وقد بكتفى فى هذا الموضع بما قد ذكرناه من امر الاعداد المجسمة ولما كان اصحاب علم الطبيعة واصحاب العلوم التعليمية انما يجعلون مبادى الاشيا كلها الهوهو والغيرية وكان قد تبين ان الهوهو موجود فى الوحدة وفى الاعداد الافراد التى كانت عنه وبخاصة فى المربعات التى انما تكون من جميع هذه الاعداد وذلك ان التساوى يظهر فى اضلاعها ويتبين ان فى كل الاعداد المسطحة الكاينة عن جمع الاعداد الازواج وذلك لما فيها من الاختلاف الاول والغيرية الموجودة فيما بين اضلاعها فان الواجب ايضا ان نبين كيف يظهر فى كل واحد من هاذين الصنفين بمتزلة المبادى والاصول التى هى كالنور بالقوة جميع خواص الاعداد اعنى انواعها واقسامها وتشاكلها والاشكال ذوات الاضلاع منها وما اشبه ذلك وينبغى اولا ان نخبر بالفرق فيما بين الاعداد المتباينة الطولين وبين المختلفة الطولين فنقول ان العدد المختلف الطولين كما ذكرنا انفا هو الكاين من ضرب عدد فى عدد اعظم منه بواحد مثل عدد الستة الذى هو مجتمع من ضرب ثلثة فى اثنين ومثل عدد الاثنا عشر الذى هو مجتمع من ضرب ثلثة فى اربعة واما العدد المتباين الطولين فهو ايضا مجتمع من ضرب عددين غير متساويين احدهما فى الاخر الا ان ما بينهما من الاختلاف ليس هو الواحد لكن عدد ما اكثر من الواحد مثل الاثنين فى الاربعة والثلثة فى الستة والاربعة فى الثمانية وما اشبه ذلك من الاعداد التى يتجاوز اختلاف ما بين طوليها الواحد فيزيد عليه فلما كان العدد المربع مجتمعا من ضرب عدد ما فى مثله صار طوله وعرضه واحدا ولذلك يسمى اطوالها اطوالا واحدة مثل الاثنين فى الاثنين والثلثة فى الثلثة والاربعة فى الاربعة وما اشبه ذلك ولما كان ذلك كذلك صار الشى الذى [الذى] يقال له هوهو موجودا فى هذه الاعداد وذلك ان التساوى موجود ولذلك صارت محدودة متناهية لان التساوى والهو هو انما يكونان على جهة واحدة محدودة [لا] يشار اليها ولما كانت الاعداد المختلفة الطولين ليس انما تجتمع من ضرب عدد فى مثله لكن من ضرب عدد فى عدد اخر ولذلك صارت مختلفة الطولين صارت مظهرة الاختلاف ولما ليس بمتناه ولا محدود فجميع الامور العددية ينقسم قسمين ويظهر فيه التضاد والاختلاف وكذلك ايضا الحال فى كون ما يكون فى العالم وقد اجاد القدمآ لما ابتدوا فى صفة العلم الطبيعى حيث جعلوا اول قسمة قسموا |
اما افلاطون فانه ذكر هذه القسمة حيث وصف طبيعة الهوهو والغيرية وسماها بهذين الاسمين وحيث وصف الشى الذى لا ينقسم وجوهره باق على حال واحدة والشى الذى هو منقسم ن واما فلولاوس فانه قال يجب ان يكون... الموجود اما غير متناهية واما متناهية... وغير متناهية معا وهذا الامر الاخير هو الذى يجب ان يتوهم فقد تبين مما قلنا ان هاولاى القوم قد جعلوا العالم من المتناهية ومن التى ليست بمتناهية على مثال الاعداد وذلك ان جميع الاعداد ازواجها وافرادها انما تكون عن الواحد وعن الاثنين وهذان شيان يظهر فيهما الهو هو والغيرية التى من طبيعة المتناهى والمحدود وغير المحدود
[chapter 42: II 19]
صفحة ٨٩