والمعتدل المتوسط بين هذين وهذا ليس يدركه الا من يدرك السكون الذي بعد الانقباض وذلك امر يعسر اللهم الا انه يشبه ان يكون غير ممتنع على المرتاضين جدا الجيدين الحس فان الناس يتفاوتون في هذا الادراكات لتفاوتهم في الارتياض والذكاء. واما من لم يحس بهذا السكون فليس يفرق بين النبض السريع والمتواتر. واما الجنس الماخوذ من المقايسة بين الاربعة الازمنة التي في النبض فينقسم الى النبض المعتدل الوزن والغير المعتدل الوزن. والمعتدل الوزن هو الذي يكون فيه نسبة الحركتين بعضها الى بعض نسبة طبيعية على المجرى الطبيعي وكذلك نسبة السكون الى السكون ونسبة الحركة الى السكون وهذه المقايسة والمناسبة تختلف بحسب اختلاف الفصول والاسنان والامزجة. وجالينوس يزعم ان هذه المناسبات الطبيعية انما تلغى ابدا على احد النسب المتفقة النغم وهي نسبة الضعف ونسبة الجزء ويزعم ان اصغر النسب المحسوسة في النبض هي نسبة الزايد ربعا وهذا ان كان كما قال فامر عجيب. وانما يبعد ادراك مثل هذه النسب في النبض مع ان كثيرا من الناس يدركها في النغم ان النغم لها فضل تمديد حتى يدرك فيها مثلا البعد الارخى وهو الزايد جزأ من ستة وثلاثين. واما في النبض فالازمنة التي توخذ فيها هذه المقايسة قصيرة وايضا فان السكون الذي يكون بعد الانقباض عسير الحس لكون الشريان تحت اللحم ولهذا ما تخيروا من الشريان للاحساس ما كان انشز وهو مع ذلك قريب من المبدأ والتي بهذه الصفة هي الشراين التي تجسها الاطباء واما الجنس الماخوذ من تشابه النبض واختلافه فهذا الجنس يلحق جميع الاجناس التي سلفت وذلك ان التشابه في النبض هو ان تكون الاجناس التي تقدمت على حال واحدة مثال ذلك ان كان النبض عظيما ان يتمادى على عظمه وكذلك ان كان سريعا او متفاوتا او بطيا او غير ذلك. والنبض المتشابه باطلاق هو الذي يتشابه في جميع اجناس النبض. واما النبض المختلف فهو ايضا ضربان اما مختلف في جميع اجناس النبض واما في جنس واحد او اكثر من واحد. والنبض المختلف في اي جنس كان منه ما يكون اختلافه في نبضات كثيرة ومنه ما يكون اختلافه في نبضة واحدة والمختلف ربما كان منتظما وهو الذي يحفظ الاختلاف في ادوار محدودة وربما كان غير منتظم وهو الذي لا يحفظ الاختلاف واحصاء انواع المختلف هو الين باحصاء الانواع المركبة وسنعدد منها فيما بعد اشهرها واما الجنس /الماخوذ من كيفية الشريان فاصنافه ثلثة الحار والبارد والمعتدل واما الجنس الماخوذ من قوام الشريان فهي ايضا ثلثة اللين والصلب والمعتدل. واما الجنس الماخوذ مما يحتوي عليه الشريان فاصنافه ايضا ثلثة الممتلي والفارغ والمعتدل. فهذه هي الاصناف البسيطة. وهنا اصناف من النبض مركبة لها اسماء مشهورة قد ينبغي ان نعددها فمنه الغزالي وهو نبض مختلف في نبضة واحدة وذلك في السرعة والبطي وذلك انه يعرض للعرق في هذا النبض ان يسرع ثم يقف وقفة ثم يتم حركته بسرعة وانما سمي غزاليا لشبه هذه الحركة بطفرة الغزال ومنه المسمى ذنب الفارة وهو نبض لا يزال في الاختلاف اخذا اما من زيادة الى نقصان واما من نقصان الى زيادة وهذا الانحطاط او التزيد ربما كان منتظما وربما لم يكن واحد الاختلاف المسمى بهذا الاسم هو الاختلاف الذي يكون في العظم والصغر وقد يكون في غير ذلك من الاجناس. ومنه الموجي وهو المختلف في عظم اجزاء العروق وصغرها او في شهوقها وغورها اوفي دقتها وعرضها وفي التاخير والتقدم مع لين موجود فيه وهو الى الصغر اقرب ما هو لكنه ليس بالصغير جدا وبالجملة انما سمي موجيا لشبه حركته بحركة الموج. ومنه الدودي وهو شبيه به الا انه اصغر منه واشد تواترا. ومنه النملي وهو اصغر من هذين واشد تواترا. ومنه المنشاري وهو شبيه بالموجي في اختلاف الاجزاء الا انه صلب. ومنه ذو القرعتين وهذا ربما اطلق على الاختلاف الذي يكون في نبضة واحدة اعني انها تنقطع ثم تعود وربما اطلق على النبضتين الذين بينهما من السكون ما لا يستحق ان يكون سكونا. ومنه المرتعد وهو الذي يحس فيه بحال تشبه الرعدة. ومنه الملتوي وهو الذي يحس فيه كأن العرق يفتل ويلوي. ومنه المنحني وهو الذي يكون في وسطه غليظا شاهقا وفي طرفيه غايرا. فهذه هي جميع الانواع البسيطة والمشهورة من المركبة. وقد ينبغي ان نصير الى اعطاء اسباب ذلك. فنقول اما اسباب عظم النبض فهي صحة القوة والالة وشدة الحاجة الى النبض ولذلك كان هذا النبض دليل غلبة الدم على البدن وبخاصة اذا اقترن الى ذلك سرعة وتواتر لان هذه كلها شواهد على شدة الحاجة مع صحة القوة والالة واما الصغير فاسبابه ضد هذه الاسباب وذلك اما ضعف فقط واما صلابة الالة وقلة مواتاتها واما قلة الحاجة الى النبض ولذلك ان كان الفاعل لهذا النبض ضعف القوة دل ضرورة على سوء مزاج ردي اما مادي فيغمر القوة ويضعفها