[المقدمة]
بسم الله الرحمن الرحيم. وبه نستعين وعليه نتوكل.
أما بعد.. حمدا لله على نعمه التي يجب شكرها.ولا يطاق حصرها، والثناء عليه لكماله وصفات جلاله التي يطيب نشرها. ولا يقدر قدرها. والصلاة والسلام على خاتم الرسل، وموضح السبل، وناسخ الملك ودامغ الشرك حتى اضمحل وبطل، وعلى عترته شموس الإسلام، وقادة الأنام ومفاتيح النهم، ومصابيح الظلم، وصحابته الأخيار الأعيان والتابعين لهم بإحسان، فإني كنت جمعت حواشي في إبان الشباب وأول رمان الدرس في العلم والإكتساب جعلتهما نصفه التعليق لكتاب منهاج التحقيق لما عز لي من الولع به والغرام والإعتناء بالفحص عن معانيه والإهتمام ولكنها عاقت عائق عن التمام وبدا لي فملت إلى الإضراب وإرتاج هذا الباب تباعدا عن مظان الإحظار، وتجنبا لمسالك العثار فنبذت تلك الكراريس وحجبتها عن مجالس الدرس والتدريس عدة من السنين تزيد على العشرين ثم أن بعض المولعين بفن الكلام وأولي الهمة في تحصيله والإهتمام بالغ في استخراج تلك الحواشي وإبراز أوراقها الخوافي وتتمتها وتكملتها وضبطها وتحصيلها فلم أجد بدا من إنصافه وتلقيه بإجابته وإشغافه مع ما في ذلك من تمام العمل وصيانته عن الإنخراط في سلك ما بطل، فما طابق منها وخلا من الخلل فبتوفيق من الله المثبت في القول والعمل، وما كان فيها من خطأ وخطل فلوضعها في تلك الحال مع عروض اشتغال وعجل؛ ولأنه لا يسلم من الزلل إلا كلام الله عز وجل. وهذا حين الشروع في شرح غوامض الكتاب وتذليل معانيه الصعاب.
صفحة ١
قال المصنف مبتدئا (بسم الله الرحمن الرحيم) أي باسم الله ابتدئ تأليف هذا الكتاب، ومعناه: أستعين على ذلك بالتسمية ليمنها وبركتها طالبا للإستعانة، ويقدر الفعل متأخرا عنها لإفادة الإختصاص، ثم ثنى بالحمد فقال: (الحمد لله) أي الثناء الحسن والوصف الجميل ثابت لله الذي من صفاته أنه الدال، أي فاعل الدلالة على ذاته دل عليها فعله، لابواسطة وصفاته، والذي يدل عليها أيضا الفعل تارة بغير واسطة كدلالته على كونه قادرا، وكذلك كونه عالما، إذ الأحكام ليس بواسطة؛ لأنه كيفية للفعل لا أن الفعل يدل عليه، ثم يدل على العالمية، وتارة بواسطة واحدة كدلالته على كونه حيا، بواسطة القادرية والعالمية، وتارة بواسطتين كدلالته على كونه مدركا بواسطة كونه قادرا عالما، ثم كونه حيا، وتارة بثلاث وسائط كدلالته على الصفة الأخص بواسطة كونه قادرا، ثم كونه حيا هكذا ذكر الأصحاب، وفيه نظر، والتحقيق أن الفعل يدل على الصفة الأخص بواسطة واحدة، وهي القادرية ووجوبها ليس بواسطة أخرى، فإنه كيفية لها ليست هي دليلا عليه كما قلنا في الأحكام، ولا معنى لعد الحيية واسطة أخرى؛ لأن القادرية كافية في الاستدلال بعجائب مصنوعاته. العجائب: جمع عجيبة وهي ما يتعجب منه. والمصنوعات: جمع مصنوع ويقال: ظاهرة لله لا تدل على ذاته وصفاته إلا ما كان عجيبا من مصنوعاته، وفيه نظر، فإن كل فعل من أفعاله له مدخل في الدلالة وجوابه من وجهين أحدهما أن يكون من باب إخلاء وثبات، كان أصله بمصنوعاته العجائب، فأتى أولاه لصفة، ثم أضافها إلى الموصوف للثبات وهي صفة مدح؛ لأن كل أفعاله يتعجب منها لصدورها على مقتضى الحكمة، وما فيها من الأغراض الحسنة.
الثاني: أن يكون على ظاهره ومفهومه ويريد أن الذي يدل على الذات وجميع الصفات هو ما يتعجب منه لصدوره على جهة الأحكام لا ما ليس بمحكم منها، فإنه إنما يدل على الذات وبعض الصفات، والله أعلم.
صفحة ٢
تنبيه: هذا في فن البديع يسمى براعة الإستهلال، وهو أن يفتتح المتكلم خطبته أو رسالته أو مصنفه أو غير ذلك بما يدل على غرضه، ولما كان غرض المصنف الخوض في علم الكلام أتى في فاتحة كلامه بما يشعر بمراده وجعل خطبته هذه البليغة كالفهرسة لهذا الفن والإشارة إلى كثير من مسائله ومن أمثلة براعة الإستهلال قول بعض الكتاب: الحمد لله الذي خلق الأنام في بطون الأنعام، حين كتب مخبرا بأن بقرة ولدت عجلا وجهه كوجه الإنسان. الكاشف عن عدله وحكمته أي الموضح لعدله وهوكونه لا يفعل قبيحا ولا يخل بواجب، وحكمته وهي كون كل فعل له فهو حسن، وله فيه غرض صحيح بوجوب غناه وهو كونه حيا ليس بمحتاج، ووجوب عالميته وهو كونه لا يجوز عليه الجهل بحال، فإنا علمنا عدله وحكمته بكونه عالما بقبح القبيح غنيا عن فعله وعالما باستغنائه عنه لا يجوز أن يحتاج إليه ولا أن يجهل قبحه ولا أن يجهل استغناءه عنه بوجه من الوجوه وإسناد الكشف إليه، مع أن الوجوب ليس أمرا صادرا عنه من قبيل التجوز؛ لأنه لا يعلم ذلك الوجوب إلا ما نصبه من الأدلة وركبه من العقول القادر على جميع أجناس المقدورات.
