[التوبة من القتل والجراحات]
وأما ما كان من قتل فلا توبة لقاتل المؤمن حتى يندم على القتل، ويستغفر الله منه، ويعزم على أن لا يعود إلى قتل أحد أبدا ظلما، ويمكن أولياء المقتول المؤمن من نفسه صابرا محتسبا، يقول لهم:إنه قتل صاحبهم ظلما وعمدا وعدوانا. فإن فعل ذلك فهو تائب لا شيء عليه من إثم القتل، فإن قتلوه تائبا - بحق هو لهم - فلا تبعة لهم عليه، ولا للمقتول لديه حق، وإن عفوا عنه فلهم أن يعفوا عنه، لأن الحق بعد المقتول لأولياء المقتول. ويعوض الله جل ثناؤه المقتول إذا كان مؤمنا صابرا. ألم تسمع إلى قوله جل ذكره كيف يقول :{ ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا } [الإسراء:33]. فقد سلط الله جل ثناؤه أولياء المقتول على القاتل، إن شاءوا قتلوه، وإن شاءوا عفوا وأخذوا الدية.
وإن تاب فيما بينه وبين الله، ولم يمكن أولياء المقتول من نفسه، لم يسعه ذلك ولم تقبل توبته، فإن لم يعرف أولياء المقتول عزم القاتل على أن يمكن من نفسه أولياء المقتول متى عرفهم. يصنعون به مالهم عليه من القتل، أو الدية والعفو، ولا يدفع نفسه إلى سلطان، ولا إلى غيره، ولا يدفع نفسه إلا إلى أولياء المقتول.
وإن لم يتب إلى ربه جل ثناؤه، ويمكن أولياء المقتول من نفسه، كان كما قال الله جل ثناؤه :{ ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما } [النساء:93].
صفحة ٢٨٢