[الجزء الأول]
المجلس الأول من الجزء الأول: [فى باب الولاية]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مخرج الودق ومقدر الرزق، وخالق العباد فى بطون أمهاتهم خلقا من بعد خلق، وصلى الله على أفضل البرية محمد نبيه والأئمة من ذريته الغرة[1] الهادية الزكية.
قد سمعتم أيها المؤمنون فيما تقدم كيف أنتم تنتقلون[2] حالا بعد حال فى حدود الدين كانتقالكم فى نشأة الخلق الظاهر وإن خلق الدين مثله فى الباطن لقول الله عز وجل:@QUR08 «ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين» [3] وقوله عز وجل:
@QUR08 «يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق» [4].
تأويله فى الباطن ما قد سمعتم الأصل فيه أن الأمهات فى الباطن هم المستفيدون ممن فوقهم؛ المفيدون من دونهم، وبطونهم فى التأويل باطن العلم الذي عندهم ينقلون فيه المستفيدين منهم حدا بعد حد وذلك خلق الدين وقوله تعالى فى ظلمات ثلاث يعنى فى الظاهر ما هو محيط بالجنين من ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة التى هو فيها قد أحاطت به وأحاط الرحم بها والبطن بالرحم ومثل الظلمات هاهنا فى الباطن مثل الستر والكتمان إذ الليل مثله مثل الباطن والقائم به وذلك قد يحيط به حدود ثلاثة: حد الإمام الذي هو أصله الآتى به، وحد الحجة الذي هو قد صار عن الإمام إليه وهو القائم به، وحد من يقيمه للمستفيدين دونه؛ وقد بدأكم ولى الله لما استجبتم لدعوته فأخذ عليكم ميثاقه وعهده وكنتم حينئذ فى التمثيل الباطن كالمولودين فى الظاهر بمثل ما يبتدأ به المولود فأول ذلك أن يختبر ما هو أذكر أم أنثى صحيح الجوارح أم فاسد شيء منها وكذلك ينبغى للداعى إذا أخذ على المستجيب أن يختبر حاله هل هو ممن يصلح أن يكون مفيدا فذلك مثل الذكر أو مستفيدا فذلك مثل الأنثى لأن ذلك يعلم بما فيه من الحاسة والذهن والتخلف والبلادة وإن
صفحہ 47
كانت أحواله حسنة أو سيئة وذلك مثل سلامة الأعضاء أو فسادها أو نقصها ثم يأخذ فى معاملته بما يصلح لمثله كمثل ما تصلح به أحوال المولود فى حين ولادته من القيام بأمر ظاهره من دهن ظاهر بدنه وتعديل أعضائه وقطع سرته وشده بالعصائب وأشباه ذلك مما يصنع فى أمره لئلا يضطرب فيفسد خلقه.
وأما مثل قطع سرة المولود من المشيمة التى هى به متصلة وكانت لباسا عليه وطرح تلك المشيمة عنه ودفنها بأنها قد صارت بخروجه منها وقطع سرته عنها بخسة ميتة فمثل المشيمة مثل ظاهر المؤمن المستجيب قبل دخوله الدعوة ولباسه قبل دخوله الدعوة الذي كان يعتقده ولم يأخذه عن إمام أهل الحق ولكن أخذه عن آراء أهل البدع والضلالة، وأما قطع سرته وإبانته منها فقطعه عن ذلك ورفضه إياه كما ترفض المشيمة وتستقذر بعد أن كانت هى ظاهر المولود، كذلك يرفض المؤمن المستجيب ما كان عليه من ظاهر أهل الباطن ويتمسك بظاهر أهل الحق وباطنهم ومثل ما يترك من سرته عند قطعها ويربط ويكوى طرفه إلى أن يجف ويسقط مثل ما يترك المستجيب عليه من توحيد أهل الظاهر الذي هو إلى الشرك أقرب كما قال تعالى:@QUR07 «وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون» [1] فيترك على ذلك فى وقت الأخذ عليه إلا أنه يعرف أنه سيوقف على حقيقة توحيد الله وتنزيهه عن كل مثل وضد لئلا يعتقد ما كان عليه من ذلك من التشبيه والشرك وذلك مثل ربط السرة وحسمها فإذا عرف حقيقة توحيد الله وتبين له ذلك سقط عنه ما كان يعتقده من افتراء المبطلين على الله فى ذلك وهذا مثل سقوط سرة المولود بعد أيام من ولادته ومثل ما يصنع بظاهر بدنه من الإصلاح مثل ما يجب أن يبتدئ به المؤمن المستجيب بعد أخذ العهد عليه من تعليمه علم ظاهر الشريعة الذي تعبد الله تعالى العباد بإقامته وافترض عليهم العمل به وقد بسط لكم ذلك ولى الله فى كتاب دعائم الإسلام وابتدأكم به كما ينبغى فى ذلك ولا يجوز غيره فأنكر ذلك من قد كان سلك أو سلك به غير سبيل المؤمنين وقالوا هذا هو الظاهر الذي كنا نعرفه ولم يعلموا أن من لا ظاهر له فهو بادى العورة مكشوف السوءة خارج من الملة فأعرض عن ذلك من كانت هذه سبيله وأقبل عليه من هدى لرشده وكانوا فى ذلك على درجات
صفحہ 48
وطبقات فمنهم البارع فيه المستفيد والمتوسط والمقصر على حالات كثيرة وذلك مثل ما ذكرناه مما يجب من اطراح ظاهر المخالفين الذين[1] أثبتوه للأمة بآرائهم وقياسهم وأهوائهم وأخذ ظاهر الدين عن أولياء الله الذين صار إليهم عن رسوله صلى الله عليه وسلم فعلم ذلك منكم من علمه وتخلف من تخلف فيه فلم ير ولى الله حبس السابقين منكم على المتخلفين فبسط لكم بعد ذلك حدا من حدود الدين وهو حد الرضاع الباطن أثبت لكم فيه أصول التأويل وجاء فيه برموز من الباطن وبعض التصريح ليكون ذلك مقدمة من العلم تثبت فى القلوب على حسب الواجب فى ذلك وأقامكم عليه مدة حولين كما ذلك واجب الرضاع فى الظاهر فكنتم أيضا فيه على سبيل ما كنتم فى الحد الذي قبله من السبق والتخلف فلم ير أيضا ولى الله حبس السابقين منكم على المتخلفين، وبسط لكم هذا الحد وهو حد التربية وهذا المجلس ابتداؤه وابتداؤكم من ذلك بتأويل ما فى كتاب الدعائم من أوله إلى آخره لتعلموا باطن ما افترض الله تعالى عليكم العمل بظاهره وتعبدكم بعلمه من حلاله وحرامه وقضايا دينه وأحكامه فمن لقن ذلك وبرع فيه فهو بمنزلة من بلغ النكاح وأنس رشده واستحق قبض ماله والتصرف فيه كما يتصرف الجائز الأمر فى ماله ولم يقصر به ولى الله عن الواجب له ومن تخلف عنه كانت سبيله سبيل من يولى عليه أن يؤنس منه الرشد وذلك لأنه الحد الثالث كما سمعتم وبعد الحد الثالث من الولادة فى الظاهر يكون حد البلوغ فيه للمولود لأنه يكون مولودا يصلح ظاهر بدنه كما ذكرنا ثم رضيعا يغذى باللبن ثم صبيا إذا فطم ثم يبلغ الحلم بعد ذلك والله يجرى الجميع بلطفه على ما يرضاه ويرضى وليه بحوله وقوته وفضله عليهم ونعمته إن شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأول ما ذكر فى كتاب دعائم الإسلام من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لتسلكن سبل الأمم قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه» فهو حديث مشهور عنه صلى الله عليه وسلم يرويه الخاص والعام.