صفحة ٣
سيأتي ذكر معنى القادر والمقدور وتعداد أجناس المقدورات في موضعه من هذا الكتاب، وإنما قال: أجناس ولم يقل أعيان، بناء على أنه لا يصح مقدور بين قادرين وأن الأعيان التي تقدر عليها إنما بقدر الباري على جنسها فقط وسيأتي تحقيقه (العالم يلا يعزب عنه) هو ييم الزاي وكسريي بمعنى يا يبعد مثقال ذرة، أي مقدار أصغر نملة في الأرض ولي في السموات. (الحي الذي لا يعتريه الحال) يعني بالحال هيا ما هو عليه من ثبوت ونفي، فليس كغيره من الأحياء، فإن الحال يعتريهميمن صغر إلى يكبر وصحة إلى سقم وقوة إلى ضعف وغناء إلى فقر وغير ذلك. (الموجود فيما لم يزل) أي فيما مضى لا إلى أول. (وفيما لا يزل) أي وفي الحال والاستقبال. (لا إلى حد ينتهي إليه المدرك للمدركات) أي لكل ما يصح إدراكه من مرئي ومسموع وملموس ومسموم ومذوق. وسيأتي بيان المدركات؛ (لأن لآلات) أي لا بحاسة وواسطة محل الحياة، إذ ليس بجسم ولا له حياة. (يحل في محل ولا له آلة، المستغني في ثبوت هذه الصفات) يعني التي مضي تعدادها وهي القادرية والعالمية والحيية والوجود والإدراك عن المؤثرات الحقيقية التي هي الفاعل والعلة والسبب، وأما ما يجري مجرى المؤثر وهو المقتضى والشرط فلا بد منه فيها على تفصيل وخلاف يأتي في مواضعه، وأما غير هذه من صفاته فمنها ما لا يفتقر إلى مؤثر ولا ما يجري مجراه كالصفة الأخص عند مثبتها ومنها ما يفتقر إلى المؤثر الحقيقي ككونه مرتدا أو كارها عند الجمهور، وقد أشار المصنف بقوله: المستغني في ثبوت هذه الصفات بتمامه إلى فصل الكيفية، وما تقدم فهو تنبيه على إثبات الصانع وصفاته الثبوتية، ثم أشار إلى الصفات النفيية فقال: (الواحد فلا شريك له ولا وزير)، هذه إشارة إلى مسألة نفي الثاني، والمعنى أنه لا مشارك له في الإلهية وفي الخلق والأمر ولا معه من هو أدنى رتبة من الشريك وهو الوزير الذي يعينه ويتحمل بعض مؤنه ويتقوى به في أمر مملكته؛ لأنه سبحانه غني عن جميع ذلك. (المتعالي) أي المنزه عن المضاد. (والنظير) أي المنافي له الذي لا يجمع معه في الوجود لمعاكسته له في صفاته وعن المماثل المشابه له في ذاته وصفاته، وفي هذا إشارة إلى مسألة نفي التجسيم وما يتعلق بها؛ لأنه لو كان جسما أو عرضا كان ذا ضد ونظير. (الغني فلا يجوز عليه المنافع والمضار) أي لا يجوز أن يلحقه مضرة ولا أن يناله منفعة لوجوب استغنائه عن ذلك. وسيأتي ذكر معنى المنفعة والمضرة وأقسامها، وهذه إشارة إلى مسألة نفي الحاجة. (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) إشارة إلى مسألة نفي الرؤية بأن أدرج هذه الآية الكريمة التي هي من أدلتها في كلامه، وهذا في علم البديع يسمى الإقتباس. (العدل فليس بظلام للعبيد) إشارة إلى أم مسائل العدل وظلام مبالغة في ظالم والتكثير فيه باعتبار كثرة من يتعلق به الظلم وهم العبيد، لو كان كذلك تعالى الله عنه علوا كثيرا. (الصادق في الوعد والوعيد) أي المخير عن إيصاله الثواب إلى مستحقيه وهو معنى الوعد والعقاب إلى مستحقيه، وهو معنى الوعيد خيرا مطابقا للمخير عنه فلا يقع خلاف ما وعد به. (الذي قضى بالحق وهدى إلى الرشاد) أي الذي ألزم وأمر بالحق وهو الرشاد بمعنى الصواب وما فيه الصلاح، وهذا بمعنى دل، وينزه عن فعل القبيح لعدله وحكمته وإرادة الفساد وهو نقيض الصلاح؛ لأن إرادته من القبيح وهو منزه عن فعلها. (وأزاح علل المكلفين بأنواع الألطاف والتمكين) أي أزال تعللهم في عصيانهم وعدم امتثالهم بأن لطف لهم بأنواع اللطف، وهي التوفيق والعصمة المطلق، وسيأتي بيان معانيها والتمكين مما كلفهم إياه بخلق القدرة عليه والآه فيه. قال.. في المعنى هذا: {رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة}. (وأزهق الباطل أي أزاله وأذهبه بمترادف الحجج أي بالحجج المترادفة وهي الأدلة التي ينصبها للمكلفين على ما فيه نجاتهم.(وأوضح للخلق) أي كشف لهم وأبان. عن سواء المهج أي وسط الطريق الموصلة إلى الفوز والنجاة عند الله والطريق الموصلة إلى العقاب يوم يقف العبد بين يديه ويلقاه. (حتى صارت طرق الخير والشر متعتية) أي طرق الهدى والضلال متبينة متميزة. (ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة) أي ليضل من ضل بعد وضوح البينة في ذلك، وقيام الحجة عليه وجعل الضلال هلاكا لناديته إليه ويهتدي من اهتدى، كذلك عن يقين وعلم بأنه على الحق وسمى الهدى حياة من قبيل الإستعارة لإيصاله إلى الخير والتنعيم الدائم، كما أن الحياة موصلة إلى الإنتفاع وفصله إلى إدراك الملاذ، والله أعلم.
