منحة العلام في شرح بلوغ المرام
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٧ - ١٤٣٥ هـ
تصانيف
منحة العلام في شرح بلوغ المرام
تأليف: عبد الله بن صالح الفوزان
الناشر: دار ابن الجوزي
الطبعة: الأولي
_________
جـ ١: ١٤٢٧ هـ
جـ ٢ - ٥: ١٤٢٨ هـ
جـ ٦: ١٤٢٩ هـ
جـ ٧: ١٤٣٠ هـ
جـ ٨، ٩: ١٤٣١ هـ
جـ ١٠: ١٤٣٢ هـ
جـ ١١: ١٤٣٥ هـ
1 / 1
مقدمة الشارح
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى اله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن العلم أشرف المطالب، وأجلُّ الرغائب، يبلغ به العبد منازل الأخيار والأبرار، والدرجات العلى في الدنيا والآخرة، وإن من أشرف العلوم، وأرفعها منزلة - بعد كتاب الله - العلمَ بسنة رسول الله ﷺ رواية، ودراية، وهما أساس الاستدلال على الأحكام الشرعية.
وقد عُني السابقون بهذا النوع من الدليل، وسلكوا في التأليف فيه مناهج متعددة، ومن هذه المناهج الاقتصار على أحاديث الأحكام الشرعية، وتجريدها من أحاديث العقائد والمغازي والمناقب والآداب وغيرها، لتسهيل حفظها على الطلاب، وتقريبها في حال الاستدلال، ومن هؤلاء الذين ألفوا على هذا المنهج الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (^١) ﵀ المتوفى سنة (٨٥٢ هـ)، فقد جمع في كتابه «بلوغ المرام من أدلة الأحكام» (^٢) أصول
_________
(^١) ترجمه كثيرون، بل أفرد في ترجمته مصنفات مستقلة، ولعل من أجمعها وأولها كتاب السخاوي: "الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الأسلام ابن حجر" مطبوع في ثلاثة أجزاء، وفيه فوائد كثيرة، وجُلُّها استطرادات، كما نصَّ على ذلك.
(^٢) ذكر السخاوي أن الحافظ صنف "بلوغ المرام" لابنه محمد، لكنه ما تيسر له حفظه، =
1 / 5
أحاديث الأحكام الشرعية، ورتبها على الأبواب الفقهية المشهورة، ليسهل على القارئ مراجعتها، ولم يقتصر على الأحاديث الصحيحة، بل ساق بعض الأحاديث الضعيفة ليعلم طالب العلم ما ورد في المسألة من أحاديث ضعيفة، فإن معرفة الصحيح علم، ومعرفة الضعيف علم - أيضًا - ولأجل أن يجتهد الطالب في دراستها، فإن كان لها شواهد أو طرق أخرى بحث عنها، واتضح له هل يمكن أن يُقَوِّيَ بعضُها بعضًا، أو لا؟
وقد اكتفى الحافظ بالكتب والأبواب العامة دون أن يضع لكل حديث عنوانًا - كما فعل المجد ابن تيمية في «المنتقى» ـ، وذكر في اخرها كتاب «الجامع» للآداب، وكأنه أراد بذلك تزويد طالب العلم بعد حفظ أحاديث الأحكام بهذه الأحاديث ليحفظها، فإنه أحوج ما يكون إليها، وقد بلغت أحاديث الكتاب (١٥٦٨) حديثًا، وقد يزيد هذا العدد وقد ينقص، تبعًا لاختلاف طبعات الكتاب، أو اختلاف وجهات النظر حول الروايات والآثار.
وقد امتاز هذا الكتاب بمزايا كثيرة، يستطيع الناظر المتأمل في الكتاب أن يستنبطها، ومن أبرزها:
١ - أنه رتب كتبه وأبوابه وأحاديثه على الأبواب الفقهية - كما تقدم - فيذكر اسم الكتاب، ثم الباب، ثم يسرد الأحاديث المختصة به، وقد يذكر اسم الكتاب، ثم يسرد الأحاديث دون ذكر الباب كما فعل في كتاب «الجنائز» وأوائل كتاب «الزكاة» و«الصيام» و«النكاح» وغير ذلك.
٢ - أنه اقتصر على الأحاديث المرفوعة، ولم يذكر من الموقوفات إلا اليسير كما في كتاب «النكاح» وباب «الإيلاء» وباب «العدة» وغير ذلك.
٣ - أنه اختصر الأحاديث الطويلة اختصارًا جميلًا، لا يتطرق إليه تغير العبارة، ولا تقديم متأخر الإشارة، مقتصرًا على موضع الاستدلال.
_________
= وإنما حفظ منه يسيرًا [الجواهر والدرر ٣/ ١٢٢٠]. قلت: فإن كان هذا هو الواقع، فإنه ما ضاع جهد الحافظ ولا فاته الأجر - إن شاء الله - فكم حفظ "البلوغ" منذ زمان الحافظ ابن حجر إلى يومنا هذا؟ وكم شرحه من عالم، وكم دَرَّسَهُ من آخر؟!
1 / 6
٤ - أنه حذف الأسانيد، واقتصر على الراوي الأعلى فقط، وقد يذكر مَنْ قبله لغرض، وهذا قليل جدًا.