وجاء أيضا عنه مثله وهو قوله: «لتركبن سنن من كان قبلكم ذراعا بذراع وباعا يباع حتى لو سلكوا خشرم دبر لسلكتموه» فالخشرم مأوى الزنابير وهو ثقب تبنيه من الطين شبيه بثقب النحل الذي تبنيه من الشمع تفرخ فيه كما تفرخ النحل فى
صفحہ 49
الشمع وتملؤه بعد ذلك عسلا والزنابير لا تفعل ذلك والدبر جماعة الزنابير.
وقد سمعتم فيما بسط لكم من الأصول وقرئ عليكم من حد الرضاع فى الباطن أن لكل جنس من الحيوان أمثالا من الناس يرمز فى الباطن بهم لهم ويكنى عنهم بذكرهم فى القرآن وفى الكلام ومن ذلك قول الله:@QUR018 «وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء» [1] فأخبر تعالى جل من مخبر أن جميع الدواب والطير أمثال للعباد الآدميين فضرب من ذلك أمثالا كثيرة قد سمعتم بعضها وتسمعون من ذلك ما يأتى فى موضعه إن شاء الله تعالى وقد سمعتم أن أمثال حشرات[2] الأرض وخشاشها والهوام أمثال الحشو والرعاع من الناس وأن النحل أمثال المؤمنين.
ومن ذلك الحديث المأثور: «المؤمنون كالنحل لو علمت الطير ما فى بطونها لأكلتها» كذلك المؤمن لو علم الكافر ما فيه من الفضل والعلم والحكمة لقتله حسدا له، والزنابير أمثال حشو أهل الباطل الذين يتشبهون بأهل الإيمان كما أن الزنبور يشبه النحل ويحكى صنعة بيتها الذي تصنعه بالشمع فيبنيه الزنبور بالطين وليس فيه عسل كذلك أمثاله من حشو أهل الباطل لا خير عندهم وإن تشبهوا بأهل الحق، والضب أحد الحشرات فضرب صلى الله عليه وسلم جحر الضب وخشرم الدبر والدبر جماعة الزنابير كما قلنا مثلا لدعوة أشرار الناس وأوباشهم وأخبر الأمة أنهم سيسلكون فى اتباعهم أمثالهم مسلك من تقدمهم من الأمم وقد فعلوا واتبعوا السفلة والأشرار وأوباش الخلق وائتموا بهم وكذبوا عليه صلى الله عليه وسلم فزعموا أنه قال أطع إمامك وإن كان أسود مجدعا فائتموا بالسودان والعبدان والأوباش والأشرار ونصبوهم أئمة من دون أولياء الله فهذا تأويل الحديث ومنه قول يعقوب ليوسف:@QUR07 «وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث» [3] فأما جحر الضب وخشرم الدبر فليس مما يدخله الناس ولا يصح القول بذلك فى الظاهر وقول الله تعالى:@QUR09 «ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط» [4] له تأويل سيأتى ذكره فى موضعه إن شاء الله تعالى.
صفحہ 50
وأما ما جاء فى كتاب الدعائم من قول الباقر محمد صلى الله عليه وسلم: نبى الإسلام على سبع دعائم الولاية وهى أفضل وبها وبالولى ينتهى إلى معرفتها والطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج والجهاد، فهذه كما قال صلى الله عليه وسلم دعائم الإسلام قواعده وأصوله التى افترضها الله على عباده ولها فى التأويل الباطن أمثال، فالولاية مثلها مثل آدم صلى الله عليه لأنه أول من افترض الله عز وجل ولايته وأمر الملائكة بالسجود له والسجود الطاعة وهى الولاية ولم يكلفهم غير ذلك فسجدوا إلا إبليس كما أخبر تعالى فكانت المحنة بآدم صلى الله عليه الولاية وكان آدم مثلها ولا بد لجميع الخلق من اعتقاد ولايته ومن لم يتوله لم تنفعه ولاية من تولاه من بعده إذا لم يدن بولايته ويعترف بحقه وبأنه أصل من أوجب الله ولايته من رسله وأنبيائه وأئمة دينه وهو أولهم وأبوهم، والطهارة مثلها مثل نوح صلى الله عليه وهو أول مبعوث ومرسل من قبل الله لتطهير العباد من المعاصى والذنوب التى اقترفوها ووقعوا فيها من بعد آدم صلى الله عليه وهو أول ناطق من بعده وأول أولى العزم من الرسل أصحاب الشرائع وجعل الله آيته التى جاء بها الماء الذي جعله للطهارة وسماه طهورا، والصلاة مثلها مثل إبراهيم صلى الله عليه وسلم وهو الذي نبى البيت الحرام ونصب المقام فجعل الله البيت قبلة والمقام مصلى وحكى قوله تعالى:@QUR012 «إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين» [1] وكان هذا القول هو افتتاح الصلاة للمصلين، والزكاة[2] مثلها مثل موسى وهو أول من دعا إليها وأرسل بها قال الله تعالى:@QUR021 «هل أتاك حديث موسى إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى اذهب إلى فرعون إنه طغى فقل هل لك إلى أن تزكى» [3] فكان أول ما أمره الله أن يدعوه إليه أن يزكى، والصوم مثله مثل عيسى عليه السلام وهو أول ما خاطب به أمه أن تقول لمن رأته من البشر وهو قوله الذي حكاه تعالى عنه لها:@QUR014 «فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا» [4]، وكان
صفحہ 51