صفحة ٦
(وأشهد ألا إله إلا الله شهادة إخلاص وصدق) أي إخلاص عن النفاق وعن إضمار خلاف ما وقع النطق به مطابق فيها القلب واللسان والسر والإعلان وصدق في العقيدة أو في تسميتها شهادة؛ لأنها الخبر عن يقين وتحقيق. (وأن محمدا رسوله بالهدى ودين الحق) أي بالكتاب الذي يقع به الإهتداء فبولغ فيه بتسميته هدى والدين الذي هو الحق لا الباطل أرسله كافة للناس أن جعل كافة مفعولا مطلقا فالمعنى أرسله إرسالة كافة للناس، أي عامة لهم محيطة بهم، فكأنها كفتهم أن يخرج عنها أحد منهم. وقيل معناه: مانعة لهم عن الكفر، وأن جعل حالا من المفعول كان المعنى أرسله جامعا للناس في الإبلاغ والإنذار، والتاء للمبالغة كتاء علامة وقيل: معناه على هذا مانعا للناس عن الكفر، وفيه وجه ثالث، وهو أنه حال من الناس، أي للناس جميعا وهو مبني على جواز تقدم حال المجرور عليه كما يذهب إليه بعض النحاة. (بشيرا للمطيعين بالثواب، ونذيرا للعاصين بالعقاب، وداعيا إلى الله إلى طاعته بإذنه) أي بأمره وسراجا منيرا، أي كالسراج المنير لما كان مجليا لظلمات الشرك، فبلغ الرسالة هاديا للضلال وشهيدا شهد على الأمة لمن قبل بالقبول ومن رد بالرد، ثم مضى إلى دار الكرامة، كناية عن وفاته صلى الله عليه وآله وسلم، والمراد بدار الكرامة الجنة أو الدار الآخرة التي تظهر فيها الكرامة بالمقام المحمود وغيره. (حميدا) أي محمودا. (فصلوات الله) أي رحمته؛ لأن الصلاة من الله بمعنى الرحمة، ومنا بمعنى الدعاء، ورضوانه هو بضم الراء وكسرها بمعنى الرضا على وجه، أراد بالوجه هنا ذاته أو أراد به الوجه المعروف؛ لأنه الذي يواجه بالرضا وغيره، وهو عمدة الإنسان وواسطة عقد أعضائه وما توجه إليه فقد توجه إلى الجملة كلها. (وهذا أولي الكريم) أي الشريف. (كلما طلع نجم) أي كوكب. (أو هب نسيم) ما كان من الرياح رقيقا لطيفا سهلا مستطابا. (وعلى آله) أي أهله والمراد أهل بيته وأقاربه وهذا هو السائق إلى الأفهام، وقد يراد به الأتباع الكرام جمع كريم وهو الشريف البررة جمع بار وهو فاعل البر خلاف العقوق المطهرين عن الأرجاس والرذائل، (وعلى الصحابة) اسم جمع للصحابي وهو من صحبه صلى الله عليه وآله وسلم، واختلف في ما هية الصحبة، فقيل مجرد الرؤية كاف، وذهب أصحابنا أن الصحابي من طالت مجالسته له صلى الله عليه وآله وسلم متبعا له. (والتابعين لهم) أي للصحابة في اتباع الرسول وأمتثال ما جاء به، وهذا معنى تقييد لفظه التابعين بإحسان؛ لأن المعنى اتبعوهم في إحسانهم وسلكوا مناهجهم. وقيل: هم الذين يذكرون المهاجرين والأنصار ويترحمون عليهم وينشرون محاسنهم. وقوله: (إلى يوم الدين) أراد به إفادة دخول جميع من عد الصحابة من الأمة؛ لأن لفظه التابعين في العرف مقصورة على من التجويز من الصحابة، ورأى من رأى منهم، والمراد بالدين هنا الجزاء ومثله قوله: {ملك يوم الدين}.
صفحة ٨
(أما بعد) هذه كلمة استعملتها العرب للإيذان بإرادة الأخذ في كلام غير ما سبق، فإن أهم التكليف علم العقائد، وذلك لا .... سائر التكاليف عليه، ولكون المطلوب فيه اليقين والحق فيه مع واحد ومخالفه مخطئ آثم، وقد ينتهي إلى الكفر. (وإن الظفر بالحق فيه أجل الفوائد) أي من أعظمها وأشرفها، ولو قال: وإن الظفر بالحق فيه أجل الفوائد لكان أحسن ذاته قد كثرت فيه الآراء، الضمير عائد إلى علم العقائد وإن جعل ضمير الشأن فحسن، والآراء جمع رأي، قدم في الجمع العين على الفاء من قبيل القلب كما في آرام جمع رمم، والمراد بالآراء هنا المذاهب، وأما في عرف أهل أصول الفقه فقيل: الرأي بمعنى اجتهاد، وقيل: بمعنى القياس. (وأتبعت فيه الأهواء) جمع هوى مقصور وهو هوى النفس وكل هوى في القرآن فهو مذموم، وأما الهواء ممدود فهو اسم لما بين السماء والأرض والجمع أهوية. (وعدل أكثر الناس فيه عن التحقيق) أي مالوا وجاروا وسلكوا ..... الطريق عبارة عن ترك المذهب الواضح الراجح الشهير اللائح والتمسك بغيره مما لا وجه له يوضحه، ولا دليل عليه يرجحه كما يترك السالك سلوك المحجة الواضحة الكثيرة الإستعمال ويسلك ييها يمينا أو شمالا في طرق خفية تكاد يسير فيها من دفع عن الطريق الواضحة أو مال عنها سهوا فمن سوفسطاي نجد المشاهدات. هذا شروع في تفصيل أكثر الناس العادلين عن التحقيق السالكين لبنيات الطريق وقدم السوفسطانية وهم فرقة من فرق التجاهلية؛ لإنكارهم الضرورة ولا ضلال أعظم من ذلك والتجاهلية كل من أنكر الضرورة وهم ثلاث فرق:
صفحة ٩
السوفسطانية: منسوبون إلى سوفسطا وهي جهة لهم، وقيل: بل اسم رجل، وهم منكروا اليقين في كل شيء من المشاهدات والمعقولات، فإنهم أنكروه وجعلوه بمنزلة ما يراه النائم وكالسراب الذي يخيل أنه ماء، والعندية والعندي من يثبت للشيء حقيقته؛ لكنه يجعلها تابعة للإعتقاد، ولذلك سمي عنديا؛ لأنه يقول: الحقيقة تابعة لما عند المعتقد ومثلوه بالخل فإنه يعيش فيها دودها دون عصرها، واختلفت حقيقة الخل فهي محية بالنظر إلى دودها مميتة بالنظر إلى غيرها، وكما يجد العسل من به صفراء مرا ومن هو معتدل حلوا، ويقال لهم: أيضا أصحاب العنود.
صفحة ١٠
والسمنية: منسوبون إلى سمن، وهم يثبتون الحقائق إلا ما لم يشاهد بإحدى الحواس الخمس فينكرونه فأبطلوا المعقولات ومخبرات الأخبار المتواترة، وملحد ينكر الصانع، أي المختار والإلحاد لغة: الميل ومنه سمي اللحد ثم غلب الإلحاد على القول بقدم العالم ونفي الصانع المختار فيدخل في هذا الاسم الفلاسفة والïا نيي والمنجمية والطبائعية وغيرهم؛لأن اùجميع7ملحدة وصف{التأثير إلى الطبائع. أما اييلايفة فعن بعضهم أنه يجعل العالم يايرا عن علة قديمة بالطبع ومثل ذلك نقل عن البايييةي وأما المنجم ة فمذهبهم قدم الأفلاك والعناصر، وجعل الحوادث اليومية صادرة عنها بالطبع، وأما المشهورون بالطبائعية فأمرهم في إضافة التأثير إلى الطبع ظاهر. وفلسفي ينفي عن الله الإختيار؛ لأنه يجعله علة قديمة صدر عنها عقل واحد، ثم صدر عن ذلك العقل عقل ثان وفلك ونفس فلك، ثم كذلك عن العقل الثاني. والفلسفة اسم في اللغة اليوناينة لمحبة الحكمة، فالفيلسوف هو محب الحكمة، وقيل: هو مركب من فيلا وهو المحب، وسوف اسم للحكمة، فإذا قيل: فيلاسوف فمعناه محب الحكمة، وباطني يقول: بالسابق والتالي الذي حصل المتكلمون من مقالاتهم القول بأصلين روحانيين أحدهما السابق والآخر التالي، وأن السابق ظهر منه التالي ثم اختلفوا فقائل بأنهما مدبران للعالم السفلي معا، وقائل: بأن المدبر هو التالي فقط والسابق فاعل الأجسام النافعة والتالي فاعل الأجسام الضارة، وهذا بعينه مذهب المجوس، واختلف في تفسير السابق والتالي، فقيل: ملكان، وقيل: اللوح والقلم، وقيل: العقل والنفس. قيل: ولا يكاد يعرف لهم مذهب لتسترهم وإحداثهم في كل وقت مذهبا، ويعبد غير الله، ولا يبالي، أي لا يكترب، وإنما كانوا عابدين لغير الله؛ لأن الله عز وجل غير ما أثبتوه إلها وهو السابق والتالي، وقد نقل أن بعض دعاتهم ورؤسائهم عبد صبيا وألحده إلها وقلده مملكته. ومطرفي يقتصر تأثير الصانع على الأصول.
