وما زالت الأتراك تدب في البلاد حتى وصلوا في نهار يوم الثلاثاء 28 جمادى الآخرة إلى المصبانة المعروفة تحت جبل عصر غربي صنعاء، ولما نصبوا فيها خيامهم رماهم أصحاب الإمام ببعض المدافع التي في قصر صنعاء. وفي يوم الأربعاء استمرت الرماية إليهم بالمدافع من القصر والرماية منهم بمدافعهم إلى القصر وغيره. وأصيب من رماية مدافع الأتراك عبد الله حزام الصعر حول باب السبحة من أبواب صنعاء، وكان الناس يتهمون ولده حزام بن عبد الله الصعر عامل الإمام على صنعاء بالانحراف إلى صديقه القديم المشير أحمد فيضي والأتراك على أنه قد كان الإمام أمر بتسفير القاضي محمد بن محمد جغمان، والقاضي إسماعيل بن يحيى الردمي وغيرهما كالشيخ سعيد علي دوده صاحب قرية الجاهلية بهمدان، والشيخ أحمد كحيل الحيمي من المائلين إلى الأتراك إلى بلاد حاشد ونحوها خشية إضرارهم بالناس.
وفي ليلة الخميس سلخ جمادى الآخرة سار الإمام عن صنعاء نحو بلاد أرحب شمالا من صنعاء، واستمرت الحرب بين من في بعض البيوت بوادي شعوب وغيره من أصحاب الإمام وبين الأتراك.
وفي يوم الخميس دهمت الأتراك بئر العزب بعد فتحهم جانب سورها القريب من دور شيخ بئر العزب حسين بن يحيى زهرة مع معاونته لهم على ذلك، فدامت الحرب بين من في قلعة باب السبحة وغيرها وبين الأتراك إلى آخر نهار الخميس. ثم فرت جميع الأقوام التي بجميع المراتب بصنعاء في ليلة الجمعة غرة رجب وتركوا ما في مخزان القصر من الحبوب وغيرها، فثار بعض الضعفاء من أهل صنعاء لأخذ ما قدروا عليه من تلك الحبوب حتى كان قبيل نصف تلك الليلة صعود طائفة من الأتراك من بئر العزب لترتيب قصر صنعاء وجميع المراتب بها.
صفحة ٣٢