٥ - أنه يبين درجة الحديث من صحة أو حسن أو ضعف في الغالب، وهو إما أن ينقل عن غيره، أو يحكم بنفسه، وهذه من أهم المزايا، وإن كان لم يبين سبب الضعف، إلا نادرًا، ولعله قصد الاختصار، وقد فاتت هذه المزايا على المجد ابن تيمية في «المنتقى»، فاكتفى بسياق الأحاديث وبيان مخرجها، دون أن يبين درجتها.
٦ - أنه يذكر أحيانًا ما في الأسانيد من إرسال أو انقطاع أو وقف، وقد يرجّحُ إذا كان للحديث أكثر من إسناد، كل ذلك بعبارة مختصرة.
٧ - أنه يذكر أحيانًا روايات وأحاديث تابعة للحديث الذي جعله أصلًا، ولا يفعل ذلك إلا لفائدة، من تقييد مطلق، أو تفصيل مجمل، أو توضيح مغلق، أو دفع تعارض أو نحو ذلك، وقد أَعطيتُ هذا الجانب كثيرًا من العناية، حيث أذكر غرض الحافظ من إيراد الروايات بعد سياقه لأصل الحديث، وهذا أمر أغفله الشراح فيما أعلم.
وقد وضع الله تعالى لهذا الكتاب القبول بين أهل العلم قديمًا وحديثًا، فأثنى عليه العلماء، وتداوله الطلبة، وأقبلوا على حفظه، وقُرِّر تدريسه في بعض المناهج الدراسية، وتناوله العلماء بالشرح والتوضيح، كما خُدم من الناحية الحديثية بتخريج أحاديثه وعزوها إلى مصادرها، وغير ذلك.
وطريقتي في شرح الكتاب كما يلي:
أولًا: جعلت الكلام في كل حديث على هيئة وجوه، بعد وضع عنوان للحديث، يحدد موضوعه، ويبين المراد، والأوجه هي:
* الوجه الأول: في ترجمة الراوي، وذلك للتعريف به باختصار.
* الوجه الثاني: في تخريج حديث الباب مكتفيًا بالمصادر التي ذكرها الحافظ، وأرتبها كما ذكرها، ما لم يكن هناك ما يدعو للزيادة، وذلك ببيان موضعه من الجزء أو الصفحة، أو أقتصر على الرقم إن كان يؤدي المقصود،
1 / 7
وقد أذكر مع الرقم اسم الكتاب والباب، ليتبين للقارئ موضوع الحديث، وموضعه ولا سيما في مثل «صحيح البخاري»، «وصحيح مسلم»، والسنن، علمًا بأن الأبواب التي في «صحيح مسلم» ليست منه، ثم أسوق إسناد الحديث مكتفيًا بما يُحتاج إليه، وقد أذكر لفظ الحديث من مصدره إذا كان الحافظ لم يذكره بتمامه، أو فيه بعض الاختلاف، ثم أبين الحكم على الحديث، كما ذكر الحافظ، مع زيادة ما يؤيده من كلام أهل العلم، ثم أذكر ما يتعلق بالروايات التي يسوقها الحافظ - أحيانًا - بعد أصل الحديث، وأبين غرضه من سياقها، وإن كان للحديث روايات يستفاد منها في استنباط الأحكام فإني أذكرها غالبًا.
* الوجه الثالث: وما بعده: في المسائل المتعلقة بالحديث، وأول هذه الأوجه شرح ألفاظ الحديث، ومنها تراجم من ذُكر في متن الحديث.
ثانيًا: أكتفي بالمسائل الفقهية التي تستنبط من الحديث، دون الاستطراد إلى مسائل أخرى؛ لأن المراد بيان فقه الحديث، وليس ذكر المسائل الفقهية عمومًا، فهذا محله كتب الفقه؛ لأني لم أُرِدِ الإطالة، لئلا يزيد حجم الكتاب، وقد ذكرت مراجع المسائل الفقهية - غالبًا - وما نقلته عن الشيخ عبد العزيز بن باز ﵀ فهو منسوب إلى مصدره وإلا فمن أشرطة شرح «البلوغ»، وسيكون في آخر الكتاب - إن شاء الله - فهارس شاملة.
ثالثًا: لا أتعرض للمسائل الخلافية ومناقشات الأدلة بل أكتفي بالقول المختار الذي يعضده الدليل، وأعرض عن ما لا يقوم عليه دليل، إلا إن كان الخلاف قويًا، أو أن الحافظ قد ذكر ضمن كتابه أدلة الفريقين - مثلًا - فإني أذكر الخلاف وأبين الراجح؛ للخروج من التعارض الذي قد يفهم من دليل هذا الفريق أو ذاك.
وفي الختام أرجو من القارئ الكريم إذا رأى فيما كتبته زلة قلم أو نبوة فهم، أن يكتب إليَّ مأجورًا مشكورًا لتلافي ذلك مستقبلًا، فالأذن مصغية، والصدر منشرح، وما يكتبه الإنسان عرضة للخطأ، فالتقصير وارد،
1 / 8
والنقص موجود، وقد سميت هذا الشرح: «منحة العلام في شرح بلوغ المرام».