صفحة ١١
المطرفية: فرقة من فرق الإسلام ينسبون إلى مطرف بن سهاجة، رجل من الزيدية أصله من بقعة بني شهاب بحيدان من بلاد خولان نشأ مذهبهم سنة خمسين وأربعمائة، والأصول عندهم أربعة: الهواء والماء والأرض والنار. وقيل: بل هي عندهم الهواء والمال والريح، ومنهم من زاد النار، قالوا: أنه أوجد هذه الأصول على جهة الإختبار ثم حصل العالم من هذه الأصول فهي التي يتركب منها الحوادث ولا اختار له في ذلك وهو لم يحصل من إثباته على محصول لا يهم إذا أضافوا لكثر العالم على ما فيه من إتقان وإحكام إلى الأصول التي ليست بحية ولا قادرة ولا عالمة، فقد استدت الطريق إلى كون النار حيا قادرا عالما ,أن أثر في الأصول، وثنوي يقول: القديم الثاني.
صفحة ١٢
الثنوية فرق متعددة، يأتي ذكرهم وذكر مذاهبم في مسألة. ففي الثاني أن الله وآخر يتلوه في قدم المعاني إشارة إلى الإشعرية ومن قال بقولهم في كون صفات البارئ معاني قديمة ورمز إلى مشاعيبهم للبنوية ووجه الشبه إثبات قديم مع الله سبحانه، ولهذا جعلت هذه ....... من أسباب تكفير الأشعرية وغيرهم من فرق الجبرية، وبرهمي ينفي النبوة رأسا. قيل أنهم منسوبون إلى برهام بن يلوك الفرس يقيون بايلي وينفونياليسلي يقيل: منسوبينيإلى رجل اسمه إبراهيم. وقيل: سيوا ييلك لاثبيتهي نبوة إبراهيم دون غيره من ايأنبييء. ومعنى رأسي التيبيريعن طرح الييي كلي مأخوذيمنييأس يلجسد؛ لييهيإذا طرح الرأس فالبيية أجدر وهو منتصب على الحالية كجميعا، ومثله تركه أصلا؛ لأن أصل الشيء عمدته، وذمي لا يرى في تكذيب الرسل بأسا أي تبعه ولا عقابا والذمي من ضربت له ذمة كالنصارى واليهود، ومجسم نسبة الله بالمحدثات، إذ جعلوا له أعضاءا وجوارح، وثبت له الجوارح والآلات الجوارح هي الأعضاء التي تعمل مفردها جارحة ومجبر ........ للشياطين والعصاة؛ لأن حاصل قول المجبرة تمهيد عذرهم حيث يقولون: ما صدر من العصاة من قبيح وفساد فهو من الله، وذلك يقتضي عدم الحرج على العاصي، إذ لا فعل له، قال الحاكم: ويجمعهم من المذهب القول بأن الله يخلق أفعال العباد، وأنه يريد المعاصي، وإذا شاء عذب من لا ذنب له، وإن فعله ليس لغرض وأنه لا يقبح منه شيء، وأن القبائح بقضائه وقدره، وأنه يضل عن الدين ثم يعذب على الضلال ويأمر بالإيمان مع أنه يمنع منه وينهى عن الكفر وبخلقه وبخلقه وتزينه، ثم افترقوا فرقا كثيرة جهمية وضرارية ونجارية وكلانية وأشعرية وبكرية وكرامية وتفاصيل مذاهبهمم، وما اختص به كل منهم في كتب المقالات ويأتي أيضا في أثناء هذا الكتاب غيره م÷ كتي الكلام ويحمل مساوئ العباي عيى الله أي يصنفها وينسيها إليه. ويساوئ جمع مسؤي ومرجùيتعلل بالأحلام والأماني. الأحلام جمع حلم بضم الحاء واللام وهو ما يرى في النوم والأماني جمع أمنية وسمي المرجي مرجيا لتركه القطع على وعيد أهل الكبائر من أهل الصلاة والمرجئة الخالصة من جعل الفاسق راجيا للغفران ولم يؤنسه من الرحمة، ومعنى تعلله أنه يجعل ما يتمناه من المغفرة علة في سلو قلبه وعدم خوفه ورجال الإرجء المجبرة بأسرهم ومن غيرهم سعيد بن جبير وحماد بن أبي سليمان من التابعين ومن الفقهاء أبو حنيفة وأصحابه، ومن متكلمي العدلية محمد بن شبيب وغيلان وصالح قبة وغيرهم وينبي دينه على جرف التواني، جرف الوادي جانبه الذي يتحفر أصله بالماء وتجرفه السيول فيبقى واهيا ومعنى ذلك أنهم لا يقولون على جد في العمل لما اعتراهم من الإرجاء. ورافضي ببعض شيوخ الإسلام والرافضة هم الإمامية. قيل: سموا به لرفضهم زيد بن علي عليهم السلام حين أحسن الثناء على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقيل: لتركهم نصرة النفس الزكية والأول أشهر وسموا إمامية لجعلهم أمور الدين كلها إلى الإمام، وأنه كالنبي؛ لأنه يحتاج إليه في أمور الدين والدنيا، والمراد شيوخ الإسلام من يقعون فيه من الصحابة ويخيط من الغلو والتعصب في ظلام الغلو مجاوزة الحد وغلوهم في طرفين محبة أئمتهم وما نسبوه إليهم وذهبوا إليه في حقهم وبغض المشائخ وتكفيرهم وما ينسبوه إليهم من الإعال التي هم منزهون عنها والتعصب معروف ومعناه تكلف أن يصير كالعصبة له فهو مأخوذ من العصبة كنقيس أي أنسبت إلى قيس والظلام هنا مستعار للجهل فهذه أصول فرق الضلالة الذين تفرعت عنهم كل جهالة، يعني أن الفرق الهالكة وإن كانت كثيرة إلى نيف وسبعين فهذه الفرق المعدودة أصولها، وإنما تنوعت وتشعبت وتفرعت، فصارت كل فرقة فرقا لخلاف نشأ بينهم ومقالات امتاز بها بعضهم عن بعض، وأصل الضلال والجهل ما اتفقت عليه كل فرقة منهم كل منهم بمذهبه فرح مسرور، لاعتقاده أنه الصواب، وأنه قد اهتدى إلى الحق دون غيره، ورجاهم الكل على قطب الغواية تدور، هذه استعارة حسنة والرحى معروفة وقبطها الحديدة التي تدور عليها، وقد كثر استعمال القطب فيما لا يقوم الأمر إلا به، كما يقال مدار الإنسان على قطبه أي على غفلة وفي إدخال حرف التعريف على كل نظر؛ لأنه ممتنع ولكن قد جوزه بعضهم ليس على غير الباطل يعولون التعويل مصدر عول يقال: عول علي بما سألت أي استعن بي فيه وعولت عليه أدللت عليه {ويوم تقوم الساعة يومئذ يحشر المبطلون} الساعة