الباطن ولا يقوم ظاهر إلا بباطن ولا باطن إلا بظاهر[1].
ومن ذلك أيضا قول الأئمة صلى الله عليهم إن الإيمان قول وعمل ونية، فمثل القول مثل الظاهر ومثل العمل مثل الباطن لأن القول بالشهادتين هو الذي يوجب الدخول فى الملة، ولمن شهد بذلك حكم الملى، والعمل المفترض فى حكم الشريعة الذي مثله مثل الباطن مستور عن الناس إنما هو فيما بين العبد وبين ربه. فإذا قال قد تطهرت وصليت وصمت وتزكيت وتعلمت ما أوجبه الله علي لم يكلف على ذلك البيان ولا أن يأتى عليه بشهود إلا فيما يجب لغيره من ذلك عليه إذا طولب به فأما ما بينه وبين الله مما تعبده به فهو مأمون عليه والله يعلمه ويجزيه به ومن قال إن الإيمان قول بلا عمل كما قالت المرجئة فهو بمنزلة قولهم إن الدين ظاهر لا باطن له.
وقد جاء فى كتاب الدعائم بيان فساد قولهم بذلك ومثل النية التى لا يصح القول والعمل إلا بها كما جاء بيان ذلك أيضا فى كتاب الدعائم مثل الولاية لأن النية اعتقاد القلب والفرض فيه ومثل القلب فى التأويل كما تقدم القول بذلك مثل الإمام فمن لم يعتقد ولاية إمام زمان لم ينفعه قول ولا عمل ولم يصح له ظاهر ولا باطن ولا يصح اعتقاد ولاية الأئمة إلا بعد اعتقاد رسالة الرسل الذين هم أصل الشرائع والذين أقاموها والأئمة أتباع لهم فيها وآخذون عنهم ما بأيديهم منها لكل نبى منهم أئمة شريعته إلى منتهى حده وانقضاء أدوار أئمته على ما قدمنا ذكره وأنه لا بد من التصديق بجميع الرسل والأئمة والعمل بما أتى به صاحب شريعة أهل العصر وأمر إمامهم وطاعته والبراءة من كل من فارق الرسل والأئمة أو ادعى مقام أحد منهم ممن ليس ذلك له.
وأما ما ذكر فى كتاب الدعائم من ذكر الفروض على الجوارح فقد جاء فيه بيان ظاهر ذلك وما على كل جارحة من جوارح الإنسان وما يلزمها من العمل ولذلك تأويل فى الباطن كما هو للجوارح من الأمثال.
وأما ما قيل إن الإيمان عمل كله والقول بعض ذلك العمل، فتأويل ذلك أن الباطن الذي هو مثل الإيمان عمل كله لأنه لا يخلق شيء منه من أن يكون عملا
صفحہ 54