والله تعالى أسأل أن يجعل عملي صالحًا، ولوجهه خالصًا، ولعباده نافعًا، وصلى الله وسلَّم على نبيّنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وكتبه
عبد الله بن صالح الفوزان
القصيم - بريدة
صندوق البريد: ١٢٣٧٠
الرمز البريدي: ٨١٩٩٩
alfuzan ١@hotmail.com
/http://www.islamlight.net/alfuzan
1 / 9
مقدمة المؤلف
الحمد لله
شرح المقدمة
جرت عادة المؤلفين أنهم يبدؤون كتبهم بالبسملة، ويُثنُّون بالحمدلة، تأسّيًا بكتاب الله تعالى، وبالنبي ﷺ في كتاباته إلى الملوك، فقد كان ﷺ يبدأ كتبه بالبسملة - كما ورد في «صحيح البخاري» (^١) - وفي بدء المصنف بالحمدلة - أيضًا - أداء لبعض ما يجب عليه من شكر النعمة، التي من اثارها تأليف هذا الكتاب.
والمصنف افتتح كتابه بالحمدلة، وختمه بالحديث المتفق عليه: «كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان؛ سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم» (^٢)، حتى إنه عدل عن طريقته في الكتاب، وهي ذكر المُخَرِّجين في اخر الحديث، فقال في أوله: «وأخرج الشيخان …» ليكون آخر الكتاب هو لفظ الحديث، فما أحسن الفاتحة والخاتمة، وهذا من لطائف أهل العلم في التعليم.
قول المؤلف: (الحمد لله) الحمد هو وصف المحمود بالكمال، والثناء عليه بجميع المحامد، مع محبته وتعظيمه، واللام للاستحقاق، والحمد يكون على النعمة، وعلى الصفات والأفعال، والشكر لا يكون إلا على النعمة، فيكون الحمد أعمَّ من الشكر بالنسبة إلى سبب كل واحد منهما، أما بالنسبة
_________
(^١) انظر: "فتح الباري" (١/ ٣٢).
(^٢) أخرجه البخاري (٦٤٠٦)، ومسلم (٢٦٩٤).
1 / 11
على نعمه الظاهرة والباطنة قديمًا وحديثًا، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله محمد
إلى ما يكون به الحمد والشكر، فالشكر أعمُّ؛ لأنه يكون بالقلب واللسان والجوارح، وأما الحمد فإنه يكون بالقلب واللسان، دون الجوارح.
قوله: (على نعمه) جمع نعمة، والنعم: هي العطايا التي يمنّ الله بها على عباده من رزق ومال وعلم وغيرها، وأعظم النعم نعمة الإسلام.
قوله: (الظاهرة والباطنة) النعم الظاهرة هي التي تعرف، كالأكل والشرب والسكن واللباس وسائر النعم التي تُرى في الكون، والباطنة هي التي لا تعرف، وإنما يعرفها الإنسان من نفسه كالقوة، والصحة، والفهم، ونحو ذلك مما لا يُطلع عليه، ويدخل في ذلك ما يعطيه الله تعالى الإنسان من قوة الإيمان واليقين والشوق إليه سبحانه ومحبته وتعظيمه والإخلاص له والأنس بذكره ومناجاته جل وعلا، قال تعالى: ﴿وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ [لقمان: ٢٠].
قوله: (قديمًا وحديثًا) أي: إن نعم الله سابقة ولاحقة، فإن الإنسان من حين نَفْخِ الروح فيه، وهو في نعم الله تعالى.
قوله: (والصلاة والسلام على نبيه ورسوله محمد) الصلاة من الله تعالى تطلق على الثناء، أي: ثنائه على عبده في الملأ الأعلى، كما قال ذلك أبو العالية ﵀، ورواه البخاري في «صحيحه» (^١)، (والسلام) أي: تسليمه إياه من كل افة ونقص، وهذه جملة خبرية لفظًا، إنشائية معنًى؛ لأن المقصود بها الدعاء.
والنبي: من النبأ، وهو الخبر لأنه مخبر عن الله، أو من النبوءة وهي ما ارتفع من الأرض، والنبي: من أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه، والرسول من الإرسال وهو البعث والتوجيه، والرسول: من أوحي إليه بشرع وأمر
_________
(^١) انظر: "فتح الباري" (٨/ ٥٣٢).
1 / 12
واله وصحبه الذين ساروا في نصرة دينه سيرًا حثيثًا، وعلى أتباعهم الذين ورثوا علمهم - والعلماء ورثة الأنبياء ـ
بتبليغه، وهذان الوصفان ثابتان لرسولنا ﷺ، فهو نبي ورسول، نُبِّئ بإنزال سورة (اقرأ) وأرسل بإنزال سورة (المدثر)، وهذا هو المشهور في تعريف النبي والرسول، وفيه نظر؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِّيٍ﴾ [الحج: ٥٢]، ولأن ترك البلاغ كتمان لوحي الله تعالى، والأظهر أن الرسول من أوحي إليه بشرع جديد، والنبي هو المبعوث لتقرير شرع مَنْ قبله، قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ﴾ [المائدة: ٤٤].
قوله: (واله) آل: أصله: أهل، بدليل تصغيره على (أُهَيل)، ولا يستعمل إلا فيما شَرُفَ غالبًا، والآل إذا ذكروا وحدهم فالمراد بهم جميع أتباعه ﷺ على دينه، أما إذا قرنوا بالأتباع فقيل: (اله وأتباعه) فالآل هم المؤمنون من ال بيته ﷺ، والأتباع من تبعه على دينه من غيرهم.
قوله: (وصحبه الذين ساروا في نصرة دينه سيرًا حثيثًا) صحبه: جمع لصاحب، ويجمع على أصحاب، وهم كل من اجتمع بالنبي ﷺ مؤمنًا به ومات على ذلك، وما ذكره المصنف عنهم أثبته الواقع، فقد نصروا الدين وأيدوه، وجاهدوا في سبيل الله، كما يُعرف ذلك بالرجوع إلى سيرتهم.