هنا القيامة وهي في الأصل اسم لجزء مخصوص من ليل أو نهار، والمراد بالمبطلين هم إلا انه من قبيل إقامة الظاهر مقام المضمر للبنية على علة حشرانهم وهو إبطالهم أدرج الآية الكريمة في ضمن الخطبة العظيمة وهذا النوع يسمى في علم البديع الإقتباس وهو أن يضمن المتكلم نثره أو نظمه شيئا من القرآن أو الحديث لا على أنه منه ومنه أيضا لقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه، والمعنى صدق في ظنه وكان ظنه حين وجد آدم ضعيف العزم، قد أصغى إلى وسوسته فظن أن ذريته تكون أضعف عزما منه فيكون منهم اتباعه. وقيل: ظن ذلك عند غخبار الله الملائكة أنه يجعل فيها من يفسد فيها وصاح بهم إلى مخالفة الحق فأسمعوه أي دعاهم إلى ذلك ووسوس لهم فيه فاستمعوه استماع قابل ومطيع لا راد واستفز بمكره منهم من استطاع يقال: استفزه أي استخفه والفزاء الخفيف، ومثلت حال إبليس في سلطته على من يغويه برجل مغوار وقع على قوم فصوت بهم صوتا يستفزهم من أماكنهم ويقلقلهم عن مراكزهم، وأشار إلى الآية الكريمة وهي قوله: {واستفزز من استطعت..} الآية، فأدرجها مع تصريف وهو من الإقتباس، وإن لم يكن مطابقا للتلاوة، فإنه لا بأسبتغيير يسير فيه، لكن يقال: إنه استفزا هنا ، إنهم كلهم ممن استطاع أن يستفزهم وصار له من علماء السوء أتباع يقال: بل صاروا كلهم أتباعا له إذ لا عالم سوء إلا وهو من أتباع الشياطين، لكن يمكن تمشيته بأن المعنى أن الأتباع الموصوفين بأنهم يدعون له إلى كل بدعة وضلال ويبالغون بالأقوال والأعمال هم البعض منهم لا كلهم، فلعل بعضهم غير مبالغين في ذلك، بل اقتصروا على نفس الذهاب إلى العقائد الفاسدة والدعاة هم البعض من كل فرقة، فإن المبتدعين منهم داعية وغير داعية، والبدعة ما خالف السنة والضلال ضد الهدى والمبالغة بالأقوال ظاهرة، وأما بالأعمال فنحو قيل من حالفهم فقد قيل كثير من العدلية والمبرهين عن المذاهب الردية، ووقع غير ذلك من الضرب والطرد والأسر والتقييد مما ابتلى كثير من علماء العدل والتوحيد بنصب منهم في كل فرقة أمير أي إمام لهم يرجعون إليه ويأخذون عنه ويعتزون إليه {جادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير} هذا نوع من الناس كما مر. قيل: والمراد بالعلم هنا الضروري والهدى الإستدلال والنظر؛ لأنه يهدي إلى المعرفة بالكتاب المنير الوحي أي يجادل بظن وتخمين لا يأخذ هذه الثلاثة ويسلك بهم في كل بدعة مبيحا المنهج الطريق والبدعة ما قامت الدلالة العقلية أو الشرعية على أنه ضلالة، هذا معنى البدعة المرادة هنا وهي البدعة القبيحة. قيل: ذكره الإمام يحيى. والبعدعة لها وجهان:
صفحة ١٦
أحدهما: القبيحة، وهي كلما ضاد السنة وكان ماحيا لآثارها ومعفنا لرسمها، ويجب على الإمام وسائر أهل الإسلام أن يدفعوا ذلك ويكفوه، ويدل في القول والفعل والمذاهب وفي الحديث من انتهى صاحب بدعة ملأ الله قلبه أمناص وغيمانا يوم القيامة وثانيهما البدعة التي ليست مضادة للسنة وهذا نحو ما يبتدع لإعراض حسنه كالموائد والمناخل والأشنان والدرر في الخياطة والكف ما نها مجد به وماكان يعرف إلا الشلول، فهذه كلها مجدبة بعد النبوة لكن منها أغراض ومقاصد اقتدانا الذين يصدون عن سبيل الله، أي ممن تقدمهم ومضى قبلهم من أهل الضلال والإضلال والصد المنع، وسبيل الله هو الطريق إلى رضاه التي سلوكها العصمة (ويبغونها عوجا) أي يصفونها بالإعوجاج مع استقامتها أو يطلبون أهلها أن يعوجوا أهلها بالكفر والإرتداد.
صفحة ١٧
{شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله} أراد بذلك العقائد التي استدعوا أتباعهم إليها وأنزلوهم عليها وجعلوها تحكمهم وتمنيهم علوما ..... وعقائد صحيحة مرضية، ولم يأذن الله بها ولا رضيها وسقعوا لهم بالتمويه على كل مهواة التمويه مصدر موه تفعيل من الماء فعال موهت الإناء أي طليته بماء الذهب أو الفضة ونحته نحاس أو حديد فضار، مثلا يضرب في التزوير والتلبيس وأراد أنهم يزخرفه الشبهة وتنميقها كأنهم ألبسوا الباطل لبسة الحق ليظن أنه منه، فاستالوا نسمتهم أفئدة الطعام، الأفئدة القلوب جمع فؤاد، الطعام يطلق على الواحد وعلى الجماعة، وهم أوغاد الناس ليس له فعل ينطق به ولا اشتفاق يعرف أصله، وأنزلوا على قصيبهم جمهور العوام، أي جذبوا إلى ما قضوا به جمهور العوام وهم جلهم، والعوام: جمع عامة، ويراد بهم من ليس له محرفة ولا مذهب ينسب إليه ولا كتاب يعرف به ولا رئيس ولا يدخل في جد ولا يصدر اعتقاده عن حجة، وجعل جذبهم إياهم إنزالا؛ لأنه استدعا إلى ضلاله وهي الدرجة السفلى المنحطة إلى أن صارت الطائفة المحقة فرقة من نيف وسبعين فرقة. النيف بالتنفيل ويجوز تحقيقه تستعمل لما بين العقدين من واحد إلى سبعة، وهذا إشارة إلى الخير المشهور <ستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها هالكة إلا فرقة واحدة> قيل: رواه عبد الله بن مسعود وأنس وعبد الله بن عباس، قال الإمام يحيى: وتلقته الأمة بالقبول ويصدقه أن الروافض عشرون والخوارج عشرون والمعتزلة عشرون والمجئة ست والمجبرة أربع والباطنية والحلولية والثالثة والسبعون الناجية إنشاء الله هم الزيدية.