هو كذلك يصوم دهره ولم يكن يأتى النساء كما لا يجوز للصائم أن يأتيهن فى حال صومه[1]، والحج مثله مثل محمد صلى الله عليه وسلم وهو أول من أقام مناسك الحج وسن سنته وكانت العرب وغيرها من الأمم تحج البيت فى الجاهلية ولا تقيم شيئا من مناسكه كما أخبر الله تعالى عنهم بقوله:@QUR08 «وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية» [2] وكانوا يطوفون به عراة فكان أول شيء نهاهم عنه ذلك فقال فى العمرة التى اعتمرها قبل فتح مكة بعد أن وادع أهلها وهم مشركون: لا يطوفن بعد هذا بالبيت عريان ولا عريانة، وكانوا قد نصبوا حول البيت أصناما لهم يعبدونها فلما فتح الله مكة كسرها وأزالها وسن لهم سنن الحج ومناسكه وأقام لهم بأمر الله معالمه وافترض فرائضه وكان الحج خاتمة الأعمال المفروضة وكان هو صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، فلم يبق بعد الحج من دعائم الإسلام غير الجهاد وهو مثل سابع الأئمة الذي يكون سابع أسبوعهم الأخير الذي هو صاحب القيامة وهو كما تقدم القول فيما سمعتموه يعد سابعا للنطقاء إذ قد يجمع الله الناس كلهم على أمره فلا يدع أحدا خالف دين الإسلام وحدود الإيمان إلا قتله وهو أحد أئمة محمد صلى الله عليه وسلم وآخر إمام من ذريته ودعوته ودعوة جميع الأئمة إلى شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ففضله الله بذلك على سائر من تقدمه من المرسلين وجعل له دونهم فضيلتين ومثلين الحج والجهاد وإذا كان الذي مثله مثل الجهاد من أهل دعوته وشريعته وأحد أولاده وأئمة دينه فلذلك قام هو أيضا بالجهاد مع إقامة الحج، والجهاد ليس من أصل الأعمال إنما هو دعاء إلى اتباع الشريعة وقتل من امتنع من ذلك وكذلك مثله الذي هو خاتم الأئمة لا يكون فى وقته عمل كما أخبر تعالى عن ذلك بقوله:@QUR019 «يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا» [3]، فلذلك كان محمد صلى الله عليه وسلم الذي هو خاتم النبيين مثله مثل الحج الذي هو خاتم الأعمال وفرضه مرة واحدة فى العمر ولا يفوت المرء ما دام حيا إذا لحقه وإن مات قضى عنه بعد موته وكذلك يجرى هذه الأمثال فى أسابيع الأئمة
صفحہ 52
يكون أول كل أسبوع منهم مثله مثل الولاية لأنه أول من افترض الله منهم ولايته، والثانى مثله مثل الطهارة، والثالث مثله مثل الصلاة، والرابع مثله مثل الزكاة، والخامس مثله مثل الصوم، والسادس مثله مثل الحج على ما تقدم من أمثال النطقاء، والسادس منهم يسمى متما كما سمى محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ويكمل به أمر الأسبوع، ويكون السابع أقواهم ويتم به الأمر ومثله مثل الجهاد على ما تقدم به القول.
فهذه أمثال السبع الدعائم التى هى دعائم الإسلام وأمثالها الذين هم النطقاء والأئمة كذلك هم دعائم الدين التى استقر عليها فافهموا الأمثال أيها المؤمنون تكونوا من العالمين فإن الله يقول:@QUR08 «وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون» [1] جعلكم الله من العالمين العاملين بما يعلمون، وأعاذكم من جهل الجاهلين وحيرة الضالين وضلال المبطلين، ووفقكم الله لما يرضيه ويزكو لديه ويزدلف به إليه وصلى الله على محمد النبي وآله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما، حسبنا الله ونعم الوكيل.
المجلس الثانى من الجزء الأول: [فى باب الولاية ]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمدا متصلا دائما كثيرا، وصلى الله على النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا،
وأما ما جاء فى كتاب الدعائم من ذكر الإيمان والإسلام وأن كل واحد منهما غير الآخر وأن الإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان.
فقد جاء بيان ظاهر ذلك فى كتاب الدعائم، وباطنه أن الإسلام مثله مثل الظاهر والإيمان مثله مثل الباطن ولا بد من إقامتهما جميعا والتصديق بهما معا والعمل بما يجب العمل به منهما ولا يجزى إقامة أحدهما دون الآخر ولا التصديق بشيء منهما مع التكذيب بالآخر ولا يكون إقامة الباطن إلا بعد إقامة الظاهر كما لا يكون المرء مؤمنا حتى يكون مسلما، وكذلك مثل الإمام محمد بن على صلى الله عليه وسلم الظاهر والباطن بدائرتين: إحداهما فى داخل الأخرى، فمثل الإسلام بالدائرة الخارجة وهى الظاهرة، ومثل الإيمان بالدائرة الداخلة وهى الباطنة، وذلك مذكور فى كتاب الدعائم بصورته وشكله فأبان بذلك أن مثل الإسلام مثل الظاهر ومثل الإيمان مثل
صفحہ 53
الباطن ولا يقوم ظاهر إلا بباطن ولا باطن إلا بظاهر[1].
ومن ذلك أيضا قول الأئمة صلى الله عليهم إن الإيمان قول وعمل ونية، فمثل القول مثل الظاهر ومثل العمل مثل الباطن لأن القول بالشهادتين هو الذي يوجب الدخول فى الملة، ولمن شهد بذلك حكم الملى، والعمل المفترض فى حكم الشريعة الذي مثله مثل الباطن مستور عن الناس إنما هو فيما بين العبد وبين ربه. فإذا قال قد تطهرت وصليت وصمت وتزكيت وتعلمت ما أوجبه الله علي لم يكلف على ذلك البيان ولا أن يأتى عليه بشهود إلا فيما يجب لغيره من ذلك عليه إذا طولب به فأما ما بينه وبين الله مما تعبده به فهو مأمون عليه والله يعلمه ويجزيه به ومن قال إن الإيمان قول بلا عمل كما قالت المرجئة فهو بمنزلة قولهم إن الدين ظاهر لا باطن له.