واما على استفراغ مفرط قد حلل الروح الغريزي واما متى كان الفاعل له صلابة العرق فيدل ضرورة اما على سوء مزاج يابس مادي كما يعتري ذلك في غلبة الصفراء والسوداء او عن استيلاء مزاج يابس غير مادي على البدن مثل حمى الدق واما على جمود من سبب بارد واما على تمدد في الشريان كما يعتري ذلك في الاورام. واما ما سببه قلة الحاجة فيدل على انطفاء الحرارة وقلتها وقد تجمع الاسباب الثلاثة فيدل على جميع هذه واما الاعتدال فاسبابه ضرورة هي كون هذه الاشياء معتدلة واما النبض الطويل فسببه تقصير القوة عن بسط الشريان في العرض والعمق على نسبة بسطه في الطول وذلك انما يكون في الاكثر لقلة مواتاة الالة مثل الصلابة او كثافة اللحم واما القصير فاسبابه ضد اسباب الطويل وذلك ضعف القوة وربما كان سبب ذلك الصلابة وربما اجتمع الامران واما العريض فسببه وفور القوة مع لين الالة واسترخايها او سدة فيها والدقيق اسبابه صلابة العرق وضعف القوة والشاهق اسبابه قريبة من اسباب الطويل الا ان القوة فيه اعظم او الالة اكثر مواتاة والغاير اسبابه ضد هذه الاسباب واما السريع ففاعله شدة الحاجة الى النبض الا انه ليس يلزم ان يكون معه النبص عظيما وذلك ان كثيرا ما تستعمل الطبيعة السرعة في النبض اذا فاتها العظم عوضا منه وذلك اما لضعف القوة نفسها او لقلة مواتاة الالة والبطيء اسبابه ضد هذه الاسباب اعني اما /قلة الحاجة الى التنفس واما ضعف القوة واما كليهما ولذلك كان هذا الجنس من النبض يدل اما على سوء مزاج بارد اما مادي او غير مادي واما على ضعف القوة لاستفراغ يكون هنالك او لنكيء اخلاط ردية تحلل الروح الغريزي بكيفيتها واما الجنس الماخوذ من القوة فاسبابه ايضا بينة وكذلك الجنس الماخوذ من التواتر اسبابه ايضا هي اسباب السرعة والطبيعة قد تستعمله حيث يفوتها العظم او السرعة واما التفاوت فسببه ضرورة هو عدم الحاجتة كذا الى التنفس وغلبة البرد واما الجنس الماخوذ من مقايسة الاربعة الازمنة التي يفعلها النبض فسببه الخروج عن المجرى الطبيعي اما اذا كانت حركة الانبساط اعظم نسبة الى حركة الانقباض من النسبة الطبيعية فسبب ذلك هو شدة الحاجة الى التنفس مع قلة الحاجة الى اخراج البخار الدخاني واذا كانت حركة الانقباض اعظم نسبة فذلك لشدة الحاجة الى اخراج البخار الدخاني واما اذا كان اصغر نسبة الى الحركة من النسبة الطبيعية فالسبب فيه ضعف القوة مع شدة الحاجة الى التنفس والامر ايضا في اختلاف نسبة السكونين بعضهما الى بعض هو الامر في اختلاف نسبة الحركتين اعني حركة الانقباض و الانبساط واما الجنس الماخوذ من تشابه النبض واختلافه فالامر في ذلك بين ان التشابه انما يفعله جودة القوة كما ان الاختلاف انما سببه اختلال القوة وضعفها والسبب في مثل هذا الاختلاف يكون احد امرين ضرورة اما ما يثقل القوة ويهيضها مثل غلبة الاخلاط واما ما ينكى الحار الغريزي الذي في القلب حتى يبدده مثل الوجع الذي في فم المعدة وربما كان ذلك لضعف القوة نفسها عن حركة الالة كما يعتري ذلك في اواخر الامراض الناكية فان الضعف انما يكون ابدا باضافة فكما انه قد يكون عن كثرة الخلط كذلك لا يمتنع ان يكون في بعض الاحيان عن تحريك الالة نفسها وما كان من هذا الاختلاف في نبضات كثيرة فهو اقل رداءة كما ان المنتظم منه ايضا اقل رداءة من غير المنتظم وذلك ان المنتظم يحفظ دوره في الاختلاف والحفظ انما هو استيلا القوة بوجه ما واما الضروب المركبة من ضروب الاختلاف فنحن نعدد اسبابها في هذا الموضع اما النبض الغزالي فسببه صلابة الالة واما ذنب الفارة فسببه هو سبب الاختلاف لاكن اذا كان من تزيد الى انحطاط دل على قوة منحطة فان عاد الى ما كان عليه اولا دل على وثوب القوة وان كان اخذا من انحطاط الى تزيد دل على خلاف هذا واما الموجي فاسبابه هي ضعف القوة ولين الالة وتواتر ما هنالك وكان القوة في هذا النبض انما تشيل جزءا جزءا من العرق حتى تشبه تلك الحركة حركة الموج التي هي مولفة من حركات كثيرة والنبض الدودي اسبابه شبيهة بهذه الا انه اضعف قوة وكذلك النملي الا انه ايضا اضعف قوة ولذلك ما قيل لا يحدث النملي الا ان يتقدمه الدودي واسباب ضعف القوة معلومة اما استفراغ مفرط كما يعتري عند الغشى واما فساد الحار الغريزي في اكثر اجزايه لمضادة الاسباب الفاعلة للمرض له ونكيها واما النبض المنشاري فان سببه ايضا الضعف والصغر وان تتقدم فيه اجزاء وتتاخر اجزاء كالحال في الموجي الا ان اليبس في هذا ظاهر ولما كان اليبس يعرض من التمدد كان النبض المنشاري دليل الاورام الحارة وخاصة اذا كانت في الاعضاء العصبية فان الصلابة تكون هنالك اكثر لموضع العصب واما ذو القرعتين وهو المعروف بالمطرقي شبيه بضرب المطرقة على السندان الذي يعود فيضرب ثانية من