قوله: (وعلى أتباعهم الذين ورثوا علمهم) أي: أتباع الآل والأصحاب، ووراثة علمهم أنهم نقلوه وتلقوه عنهم، وساروا على نهجهم في العلم والعمل حتى صار ما نقلوه عنهم كأنه ميراث، عليهم رحمة الله تعالى.
قوله: (والعلماء ورثة الأنبياء) هذا اقتباس من حديث أبي الدرداء ﵁ مرفوعًا - وأوله: «من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا سلك الله به طريقًا من طرق الجنة …» (^١)، والأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورثوا العلم؛
_________
(^١) أخرجه أبو داود (٣٦٤١)، والترمذي (٢٦٨٢)، وابن ماجه (٢٢٣)، وأحمد (٥/ ١٩٦) وغيرهم، وذكره البخاري في ترجمة أحد الأبواب من كتاب "العلم" (١/ ١٦٠ "فتح الباري") ولم يتكلم عليه الحافظ في "تغليق التعليق" (٢/ ٧٨، ٧٩)، وقال في =
1 / 13
أكرم بهم وارثًا وموروثًا.
أما بعد: فهذا مختصر يشتمل على أصول الأدلة الحديثية للأحكام الشرعية،
فالعلماء هم وُرَّاثُ الأنبياء بعلمهم وتبليغ رسالات الله وإرشاد الناس إلى ما ينفعهم في دينهم ودنياهم.
فالواجب على طالب العلم أن يُعنى بهذا الأمر، وأن يصرف جهده ووقته لتحصيل ما وَرَّثه الأنبياء، وهو العلم النافع والتوجيه إلى الخير ونشر دين الله.
قوله: (أكرمْ بهم وارثًا وموروثًا) أكرم: فعل تعجب بمعنى: ما أكرمهم، والباء زائدة في فاعل (أكرم)، وقوله: (وارثًا) عائد إلى العلماء، و(موروثًا) عائد إلى الأنبياء.
قوله: (أما بعدُ) أي: بَعْدَ هذه الخطبة، وكلمة (أما بعد) يؤتى بها للانتقال من الخطبة إلى الموضوع، وهي أداة شرط بمعنى: مهما يكن من شيء، و(بعد) ظرف مبني على الضم، وتلزم الفاء في جواب (أما).
قوله: (فهذا مختصر يشتمل على أصول الأدلة الحديثية للأحكام الشرعية) الإشارة إما إلى شيء محسوس قد فُرِغَ منه، وهذا إن كانت المقدمة بعد الفراغ من الكتاب، أو الإشارة إلى ما تصوره في ذهنه وأعدَّه إن كانت قبل أن يؤلِّف الكتاب.
وهذا الكتاب مختصر قد حذف المؤلف أسانيده - كما تقدم - ولم يكثر
_________
= "فتح الباري" (١/ ١٦٠): (طرف من حديث أخرجه أبو داود، والترمذي، وابن حبان (١/ ٢٨٩)، والحاكم (١/ ٨٩) مصحَّحًا من حديث أبي الدرداء، وحسنه حمزة الكناني، وضعفه غيره بالاضطراب في سنده، لكن له شواهد يتقوى بها). اهـ. ولم أجده عند الحاكم من حديث أبي الدرداء، ومدار الحديث على داود بن جميل، عن كثير بن قيس، وهما مجهولان، وقد أخرجه أبو داود (٣٦٤٢) من طريق أخرى عن أبي الدرداء بسند حسن، وقد ذكره ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" ص (٦٣) وتكلم عليه، فراجعه إن شئت.
1 / 14
حررته تحريرًا بالغًا؛ ليصير من يحفظه من بين أقرانه نابغًا، ويستعين به الطالب المبتدئ، ولا يستغني عنه الراغب المنتهي،
من المتون، بل اشتمل (على أصول الأدلة) أي: اشتمل على أدلة حديثية تعتبر أصولًا لغيرها، أي: يُبنى عليها غيرها.
وقوله: (للأحكام الشرعية) جمع حكم، وهو مقتضى الأدلة الشرعية من واجب ومحرم ومندوب ومكروه ومباح، ويضاف إليها الأحكام الوضعية، كالصحة والفساد، وغيرهما.
قوله: (حررته تحريرًا بالغًا) (^١) أي: هذبته ونقحته، انتقاءً من أمهات الكتب وأصول الأدلة مع بيان صحة الحديث وضعفه، أو ما فيه من علة بلفظ موجز، فقد اعتنى بذلك عناية تامة، كما تقدم.
قوله: (ليصير من يحفظه من بين أقرانه نابغًا) تعليل لما تقدم، والأقران: جمع (قِرن) بالكسر، وهو الكُفْءُ والمثل، والنابغ: الخارج عن نظرائه بمزيد الاجتهاد والرغبة في التحصيل.
قوله: (ويستعين به الطالب المبتدئ، ولا يستغني عنه الراغب المنتهي) هذا معطوف على ما قبله، والمعنى: أن هذا الكتاب يستعين به الطالب المبتدئ؛ لأنه قَرَّبَ له الأدلة، وهذبها، فيسهل عليه حفظها، ولا يستغني عنه الراغب في العلوم البالغ نهاية مطلوبه؛ لأنه محتاج إلى ما فيه من الأدلة، فهو مرجع مفيد جامع لكل ما يحتاجه طالب العلم من أدلة الأحكام.