وقد جاء فى كتاب الدعائم بيان فساد قولهم بذلك ومثل النية التى لا يصح القول والعمل إلا بها كما جاء بيان ذلك أيضا فى كتاب الدعائم مثل الولاية لأن النية اعتقاد القلب والفرض فيه ومثل القلب فى التأويل كما تقدم القول بذلك مثل الإمام فمن لم يعتقد ولاية إمام زمان لم ينفعه قول ولا عمل ولم يصح له ظاهر ولا باطن ولا يصح اعتقاد ولاية الأئمة إلا بعد اعتقاد رسالة الرسل الذين هم أصل الشرائع والذين أقاموها والأئمة أتباع لهم فيها وآخذون عنهم ما بأيديهم منها لكل نبى منهم أئمة شريعته إلى منتهى حده وانقضاء أدوار أئمته على ما قدمنا ذكره وأنه لا بد من التصديق بجميع الرسل والأئمة والعمل بما أتى به صاحب شريعة أهل العصر وأمر إمامهم وطاعته والبراءة من كل من فارق الرسل والأئمة أو ادعى مقام أحد منهم ممن ليس ذلك له.
وأما ما ذكر فى كتاب الدعائم من ذكر الفروض على الجوارح فقد جاء فيه بيان ظاهر ذلك وما على كل جارحة من جوارح الإنسان وما يلزمها من العمل ولذلك تأويل فى الباطن كما هو للجوارح من الأمثال.
وأما ما قيل إن الإيمان عمل كله والقول بعض ذلك العمل، فتأويل ذلك أن الباطن الذي هو مثل الإيمان عمل كله لأنه لا يخلق شيء منه من أن يكون عملا
صفحہ 54
بالجوارح واعتقادا بالقلب وذلك عمل كما جاء مفسرا فى كتاب الدعائم وفيه وجه آخر وهو أنه لما كان مثل الإيمان على ما قدمنا ذكره مثل الباطن ومثل العمل أيضا على ما بينا مثل الباطن كان ذلك شيئا واحدا فكأنه قال إن الباطن باطن كله لا ينبغى إظهار شيء منه فإنه متى ظهر صار ظاهرا.
ومن ذلك قوله والقول بعض ذلك العمل والقول كما قدمنا ذكره مثله مثل الظاهر فقوله والقول بعض ذلك العمل يعنى أن الظاهر قبل أن يظهر قد كان من الباطن فلما ظهر صار ظاهرا وهو بعض الباطن وذلك أن كل ما أتى به رسول من رسل الله مما أرسله الله تبارك اسمه به إلى عباده مما لم يرسل به من قبله من الرسل فقد كان علم ذلك مأثورا عنده عز وجل وأطلع عليه من شاء من رسله وإن لم يبعثهم به فكان قبل أن يأذن للرسول الذي تعبده بإبلاغه وتعبد أمته بالقيام به وافترضه عليها باطنا عنده وعند من أودعه علمه من رسله إذ كان قد أخبرهم بأسماء من يأتى من بعدهم وبما يأتون به وكان ذلك من سر علمهم وباطنه الذي أودعوه المخلصين من أتباعهم الذين أقاموهم حججا على أممهم وكل ما أظهر من الباطن على ألسنة الأنبياء والأئمة صار ظاهرا وكان قبل ذلك باطنا ولا يزال ذلك كذلك حتى يقوم آخر قائم من أئمة محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله الأئمة من ذريته الذي هو صاحب القيامة فيكشف الباطن كله ويرتفع الظاهر والعمل كما قال تعالى:@QUR014 «لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا» وكما قال تعالى:@QUR04 «يوم يكشف عن ساق» [1] والساق من الباطن لأنها مما يستر ولا يكشف@QUR05 «ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون» يعنى أنه قد ارتفع العمل والانتفاع بالطاعة فلا يستطاع ذلك.
وأما ما قدمنا ذكره من فرض الإيمان على الجوارح وما جاء من ذلك عن الأئمة صلى الله عليهم فى كتاب الدعائم فالقول من ذلك أنه فرض على القلب من الإيمان الإقرار والمعرفة والعقد والرضى والتسليم بأن الله هو الواحد لا إله إلا هو وحده لا شريك له إلها واحدا أحدا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله والإقرار بما كان من عند الله من نبى أو كتاب فذلك ما فرض على القلب من الإقرار والمعرفة.
صفحہ 55
والتأويل فى ذلك أن ظاهره ما جاء فى كتاب الدعائم فإن ذلك هو فرض ما يلزم قلب الإنسان فى الظاهر ويلزمه اعتقاده فيه، وباطنه أن القلب مثله مثل الإمام وأن ذلك يلزم الإمام فى خاصة نفسه الإقرار به وبمعرفته، والسمع والبصر واللسان واليدان والرجلان هى رؤساء الجوارح والقلب رئيسها وأميرها ، كذلك أمثالها أمثال حدود الإمام الذين هم رؤساء الناس والإمام فوقهم ورئيسهم ففرض تعالى على كل جارحة من الإيمان بحسب ما جعل فيها من القوة والقبول والاستطاعة، ففرض على البصر النظر فيما أمر بالنظر فيه والغض عما نهى عن النظر إليه وكذلك فرض على السمع استماع ما فرض عليه استماعه والإعراض عما نهاهم نهيا[1] عن الإصغاء إليه وكذلك فرض على اللسان القول بما افترض الله عليه القول به والسكوت عما نهى عن أن يقوله وكذلك فرض على اليدين تناول الواجب والعمل به والكف عما نهى عنه وعلى الرجلين السعى فى الواجب والوقوف عما لا يجب، وكذلك فرض على أمثالهم من حدود أولياء الله لكل ذى حد منهم حده الذي نصب له عليه أن يعمل بما أمر أن يعمله ويمسك عما نهى عنه وعما لم يؤذن له فيه ولكل واحد منهم عمل كما تقدم وكل به لا يشركه فيه غيره ولا يشرك هو غيره فيما ليس من عمله كما لكل جارحة من هذه الجوارح عمل لا يشركها غيرها فيه فالقول للسان والنظر للبصر والسمع للأذن والتناول والبطش لليدين والسعى والوقوف للرجلين، وليس ينظر المرء بلسانه ولا يسمع بعينه ولا ينطق بأذنيه، ولا تعدو جارحة من الجوارح ما جعل لها كذلك أمثالها من أسباب أولياء الله لكل واحد منهم حد لا يعدوه إلى غيره وسائر الجوارح التى هى دون ذلك هى اتباع لهذه الجوارح ومستعملة باتباعها فيما تعمله وكذلك سائر الخلق مأمورون باتباع من نصبه لهم أولياء الله.
