منحة العلام في شرح بلوغ المرام
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٧ - ١٤٣٥ هـ
تصانيف
طعمًا أو لونًا أو ريحًا فهو نجس) (^١)، وكذا نقله البيهقي (^٢)، وابن هبيرة (^٣) وغيرهما، رحم الله الجميع.
الوجه الرابع: أننا إذا جمعنا حديث أبي أمامة الذي عضده الإجماع مع حديث أبي سعيد ﵁: «الماء طهور لا ينجسه شيء» استفدنا أن الماء قسمان لا ثالث لهما، إما طهور وإما نجس، وهذا هو الصواب الذي عليه المحققون، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ محمد بن عبد الوهاب، والشيخ عبد الرحمن بن سعدي، والشيخ محمد بن إبراهيم (^٤)، والشيخ عبد العزيز بن باز، رحم الله الجميع، فالطهور هو الماء الباقي على خلقته حقيقة أو حكمًا؛ فالباقي على خلقته حقيقة كماء البئر وماء البحر ونحو ذلك، والباقي على خلقته حكمًا هو الذي تغير بشيء لا يسلبه الطهورية، كأن يتغير بما يشق صون الماء عنه، كورق الشجر والتراب ونحوهما مما تلقيه الرياح أو السيول من الأشياء الطاهرة؛ فهذا طهور ما دام اسم الماء باقيًا، فإن تغير بشيء يخرجه عن كونه ماء ويعطيه اسمًا اخر، كاللبن والمرق والتمر ونحوها لم يكن طهورًا؛ لأنه ليس بماء.
والنجس: هو ما تغير بنجاسة - كما تقدم - سواء أكان التغير كثيرًا أم قليلًا، وسواء أكان بممازجة أم بغير ممازجة، فإن أصابته نجاسة ولم تغير أحد أوصافه فهو طهور؛ لعدم الدليل الدال على نجاسته، والله أعلم.
_________
(^١) "الأوسط" (١/ ٢٦٠).
(^٢) "السنن الكبرى" (١/ ٢٦٠).
(^٣) "الإفصاح" (١/ ٥٨).
(^٤) انظر: "الفتاوى" (١٩/ ٢٣٦)، "الدرر السنية" (١/ ٦٩ - ٧٠)، "المختارات الجلية" ص (٧)، "فتاوى ابن إبراهيم" (٢/ ٢٧).
1 / 34