ] بتقديم خفة خضرته السنية وخدمته البهية ، محتوبة على بعض سيرته الشريفة ، وأحوال دولته المنيفة ، ولكنى أبديت ذلك بوجه عاجل يعقبه أبسط من ذلك في الأجل ، على قدر مساعدة الوقت والإمكان ، لأن ذلك يقتضى أمدا بعيدا من الزمان ولكنه تلويح يغنى عن التصريح ، وتلميح يستغنى به عن التوضيح وفى هذا الوقت رأيت هذا المقدار عزما عليا ، وحتما واجبا مقضيا ، وكيف وهو ملك إن شاء الله يفتخر به ملوك الأفاق ويعلو عليهم علو الشمس على النيرات في الإشراق ، وينقاد إليه كل مطيع وعاصى وكل دان وقاصى ، ويرتفع برايات عدله منار الدين ، وينتشر بأعلام فضله أيات الحق المبين ، ويتنور بأحكامه الزاهرة أغصان احق والإنصاف وتنخمد ببلالة هيبته نار
صفحة ٥٤