تنبيه: هذا في فن البديع يسمى براعة الإستهلال، وهو أن يفتتح المتكلم خطبته أو رسالته أو مصنفه أو غير ذلك بما يدل على غرضه، ولما كان غرض المصنف الخوض في علم الكلام أتى في فاتحة كلامه بما يشعر بمراده وجعل خطبته هذه البليغة كالفهرسة لهذا الفن والإشارة إلى كثير من مسائله ومن أمثلة براعة الإستهلال قول بعض الكتاب: الحمد لله الذي خلق الأنام في بطون الأنعام، حين كتب مخبرا بأن بقرة ولدت عجلا وجهه كوجه الإنسان. الكاشف عن عدله وحكمته أي الموضح لعدله وهوكونه لا يفعل قبيحا ولا يخل بواجب، وحكمته وهي كون كل فعل له فهو حسن، وله فيه غرض صحيح بوجوب غناه وهو كونه حيا ليس بمحتاج، ووجوب عالميته وهو كونه لا يجوز عليه الجهل بحال، فإنا علمنا عدله وحكمته بكونه عالما بقبح القبيح غنيا عن فعله وعالما باستغنائه عنه لا يجوز أن يحتاج إليه ولا أن يجهل قبحه ولا أن يجهل استغناءه عنه بوجه من الوجوه وإسناد الكشف إليه، مع أن الوجوب ليس أمرا صادرا عنه من قبيل التجوز؛ لأنه لا يعلم ذلك الوجوب إلا ما نصبه من الأدلة وركبه من العقول القادر على جميع أجناس المقدورات.
صفحة ٣