وأما ما جاء فى كتاب الدعائم من أن الإيمان يزيد وينقص بقدر ما يعمله العبد ويعتقده فكذلك مثله الذي هو باطن يزيد وينقص بقدر عمل من يعمله ويعتقده فإن هو حافظ عليه وقام بحدوده وفى الباطن بشرائطه وما أخذ عليه فيه فتح الله له فى الزيادة منه وإن هو قصر فى ذلك نقص من المادة والتأييد فيه بقدر ما قصر ولذلك تفاضل المؤمنون فى درجات علمه وإن استووا فى سماعه بقدر حفظهم إياه وتقصيرهم فيه ولذلك قد لا يعى شيئا منه من ضيع حدوده ورفض واجبه وإن سمعه
صفحہ 56
كما أخبر الله بقوله:@QUR031 «ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ما ذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم. والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم» [1].
والذي جاء فى كتاب الدعائم من أن الإيمان درجات ومنازل فكذلك علم التأويل الباطن حدود ودرجات يرتقى فيها المؤمنون بحسب ما أنتم تشاهدون وفيه ترتقون وتنقلون.
فأما ما جاء فى كتاب الدعائم من ذكر فرق ما بين الإيمان والإسلام وأن الإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان فقد قدمنا جملة من القول فى بيان مثل ذلك فى الظاهر والباطن وليس ينبغى أن يبتدئ المؤمن المتصل فى حين اتصاله بالباطن قبل الظاهر ولكن يبتدئ كما قدمنا القول لذلك والبيان به بتعليم العلم الظاهر على ما أدته الأئمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إذا تأدى إليه من ذلك ما لا يسعه جهله فتح له فى العلم الباطن بعد ذلك.
وقد ذكرنا أن مثل الإسلام مثل الظاهر ومثل الإيمان مثل الباطن وكذلك لا ينبغى لمن جاء وهو على غير دين الإسلام أن يؤخذ عليه عهد الإيمان ويرقى إلى حده إلا بعد أن يؤخذ عليه عهد الإسلام وذلك الإقرار بالرسول والدخول فى شريعته والبراءة مما كان عليه من خلاف ذلك فإذا هو فعل ذلك فقد صار مسلما ثم بعد ذلك يؤخذ عليه عهد الإيمان ويفتح له تعريف إمامه ويرقى فى حدود الإيمان بعد أن يوقف على علم الظاهر الحقيقى الذي جاء عن الأئمة عليهم السلام وليس يجب أن يرقى إلى حد الإيمان وهو غير مسلم كذلك لا يرقى إلى حد الباطن من لا علم له بالظاهر فهذا يطابق ما جاء أن الإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان فى ظاهر ذلك وباطنه.
ومما جاء بيانه فى كتاب الدعائم عن على صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الإسلام الإقرار والإيمان الإقرار والمعرفة وقد بينا أن مثل القول مثل الظاهر والإقرار قول وهو مثل الظاهر أيضا والإيمان مثله مثل المعرفة التى هى فعال القلب الذي مثله كما قدمنا ذكره مثل الإمام فلما اشترك الظاهر والباطن واعتقدا معا وعمل بها جميعا
صفحہ 57
كان ذلك إيمانا حقيقيا خالصا كما كان فى الظاهر الإقرار، والمعرفة هى الإيمان الكامل إذا أكملته الأعمال المفروضة.
وقد جاء فى كتاب الدعائم عن على صلى الله عليه وسلم أنه قال: المعرفة من الله حجة ومنة ونعمة والإقرار من يمن الله به على من يشاء من عباده والمعرفة صنع الله فى القلب والإقرار فعال القلب بمن من الله وعصمه ورحمه فمن لم يجعله الله عارفا فلا حجة عليه وعليه أن يقف ويكف عما لا يعلم ولا يعذبه الله على جهله ويثيبه على عمله بالطاعة ويعذبه على عمله بالمعصية ولا يكون شيء من ذلك إلا بقضاء الله وقدره وبعلمه وبكتابه وبغير جبر لأنهم لو كانوا مجبورين لكانوا معذورين وغير محمودين ومن جهل فعليه أن يرد إلينا ما أشكل عليه قال تعالى:@QUR07 «فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون» [1] فتأويل المعرفة من الله حجة ومنة ونعمة وإن العلم الحقيقى الذي هو علم التأويل كذلك هو حجة على العباد ومنة من الله ونعمة عليهم.
وقوله الإقرار من يمن الله به على من يشاء فتأويل ذلك أيضا أن علم الظاهر الذي هو عن علم الأئمة صلى الله عليهم كذلك هو من يمن الله به من يهديه إلى علمه.
وقوله فمن لم يجعله الله عارفا فلا حجة عليه يعنى فى تأويل ذلك أن من استجاب لدعوة أولياء الله وصدق بهم وأخذ عليه عهدهم الذي قدمنا القول بأن من عمل بما أمر به فيه وانتهى عما نهى عنه به فقد أقام ظاهر دينه وباطنه وإن لم يعلم شيئا من العلم غيره إذا لم يجد السبيل إلى التعليم أو قصر به الأجل عنه فهذا تأويل قوله ومن لم يجعله الله عارفا فلا حجة عليه يعنى بذلك من لم يصل إلى علم التأويل ولا علم ظاهر دينه من قبل إمام زمانه لأن ذلك لا ينال دفعة وإنما يدرك بالطلب والوجود ومن استجاب لدعوة إمام زمانه وأخذ عليه عهده فقد صار بذلك مؤمنا وعليه أن يعمل بما فى العهد وما أشكل عليه توقف فيه وسأل عنه كما قال على صلى الله عليه وسلم، وعليه بعد ذلك أن يطلب العلم ظاهرا وباطنا بقدر استطاعته فما علم منه كان بالغا فى الفضل بقدره وما قصر عنه بعد اجتهاده فهو معذور فيه قال تعالى:@QUR09 «يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات» [2] وقال:@QUR07 «هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون» [3] وقال على صلى الله عليه وسلم قيمة كل امرئ ما كان يحسنه.
صفحہ 58
وتأويل قوله والمعرفة صنع الله فى القلب أن الإيمان من قبل الإمام الذي مثله مثل القلب.
وقوله والإقرار فعال القلب تأويله أن العلم الظاهر لا يثبت إلا عن إمام.
