(37) النسبة يستعملها المهندسون من أصحاب التعاليم دالة في الأعظام على معنى هو نوع من الإضافة التي هي مقولة ما. فإنهم يحدون النيبة في الأعظام أنها " إضافة في القدر بين عظمين من جنس واحد " . ويعنون بقولهم " من جنس واحد " أن تكون إضافة بين سطحين أو خطين أو حجمين، لا أن تكون بين سطح وخط، وحجم وسطح، وحجم وخط. ويعنون بقولهم " في المقدار " المساواة والزيادة والنقص. فإن الإضافة في القدر على الإطلاق ليست هي غير هذه النسبة، وذلك أن تكون متساوية أوبعضها زائدا على بعض أو بعضها ناقصا عن بعض. ثم أصناف النسب عندهم على عدد أصناف المساواة أوالنقصانات أو الزيادات. والمساواة التي لها متشابهة وإن كانت في أجناس مختلفة، مثل أنه ساوى خط خطا كان الشبيه به في النسبة حجم يساوي حجما آخر أو سطح يساوي سطحا آخر. وإن كان خط زائدا على خط وهذا زائد على آخر، كانت نسبته بتلك الزيادة على حسب ما تحده صناعة، وهو أن تكون الزيادتان متساويتين معا على ما يحده المهندسون - يقولون في الأقدار المتناسية نسبة واحدة " إنها هي التي إذا أخذت للأول والثالث أضعاف متساوية، وللثاني والرابع أضعاف متساوية، كانت أضعاف الأول والثالث زائدتين معا على أضعاف الثاني والرابع أو ناقصتين عنهما معا أو متساويتين لهما معا " ، وسائر ما نجدهم يقولونه، فإنها كلها أنواع من الإضافة.
(38) وأصحاب العدد يجعلونها أيضا نوعا من الإضافة. فإنهم يقولون " إن النسبة في العدد هو أن يكون العدد جزءا أو أجزاء من عدد آخر " . وهذا نوع من أنواع الإضافة أخص من الذي يأخذه المهندسون. فإن النسبة التي يحدها المهندسون هو جنس يعم النسبة التي يحدها صاحب العدد. وذلك أن النسبة التي يحدها صاحب العدد منطقية، والنسبة التي يحدها المهندسون منها منطقية ومنها غير منطقية.
(39) والمنطقيون يجعلون النسبة أعم من الإضافة التي هي مقولة ما، فإنهم يجعلون الإضافة نسبة ما. وبالجملة كل شيئين ارتبطا بتوسط حرف من الحروف التي يسمونها حروف النسبة - مثل " من " و" عن " و" على " و" في " وسائر الحروف التي تشاكلها - يسمونها " المنسوبة بعضها إلى بعض " (ويسمون هذه حروف النسبة )، وكذلك المرتبطات بوصلة أخرى سوى الحروف - أي وصلة كانت. ويحصون في النسبة عدة مقولات، منها الإضافة ومقولة أين ومقولة متى ومقولة أن يكون له. وقوم يجعلون النسبة جنسا يعم هذه الأربعة. غير أنه ليس ينبغي أن تجعل جنسا ومقولة على أشياء كثيرة بتواطؤ، إذ كانت اللفظةتقال عليها بتقديم وتأخير. فإن متى متأخرة عن أين، فإن نسبة وجود الزمان هو أن ينفعل الجسم في أين ما فيحدث حينئذ الزمان الذي ينطبق على الشيء وينسب إليه لأجل انطباقه على وجوده، فهذه النسبة شبيهة بتلك النسبة - أعني نسبة الشيء إلى مكانه. وأن يكون له هو نسبة ما، غير أنها ليس تكون دون أن يكون أين ما؛ فإذا كان كذلك، كانت هذه النسبة متأخرة عن الوضع، والوضع متأخر عن الأين. فالنسبة يقال عليها بتقديم وتأخير. فالنسبة إنما تقال في أن يكون له لأجل وضع ذلك الشيء من شيء آخر في أين ما. فلذلك ليس ينبغي أن يقال إن لفظة النسبة يقال عليها بتواطؤ، بل باشتراك، أو بجهة متوسطة بين الاشتراك والتواطؤ، أو بتواطؤ ما . فالنسبة تقال باشتراك أو بجهة متوسطة على مقولة الإضافة وعلى مقولة أين وعلى مقولة متى وعلى مقولة أن يكون له. ثم يكون اسم النسبة مقولا على أنواع الإضافة التي يستعملها المهندسون. فيكون الاسم الأعم عند المنطقيين يستعمل على الخصوص عند المهندسين. فيكون الاسم الذي يقال على الجنس الذي هو بالإضافة يقال أيضا على بعض أنواعه، ويكون ذلك من جملة الأسماء التي تقال على العموم أحيانا وعلى الخصوص أحيانا. فإذا سئلنا عن حد النسبة أجبنا " الإضافة " ، ثم نرسم " أين " ، ثم نرسم " متى " ، ونرسم " أن يكون له " . فإذا سئلنا عن حد ما يعم هذه أجبنا بأنها ليس لها حد يعم هذه الأربعة.
صفحة ١٢