_________
(^١) ذكر السخاوي في "الجواهر والدرر" (٢/ ٦٦١) أنه لخصه من "الإلمام" لابن دقيق العيد (م ٧٠٢) وزاد عليه كثيرًا. اهـ. قلت: التشابه بين الكتابين واضح جدًا، إلا في أمور واضحة لمن يتأمل في الكتابين، ولعل المراد بالزيادة: الأحاديث الضعيفة التي أضافها الحافظ إلى كتابه، وليست في "الإلمام" مع أن في "البلوغ" -أيضًا- أحاديث صحيحة زيادة على ما في "الإلمام"، ولعلك أخي القارئ تقارنه -أيضًا- بـ "المحرر" لابن عبد الهادي (م ٧٤٤).
1 / 15
وقد بينت عَقِبَ كل حديث من أخرجه من الأئمة؛ لإرادتي نصح الأمة، فالمراد بالسبعة: أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه،
قوله: (وقد بينت عقب كل حديث من أخرجه من الأئمة لإرادتي نصح الأمة) أي: إنه بين في نهاية كل حديث من أخرجه من أئمة هذا الشأن - أي: مَنْ رَوَاه بسنده وساق طرقه - لإرادة نصح الأمة، وقد صدق ﵀، فإن إيضاح من أخرج الحديث فيه فوائد عظيمة للأمة، منها:
١ - بيان أن الحديث ثابت في دواوين السنة.
٢ - أنه قد تداولته الأئمة الأعلام.
٣ - أنه قد تتبع طرقه وبيّن ما فيها من تصحيح وتحسين وإعلال.
قوله: (فالمراد بالسبعة: أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه) أي: إن الحافظ ﵀ له في هذا الكتاب اصطلاحات خاصة، ذكرها في المقدمة، لينتفع بها القارئ، وإنما سلك هذا المسلك اختصارًا واقتداء بقاعدة المحدثين.
وأحمد: هو الإمام أبو عبد الله، أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني المروزي ثم البغدادي، صاحب المسند العظيم، وإمام أهل السنّة في عصره، مات سنة ٢٤١ هـ.
والبخاري: هو الإمام أبو عبد الله، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، صاحب الصحيح، والتصانيف النافعة، قال عنه الإمام أحمد: (ما أخرجت خراسان مثله)، مات سنة ٢٥٦ هـ.
ومسلم: هو الإمام أبو الحسين، مسلم بن الحجاج بن مسلم النيسابوري، صاحب الصحيح، والتصانيف المفيدة، أثنى عليه العلماء من أهل الحديث وغيرهم، مات سنة ٢٦١ هـ.
وأبو داود: هو الإمام سليمان بن الأشعث السجستاني، صاحب
1 / 16
وبالستة: من عدا أحمد، وبالخمسة: من عدا البخاريَّ ومسلمًا، وقد أقول: الأربعة وأحمد، وبالأربعة: من عدا الثلاثة الأُوَلَ، وبالثلاثة: من عداهم والأخيرَ، وبالمتفق عليه: البخاري ومسلم،
«السنن»، أثنى عليه العلماء، ووصفوه بالحفظ والورع، مات سنة ٢٧٥ هـ.
والترمذي: هو الإمام أبو عيسى، محمد بن عيسى بن سَوْرة الترمذي، مصنف «الجامع»، اتفقوا على إمامته وجلالته، مات سنة ٢٧٩ هـ.
والنسائي: هو الإمام أبو عبد الرحمن، أحمد بن شعيب بن علي النسائي، صاحب «السنن»، برع في الحديث، وتفرّد بالمعرفة والإتقان وعلو الإسناد، مات سنة ٣٠٣ هـ.
وابن ماجه: هو الإمام أبو عبد الله، محمد بن يزيد بن عبد الله بن ماجه - بالهاء الساكنة، ويقال بالتاء - القزويني، صاحب «السنن»، مات سنة ٢٧٣ هـ أو ٢٧٥ هـ.
وقد قدم الحافظ الإمام أحمد ﵀ إما لأنه أقدمهم زمنًا، أو لأن كتابه أقدم الكتب، أو لغير ذلك، فالله أعلم.
قوله: (وبالستة: ما عدا أحمد) أي: والمراد بالستة: أصحاب السنن مع الصحيحين، وهم أصحاب الأمهات الست.
قوله: (وبالخمسة: من عدا البخاري ومسلمًا، وقد أقول: الأربعة وأحمد) وهذا قد يدل على أن الخطبة كانت متقدمة.
قوله: (وبالأربعة من عدا الثلاثة الأُول) أي: إن المراد بالأربعة أصحاب السنن.
قوله: (وبالثلاثة من عداهم والأخيرَ) أي: يريد بالثلاثة من عدا البخاري ومسلمًا وأحمد وابن ماجه، وهم: أبو داود والترمذي والنسائي.
قوله: (وبالمتفق عليه: البخاري ومسلم) أي: إن المتفق عليه عنده: ما اتفق عليه البخاري ومسلم من حديث صحابي واحد، وهذا ما عليه أهل
1 / 17
وقد لا أذكر معهما غيرهما، وما عدا ذلك فهو مُبين، وسميته: (بلوغ المرام من أدلة الأحكام)، والله أسأل ألاَّ يجعل ما علمنا علينا وبالًا، وأن يرزقنا العمل بما يرضيه ﷾.
