ف " الأبيضية " و" الأسودية " و" الظنية " و" العالمية " و" المثلثية " و" المدورية " هي أشبه ب " الإنسانية " و" الرجولية " من شبهها ب " العلم " و" السواد " و" البياض " . فإن " العلم " و" السواد " و" البياض " إنما تدل على معاني هذه مجردة مفردة عن كل موضوع وكل ما يقرن به في موضوعه. وأما " الأبيضية " و" الأسودية " فكأنها تدل على هذه المعاني من حيث هي في موضوعاتها ومن حيث هي غير مفارقة موضوعها. فلذلك قد تكون بهذا الشكل بعينه في تلك الألسنة الألفاظ المركبة، مثل " العبقسة " و" العبشمة " و" العبدرية " . وكذلك تدل هذه الأشكال على هذه المعاني من حيث هي متمكنة في موضوعها. فإن هذا هو الفرق بين " العالم " و" العالمية " في تلك الألسنة، فإن " العلم " قد يكون لما هو غير متمكن ولا يصير بعد صناعة ولا هو عسير الزوال، وأما " العالمية " فإنها تدل عليها من حيث هي متمكنة في موضوعاتها غير مفارقة. وأما مثل هذه المصادر فيشبه أن تكون مشتقة ومأخوذة من الأسماء. وهذه لا تتصرف بأنفسها في تلك الألسنة، ولكن إذا أرادوا أن يصرفوها جعلوا منها لفظة الفعل، فنقول " فعل العالمية " و" يستعمل العالمية " . فلذلك ينبغي أن نفهم من " الإنسانية " أنها تدل على شيء غير مفارق لموضوع ما.
(36) غير أن هذه المصادر تفارق الأسماء التي لم تشكل بهذه الأشكال في أن الأسماء ينطوي فيها معنى الوجود الذي هو الرابط الذي به يصير المحمول محمولا على موضوع. فلذلك نقول " زيد إنسان " ولا نقول " هو إنسانية " ، و" زيد عالم " ولا نقول " هو عالمية " . وأشكال الألفاظ الدالة على الوجود الذي هو الرابط تختلف فيما تعرف وفيما تعرف منه أشياء أخر، مثل كم وكيف وغير ذلك. فيكون الذي يعرف ما هو شكل ما والذي يعرف أنحاء أخر من التعريف شكلا آخر، فالشكل الذي لذلك لا يستعمل في هذا والذي لهذا لا يستعمل في ذلك. ولكن لما كانت الألفاظ إنما هي بالشريعة والوضع أمكن أن يخل بهذا القانون. فإنه ربما اتفق أن يكون اشتراك في الأشكال. فيكون شكل ما دالا في الأ كثر على الوجود الرابط في تعريف أنحاء أخر من التعريف لا من طريق ما هو يحيل أحيانا فيدل على ما هو، مثل " الحي " الذي يستعمل مكان " الحيوان " الذي هو جنس الإنسان. فإن اسم " الحي " وشكله مشتق وليس يعبر به معنى المشتق. ويكون شكل ما دالا في الأ كثر على الوجود الرابط فيما يعرف ما هو يحيل أحيانا فيدل على نحو آخر من التعريف. وقد تكون أحيانا ألفاظ أشكالها مصادر ومعانيها معاني المشتق، مثل " رجل كرم " . وقد يلحق في اليونانية شيء طريف، وهو أنه قد يكون اسم ما دالا على مقولة ونوع ما مجرد عن موضوعه، ولا يسمى الموضوع به من حيث يوجد له ذلك النوع باسم مشتق من اسم ذلك النوع، بل مشتق من اسم نوع آخر، مثل " الفضيلة " في اليوناني، فإن المكيف بها لا يقال فيه " فاضل " كما يقال في العربية، بل يقال " مجتهد " أو " حريص " .
الفصل الثامن:
النسبة
صفحة ١١