أما فرق الروافض فهم السبإية، منسوبون إلى عبد الله بن سبأ، ذهب إلى أن عليا عليه السلام إله، وزعم أصحابه أنه في السحاب وأن الرعد صوته، والبرق سوطه.
والكاملية: منسوبون إلى أبي كامل ذهب إلى تكفير الصحابة لتركهم بيعة علي وإلى تكفير علي بتركه طلب حقه.
صفحة ١٨
والبنانية: منسوبون إلى بيان بن سمعان التميمي، ذهب إلى أن الإلهية لعلي والإمامة لولده.
والمغيرية: منسوبون إلى المغيرة بن سعيد العجلي مجسم وصف الله بالأعضاء.
والخوارج: وعم أنه يحيي الموتى بالاسم الأعظم، وله جهالات كثيرة.
والجناحية: منسوبون إلى معاوية ذي الجناحين، ينكرون القيامة والجنة والنار ويستحلون جميع المحرمات.
والمنصورية: منسوبون إلى أبي منصور العجلي يزعمون أن عليا عليه السلام الكسف الساقط من السماء، وكان أبو منصور من أصحاب الباقر فغلا فيه فتبرأ منه وطرده، وذهب إلى أمور كفر به كغيره.
والخطابية منسوبون إلى أبي الخطاب الأسدي، ذهب إلى أن الإلاهية لجعفر الصادق، ثم ادعا لنفسه بعده.
والغرابية: منسوبون إلى رجل يسمى غرابا ذهبوا إلى أن جبريل غلط في نزوله على الرسول، وكان مبعوث إلى علي، قالوا: وسبب غلطه أن عليا كان أشبه بالنبي من يلغراب لغراب.ي الذميي أصحاب يلعليايبن ذراع ييأسدييالذين رموا يلنبي صلى الله عليهيويله وسلم وزعموي أن عليا أرسله ليدعويإليه فدعاييلى نفسه فكان سبب الذم.
والهشاميةييمنيوبون إلى هشاي بنيالحكم المفرطيفي يلسببية والتجسيم.
والهشامية: الأخيى منسوبوي إلىيهشام بن سايم ايجوالقي مجسم غالبيفي التجسيم.
والزرارية: أصحاب زرارة بن أعين، ذهب إلى حدوث صفات الله التي هي القدرة والعلم والحياة وسائر صفاته.
واليونيسة: منسوبون إلى يونس الذي زعم أن الملائكة تحمل ربها وصنف كتبا في التشبيه.
والشطانية: منسوبون إلى محمد بن النعمان الملقب شيطان الطاق لقبه بذلك جعفر الصادق، ذهب إلى أن الله لا يعلم الشيء حتى يكون، وانه خلق آدم على صورته.
والرزامية: منسوبون إلى رزام، ظهروا في زمن أبي مسلم الخراساني، قالوا بمذهب الحلولية فزعموا أن الروح الإلاهي حال في أبي مسلم، ويقولون بإمامته. والمفوضة زعموا أن الله خلق محمد وفوض إليه الخلق فهو الخالق لما في الدنيا كلها.
صفحة ١٩
والبداحية: قيل: منسوبون إلى جههة تسمى البداح يذهبون إلى أن الله يجوز عليه البدل.
والكيسانية: منسوبون إلى كيسان مولى النعص بحيلة. وقيل: مولى لعلي عليه السلام. وقيل: هو المختار بن أبي عبيد الثقفي، زعموا أن الإمام بعد الحسين بن علي بن الحنفية ، وأنه المهدي، وأنه لا يموت إلى آخر الدهر، ثم افترقوا، فقالت طائفة تسمى الكريبة: أن محمد بن علي حي لم يمت وطائفة تسمى الرجعية، قالت: أن ه ميت بجبال رضوى يرجع إلى الدنيا çيبعثnقû÷ يوم القيا÷ة÷ويملك الكنيا وطائفة قالت: لا يموت حتى يملك الأرض يهو اليهكي الينتكر.
والمياركيةي منسوبون ييى رئيس لهم اسمه ال÷باûك، زعموا ينييل ميم بعد جعير ابن ابنه محمد بنyإسياعيليبن جûكر.
والناويسية: منسوبين إلييناووي رئيس لهم، ذهبيا إيى أن جعفر بن محمد حي، وأنه لم يمت ولا يموت حتى يملك الأرض، وأنه المهدي.
وأما فرق الخوارج فهي الأزارقة أصحاب نافع بن الأزرق أول من أحدث الخلاف بين الخوارج؛ لأنه أبدع القول بالبراءة ممن قعد عن الحرب معهم، ومما يذهب إليه أصحابه حوار. قيل: صبيان مخالفيهم ونسابهم وغير ذلك من المذاهب الردية.
والنجدات: أصحاب نجدة بن عامر الحنفي، تفرد بأن ذهب إلى أن المخطئ جاهلا معذورا، وأنه من خاف العذاب على من اجتهد فأخطأ قبل قيام الحجة عليه فهو كافر، وأن من يقتل عن دار هجرتهم فهو منافق إلى غير ذلك من الجهالات.
والصفرية: منسوبون إلى زياد بن الأصفر. وقيل: إلى عبد الله الصفار، قالوا بأن النفية واجبة في القول دون العمل، وأن فاعل الكبيرة لا يسمى كافرا ولا مشركا بل زانيا مثلا، وما لا حد فيه كترك الصلاة كفر، ويجيزون مناكحة المشركين وقبول شهادتهم وغير ذلك.
صفحة ٢٠
والميمونية: منسوبون إلى ميمون رجل من بلح، وهم عدلية لكن يجيزون نكاح بنات البنين وبنات البنات وبنات الأخوة والأخوات ولا يجيزون إلا قتال السلطان خاصة يأعوانç؟ومن رضي يحكمهييمي طعن في دينهي؟
والحمزيةي منسيبونيإلى حمزة؟بن أدرد وهم كالمييونية لكن انفرديا بأن أطفال مخالفييييفي النار، وأنيالعقد لإمامين وأكثر جائز في وقت واحد.
والشعيبية: منسوبون إلى شعيب بن محمد، وهم كالعجاردة إلا أنهم مجبرة.
والجازمية: منسوبون إلى حازم بن علي، وهم كالشعيبية إلا أنهم متوقفون عن تكفير علي عليه السلام.
والبياضية: وقد قيل أنه من الإباضية، لكن صحف اسمهم .
والمعلومية: قوم من الخوارج ذهبوا إلى أنه من علم الله ببعض أسمائه فليس عالما به. وقيل: بل يقولون: من علم الله ببعض أسمائه فلم يجهله، ويقولون: بمقارنة القدرة بمقدورها مع تأثيرها فيه.