العلم، إلا المجد ابن تيمية في «المنتقى» فقد جعل المتفق عليه ما اتفقا عليه وأحمد، ولا مشاحة في الاصطلاح.
قوله: (وقد لا أذكر معهما غيرهما) كأنه يريد أنه قد يخرج الحديث عن السبعة أو أقل، فيكتفي بنسبته إلى الشيخين.
قوله: (وما عدا ذلك فهو مبين) أي: ما عدا من ذُكر من السبعة فهو مبين وموضح بذكر اسمه؛ إذ لا رمز له، مثل: الإمام مالك، وابن حبان، والطبراني، والحاكم، والبيهقي، وغير ذلك.
قوله: (وسميته بلوغ المرام من أدلة الأحكام) قال في «القاموس»: بلغ المكان بلوغًا: وصل إليه أو شارف عليه (^١)، والمرام: المطلب (^٢)، وهو من إضافة المصدر إلى فاعله، أي: وصولي إلى مطلوبي من أدلة الأحكام، أو من إضافة المصدر إلى مفعوله، أي: بلوغ الطالب مطلوبه من أدلة الأحكام.
قوله: (والله أسأل ألا يجعل ما علمنا علينا وبالًا، وأن يرزقنا العمل بما يرضيه ﷾ بنصب لفظ (الله) لأنه مفعول تقدم على عامله لإفادة الحصر، أي: لا أسأل إلا الله، والوبال: - بفتح الواو - الشدة والثِّقَلُ (^٣)، أي: لا يجعله شدة في الحساب وثقلًا من جملة الأوزار؛ لأن العلم إذا لم يعمل به صاحبه صار وبالًا عليه، وهذا دعاء حسن، فينبغي لطالب العلم أن يسأل ربه أن يعلمه ما ينفعه، وأن ينفعه بما علمه، وأن يرزقه العمل بما يحبه ويرضاه ﷾، وهذه سعادة الدنيا وفلاح الآخرة، نسأل الله التوفيق.
_________
(^١) "القاموس" (١/ ٣١٦ ترتيبه).
(^٢) انظر: "القاموس" (٢/ ٤١٦).
(^٣) "القاموس" (٤/ ٥٦٧).
1 / 18
الأئمة الذين استفاد منهم الحافظ
بلغ عدد الأئمة الذين استفاد منهم الحافظ في «بلوغ المرام»، فذكرهم إما في تخريج الأحاديث أو في موضوع الحكم على الحديث؛ اثنين وأربعين إمامًا، وقد مضى منهم سبعة، وهم أصحاب الكتب الستة وأحمد، وهذه بقيتهم مرتبةً باعتبار تقدم وفياتهم: لأن هذا هو المعمول به عند اجتماع أكثر من واحد، مع ذكر كتاب واحد - في الغالب - لكل فرد منهم:
٨ - مالك: الإمام أبو عبد الله مالك بن أنس الأصبحي، إمام دار الهجرة، وأحد الأئمة الأربعة المتبوعين، له كتاب «الموطأ»، حدث عنه أمم لا يكادون يحصون، ومن تلامذته الإمام الشافعي، مات سنة (١٧٩ هـ).
٩ - أبو داود الطيالسي: الحافظ الكبير، سليمان بن داود بن الجارود، الفارسي الأصل، أحد الأعلام، له كتاب «المسند»، مات سنة (٢٠٤ هـ).
١٠ - الشافعي: الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، أحد الأئمة الأربعة المتبوعين، له كتاب «الأم»، حبر الأمة، وأعلم الناس شرقًا وغربًا، برع في العلوم، وابتكر أصول الفقه، مات سنة (٢٠٤ هـ).
١١ - عبد الرزاق: هو الإمام الحافظ الكبير، أبو بكر عبد الرزاق ابن همام بن نافع الحميري، مولاهم، الصنعاني، كان من أوعية العلم، روى عنه أحمد وإسحاق وابن معين والذهلي، له كتاب «المصنَّف»، عمي في اخر عمره فتغير، مات سنة (٢١١ هـ).
١٢ - سعيد بن منصور: هو الإمام الحافظ، أبو عثمان سعيد بن منصور بن شعبة المروزي، مجاور مكة، أثنى عليه الإمام أحمد، وقال حرب الكرماني: أملى علينا نحوًا من عشرة الاف حديث من حفظه، روى عنه مسلم
1 / 19
وأبو داود، واخرون، له كتاب «السنن»، مات سنة (٢٢٧ هـ).
١٣ - ابن المديني: الإمام أبو الحسن علي بن عبد الله بن جعفر السعدي المديني، إمام الجرح والتعديل، وحافظ العصر، روى عنه البخاري وأبو داود وخلق، له كتاب «العلل»، مات سنة (٢٣٤ هـ).
١٤ - ابن أبي شيبة: الإمام أبو بكر عبد الله بن محمد بن إبراهيم، المعروف بابن أبي شيبة، الحافظ المتقن، روى عنه أبو زرعة والبخاري ومسلم وأبو داود واخرون، له كتاب «المصنَّف»، مات سنة (٢٣٥ هـ).
