ولا يقدر أن يرد عليه حذارا من أن يحقق عليه ويصح ما تحدث به الناس لما كان منه. وجعل محمد بن المعتمد يغتاظ وينتفض إلى أن فلج في وقته ذلك وسقط لجنبه. فأمر العباس بأن يحمل في قبة من قبابه على أفره بغاله، فحمل إلى منزله على تلك الصورة، واشتد الأمر به حتى يئس منه العباس بن الحسن فصرف الفكر إلى غيره. وتوفي محمد بن المعتمد (1) بعد شهور في أول خلافة المقتدر بالله.
~~قال أبو بكر: ولما أفاق المكتفي بالله [2 ا] قال له صافي الحرمي : إن رأى أمير المؤمنين أن يوجه إلى عبد الله بن المعتز ومحمد بن المعتمد، فيوكل بهما في داره. فقال: ولم ذلك؟
~~قال : لأن الناس ذكروهما لهذا الأمر . فقال له المكتفي: أبلغك أنهما أو أحدهما أحدث بيعة علينا؟ قال صافي : لا . قال: فما رأى لهما ذنبا بإرجاف الناس لهما بهذا الأمر وقد ولدهما خليفتان فلا تعرض لهما. ووقع هذا الكلام في نفسه فخاف أن يزول الأمر عن ولد أبيه، وكان ربما عرض لنا بالشيء من ذلك مستجرا للحديث في معناه. فحدثته أنا عن عمرو بن تركي القاضي قال : حدثنا القحذمي، قال شاور أبو العباس السفاح سعيد بن عمرو بن جعدة بن هبيرة المخزومي في تصيير العهد بعده لعمه عبد الله بن علي دون أخيه المنصور فقال له: يا أمير المؤمنين : أحدثك حديثا تستدل به على ما تفعله، كنت مع مسلمة بن عبد الملك بالقسطنطينية وقد أتته وفاة سليمان بن عبد الملك بن مروان وسعي الناس (2 ب] بالخلافة لعمر بن عبد العزيز، فجزع جزعا شديدا لموت سليمان فقلت له لا تجزع لموت سليمان، ولكن اجزع لخروج الأمر من ولد أبيك إلى ولد جدك. قال فأمسك أبو العباس واعتقد العهد لأخيه دون عمه فأعجب هذا الحديث المكتفي بالله ووافق ما في نفسه واستعاد فأعدته عليه. وحدثته أيضا : أن داود بن علي غم المنصور والسفاح قال لأبي العباس السفاح: يا أمير المؤمنين بايع الولي عهد من أهل بيتك، ليضبط الأمر بعدك لئلا ينتشر، فإن أمرنا قريث بعد. قال أبو سلمة الخلال الذي كان يدعى وزير آل محمد: هذا أمر يفعل فيه أمير المؤمنين ما رأى وما استعجالك أيامه كأنك تطمع فيها، والله ما لأحد من ولد جد أمير المؤمنين علي بن عبد الله أميل حظ فيها، ما دام من ولد محمد بن علي رجل، قال: فاضطغنها داود عليه فلم يزل يحتال في أمره حتى قتله.
[خلافة المقتدر]
~~قال أبو بكر: فوافقت هذه الأحاديث [3 آ] ما في نفس المكتفي بالله، وخاف أن يخرج الأمر عن ولد أبيه. فلما اشتد [ت] (2) علته في ذي القعدة من سنة خمس وتسعين ومائتين سأل
صفحة ٢٢