وقوله ولا يكون شيء من ذلك إلا بقضاء الله وبقدره وبعلمه وبكتابه بغير جبر لأنهم لو كانوا مجبورين لكانوا معذورين وغير محمودين تأويله أن رحمة الله التى أجراها لعباده على أيدى أوليائه هو عز وجل الذي قضاها كذلك وقدرها وأعطاهم إياها وليس ذلك من استنباطهم ولا من تقولهم من ذات أنفسهم وأنهم لا يجبرون العباد على الجهل إذا رغبوا إليهم فيمنعونهم ما آتاهم الله من فضله لأنهم لو فعلوا ذلك بهم لكانوا فى مقامهم على الجهل معذورين ولا يجبرونهم على الدخول فى أمرهم لأنهم لو جبروا على ذلك لكانوا غير محمودين، فافهموا أيها المؤمنون بيان تأويل ما تقدم ولى الله إليكم ببيان ظاهره ومما تعبدكم الله بعلمه والعمل به ظاهرا وباطنا وتنافسوا فى علم ذلك ومن جهل شيئا منه فلا يقم على جهله أو شك فيه فلا يتمادى على شكه أو نسيه فلا يمضى على نسيانه وليسأل بيان ما جهله وشك فيه ويتذكر ويعاود سماع ما أعرض عنه أو نسيه، أعانكم الله على القيام بما افترضه عليكم وحملكم إياه وأعاذكم من تضييعه والإعراض عنه وجعلكم ممن يرضيه[1] ورضى عمله وصلى الله على نبيه وعلى الأئمة من أهل بيته وسلم تسليما، حسبنا الله ونعم الوكيل.
المجلس الثالث من الجزء الأول: [فى باب الولاية]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الحميد بما أولى من آلائه وصلى الله على محمد نبيه وعلى الأئمة من ذريته وأوليائه.
وأما ما جاء فى كتاب الدعائم من قول أمير المؤمنين على صلى الله عليه وسلم إن أدنى ما يكون العبد به مؤمنا أن يعرفه الله نفسه فيقر له بالطاعة وأن يعرفه نبيه فيقر بنبوته وأن يعرفه حجته فى أرضه وشاهده على خلقه فيعتقد إمامته. قيل وإن جهل غير ذلك قال نعم ولكن إذا أمر فليطع وإذا نهى فلينته فهذا مما قدمنا القول به أن الإقرار بالله والتصديق لرسوله والإقرار به هو الإسلام الذي مثله فى التأويل مثل الظاهر، وأنه أول ما ينبغى أن يعلمه ويعتقده[2] المرء فيكون به مؤمنا مسلما وهو
صفحہ 59
قول على صلى الله عليه وسلم أن يعرفه الله نفسه فيقر له بالطاعة وأن يعرفه نبيه فيقر بنبوته فمن فعل ذلك فهو مسلم وسبيله سبيل أهل الظاهر إذ كان الإسلام كذلك مثله كما تقدم القول مثل الظاهر ولا يعلم الباطن أهله حتى يصيروا إلى حد الإيمان الذي مثله كما قدمنا القول به مثل الباطن وذلك قول على صلى الله عليه وسلم وأن يعرفه حجته فى أرضه وشاهده على خلقه فيعتقد إمامته فأخبر أنه لا يكون مؤمنا حتى يكون قبل ذلك مسلما ثم ينتقل بعد الإسلام بالمعرفة إلى حد الإيمان وكذلك لا ينبغى كما قدمنا أن يفاتح المستجيب بالباطن حتى يفاتح قبل ذلك بالظاهر الذي هو يؤثر عن الأئمة فيعرف ما يلزمه من إقامة ظاهر الدين وذلك مثله مثل الإسلام ثم يفاتح بعد ذلك بعلم الباطن الذي مثله مثل الإيمان وذلك حسب ما نقلكم ولى الله عليه فى حدود دين الله ومن أجل مخالفة ذلك أهلك كثير من الدعاة كثيرا من المستجيبين فبدؤهم بالمفاتحة بالباطن فأعرضوا لهم عن ذكر الظاهر فاطرحوه وتهاونوا بما افترض الله عليهم منه وأهملوه فهلكوا من أجل ذلك وقول على صلى الله عليه وسلم إن من أقر بالله وبرسوله وعرف إمام زمانه واعتقد ولايته[1] فهو مؤمن وإن جهل غير ذلك، ولكن إذا أمر فليطع وإذا نهى فلينته فهو ما قدمنا ذكره من أن المستجيب إذا أخذ عليه العهد وألزم نفسه ما فيه وعمل بذلك فهو مؤمن وإن لم يعلم شيئا من العلم ولكن عليه أن يطلب ذلك ويتفقه فى الدين بقدر ما يمكنه ويبلغ إليه وما جهله فلا يقتحمه وليسأل عنه ثم قال على صلى الله عليه وسلم وأدنى ما يكون العبد به مشركا أن يتدين بشيء مما نهى الله عنه، ويزعم أن الله أمر به ثم ينصبه دينا ويزعم أنه يعبد الذي أمر به وهو غير الله عز وجل وهذا يؤيد قول الله:@QUR07 «اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله» [2].
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ذلك إنما كان لأنهم أحلوا لهم وحرموا عليهم فاستحلوا ما أحلوه وحرموا ما حرموه عليهم وقد ذكرنا الحديث فى ذلك بتمامه فيما تقدم فيما سمعتموه.
ثم قال على صلى الله عليه وسلم وأدنى ما يكون به العبد ضالا ألا يعرف حجة الله فى أرضه وشاهده على خلقه فيأتم به فالضال فى المتعارف الآخذ على غير طريقه[3]
صفحہ 60
الذي لا يعلم أين الطريق الذي يريد قصده ومثل الطريق فى التأويل وهو الصراط مثل الإمام فمن لم يعرفه وعدل عنه فهو ضال.
وأما ما جاء فى كتاب الدعائم من أمر الولاية لأولياء الله فقد ذكرنا أن مثل الولاية مثل أول ناطق وقد جمع الله له علم النبيين وكان مستودعا عنده مستورا باطنا وعنه انتقل إلى واحد بعد واحد من أنبياء الله وأئمة دينه ومن ذلك قول على صلى الله عليه وسلم فى كلام يطول ذكره وعليكم بطاعة من لا تعذرون بجهالته فإن العلم الذي نزل به آدم وما فضلت به النبيون فى خاتم النبيين وفى عترته الطاهرين فأين يتاه بكم بل أين تذهبون فكان مثل الولاية فى التأويل مثل الباطن كذلك أيضا وأنها اعتقاد القلب والقلب مثله كما ذكرنا مثل الإمام والباطن هو مكنون علمه فمن أجل ذلك كان مثله مثل الولاية ولأن كل من أثبت ولاية الأئمة من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحقيقة أثبت حقيقة العلم الباطن ومن أنكر ولايتهم أنكر الباطن ولأن العلم الباطن لا يوجد إلا عند الأئمة صلى الله عليهم وسلم وهم خزنة علمه وألفائه وقرنائه وهو معجزتهم أبانهم الله بعلم التأويل كما أبان جدهم محمدا صلى الله عليه وسلم بالتنزيل وجعله معجزته وأعجز الخلق جميعا أن يأتوا بمثله وكذلك أعجزهم عن علم التأويل وجعله فى أئمة دينه من آل الرسول، والعرب فى لغتها والمعروف من لسانها تسمى الشيء باسم ما صحبه ولاءمه وألفه ومن ذلك أيضا كان الكتاب مثل الإمام لأن القرآن هو أليف كل إمام وبه يعمل وعليه يعول وعنده علمه قال الله لرسوله صلى الله عليه وسلم:@QUR010 «قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب» [1] يعنى وصيه عليا صلى الله عليه الذي أودعه ذلك والأئمة من ولده الذين انتقل ذلك عنه إليهم، والعرب تسمى الكتاب إماما قال أصحاب التفسير فى قول الله:@QUR06 «وكل شيء أحصيناه في إمام مبين» قالوا يعنى فى كتاب.