١٥ - ابن راهويه: الإمام الحافظ الكبير أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم التميمي الحنظلي المروزي، المعروف بابن راهويه [وهي لفظة فارسية مركبة من كلمتين: (راه) ومعناها: الطريق، و(ويه) ومعناها: وُجد، وذلك لأن أباه صاحب اللقب ولد في طريق مكة] عرف بالحفظ والإتقان والسلامة من الغلط - كما قال عنه أبو حاتم ـ، له «المسند»، مات سنة (٢٣٨ هـ).
١٦ - الدارمي: الإمام الحافظ أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن ابن الفضل الدارمي - نسبة إلى دارم بن مالك من تميم - التميمي، السمرقندي، موصوف بالثقة والزهد والورع، حدث عنه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، واخرون، له كتاب «السنن» وبعضهم يسميه «المسند» وفي هذه التسمية تَجَوُّزٌ، مات سنة (٢٥٥ هـ).
١٧ - الذُّهْلي: حافظ نيسابور، أبو عبد الله محمد بن يحيى الذهلي، انتهت إليه مشيخة العلم بخراسان، اشتهر بتأليفه وجمعه لحديث ابن شهاب الزهري وعلله، ويسميه الحافظ ابن حجر: «الزهريات»، مات سنة (٢٥٨ هـ).
١٨ - أبو زُرعة: الحافظ المحدث الكبير، عبيد الله بن عبد الكريم أبو زرعة الرازي القرشي مولاهم، أحد الأعلام، وأحد أئمة الجرح والتعديل، روى عنه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه، واخرون، كان من أفراد الدهر حفظًا وذكاءً ودينًا وإخلاصًا وعملًا، له كتاب «مسند الشاميين»، واراؤه في الرجال مبثوثة في كتب ابن أبي حاتم الآتية بعدُ، مات سنة (٢٦٤ هـ).
1 / 20
١٩ - أبو حاتم: هو الإمام الحافظ الكبير الجوال، أبو حاتم محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي الرازي، من أئمة الجرح والتعديل، الذين برعوا في صناعة الحديث، من أقران البخاري ومسلم، طبع له شيء من كتاب «الزهد»، ولا تكاد تنظر في أيِّ صفحة من صفحات مصنفات ابنه كـ «الجرح والتعديل»، أو «العلل»، أو «المراسيل» إلا وتجد له رأيًا أو رواية، مات سنة (٢٧٧ هـ).
٢٠ - ابن أبي خيثمة: هو الإمام الحافظ الحجة، أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة - زهير - بن حرب النسائي ثم البغدادي، أخذ علم الحديث عن الإمام أحمد وابن معين، له «التاريخ الكبير»، مات سنة (٢٧٩ هـ).
٢١ - ابن أبي الدنيا: هو المحدث العالم الصدوق، أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن أبي الدنيا القرشي الأموي، مولاهم، البغدادي، صاحب التصانيف الكثيرة في الزهد والرقائق، روى عنه ابن ماجه، والحارث بن أبي أسامة، وابن أبي حاتم الرازي، وخلق كثير، مات سنة (٢٨١ هـ).
٢٢ - الحارث بن أبي أسامة: هو الإمام الحافظ، أبو محمد الحارث ابن أبي أسامة التميمي البغدادي، وثَّقه إبراهيم الحربي، وأبو حاتم، وقال الدارقطني: صدوق؛ له «المسند» وزوائده ضمن «المطالب العالية في زوائد المسانيد الثمانية» لابن حجر، مات يوم عرفة سنة (٢٨٢ هـ).
٢٣ - البزار: هو الإمام الحافظ العلامة، أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البصري، المعروف بـ (البزار) أحد الأعلام، له كتاب «المسند»، مات سنة (٢٩٢ هـ).
٢٤ - ابن الجارود: هو الإمام الحافظ الناقد أبو محمد عبد الله بن علي بن الجارود النيسابوري، جاور بمكة، صاحب «المنتقى في الأحكام»، مات سنة (٣٠٧ هـ).
1 / 21
٢٥ - أبو يعلى: هو محدث الجزيرة الحافظ أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى التميمي، الموصلي، أثنى عليه العلماء بالعلم والتقوى، ووصفه ابن كثير في مواضع من تفسيره بالحفظ والإتقان، له كتاب «المسند الكبير» مات سنة (٣٠٧ هـ).
٢٦ - ابن خزيمة: هو الحافظ الكبير محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري أحد الأعلام، انتهت إليه الإمامة والحفظ في عصره بخراسان، له كتاب «الصحيح»، مات سنة (٣١١).
٢٧ - أبو عوانة: هو الحافظ المحدث، أبو عوانة، يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد، النيسابوري الأصل، الإسفرايني، مشهور بكنيته، أحد حفاظ الدنيا، كان زاهدًا، عفيفًا، متعبدًا مقللًا، صاحب «المسند الصحيح» الذي خرجه على صحيح مسلم، وزاد أحاديث قليلة في أواخر الأبواب، مات سنة (٣١٦ هـ).
٢٨ - الطحاوي: هو الإمام الحافظ أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي الحنفي، كان ثقة ثبتًا فقيهًا عاملًا، صاحب التصانيف البديعة، من أشهرها «شرح معاني الآثار» وكتابه المطبوع باسم «شرح مشكل الآثار»، مات سنة (٣٢١ هـ).
٢٩ - العقيلي: هو الإمام الحافظ أبو جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن حماد العقيلي، عداده في أهل الحجاز، ثقة جليل القدر، عالم بالحديث، مقدم في الحفظ، له كتاب «الضعفاء»، مات سنة (٣٢٢ هـ).