والمحمولية: قيل يزعمون أنه من عرف الله ببعض أسمائه فليس جاهلا به، ويقولون: يخلق الأفعال، وقيل: هم القائلون بأنه من لم يعلم الله بجميع أسمائه فهو به جاهل.
والصلتية: منسوبون إلى عثمان بن أبي الصلت يقولون: إذا أسلم الرجل توليناه ويرثنا من أطفاله حتى حتى يبلغوا فيسلموا إذ لا إسلام لطفل.
والأخنسية: منسوبون إلى الأخنس بن قيس وهم كالعجاردة، إلا أنهم لا يثيرون من الأطفال، ويحرمون البيات والإغتيال والقتل يي المصر.
ويلسلمانية: أصحاب؟سلمان بن سلمةينبيات منه الخوارج لي غائبة أنا مسلميويختي بقولي: أن الله لا ييلم شيئا حتى يخلق لنفسه علما وهو جهمي.
والرشيدية: منسوبين إلى رجل سييىييشيدا ميا تفردوا به أن زكاة ما يسقى بالغيول الجارية نصف العشر.
والحفصية: منسوبون إلى حفص بن أبي مقدام ذهبوا دون غيرهم إلى جوار التحكم ويجعلون بين الشرك والكفر فرقا فمن عرف الله ولو كفر بجميع ما سواه فهو كافر لا يشرك والمشرك من أنكر الله.
صفحة ٢١
والمكرمية: منسوبون إلى أبي مكرم، كفروا تارك الصلاة لا لتركها، بل لجهله بالله، وكذا سائر الكبائر وهم من أهل الموافاة والعجاردة أصحاب عبد الكريم بن عجرد يوجبون دعاء الطفل إذا بلغ والبراءة منه، قيل ذلك حتى لا يدعى إلى الإسلام.
والأباضية: منسوبون إلى عبد الله بن يحيى بن أباض التميمي، يزعمون أن مخالفهم من أهل القبلة كافر غير مشرك، يحل مناكحته وموارثته ويجعلون حكم كفارة أهل القبلة حكم البغاة في الغنيمة ويجيزون شهادة مخالفيهم على مواليهما، قال الشيخ أبو القاسم ولم يمت ابن أباض حتى قد رجع إلى الإعتزال، فلذلك لا نرى أصحابه يعظمونه.
واليزيدية: منسوبن إلى يزيد بن أبي شيبة يزعمون أن الله سيبعث رجلا من العجم ينزل عليه كتابا يكت في السماء ثم ينزل جملة واحدة، فينزل الشريعة النبوية ويكون ملته الصابية المذكورة في القرآن، وكل دين عندهم شرك.
والبيهسية: منسوبون إلى أبي بيهس هيضم بن أبي حاجرييقولون أن يلسكر من كل شراب حلاي، الأصل موضوع يين سكي منه، وكذا ماييع حال سكره منه.
تنبيه: كل رجل ينسب إليه فرقة من فرق الخوارج فهو إمامها يعقدون له الخلافة ويأتمون به؛ لأنهم يجيزون الإمامة في جميع الناس.
وأما فرق المجبرة فهم:
الأشعرية: منسوبون إلى عمرو بن أبي بشر، وهم أكبر المجبرة وأعظمهم وتابعهم من أعيان المتأخرين الغزالي والرازي والجونني والباقلاني.
والنجارية: .... الري فرق كثيرة منها:
صفحة ٢٢
البرغوثية: أصحاب محمد بن عيسى البرغوث، تفردوا بأنه متكلم لذاته. ومنها الزعفرانية، والمستدركية، ذهبوا معا إلى أن كلامه غيره، وهو مخلوق. والكرامية: وهم مجسمة بخراسان ولهم أقاويل مضطرية. والخمصية: منسوبون إلى جهم بن صفوان، وقد تفرع غيرها ولا الفرق الأربع كالضرارية: منسوبون إلى ضرار بن عمر، والكلابية: منسوبون إلى عبد الله بن سعيد بن كلاب. والبكرية: منسوبون إلى بكر بن عبد الواحد، وكل فرق المجبرة متفقون على الجبر ومختلفون في عقائد أخر ربما أفضى بهم الإختلاف إلى تكفير بعضهم بعضا.
وأما فرق المرجئة: فهي ست فرقة تزعم أن ..... الوعيد خاصة لمسجد المحرم دون من عفله معتقدا لتحريمه، وفرقة تقول بأن ........ في حق الفساق مقدرا نحوا إن لم أعف، ويقدر ي نحو أنه الزاني إن لم يتطهر ونحيهي وفرقةûيجوز أن يكون لعموم الأوامر خصوص ي كوي دلأمر العالû متناولي لبعيàدونييعي يمن لم يتناولهيالأمر لم يتياوله الأمر لم لكي؟عيصيي بعدم اليïتثاليفلا يكون داخلاي في الوعيي، وفرقةيتجوز أن يعفوا عنûبعض مع عيي عفيه عمن صفتهيصفته. وفيقة تميع مي أيازيه وتقول: ما ع ا عنه في حق بعض المكلفين عفا عن مثله في حق غيره، وفرقة قطعت تعفي أن ما دور الكفر وهم المقابلية، قال الشيخ أبو القاسم: وهذه لا تعد من المرجئة، وإن عدها بعض الناس منمه؛ لأن المجرئ من لم يقطع فهذه ست مقالات.
وأما فرق المعتزلة: فذكر الإمام يحيى أنها عشرون وأجملها ولم يفصلها، قالا الإمام المهدي: ونحن نذكر ما ذكره الحاكم وأبو القاسم ولم يذكر إلا ثلاث عشرة فرقة:
العيلانية: منسوبون إلى عيلان ويقولون: بالإرجاء.
صفحة ٢٣
والواصلية: منسوبون إلى واصل واختصوا بالتوقف في المخطئ من الفريقين يوم الجمل ويوم صفين فجوزوا كون المخطئ أمير المؤمنين، قالوا: وهو خطأ يحتمل الفسق، وكذلك قالوا في عثمان وقاتليه، وعمرو بن عبيد يقطع بفسق أحد الفريقين، وقال: لو شهد علي ورجل من عسكره أو طلحة ورجل ممن في جانبيه لم يقبل شهادتهم.
والجعفرية: منسوبون إلى الجعفر بن مبشر بن ذهبوا إلى مذهب البطام، وشاركوه فيما أخطأ فيه، وزعم جعفر بن مبشر أن في فساق الأمة من هو شر من الزنادقة والمجوس، وزعموا أن إجماع الصحابة على حد السارق خطأ؛ إذ لا حد إلا بنص.
البصرية: أصحاب أبي الهذيل تفردوا بتجويز فنا القدرة في حالة العقل وبإضطرار أهل الجنة إلى أفعالهم وإن علم الله وقدرهما الله ويفرد أبو الهذيل بأن حركات أهل الجنة تنقضي ويصيرون إلى سكون دائم ويلتذون ولا يتحركون إلى غير ذلك.
والإحشيدية: منسوبون إلى أبي بكر أحمد بن علي الأحشيد.
