لب مصون
اللب المصون شرح الجوهر المكنون في علم البيان
اصناف
الثاني الاستخدام وهو أن يراد بلفظ له معنيان أحدهما ثم بضميره الآخر أو يراد بأحد ضميريه أحدهما ثم بالآخر الآخر فالأول كقوله :
إذا نزل السماء بأرض قوم = رعيناه وإن كانوا غضابا
والثاني نحو أتينا غيثا فرعيناه. الثالث التجريد. وهو أن ينتزع من أمر ذي صفة آخر مثله فيها مبالغة كمالها فيه وهو أقسام منها ما يكون بمن التجريدية نحو قولهم لي من فلان صديق حميم أي بلغ من الصداقة حدا صح معه أن التخلص منه آخر مثله فيها مبالغة في كمالها فيه. ومنها ما يكون بالباء التجريدية الداخلة على المنتزع منه نحو قولهم لئن سألت فلانا لتسألن (...) البحر بالغ في اتصافه بالسماحة حتى انتزع منه بحرا في السماحة. ومنها ما يكون بفي الداخلة على المنتزع منه نحو قوله تعالى لهم فيها دار الخلد. ومنها ما يكون من غير توسط حرف نحو قوله:
ولئن بقيت لأرحلن بغزوة = تحوي الغنائم أو يموت كريم
يعني نفسه انتزع من نفسه كريما مبالغة في كرمه. ومنها مخاطبة الإنسان نفسه كقوله: *لا خيل عندك تهديها ولا مال*انتزع من نفسه شخصا آخر مثله في فقد الخيل والمال. قال:
ثم المبالغة وصف يدعى = بلوغه قدرا يرى ممتنعا
أو تابعا وهو على أنحاء = تبليغ إغراق غلو جائي
مقبولا او مردودا التفريع = وحسن تعليل له تنويع
أقول: ذكر في هذه الأبيات ثلاثة ألقاب الأول المبالغة وهو إدعاء بلوغ وصف في الشدة أو الضعف إلى حد مستحيل أو مستبعد لئلا يظن أنه غير متناه فيه وهو ثلاثة أقسام تبليغ وإغراق وغلو فالتبليغ أن يكون الوصف المدعى ممكنا عقلا وعادة كقوله:
فعادى عداء بين ثور ونعجة = دراكا فلم ينضح بماء فيغسل
أدعى أن فرسه أدرك ثورا ونعجة أي ذكرا وأنثى من بقر الوحش في مضمار واحد ولم يعرق وهذا ممكن عقلا وعادة.
والإغراق ما أمكن عقلا لا عادة كقوله:
صفحہ 107