فكذلك أيضا ، وإن وصفنا بما وصف (1) نفسه من جميع الوجوه فلا بد من فارق، وليس (6) إلا افتقارنا إليه في الوجود وتوقف وجودنا عليه لإمكاننا وغناه 11 عن مثل ما افتقرنا إليه . فهذا صح له الأزل والقدم الذي انتفت عنه الأولية التي لها افتتاح الوجود عن عدم . فلا تنسب إليه الأولية (3) مع كونه الأول .
ولهذا قيل فيه الآخر. فلو (4) كانت أوليته أولية وجود التقييد (5) لم يصح أن يكون الآخر للمقييد ، لأنه لا آخر للممكن ، لأن الممكنات غير متناهية فلا آخر لها . وإنما كان آخرا لرجوع الأمر كله إليه بعد نسبة ذلك إلينا، فهو الآخر في عين أوليته ، والأول في عين آخريته .
ثم لتعلم أن الحق وصف نفسه بأنه ظاهر باطن (6) ، فأوجد العالم عالم غيب وشهادة لندرك الباطن بغيبنا والظاهر بشهادتنا.ووصف نفسه بالرضا والغضب وأوجد العالم ذا خوف ورجاء فيخاف غضبه ويرجو(7) (6-) رضاه.
ووصف نفسه بأنه جميل وذو جلال فأوجدنا على هيبة وأنس. وهكذا جميع ما ينسب إليه تعالى ويسمى به . فعبر عن هاتين الصفتين باليدين اللتين توجهتا منه على خلق الإنسان الكامل لكونه الجامع لحقائق العالم ومفرداته . فالعالم شهادة والخليفة غيب، ولذا تحجب (8) السلطان. ووصف الحق نفسه بالحجب الظلمانية 13 وهي الأجسام الطبيعية، والنورية وهي الأرواح اللطيفة . فالعالم(9) بين(10) كثيف ولطيف وهو عين الحجاب على نفسه، فلا(11) يدرك الحقء إدراكه نفسه . فالا
صفحة ٥٤