تلقايه فالسبب فيه صلابة العرق فكانه ينبو في القرعة الاولى فيقرع الثانية واما الارتعاشي فسببه ضعف القوة واما الملتوي فهو يدل على تشنج ما واما المنحني فسببه ايضا ضعف القوة التي لا تشيل اجزاء العروق باستواء فهذه هي اسباب هذه الانواع من النبض بحسب الايجاز والاختصار واما النبض الخاص بالاورام وبالجملة بالامراض انفسها فهي كما قلنا اصناف من النبض مركبة وسنذكرها عند ذكرنا علامات مرض مرض واما الاجناس الثلاثة من اجناس النبض وهي الماخوذة من كيفية الشريان ومن قوامه ومما يحتوي عليه فاسبابها بينة مما تقدمت من اسباب سوء المزاج ولان هذه الانواع من النبض انما تتصور في انسان انسان بالمقايسة الى النبض الصحي وذلك اما في البدن المعتدل المزاج واما في مزاج مزاج من الامزجة الثمانية وكان النبض الصحي يختلف ضرورة في هذه الابدان وجب ضرورة ان نعرف الاختلاف الذي بينهما فانه متى لم نعرف ذلك لم نقدر ان نفهم النبض المرضي اذ كان انما يفهم بالاضافة الى الصحي ولذلك ما يحتاج صاحب هذا العلم ان يعتني بحس ذلك في الاصحاء على اختلاف امزجتهم ولهذا ما يجب عليه ايضا ان يعرف الاشياء التي اذا اقترنت الى الانسان من خارج جعلت نبضه مختلفا فان جميع هذه ايضا متى لم يعلمها الطبيب امكن ان يغلط فيظن بالنبض الصحي انه مرضي في نبض الامزجة المزاج الحار يكون نبضة ضرورة اسرع واعظم من المعتدل وربما كان اكثر تواترا والبارد بضد ذلك اعني النبض معه يكون اصغر من المعتدل وابطا وربما كان اشد تفاوتا واما المزاج اليابس فان النبض منه يكون صلبا مع صغر وذلك ان الصلابة لا تواتي الى الانبساط واما الرطب فان النبض منه يكون لينا الى العظم اذ الرطوبة مواتية وللسمن ايضا تاثيرا بضرب ما في ظهور النبض وذلك ان الابدان القضيفة يظهر فيها النبض اعظم منه في الابدان العبلة لان الشراين في الابدان العبلة مستورة وايضا فانها مثقلة بكثرة اللحم ولذلك يكون النبض فيها اشد تواترا لما يفوته من العظم والاسنان ايضا مما يختلف فيها النبض لاختلاف امزجتها فنبض الصبيان لموضع حرارتهم يكون سريعا متواترا وذلك لحرارتهم مع ضعف قوتهم واما نبض الشباب فيكون عظيما لموضع حرارتهم وقوتهم ولذلك فيه من التواتر ما في نبض الصبيان واما المشايخ فنبضهم صغير ضعيف بطيء متفاوت وطبيعة الذكورة والانوثة ايضا مما يخالف بين النبض وذلك ان نبض الذكورة اقوى واعظم من نبض النساء ونبض النساء اصغر من نبض الرجال واضعف ولذلك هو اسرع لكون السرعة تقوم مقام ما فات من العظم فهذه هي الامزجة التي توجب تغير النبض وللنوم ايضا واليقظة تاثير في النبض واما الامور التي من خارج المغيرة للنبض فمنها فصول السنة الاربع ومنها الاغذية والاشربة والاستحمام والعوارض النفسانية مما تغير النبض وانت فتقدر من تلقاء نفسك مما سلف من معرفة النبض ومما يكسبه كل واحد من هذه الامور للبدن من اصناف الحرارة او البرودة اوالرطوبة او اليبوسة ان تعرف مقادر اختلاف النبض عند ذلك مثال ذلك ان الغذاء اول ما يرد البدن يكون النبض صغيرا ضعيفا متفاوتا فاذا انهضم صارالامر بالضد وذلك ان الغذا ما دام لم ينهضم الحرارة مغمورة بمثل الحطب اول ما يوضع على النار فاذا استحال اشتعلت الحرارة الغريزية وكذلك الحال في النوم واليقظة اذ كان النوم انما يعرض عند خمود الحرارة الغريزية بالطعام واليقظة تعرض عند تمام الهضم وذلك في الاكثر واما الفصول فلن يخفى عليك امرها فان الربيع لما كان مزاجه الحرارة والرطوبة كان نبضه نبض اصحاب هذه الامزاج وكذلك الامر في الصيف والخريف والشتا واما من زعم ان النبض في الخريف يكون من العظم والاعتدال والتواتر مثله في الربيع فيخطى قطعا وذلك ان القوى في زمان الخريف اكثر شي انحطاطا وكانها في هذا الزمان تشبه قوى الشيوخ فان هذا الزمن في الازمنة يشبه زمان الشيخوخة ولذلك ما تكون فيه شيخوخة كثير من الاشجار والثمار وايضا فانه الفصل الذي تكف فيه القوة المولدة في اكثر النبات وفي اكثر الحيوان وكيف هذه القوة هو هرم او شبيه بالهرم/ ضرورة. وللبلد لن ايضا تاثير في نبض سكانها لكونها ايضا مؤثرة في امزجتهم فهذا القدر من القول في النبض كاف بحسب قصد الايجاز. فلنقل في البول الاعراض التي تظهر في البول كما قلنا تدل على الهضم الذي في الكبد والعروق والاعضاء انفسها وهي ايضا مع هذا تدل على امراض الكلى والمثانة وينبغي ان نعدد الاعراض المحسوسة فيه اولا تعديدا ثم نسير الى تعريف ماذا يدل صنف صنف منها والاشياء التي يستدل منها في البول اكثر ذلك ثلثة اصناف احدها اللون والثاني القوام والثالث الثفل فاللون بالجملة ينقسم خمسة اقسام اللون الاصفر وهذا مراتب كالتبني والاترجي ثم الاشقر ثم الاصغر النارنجي ثم الناري الذي يشبه صبغ الزعفران ثم الزعفراني