والسالبة البسيطة تحدث بأن يقرن حرف السلب بالسور، كقولنا: (كل إنسان يمكن أن يمشي)، يناقضه قولنا: (ليس كل إنسان يمكن أن يمشي)، ويضاده قولنا: (ولا إنسان واحد يمكن ان يمشي). وقولنا: (كل إنسان يمكن أن يوجد ماشيا، يناقضه قولنا: (ليس كل إنسان يمكن أن يوجد ماشيا)، ويضاده قولنا: (ولا إنسان واحد يمكن أن يوجد ماشيا).
والموجبة المعدولة تحدث: أما في الثنائية ذوات الأسوار فبأن يرتب حرف السلب مع المحمول فقط، دون السور. والسالبة تحدث بأن يرتب حرف السلب مع المحمول، ومع السور، كقولنا: (كل إنسان يمكن لا يمشي) يناقضه: (ليس كل إنسان يمكن ألا يمشي) ويضاده: (ولا إنسان واحد يمكن ألا يمشي).
والموجبة المعدولة الثلاثية في ذوات الأسوار تكون على ثلاثة أنحاء، على مثال ما سلف في المهملة والشخصية: إما بأن يكون حرف السلب مع المحمول، أو مع الكلمة الوجودية، أو معهما جميعا.
والسالبة تحدث بأن يرتب في كل واحد من الأنحاء
حرف السلب مع السور
فإن قولنا: (كل إنسان يمكن أن يوجد لا عادلا) يناقضه قولنا: (ليس كل إنسان يمكن ان يوجد لا عادلا)، ويضاده قولنا: (ولا إنسان واحد يمكن أن يوجد لا عادلا). وقولنا: (يمكن الا يوجد عادلا)، يناقضه قولنا: (ليس كل إنسان يمكن ألا يوجد عادلا)،ن ويضاده قولنا: (ولا إنسان واحد يمكن ألا يوجد عادلا). وقولنا: (كل إنسان يمكن ألا يوجد لا عادلا) يناقضه قولنا: (ليس كل إنسان يمكن الا يوجد لا عادلا)، ويضاده قولنا: (ولا إنسان واحد يمكن ألا يوجد لا عادلا).
وهذه أيضا حال القضايا التي تقرن بها جهة الاضطرار، ولا فرق بينها في شيء إلا بأن يبدل مكان الممكن قولنا باضطرار.
وكذلك الحال في سائر الجهات.
والجهات الأول ثلاث الضروري، والممكن، والمطلق.
فإن هذه الثلاث هي التي تدل على فصول الاول. فالضروري هو
الدائم الوجود الذي لم يزل، ولا يزال، ولا يمكن ألا يوجد، ولا في وقت من الأوقات. والممكن هو ما ليس بموجود الآن، ويتهيأ في أي وقت اتفق من المستقبل أن يوجد، والا يوجد والمطلق هو ما كان من طبيعة الممكن، وحصل الآن موجودا، بعد أن كان ممكنا أن يوجد، وألا يوجد، وممكن أيضا ألا يوجد في المستقبل.
فالقضايا ذوات الجهات الأول ثلاث: ضرورية، وممكنة، ومطلقة.
فالقضية التي مادتها ضرورية غير التي هي في جهتها ضرورية. فالتي مادتها ضرورية هي التي محمولها لا يمكن أن يفارق موضوعها أصلا، ولا في وقت من الأوقات، كقولنا: (كل ثلاثة عدد فرد). وأما التي مادتها ممكنة فهي التي محمولها غير موجود الآن في موضوعها، ويتهيأ في المستقبل أن يوجد فيه، والا يوجد، كقولنا: (زيد سيكون عالما). والتي جهتها ضرورية هي التي تقرن بها لفظة الاضطرار، كيف كانت مادتها: ضرورية كانت، أو ممكنة المادة، وقولنا: كل ثلاثة فهي باضطرار عدد فرد)، اضطراري في الأمرين جميعا: في الجهة، والمادة جميعا. وكذلك التي جهتها ممكنة هي التي تقرن بها لفظة الممكن، كيف ما كانت مادتها. فإن قولنا: (كل ثلاثة ممكن أن تكون عددا فردا)، هي ممكنة في الجهة، اضطرارية في المادة. وقولنا: (زيد ممكن أن يمشي) هي ممكنة في الأمرين جميعا.
والمطلقة قد جرت العادة فيها أن تجعل علامتها حذف الجهات كلها، وألا يصرح فيها، لا بالإمكان، ولا باضطرار. وجعلوا حذف الجهات كلها كالجهة لها.
وهذا هو الذي يذهب إلهي الإسكندر، ويصحح أنه رأى أرسطوطاليس في المطلقة. وكأن حذف الجهات كلها يدل به أنه لا اضطراري، ولا ممكن. وجعل رفع الأمرين دالا على أنه كالمتوسط بين الطرفين اللذين قد رفعا. وهو في الحقيقة متوسط بين الممكن، وبين الضروري. فإنه قد أخذ من كل واحد منهما بقسط.
صفحة ١١