ومما جاء فى كتاب الدعائم فى أبواب الولاية ما نزع به من القرآن من قول الله تعالى:@QUR024 «إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون» [2]، وإنما خاطب
صفحہ 61
الله عز وجل بهذا الخطاب المؤمنين جميعا وكذلك قال تعالى:@QUR05 «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض» [1] وقد ذكرنا أن الولاية دعامة من دعائم الإسلام وأمر الله فى كتابه بطاعة أولى الأمر وقرن طاعتهم بطاعته وطاعة رسوله وقال:@QUR07 «أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم» [2] وكذلك قرن ولايتهم بولاية رسوله بقوله:@QUR06 «إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا» [3] وذلك فرض فرضه الله عز وجل على المؤمنين، والولاية أصلها السمع والطاعة فلو كان القول فى ذلك ما قالته العامة من أن المراد بالولاية هاهنا وبالمؤمنين جميع من آمن بالله ورسوله لم يدر من المأمور منهم بالسمع والطاعة ومن يجب ذلك له من جميعهم ولكانت طاعة جميعهم واجبة على جميعهم وأهواؤهم مختلفة وقلوبهم وآراؤهم شتى ومنهم المطيع والعاصى والمؤالف والمخالف وقد علم الله ذلك منهم فلم يكن سبحانه ليوجب من ذلك ما لا يعرف حقيقته ولا يصح أمره ولا يثبت واجبه ولكن اسم الإيمان يقع على جميع من آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله من أنبيائه وأئمة دينه وجميع أوليائه وجميع من صدق بذلك، وأصل الإيمان التصديق قال الله تعالى:@QUR07 «وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين» [4] أى ما أنت بمصدق لنا وإن صدقنا، ومعلوم فى لسان العرب الذي نزل به القرآن وخوطبوا منه بما يعرفون فى لغاتهم ولسانهم أن الخطاب قد يكون عاما عندهم ويراد به الخاص كما قال الله تعالى:@QUR09 «الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم» [5] فأراد أن بعض الناس قال ذلك وأنه إنما أراد أن بعض الناس هم الذين جمعوا لهم وذلك ما لا يجوز غيره لأن القائلين ذلك والمخاطبين به هم من الناس فلا يجوز أن يراد بقوله قال لهم الناس جميع الناس والذين قيل لهم ذلك هم بعض الناس وليسوا بقائلين ذلك ولأن الذين جمعوا لهم هم جميع الناس والذين جمعوا لهم من الناس فهذا مما ظاهره يقع على العموم وباطنه يراد به الخاص دون العام وهو كثير فى القرآن وفى كلام العرب وما يجرى منه بين الناس ويتداولونه بينهم كما يقول القائل منهم لقيت العلماء ورأيت الملوك وسمعت كلام الناس وركبت الخيل وشاهدت الأعمال وأشباه ذلك
صفحہ 62
من القول وهو لم يرد بذلك الجميع وإنما أراد البعض ممن لقيه[1] ورآه وشاهده فكذلك قول الله:@QUR06 «إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا» لم يرد به جميع المؤمنين لأن الخطاب بذلك لمن أوجب عليه ولاية من أوجب ولايته منهم وإنما أراد بالمؤمنين هاهنا الأئمة الذين قرن الله طاعتهم بطاعته وطاعة رسوله بقوله:@QUR07 «أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم» كما قرن ولايتهم بولايته وولاية رسوله وقد تقدم البيان فيما سمعتموه أن اسم الإيمان يقع على جميع من آمن بالله ورسوله قال الله عز وجل حكاية عن موسى صلى الله عليه وسلم:@QUR06 «سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين» [2] وقال:@QUR011 «آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله» [3] وقال:@QUR07 «وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب» ومن ذلك قول الله تعالى:@QUR010 «والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم» [4] وقد أخبر الله أن الشهداء إنما هم واحد فى كل أمة بقوله:
@QUR012 «فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا» [5] وقال:@QUR03 «وجيء بالنبيين والشهداء» [6] فليس كل من آمن بالله وبرسوله يكون صديقا وشهيدا بل أكثرهم وإن آمنوا فى الظاهر فقد أشركوا كما أخبر تعالى عن ذلك بقوله:@QUR07 «وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون» [7] والمراد بالصديقين والشهداء من المؤمنين الأئمة منهم وكذلك قوله:@QUR05 «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض» فالأئمة أولياء من دونهم من المؤمنين وولايتهم مفترضة على سائر من دونهم من المؤمنين وهم أولياء المؤمنين الذين افترض ولايتهم عليهم وبعض الأئمة أولياء بعض لأنه لم يكن منهم إمام يستحق الإمامة إلا من بعد أن كان مأموما وكان من قبله إمامه والرسول إمام جميع الأئمة ووليهم فهذا معنى قول الله:@QUR05 «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض» .
صفحہ 63
وولاية من له الولاية منهم ومن يولى منهم عليه واسم الإيمان كما ذكرنا بجمعهم والخطاب وإن جمعهم فى الظاهر فإنه يخص بعضهم دون بعض فى الباطن وقوله تعالى:
@QUR013 «إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون» [1] وكل المؤمنين القائمين بما افترضه الله عليهم@QUR04 يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويركعون فى الظاهر وقد نص الله على ولاية من وصفه بهذه الصفة ودل بها عليه فلو حمل ذلك أيضا وعلى ظاهره لرجع إلى المعنى الذي بينا فساده ولكن الصلاة والزكاة كما بين ذلك فى كتاب الدعائم من الإيمان ومما يوجبه وهما[2] مفروضتان مع سائر الفرائض على الأئمة وعلى كافة المؤمنين ولكن المراد هاهنا بالذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون الأئمة صلى الله عليهم وسلم لأنهم هم@QUR05 الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة بالحقيقة ظاهرا وباطنا فأما فى الظاهر فإن الصلاة الظاهرة التى هى الركوع والسجود والقيام والقعود والتشهد أفضلها ما كان فى جماعة ومنها ما لا يجزى إلا كذلك كصلاة الجمعة والعيدين ولا تكون جماعة إلا بإمام فالأئمة هم@QUR03 الذين يقيمون الصلاة بالحقيقة وإيتاؤهم الزكاة هو أن العباد قد تعبدوا بدفع ما يلزمهم منها إليهم وتعبدوهم بإيتائها من تجب له وصرفها فى وجوهها فهم الذين يؤتون الزكاة بالحقيقة من يستحقها وركوعهم طاعتهم لله ولرسوله والصلاة فى الباطن هى الدعوة فهم صلى الله عليهم وسلم يقيمونها والمال فى الباطن هو العلم وإخراج الزكاة منه فى الباطن هو إخراج ما أوجب الله على أهله الذين هم أئمة دينه أن يبذلوه لمستحقه.
ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لكل شيء زكاة وزكاة العلم نشره» فهم المقيمون الصلاة والمؤتون الزكاة والراكعون بالحقيقة ظاهرا أو باطنا وإياهم عنى الله بذلك.
وقد روت العامة أن هذه الآية نزلت فى على صلى الله عليه وسلم وذلك قالوا إنه تصدق بخاتمه على سائل مر به وهو راكع.
وقد جاء فى كتاب الدعائم عن محمد بن على صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن قول الله:@QUR06 «إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا» من عنى بالذين آمنوا فقال إيانا عنى بذلك، وأنه سئل عن قوله تعالى:@QUR04 «يا أيها الذين آمنوا» فى مواضع كثيرة من القرآن من
صفحہ 64
مثل هذا مما لا يجوز أن يعنى بها جميع المؤمنين وقال وإيانا عنى بذلك وقال فى بعضها وعلى صلى الله عليه وسلم أولنا وأفضلنا وأخيرنا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان ذلك من قوله مما يؤيد ما ذكرناه من أن الأئمة هم الذين عنى الله بقوله:@QUR04 «يا أيها الذين آمنوا» فيما يرتفع من حدود المؤمنين دونهم وأن اسم الإيمان يجمعهم وإياهم وكذلك المعنيون صلى الله عليهم بكثير من القول فى القرآن مما قد ادعته العامة لأنفسها مثل قوله عز وجل:@QUR012 «وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا» [1] ومثل قوله:@QUR08 «وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون» [2] ومثل قوله:@QUR03 «وأولي الأمر منكم» ومثل قوله تعالى:@QUR015 «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل» [3] ومثل قوله:@QUR05 إن في ذلك لآيات للمتوسمين [4] و@QUR06 إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب» ومثل قوله:@QUR03 وكونوا مع الصادقين ومثل قوله:@QUR09 «هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج» [5] ومثل قوله:@QUR02 «الصديقون والشهداء» ومثل قوله:@QUR03 «ولكل قوم هاد» ومثل قوله:
@QUR03 «والراسخون في العلم» ومثل قوله:@QUR07 «ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا» [6] ومثل هذا كثير قد جاء بعضه فى كتاب الدعائم وبعضه فى كتاب الرضاع فى الباطن وسيأتى كثير منه فيما تسمعون إن شاء الله جعلكم الله ممن يعى من ذلك ما يسمع ويحظى به لديه وينتفع ونفعكم بما تسمعون وجعلكم لأنعمه من الشاكرين وصلى الله على محمد النبي وعلى آله الطيبين وسلم تسليما، حسبنا الله ونعم الوكيل.
المجلس الرابع من الجزء الأول فى تربية المؤمنين:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ولى كل نعمة وصلى على محمد نبى الأمة وعلى الصفوة والمصطفين من ذريته الأئمة.
وأما ما جاء فى كتاب الدعائم من القول فى ذكر العلم والعلماء فالمراد بالعلم
صفحہ 65
فى ذلك العلم المأثور عن أولياء الله وأنبيائه وأئمة دينه صلى الله عليه وسلم والمراد بالعلماء هم صلى الله عليهم ومن تعلم منهم فهو يعد من العلماء على سبيل المجاز باتباعه لهم وتوليه إياهم كقوله تعالى:@QUR04 «فمن تبعني فإنه مني» [1] وقوله:@QUR05 ومن يتولهم منكم فإنه منهم [2] فهم العلماء بالحقيقة صلى الله عليهم وسلم، وقد يقع اسم العلماء على المجاز على كل عالم بشيء ما كان فليس أولئك وإن وقع عليهم اسم العلماء ممن يعنى بالعلماء فى الحقيقة وقد يقال فلان عالم بالشر وعالم بالخير وعالم بصنعة كذا وأمر كذا مما يطول ذكره من الأعمال والعلوم التى لا يعد أهلها فى العلماء بالحقيقة كذلك من أحدث علما وانتحله عمن أخذه واستنبطه من ذات نفسه فليس ذلك العلم مما يعد فى العلم الحقيقى الذي قدمنا ذكره ولا أولئك ممن يعد فى العلماء بالحقيقة وإنما ينسبون إلى العلم وينسب إليه من أحدثه على سبيل المجاز كما قدمنا بيان ذلك.
ومن ذلك قوله تعالى:@QUR09 «بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم» [3] يعنى أولياءه ولا يكون أهل العلم هاهنا كل من علم شيئا ما كان وكذلك قوله:@QUR09 «يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات» [4] وإنما عنى بالعلم هاهنا العلم الحقيقى الذي قد قدمنا ذكره المأثور عن أولياء الله.
ومن هذا أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «رب حامل فقه ليس بفقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه»، وقد ذكرنا فى متقدم القول أن تأويل ذلك قد يكون أنه أراد بحامل فقه ليس بفقيه من لم يعمل بما حمله من الفقه وقد يكون أيضا اسم الفقه والفقيه هاهنا اسما على المجاز كما ذكرنا والفقه فى اللغة العلم والفقيه العالم ولكنهم خصوا بذلك العلم بالحلال والحرام فلزم ذلك لما كثر على ألسنتهم وقد ذكرنا معنى العلم ووجوهه والفقه يجرى فى ذلك مجراه فيكون المراد بذلك العالم على المجاز الذي لا علم فى الحقيقة عنده ومن ذلك أيضا ما جاء فى كتاب الدعائم عن على من قوله ولا يستحيى العالم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم، فبين ذلك أنه قد يدعى عالما وإن جهل بعض العلم وذلك إنما يقع على من ذكرناه من المستفيدين عن أولياء
صفحہ 66