الذي يشبه شعره وهو الاحمر الناصع والجنس الثاني من الالوان الاحمر وهذا ايضا مراتب كالاصهب والوردي والاحمر القاني والاحمر الاقتم والجنس الثالث اللون الاخضر وهذا ايضا مراتب كاللون الذي يضرب الى الفستقية ثم الزنجارية والاسمانجوني والنيلجي والكراثي والجنس الرابع من اجناس اللون الاسود وهذا ايضا مراتب فمنه اسود اخذ الى القثمة ومنه اخذ الى الزعفرانية ومنه اسود اخذ الى الخضرة النيلجية والجنس الخامس من اجناس اللون الابيض وهذا ربما اطلق بالاستعارة على البول الصافي الذي في لون الماء وشفيفه واما الابيض بالحقيقة فهو في لون اللبن وهذا منه ما يشبه المني ومنه ما يشبه اللبن فهذه هي الالوان البسيطة التي تظهر وهنا ايضا الوان مركبة مثل اللون الزيتي واللون الشبيه بغسالة اللحم في القوام واما القوام فمنه الرقيق ومنه الغليظ و البول تعرض له اربعة احوال اما ان يبال رقيقا ثم يغلظ واما ان يبال غليظا ثم يصفو ويرق واما ان يبال رقيقا ويبقى رقيقا واما ان يبال غليظا ويبقى غليظا والقوام ايضا منه الكدر ومنه الصافي والصفا اكثر ذلك انما يكون مع الرقة في الثفل والثفل الذي في البول يستدل منه اكثر ذلك من طبيعته ومن لونه ومن مكانه ومن وضعه اما جوهر هذا الثفل فهو يظهر على اصناف فمنه ما هو ابيض غليظ نضيج وهذا يعرض له ان يكون في اسفل القارورة وان يكون مستوي الاجزاء ويكون شكله في الاكثر شبيه بشكل الصنوبرة هذا هو الطبيعي ومنه نخالي وكرسني وحشيشي ومنه مدي قيحي ومنه مخاطي ومنه دموي علقي ومنه شعري ومنه رملي ومنه شبيه بقطع الخمير ومنه قشوري شبيه بالصفايح وهذه كلها غير طبيعية واما الالوان فمنه الابيض وهو الطبيعي ومنه الاحمر ومنه الاسود ومنه الكمد واما الموضع فمنه ما هوفي اعلى القارورة ومنه ماهو في وسطها ومنه ما هو في اسفلها واما الوضع فمنه المستوى الاملس ومنه الخشن او المتفرق الاجزاء واذ قد قلنا في الاعراض المشاهدة في البول فلنقل في دلالتها ونبتدي اولا باللون فنقول اما الالوان الصفر فانها بالجملة على اختلاف مراتبها تدل على مخالطة المرة الصفراء للبول والاترجي منه هذا هو اللون الطبيعي وما عدا ذلك من مراتب الالوان الصفر فدالة على حرارة زايدة وذلك بحسب قربها من لون النار وانصباغها واما الالوان الحمر فانها تدل بالجملة على غلبة الدم وضعف القوة وبخاصة ما كان منها اميل الى القتومة كما ان ما كان اميل الى النارية فهو ادل على المرة وزعموا انه قد يبال في الامراض الحادة دم صرف من غير انبثاق عرق وذلك يدل اما على بحران واما على غلبة الدم واما البول الاسود فانه يدل على الاحتراق ويدل على غلبة البرد وذلك ان من شان الحرارة والبرودة ان تفعل هذين الفعلين والذي فاعله الحر يتقدمه ضرورة احد الالوان الدالة على الحرارة والذي فاعله البرد يتقدمه خضرة او كمدة وبالجملة لون يدل على البرد وقد يكون البول اسود لمخالطة المرة السوداء على جهة الدفع من الطبيعة وهذا البول / اكثر ما يظهر في المطحولين واما الخضرة فانها تدل على برد الا الزنجاري والكراثي فانهما يدلان على احتراق شديد وغير ممتنع ان تكون الخضرة الفستقية والاسمانجونية عن الحر فانا قد نرى ابوال اصحاب اليرقان تخالط صفرة ابوالهم خضرة ما وبالجملة لما كانت الخضرة اول مراتب السواد كانت الاسباب الفاعلة للسواد هي بعينها اسباب الخضرة الا انها في الخضرة اقل واما اللون الابيض الصافي الذي في لون الماء فانه يدل على عدم النضج وضعف القوة الغاذية او السدد او كليهما واما اللبني الذي يشبه المني فهو يدل على اخلاط بلغمية غير نضيجة ولذلك كثيرا ما يكون دليل سكات وغير ذلك من الاعراض التي تتبع هذه والصبيان كثيرا ما يبولون مثل هذا البول اذا اصابهم الصرع وربما كان بهذا البول بحران من الامراض التي تجانس هذا الخلط وربما حدث اللون الابيض في الامراض الحادة وذلك دليل مهلك لانه يدل على تصاعد المرار الى الراس واحداثه هنالك ورما وقد يكون بول احمر وعلة باردة وذلك اما لافراط الوجع كما يعرض في القولنج واما لانسداد المجرى الذي تتصل من المرارة بالمعا فيضطر هذا الخلط ان يخرج في البول واما الالوان المركبة فالشبيه بغسالة اللحم يدل على ضعف قوة الكبد او الكلى واما البول الزيتي فانه اذا كان زيتيا في لونه فقط فهو علامة سل وذلك انه يدل على ذوبان السمين من الاعضاء الا ان يتقدمه سواد فانه علامة صلاح وقد يظهر ايضا هذا البول في الحميات الحارة ويكون فيما زعموا علامة بحران من مواد دسمة وذلك في الاقل في القوام اما البول الرقيق فانه يدل على عدم النضج فان النضج يغلظ المواد ضرورة وعدم النضج يكون اما لفجاجة الاخلاط واما لضعف القوى انفسها واما لكثرة ما يرد عليها من الغذاء والشراب ومما يعين على الرقة السدد