والبعلوية: منسوبون إلى أبي علي وتفرد أبو علي وأتباعه بأن من علم الله أنه لا يكفر لا يجوز منه الكفر، ومن علم أنه يكفر لا يجوز إلا يكفر.
صفحة ٢٤
والهشمية: منسوبون إلى أبي هاشم وتفردوا بأنه لا يقبح قليل الذم والإهانة من غير استحقاق، وأن المتوسط أرضا مغصوبة عاصاسم وإن جرح، وأصحاب البطام ومما تفرد به أن الإنسان هو الروح على تفضيل له مذكور في موضعه، وأن الإنسان قادر لنفسه وان اللون والطعم وجميع ما يدعي المعتزلة أنه أعراض أجسام متداخلة ولم يثبت من الأعراض إلا للحركة وأجاز تداخل الأجسام والظفر، وتفرد أيضا بأن وجه الإعجاز الصرفة وغير ذلك. وأصحاب معمر بن عباد، ومما تفرد به أن الإنسان ليس بجسم ويفعل بالإختيار وليس بطويل ولا عريض ولا بذي أجزاء ولا يقال أنه بمكان دون مكان، وأنه لا يفعل إلا الإدراك وأن الحركة سكون في الحقيقة، وأصحاب هشام الفوطي، ومما تفرد به أن الأعراض لا تدل على الله وبالقول بالمقطوع والموصول وهو أن رجلا لو ابتدأ صلاة الظهر بنية صادقة ووضوء سابغ وهو عازم على أن يتم الصلاة ويؤديها كما أمر بها ثم قطعها أن ما مضى من صلاته معصية، ويقول: بالموافاة وهو أن عبدا لو أطاع ألف ألف سنة ثم كان آخر أمره الكفر الكفر أو الكبائر لم يزل في حال الطاعة من أهل الوعيد، وأن الله لم يعده الجنة، وكذا لو كفر ألف سنة ثم كان آخر أمره الطاعة فإنه حال كفره غير متوعد بالنار ولا من أهل الوعيد وغير ذلك، وأصحاب بسر بن المعتمر تفرد بمقالته في اللطف وهو أنه قادر على ما لو فعله لكان لطفا للكفار يؤمنون عنده اختيار أو لكن لا يجب عليه فعل اللطف ثم رجع عن ذلك وتفرد بأن من الألوان والطعوم والروائح ما هو فعل للعباد وأن صحة التوبة مشروطة بألا يعود، فإن عاد عاد عقاب المعصية الأولى. وأصحاب ثمامة بن الأشرس تفرد بالقول بأن المعرفة ضرورية وأنه من لم يضطر إليها فهو مسخر كسائر الحيوان الذي ليس بمكلف، وأن العبد لا يفعل إلا الإرادة وما سواها حدث لا محدث له. وأصحاب الجاحظ تفرد بأن المعرفة طباع وهي مع ذلك فعل للعارف وليست باختيار له ويقول كثمامة لا يفعل العبد إلا الإرادة لكنه ينسب سائر الإفعال إلى العباد مع كونها تجب ظنا عاما، زاد: ولا يجوز أن يبلغ أحد التكليف وهو لا يعرف الله فهذه فرق المعتزلة المذكورة المشهورة، وذكر نبذ مما تفردوا به من المقالات التي يخشى عليها أو لبعضها الهلاك ولا يعلم من السبع الفرق الباقية من العشرين التي أجملها الإمام يحيى.
قال الإمام المهدي: أما المعتزلة فالأقرب أنها لا تزيد على الثلاث عشرة ويكون الموفى للثلاث والسبعين سبع فرق غير مشهورة وهم الأزلية: يزعم أن الخلق كانوا مع الله فيما لم يزل، قالوا: لأنه كما يعلمهم في الأزل فكذلك ينصرهم.
والبدعية: فرقة من الخوارج تزعم أن الصلاة ثلاثية ليس فيها ركعة ولا ركعتان. وقيل: يزعمون أن الصلاة ركعتان بالعشي وركعتان بالغداة لا غير، ذلك ويجيزون الحج في كل السنة، ويأمرون الحائض بالصوم.
والصباحية: ذهبوا إلى قدم الخلق مع الله، وأنه لم يزل يراهم وخطأوا أبا بكر في قتال أهل الردة وسبيهم وخطأوا عليا في قتال معاوية وزعموا أن القتل لا يحل إلا بإحدى الثلاث المذكورة في الحديث،
واما الزيدية وهم الفرقة الناجية إن شاء الله فينتسبون إلى الإمام زيد بن علي الا للقول بامته وإن لم يكونوا على مذهبه في الفروع فالنسبة هنا مخالفة للنسبة في الحقيقية والشافعية لإمامهما لأجل المتابعة في الفروع ويجمعهم القول بإمامة زيد ويفضل علي عليهم وأنه أولى بالإمامة وقصرها في البطنين واستحقاقها بالفضل والطلب وتوجه الخروجه على الجائرين ثم افترقوا إلى جارودية وبترية وحريرية، وافترق متأخروا الجاردوية إلى مطرقية وحسينية ومخترعة فهذه ست فرق.
صفحة ٢٦
أما الجارودية فمنسوبون إلى أبي الجارود بن زياد بن منذر العبدي أثبت النص على أمير المؤمنين بالوصف الذي لا يوجد إلا فيه كخصف النعل وإيتاء الزكاة حال الركوع وكوهما دون التسمية ونسبي إليهم تكفير من خالف النص، وأثبتوا الإمامة في البطنين بالدعوة مع العلم والفضل.
وأما البترية: فذهبوا إلى الإمامة شورى لا تصح إلا بالعقد ويصح في المفضول، ويقولون بإمامة الشيخين، وأما عثمان فمنهم من يوقف فيه ومنهم من تبرأ عنه وسموا بترية لتركهم الجهر بالتسمية يبن السورتين، وقيل: لإنكار سليمان بن جرير النص على علي بالوصف وغيره، فسمي أبتر. قيل الإمام المهدي ومتأخروا الجارودية يخالفون هاتين الفرقتين حيث أثبتوا إمامة علي بالنص الخفي القطعي وخطأوا المشائخ لمخالفته، ولم يقطعوا بالتفسيق، واختلفوا في جواز الترضية عنهم.
وأما المطرفية فأصحاب مطرف بن شهاب لهم مقالات في أصول الدين كفرهم نسبها كثير من الزيدية.
وأما الحسينية فينسبون إلى الحسين بن القاسم بن علي العياني فاختصت بأن زعمت أنه لم يقتل ولا بد أن يظهر قبل موته، وقد انقرضت هاتان الفرقتان ولم يبق إلا المخترعة القائلون بإمام علي عليه السلام بالنص الخفي وخطأ المشائخ بالتقدم عليه والتوقف في فسقهم وسموا مخترعة لقولهم أن يخترع الأعراض في الأجسام ولا تحصل بطباعها كقول المطرفية. هذا تلخيص ما تذكره الأصحاب في تعداد الفرق.
صفحة ٢٧