عمومه، لأنه إذا أخرج العقل بعض أفراد العام ولم يكن مخصص آخر يخرج بعضا آخر، بقي العموم متناولا جميع ما عدا المخرج، وقد قام البرهان العقلي (¬1) والدليل النقلي، على إبقاء هذا العام على عمومه فيما عدا الخالق عز وجل، لأن العقل يحيل أن يكون الخالق مخلوقا .
وقوله حجة: أي دليل. وقد عرف بعض العلماء الحجة بما نصه : ( الحجة هو ما يقع به للناظر حقيقة الشيء المنظور فيه )
وقوله في خلقه: أي على خلقه، ففي بمعنى على .
وقوله ناهيك من برهان: أي حسبك برهانا، قال في القاموس وشرحه: ويقال نهيك من رجل بفتح فسكون، وناهيك منه، ونهاك منه، أي كافيك من رجل، كله بمعنى : حسب .
قال الجوهري: " أنه بجده وغناؤه ينهاك عن تطلب غيره " وأنشد:
هو الشيخ الذي حدثت عنه نهاك الشيخ مكرمة وفخرا (¬2)
وقوله : إن قلت بالتخصيص للقرآن..الخ: إشارة إلىاعتراض صاحب تلك النونية بما نصه :
ولئن نكصت وقلت شيء محدث والله أحدث كل شيء فان
جئناك في رفق بأيسر حجة بالشيء مختصا من القرآن
في ملك بلقيس وما قد أوتيت من كل شيء نازح أو دان
لم تؤت مما قبلها أو بعدها شيئا فكن ذا خبرة وبيان
وحاصل جواب المصنف عنه أن آية بلقيس قد خصصها العقل، ولم يخصص قوله { خالق كل شيء } عقل ولا نقل إلا ما أخرجه العقل من أن الخالق لا يكون مخلوقا، وليس القرآن خالقا حتى يخصص بهذا الدليل سلمنا أن الشيء قد أتى في القرآن عاما يراد به الخصوص، لكنا لا نسلم أنه يراد به الخصوص هاهنا بل الدليل يؤكد عمومه .
فبمساعدة العقل والنقل لعموم { خالق كل شيء } صارت دلالته على المطلوب قطعية.
صفحة ١٠٥