ولذلك كانت ابوال اصحاب الحصى بهذه الصفة واما الغلظ فان كان ظهوره بعد رقة فانه يدل على ان الطبيعة قد اخذت في الانضاج واما ان كان من اول الامر غليظا وبقي على غلظه فانه يدل على اخلاط هنالك منشورة بالحرارة الغريبة ولذلك كانت علامة ردية واما البول الذي يبال غليظا ثم يرق فانه ان كان الغلظ من فعل الطبيعة فانه يدل على ان الطبيعة قد ضعفت بعد ما اخذت في الفعل وان كان الغلظ انما هو من نشور الاخلاط فانها علامة خير وذلك انه يدل على ان الطبيعة قد اخذت في الانضاج وقد اعترض قوم هذا النحو من الاستدلال وقالوا انما ينبغي ان يستدل بالاعراض التي تظهر في الماء عن فعل الطبيعة واما التي تظهر عن فعل الهوا من خارج فليس ينبغي ان يستدل بها وهاولاء جهلوا ان الهواء يفعل في المياه افعالا مختلفة فالاستعدادات التي فيها من قبل فعل الطبيعة والبول الذي يكون في اول المرض غليظا عن فعل الطبيعة ثم يرق فانه يدل على طول من المرض قالوا وبول الصبيان غليظ بالطبع وبول الشباب رقيق في الثفل اما الثفل الراسب في قعر القارورة الابيض المستوي الاجزاء الشبيه الشكل بالصنوبرة فانه الثفل الصحي باطلاق اما رسوبه فلانه فضلة الهضم الثالث والفضلات ثقيلة واما بياضه فلان الاعضاء انما تغتذي بالدم بعد ان تبيضه وتشبهه بها فيكون لون الفضلة شبيها بلون الغذا وهذا لازم ضرورة متى كانت القوة الغاذية تفعل فعلها الطبيعي واما كونه املس مستوي الاجزاء فلاعتدال نضجه وطبخه في جميع اجزايه واما كونه صنوبري الشكل فلتناسب اجزايه في الثقل والخفة واستيلاء فعل الحرارة فيه وذلك ان الاجرام الثقيلة تنبسط اكثر وتتسع والاجزاء الاخف تجتمع الى نفسها طلبا للفوق حتى تخرط مثل ما يعتري ذلك في لهب النار واما دلالته من موضعه فان المتعلق منه في راس القارورة وهو المعروف بالغمامة فانه يدل على ان الطبيعة قد شرعت في الانضاج هذا اذا كان ابيض ولذلك قال ابقراط اذا /ظهرت في البول غمامة بيضاء في اليوم الرابع دلت على ان البحران يكون في السابع واما الذي يكون في الوسط فانه يدل دلالة اكثرية على النضج واما الراسب فانه يدل على تمام النضج والثفل الذي يظهر بهذه الحال في ايام من المرض ثم ينقطع يدل على ضعف الطباع او تخليط المريض واما لون الثفل فاحمرها كما قلنا الابيض وينبغي ان تعلم انه قد يرسب في البول تفل ابيض من مادة بلغمية غير نضجة وهذا يتميز من الطبيعي بانه منشور الاجزاء واما اللون الاصفر فان دلالته على غلبة الصفرا ولذلك هو علامة ردية واما الاحمر فانه يدل على كثرة المادة فقط وعجز الطباع عن احالتها من جهة كثرتها ولذلك كان المرض الذي يظهر فيه هذا الثفل ينذر بطول مع سلامة ما لم يكن معه علامة ردية فان كانت فانه ينذر بهلاك بعد طول والسبب في ذلك ان الذي تظهر فيه علامة ردية يكون كثرة المادة فيه ستغلب القوى ضرورية وتقهرها بالاخرة والذي يظهر فيه علامة حميدة يدل على عكس هذا لكن لما كان الفساد ها هنا والمضادة انما هي من قبل الكمية كان في الاكثر دليل سلامة واما اللون الاسود فانه دليل احتراق في الحميات الحادة وانذار بالموت والفرق بينه وبين الخلط الاسود الذي تقذف به الطبيعة على طريق البحران ان هذا يكون مستقرا في قعر القرورة والخلط يكون مبثوثا في جميع اجزاء الماء ولهذا ما تنعكس ها هنا دلالة الموضع وذلك ان الثفل الاسود اذا كان متعلقا كان اقل رداة لانه يدل على ابتدا نضج ردي واما الراسب فانه يدل على تمامه وربما دل الثفل الكمد على برد الطباع وخمود الحرارة الغريزية فاما وضعه فكما قلنا احمدها المستوي الاجزاء واما المختلف فانه يدل على تثور الاخلاط وعدم نضجها واما جواهر هذا الثفل الخارجة عن المجرى الطبيعي فان الجريشي والشبيه بالكرسنة يدل على احتراق الاخلاط وذوبان الاعضاء وانسلالها الى اجزاء مختلفة وهو في الامراض الحادة ردي جدا ويستدل على الخلط المحترق والعضو الذايب بلونه فان كان احمر كان الخلط دمويا او جزا من الكبد او من الكلية قالوا والاصفر اخص بالكلية واما الصفا يحي فانه اردى من هذا الصنف من قبل انه يدل على انحلال الاعضاء الاصلية وتقطعها واما النحالي فقد يكون من جرب المثانة وقد يكون من ذوبان الاعضاء والفرق بينهما حكة في اصل القضيب وبالجملة اعراض امراض المثانة والرملي يدل على حصاة متعقدة او في الانعقاد فان كان احمر دل على حصاة الكلية وان كان غير ذلك دل على المثانة واما المادي فيدل على قرحة منفجرة وبخاصة في اعضاء البول واما الشعري فهو انعقاد رطوبة مستطيلة من حرارة غريبة وهذا يكون انعقاده في الكلية واما الخميري فيدل على ضعف المعدة واما الدموي العلقي فانه يدل على جراحة في اعضاء البول وانبثاق عرق هنالك وهذا المقدار من القول في دلالة البول كافية وينبغي بعد ان