٣٠ - ابن السَّكن: هو الحافظ الإمام الحجة أبو علي سعيد بن عثمان بن السَّكَن - بفتح السين والكاف - البغدادي ثم البصري، من حفاظ الحديث، له «الصحيح المنتقى»، مات سنة (٣٥٣ هـ).
٣١ - ابن حبان: هو الإمام الحافظ أبو حاتم محمد بن حبان - بكسر فتشديد - بن أحمد بن حبان البُسْتي - بضم فسكون، نسبة إلى بُسْت من بلاد سجستان - كان من أوعية العلم، وفقهاء الدين، وحفاظ الآثار، من شيوخه: الحافظ أبو يعلى الموصلي، وابن خزيمة، ومن تلاميذه: الحاكم صاحب
1 / 22
«المستدرك»، وابن منده، والدارقطني، واخرون، له كتاب «الصحيح»، مات سنة (٣٥٤ هـ).
٣٢ - الطبراني: هو الإمام الحجة، مسند الدنيا، أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الطبراني، أثنى عليه العلماء بالحفظ وسعة الاطلاع، ووصفوه بالصدق، والثقة، والأمانة، له: المعاجم الثلاثة - الكبير والأوسط والصغير ـ، مات سنة (٣٦٠ هـ).
٣٣ - ابن عدي: هو الإمام المشهور الحافظ الكبير، أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني، كان حافظًا متقنًا، لم يكن في زمانه مثله في العلل والرجال، له كتاب «الكامل في ضعفاء الرجال» قال عنه ابن كثير: (لم يُسبق إلى مثله، ولم يُلحق في شكله)، مات سنة (٣٦٥ هـ).
٣٤ - الإسماعيلي: هو الإمام الحافظ الثبت شيخ الإسلام أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن العباس الإسماعيلي، الجرجاني، كان واحد عصره، وشيخ المحدثين والفقهاء، وأجلهم في الرياسة والمروءة والسخاء، له كتاب «المستخرج على صحيح البخاري»، مات سنة (٣٧١ هـ).
٣٥ - الدارقطني: هو الحافظ الكبير، والإمام العديم النظير، أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي البغدادي المعروف بالدارقطني - بفتح الراء وضم القاف، نسبة إلى دار القطن، محلة كبيرة في بغداد - كان فريد عصره، وإمام وقته، انتهت إليه رئاسة علم الحديث والمعرفة بالعلل وأسماء الرجال في زمانه، له كتاب «السنن» و«العلل»، مات سنة (٣٨٥ هـ).
٣٦ - ابن مَنْدَهْ: هو الإمام الحافظ الجوال، أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده - بفتح فسكون ففتح - أحد الأعلام الحفاظ المكثرين من الحديث، فريد عصره دينًا وحفظًا ورواية، له كتاب «معرفة الصحابة»، وكتاب «الإيمان»، مات سنة (٣٩٥ هـ).
٣٧ - الحاكم: هو إمام المحققين أبو عبد الله محمد بن عبد الله
1 / 23
النيسابوري الحاكم المعروف بـ (ابن البَيِّع) - بفتح الباء وتشديد الياء المكسورة - صاحب «المستدرك على الصحيحين»، قال الخطيب: (كان ثقة، وكان صالحًا عالمًا)، مات سنة (٤٠٥ هـ).
٣٨ - أبو نُعيم: هو الحافظ المشهور، أبو نُعيم - بالتصغير - أحمد بن عبد الله بن إسحاق الأصبهاني، أحد أعلام المحدثين، وأكابر الحفاظ، له كتاب «المستخرج على صحيح البخاري» و«المستخرج على صحيح مسلم»، مات سنة (٤٣٠ هـ).
٣٩ - البيهقي: هو الحافظ الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي - نسبة إلى بيهق بلدة قرب نيسابور - من كبار أئمة الحديث، وفقهاء الشافعية، له من التصانيف ما لم يسبق إليها، منها «السنن الكبرى»، مات سنة (٤٥٨ هـ).
٤٠ - ابن عبد البر: هو الإمام العلامة، حافظ المغرب، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النَّمَري القرطبي، ليس لأهل المغرب أحفظ منه مع الثقة والدين والنزاهة، والتبحر في الفقه والعربية، له كتاب «التمهيد»، مات سنة (٤٦٣ هـ).
٤١ - الإشبيلي: هو الحافظ العلامة الحجة، أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الأزدي الإشبيلي، المعروف بـ (ابن الخراط)، كان فقيهًا حافظًا، عالمًا بالحديث وعلله، عارفًا بالرجال، موصوفًا بالخير والصلاح والزهد، له «الأحكام الكبرى» و«الوسطى» و«الصغرى»، والوسطى مختصرة من الكبرى، وهي محذوفة الأسانيد، مات سنة (٥٨١ هـ).
٤٢ - ابن القطان: وهو الإمام الحافظ الناقد العلامة، أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك الفارسي، مشهور بلقبه كان معروفًا بالحفظ والإتقان، ذاكرًا للحديث، بصيرًا بطرقه، عارفًا برجاله، مميزًا صحيحه من سقيمه، له كتاب «بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام»، مات سنة (٦٢٨ هـ)، ﵏ وإيانا بمنِّه وفضله.
1 / 24