بالجوارح واعتقادا بالقلب وذلك عمل كما جاء مفسرا فى كتاب الدعائم وفيه وجه آخر وهو أنه لما كان مثل الإيمان على ما قدمنا ذكره مثل الباطن ومثل العمل أيضا على ما بينا مثل الباطن كان ذلك شيئا واحدا فكأنه قال إن الباطن باطن كله لا ينبغى إظهار شيء منه فإنه متى ظهر صار ظاهرا.
ومن ذلك قوله والقول بعض ذلك العمل والقول كما قدمنا ذكره مثله مثل الظاهر فقوله والقول بعض ذلك العمل يعنى أن الظاهر قبل أن يظهر قد كان من الباطن فلما ظهر صار ظاهرا وهو بعض الباطن وذلك أن كل ما أتى به رسول من رسل الله مما أرسله الله تبارك اسمه به إلى عباده مما لم يرسل به من قبله من الرسل فقد كان علم ذلك مأثورا عنده عز وجل وأطلع عليه من شاء من رسله وإن لم يبعثهم به فكان قبل أن يأذن للرسول الذي تعبده بإبلاغه وتعبد أمته بالقيام به وافترضه عليها باطنا عنده وعند من أودعه علمه من رسله إذ كان قد أخبرهم بأسماء من يأتى من بعدهم وبما يأتون به وكان ذلك من سر علمهم وباطنه الذي أودعوه المخلصين من أتباعهم الذين أقاموهم حججا على أممهم وكل ما أظهر من الباطن على ألسنة الأنبياء والأئمة صار ظاهرا وكان قبل ذلك باطنا ولا يزال ذلك كذلك حتى يقوم آخر قائم من أئمة محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله الأئمة من ذريته الذي هو صاحب القيامة فيكشف الباطن كله ويرتفع الظاهر والعمل كما قال تعالى:@QUR014 «لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا» وكما قال تعالى:@QUR04 «يوم يكشف عن ساق» [1] والساق من الباطن لأنها مما يستر ولا يكشف@QUR05 «ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون» يعنى أنه قد ارتفع العمل والانتفاع بالطاعة فلا يستطاع ذلك.
وأما ما قدمنا ذكره من فرض الإيمان على الجوارح وما جاء من ذلك عن الأئمة صلى الله عليهم فى كتاب الدعائم فالقول من ذلك أنه فرض على القلب من الإيمان الإقرار والمعرفة والعقد والرضى والتسليم بأن الله هو الواحد لا إله إلا هو وحده لا شريك له إلها واحدا أحدا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله والإقرار بما كان من عند الله من نبى أو كتاب فذلك ما فرض على القلب من الإقرار والمعرفة.
صفحہ 55