نقول في دلايل مرض مرض من الاعضاء الظاهرة والباطنة واسبابها والامراض كما قلنا منها ما هي في ظاهر الجسم وهذه بينة الوجود بنفسها وذلك ان القول الذي ترتسم به امثال هذه كافية في معرفتها عند من لم يحسها قط فضلا عمن احسها والاستدلال في هذه انما يكون على اسبابها فقط واما الامراض التي في باطن الجسم فانها تحتاج الى ثلثة احوال من الاستدلال احدها الاستدلال على العضو الالم والثاني الاستدلال على المرض نفسه والثالث الاستدلال على سببه ونحن نبتدي بالاستدلال على الامراض الباطنة فنقول قد قيل ان الامراض المزاجية صنفان مادي وغير مادي وهذه صنفان اما في جميع البدن واما في عضو منه والمادي اذا كان في عضو من البدن فاما ان يكون في تجاويفه واما ان يكون متشربا في نفس العضو مثل الاورام والقروح والذي في التجاويف الاستدلال عليه من جنس الاستدلال على الامراض الباطنة واما الاورام فتكون داخل الجسم وخارجه واما الامراض الالية فان منها ما يكون في ظاهر الجسم مثل الفك والخلع وغير ذلك وامرها بين بالحس ومنها /ما يكون داخل الجسم مثل السدد وخشونة الاعضاء وملاستها ولنبدأ من سوء المزاج العام لجميع البدن وهو المسمى حمى في حمى يوم وحمى يوم لا بد ان يتقدمها احد الاسباب التي عددنا انها فاعلة لها وهي الاسباب التي من خارج الا انه ليس ذلك من العلامة الخاصة بل متى وجدت حمى يوم لزم أن توجد تلك ضرورة وليس يلزم عن وجودها وجود حمى يوم ولذلك ما ينبغي ها هنا ان نحرى من العلامات العلامات الخاصة ونستعمل العامة على جهة الاستظهار وايضا فانها نافعة في الابطال والعلامة الخاصة بهذه الحمى علامتان احدهما ان يكون النبض ليس فيه اختلاف وذلك ان الاختلاف انما فاعله في الحميات العفونية كثرة الاخلاط او رداتها والثاني ان يكون في البول الرسوب المعهود لان البول انما يتغير في هذه الحمى في اللون فقط واما اذا خرج الرسوب عن معهوده فانما ذلك لموضع الخلط العفن ولذلك ما يلزم ان يبقى الرسوب في هذه الحمى على حاله وقد يستدل على هذه الحمى بالا تكون فيها اعراض صعبة وان تكون حرارتها لينة غير لذاعة واكثر ما نمكث هذه الحمى نوبة واحدة وقد تعود ثلث مرات قالوا واذا ادخلت صاحبها الحمام فلم يقشعر فتلك علامة قاطعة عليها في الحميات العفونية وهذه الحميات بالجملة صنفان صنف يكون في الهضم الذي يكون في العروق وصنف يكون في الهصم الذي في الاعضاء انفسها والفصل الذي ينفصل به هذان الصنفان هو ان الحميات التي تكون في داخل العروق غير مغترة ولا مرعدة وان كانت نوبتها تشتد احيانا واما التي في الاعضاء فمغترة ونايبة ومرعدة والسبب في كون هذه الحميات ذوات نوايب هو ان الخلط المستعد للعفن ليس يعفن كله دفعة واحدة اذا كان غير متشابه الاستعداد للعفن وانما يعفن شيا شيا وذلك يجري على نظام وترتيب اذ كان هذا الفعل طبيعيا بوجه ما اعني ان الطبيعة لها تدبير في هذا الفعل وذلك انه عفن مع نضج ما ولذلك عدم النظام في النوايب دليل ردي وهذا النظام والترتيب يختلف ايضا بحسب طبيعة الخلط الفاعل للحمى وكميه كما سنقول بعد واما السبب في كون الحميات التي في العروق غير مفترة فهو ان الجزء من الخلط العفن اذا اشتعلت فيه الحرارة العفونية ليس يمكن للطبيعة ان تحلله وتخرجه من الجسم حتى يشتعل جزءا جزء وذلك لموضع صلابة العروق لاكن ضرورة يكون وقت النوبة فيها اقوا ولهذا السبب بعينه ليس يكون عنه نافض لان ما يتحلل منه غير محسوس بالاضافة الى الاعضاء الحساسة واما العفونة التي تكون في الهضم التي في الاعضاء انفسها فان الامر فيه بضد هذا اعني ان الاعضاء متخلخلة بالمسام التي فيها ولذلك كانت نوايب هذه الحمى مفترة ومرعدة وذلك لمرور الخلط اللذاع بكيفيته على الاعضاء الحساسة والعلامة الخاصة بحمى العفونة علامتان ان لا يكون في البول رسوب اصلا وذلك ان الطبيعة مغمورة في اول المرض وهو زمان الابتداء او العلامة الثانية ان يكون النبض مختلفا وقد يستدل ايضا على هذه الحميات بظهور العلامات الدالة على صنفي الامتلا اعني الذي بحسب القوة والذي بحسب التجاويف والاعياء المتقدم من غير سبب اذا احدث الحمى دليل على انها حمى عفونة وحرارة ايضا هذه الحمى حرارة ردية الكيفية وهي في الاكثر يظهر فيها اعراض ردية فهذه هي العلامة الخاصة بحمى العفونة باطلاق واما العلامة التي تخص حمى حمى من هذه الحميات فهي هذه في حمى الصفرا اما التي تكون من هذه الحميات في الهضم الثالث فعلامتها نافض شديد ناخس والنبض يكون في اول النوبة في هذه الحمى وفي غيرها صغيرا متفاوتا ضعيفا و ذلك لموضع اطفاء الخلط الحرارة للغريزية ولذلك كانت الاجسام في ابتدا النوايب تبرد ضرورة لموضع انسلاخ الحرارة الطبيعية عن الاجسام التي تعفن فاذا اشتعلت فيها الحرارة الغريبة