وأما ما كان من جراحات سوى القتل، مما يجب فيه القصاص، فإنه يتوب إلى الله جل ثناؤه - منها بالندم عليها، والعزم على أن لا يعود، ويمكن من نفسه - بعد التوبة إلى الله جل ثناؤه من فعله به، وإن اقتص منه فلاشيء عليه، وإن عفا عنه فذلك إليه، وإن كانت جراحات قد برأ منها أصحابها، ولم يكن أمكنهم القصاص من نفسه، فلم يعلم مقدارها لبرء فلا قصاص عليه فيها، لأنه لا يعلم قدر ذلك، وعليه أرش الجراحات يقيمه عدل، يتوخى في ذلك الصواب، فيدفع ذلك إلى أصحاب الجراحات.
فإن لم يعرف أصحابها، دفع ذلك إلى ورثتهم الذين يقومون بذلك.
وإن كان لا يعرف أصحاب الحقوق، دفع ذلك القدر إلى المساكين، إذا قدر على ذلك.
وما كان من الجراحات مما لا قصاص فيه مما يكون فيه حكومة عدل، دفع إلى من صنع به ذلك إن كانوا أحياء، وإن كانوا أمواتا دفع ذلك إلى ورثتهم، فإن لم يعرفهم ولا ورثتهم دفع ذلك إلى المساكين، إذا قدر على ذلك.
ويفعل في كفارة الخطأ كما أمره الله جل ثناؤه في كتابه، وكذلك في كفارة الظهار، فمن لم يقدر على شيء من ذلك، فالتوبة منه على ما أمر الله جل ثناؤه.
وأما ما كان من ضرب مما لا يكون القصاص فيه، فالتوبة فيه والإستغفار والندم، وأن لا يعود إلى مثله أبدا، ويرضي أصحابها إن عرفهم ويتحللهم.
وأما ما كان من ظلم الناس نحو اغتياب وتجسس، أو سوء ظن بمؤمن، أو سعاية إلى ظالم، أو كذب عليه، فالتوبة إلى الله جل ثناؤه من ذلك، ويتحلل ذلك من أصحابه الذين فعل بهم، فإنه أحسن وأفضل، ويكون ذلك على أجمل الوجوه.
فإن لم يمكنه التحلل، ولم يفعله بعد أن يتوب إلى الله جل ثناؤه، رجونا أن لا يضره ذلك.
وكذلك إن أساء إلى مماليكه في تقصير في مطعم أو ملبس، مما لا يحل له أن يفعله بهم، أو عاقبهم عقوبة أسرف فيها، أو شتمهم بما لا يحل له، فليتب إلى الله جل ثناؤه من ذلك كله، وليتحلل من مماليكه.
صفحة ٢٨٣