امتزجت مع الطبيعية وانتشرت/ على الجسم ويخص هذه الحصى ان النبض فيها لا يبقى على هذه الصفة بل يعود قويا عظيما وذلك لموضع الحرارة التي تنتشر فيها والبول فى هذه الحمى يكون في الاكثر ناريا ويكون في هذه الحمى ضرورة عطش شديد وربما كان قيء مرة قالوا ونوبتها اذا كانت خالصة اطولها نحو من اثنتي عشرة ساعة ونوايب هذه الحمى تكون غبا الا ان هذا الاستدلال ليس ينعكس وذلك ان النوايب المغبة ليس يلزم ان تكون عن صفرا بل قد يمكن ان تكون ربعين وذلك انما يعرض في أول المرض فهذه هي العلامات الدالة على طبيعة هذه الحمى اعني العلامة الخاصة المنعكسة وقد يستظهر على هذا الاستدلال بامور عامة مثل ان يكون المزاج والهوا والسن والتدبير مناسبا لهذا الخلط والهوا يكون مناسبا بشيئين اما بالوقت مثل زمان الصيف واما بخروجه عن الامر الطبيعي الى الحر واليبس مع انه صيف ولذلك قيل ان من الاستدلال على جميع الحميات ان يكون ذلك الجنس من المرض حادثا بكثير من الناس في ذلك الوقت من السنة واما الغير مفترة فتشارك هذه في جميع العلامات سوى النوايب والنافض وفي هذا الجنس تدخل الحمى المسماة محرقة وهي حمى عظيمة داخل الاوراد وبخاصة ما حول فم المعدة منها والكبد ولذلك يصحب في هذه الحمى قلق وكرب عظيم والعطش الشديد علامة خاصة بهذه الحمى واخبث اصناف هذه المحرقة ما كانت عن خلط زنجاري او كراثي والنوبة حينئذ تطول فيها لعسر قبول هذه الاخلاط النضج جدا في دلايل الحمى البلغمية الاعراض الخاصة بهذه الحمى انها تبتديء ببرد في الاطراف ويطول زمان البرد فيها وهو زمن ابتدا النوبة وعندما تريد الحرارة ان تظهر فيها يعود البرد فيغلبها ولهذا تكون مدة النوبة في هذه الحمى نحو من ثمانية عشر ساعة والحرارة في هذه الحمى تكون غير لذاعة ولا هايجة وليس تظهر الا بعد لبث اليد على البدن مدة ما والنبض في هذه الحمى يكون اصغر منه في حمى الصفراء واشد تفاوتا في الازمنة الاربعة من ازمان النوبة الجزئية ويكون البول في هذه الحمى اما رقيقا ابيض او ثخينا كدرا وان كانت الحرارة العفونية شديدة وكان البلغم ليس بخالص ربما حمرته واطراف هاولاء واجفانهم تكون رهلة والاكثر ممن تصيبه هذه العلة يكون فم المعدة منه باردا وان تقيا تقيا بلغما وهذه الحمى تنوب وردا لكن ليس ذلك علامة خاصة فانه متى كانت حماتيين صفرا ويتين امكن ان تفعل مثل هذه النوب وانما طالت النوبة الجزئية في هذه الحمى لموضع فجاجة الخلط وعسر اجابته الى التحلل وكانت نوابها اشد تداركا من الصفرا لموضع سرعة اجابة هذا الخلط الى العفن وايضا فبطول نوبته تحدث استعدادا في الخلط الذي لم يعفن وذلك لطول بقاء الحرارة الغريية في الجسم واما الصفراوية فبسرعة ما تنطفي الحرارة الغريبة فيها فلا يتبع ذلك استعداد له قدر فيما لم يعفن منها وبالجملة الحرارة الغريزية في هذه الحمى مغمورة جدا ولذلك تداركت فيها ازمنة حدوث الحرارة العفونية واخبث اجناس هذه الحميات ما يتولد عن البلغم التي الزجاجي وقد يستدل على هذه الحصى بان يكون المزاج والسن والهوا والتدبير مناسبا للخلط الفاعل لهذه الحمى في دلايل حمى الربع وهذه الحمى تبتدي بنافض شديد تصطك به الاسنان ويحس الانسان فيه كأن جسمه يرمي بالبرد وذلك لموضع برد هذا الخلط والنبض ايضا يكون في هذا الحمى بطيئا صغيرا متفاوتا اكثر مما هو في حمى البلغم وذلك في اول النوبة قالوا وهو في حين صعود النوبة وهو اعظم منه في حمى البلغم لان الحرارة في هذه الحمى يظهر اشد واما البول فانه يظهر فيها بالالوان شتى فمرة ابيض رقيقا يضرب الى الخضرة ومرة غليظ اسود واحمر واكثر ما تعتري هذه الحمى اثر حميات اخر ومدة هذه الحمى طويلة واما/ دورها في النايبة منها فتريح يومين وتاخذ في الثالث وهذا كانه علامة خاصة بهذا الحمى اذ لا يتصور مثل هذا الدور في غيرها من الحميات كانت بسيطة او مركبة واصحاب هذه الحمى يكونون في الاكثر مطحولين وقد يستظهر على هذه الدلايل بالتدبير المناسب والهوا المناسب والسن والمزاج والعلامات الدالة على غلبة هذا الخلط التي قد سلف ذكرها في الحمى الدموية وهي المطبقة وهذه الحمى تكون ضرورة من غير نافض اذ كان الدم داخل العروق الا ان يكون عن ورم بلغموني في احد الاعضاء الرئيسية كالكبد والحجاب ونوبة هذه الحمى تكون حينئذ شبيهة بنوبة الصفرا اعني غبا وانما كان ذلك كذلك لان الدم اذا استحر مال ضرورة الى طبيعة الصفرا ولذلك ليس تخالف هذه الحمى حمى صفرا التي في داخل العروق الا بالاقل والاكثر فانه كما قلنا ليس يكون في البدن حمى صفراوية محضة بل متى حدثت مثل هذه الحمى قتلت ضرورة لان الصفرا لا تجيب الى النضج الا من جهة ما هي محمولة في الدم او في المادة التي تتغذا بها الاعضاء الاصلية وهو الدم الابيض والعلامات الدالة على هذه الحمى هي علامات غلبة هذا الخلط اعني الدم وقد سلف ذلك والنبض يكون في هذه الحمى في غاية العظم والقوة ويكون البول الاحمر غليظا والكرب والقلق خاص بهذه الحمى وحمى الصفرا الا انه في الصفرا اشد واختلاط الذهن خاص بالحميات الحادة وهذه الحمى انما لها نوبة واحدة فاما ان تقلع واما ان تقتل لاكن ربما ابتدات بخف وجعلت تتصاعد الى ان تبلغ للنهاية من الشدة وربما كان الامر بالعكس وربما ثبتت على حال واحدة فهذه هي الدلايل التي منها يوقف على هذه الحميات البسيطة ومن عرف البسيط عرف المركب ضرورة وانما ذكرت هذه البسايط على جهة الدستور والقانون لان حدوثها اقليا والاكثر انما هو في المركب وايضا فجعل هذه الاعراض التي جعلت ها هنا علامات واحدة واحدة من اصناف هذه الحميات انما تصدق في الحميات التي هيولاها الاخلاط القريبة من ان تكون طبيعية مثال ذلك ان الحمى الصفراوية انما تكون اعظم نوبتها نحو من اثنى عشر ساعة متى كانت الصفرا الطبيعية هي التي تعفنت واما متى كانت محية او زنجارية فان النوبة فيها تكون اطول والاعراض اخبث وقلما يفلت من تصيبه امثال هذه وبخاصة الزنجارية اذ كانت لا تجيب الى النضج فانه كلما كان الخلط متميزا في البدن وبالفعل اكثر كانت الحمى اردى عاقبة ومتى كان وجوده اقرب الى القوة كانت اسلم والتركيب يعرض في الحميات اما من قبل الاسباب الهيولانية وذلك على ضروب احدها اذا امتزج خلطان فصاعدا فانه يحدث عن ذلك حمى متوسطة بين البسيطتين اللتين تحدثان عن ذينك الخليطين فتخلط الاعراض والثاني ان تكون الحمى الواحدة عفونية والثانية في الاعضاء الاصلية والوجه الثالث ان يكون الخلط الفاعل للحمى الواحدة مع ورم والثانية بغير ورم وربما تركبت الحمياتين واختلطت نوايبها من غير اختلاط موادها واما من قبل الموضع مثل ان يكون احداهما داخل العروق والاخرى خارج العروق او تكون في موضع واحد لاكن متجاورة لا ممتزجة وربما تركبت جميع هذه الاصناف وقد تختلف الحميات من قبل العظم والصغر واعني بالعظم ان تكون الاسباب الفاعلة لها قوية وبالصغر ضد ذلك وهذه ايضا يتصور فيها التركيب في حمى الدق وهذه الحمى لها مراتب ثلثة كما سلف تختلف فيها اعراضها بالاقل والاكثر ولاكن اعراضها تخفى من اول الامر فمتى رايت في الجسم حرارة دايمة لينة قد اقامت اكثر من ثلثة ايام وليس لها كبير حس عند العليل ولا فيها امارة من امارات حمى العفونة فينبغي ان تظن بها انها دق باطعم العليل ويفقد نبضه والحرارة التي عليه فان رايته بعد اخذ الطعام بثلاث ساعات او نحوها تتزيد الحرارة عليه ويسرع نبضه ويتواتر /ويعظم عظما ما فاقطع انها دق والسبب في ذلك هو ان الاعضاء لما صار بهاسوء مزاج حار وكان المغتذي من شانه ان يصير الغاذي شبيها به كان الغذا ضرورة اذا ورد ابدان هولاء اكتسبت حرارة غريبة سواء كان في نفسه باردا او لم يكن فتعظم حينئذ الحمى وتقوى اعراضها وليس يلزم مثل هذا في حمى العفونة فان الحرارة الغريبة فيها لم تتثبت بالاعضاء الفاعلة في الغذا وما يقوله الاطباء في اعطاء سبب هذا العرض فقول خطبي مثالي وذلك انهم يشبهون حال الغذا مع هذه الابدان بمنزلة الماء الذي يرمى على الحجر المطبوخ وهو حجر النورة وهذه الحمى ليس يكاد ان تكون الا بعد اخذ الحميات الاخر اما حمى يوم في الابدان المستعدة لذلك واما بعد اخذ الحميات العفونية وهو الاكثر واذا اشتدت هذه الحمى هزل جسم العليل ويبس جلده وضمر وجهه وغارت عيناه واما اذا صارت الى المرتبة الاخيرة من الذبول فان العين حينئذ تكون كأن عليها رمص بمنزلة من يتصرف في غبار وتنجذب الاجفان الى اسفل بمنزلة من به نعاس وتكون جلدة الجبهة ممتدة يابسة كانها جلدة مشكزة والصدغان لاطيان والاذنان معقفة ولونها اصفر ومراق البطن يابسا ذابلا ويكون النبض في هاولاء صلبا ممتدا كانه وتر متواتر ضعيف واما الماء فيكون زيتي اللون واذ قدقلنا في علامات الحميات فلنقل في علامات الاورام فنقول اما علامة الاورام الدموية فحمرة لونها وشدة الحرارة ووجع الا ان يكون العضو قليل الحس وتمدد وضربان وهذه الاورام تختلف بالعظم والصغر والدم في هذه الاورام يكون بريا من العفن واما متى كان عفنا فانه كما قلنا تحدث عنه الجمر وعلامات هذه الاورام ان يكون اللهب فيها والحرارة اشد منها في الفلغموني والحمى اللازمة ومن هذا الجنس الطواعن التي تحدث عنها تحت الابط والاربيتين واما الاورام الصفراوية فعلامتها رقة الخلط والوجع الشديد من غير تمدد ولا ضربان واما النملة فعلامتها سعيها في الجلد واما الاورام البلغمية فعلامتها بياض لونها مع عدم الوجع اذا غمزعليها فضلا عن ان توجع بذاتها وبالجملة فالامر في هذه الاورام ظاهر للحس اعني البسيطة وانما يحتاج الى فضل تمييز فيما تركب عن هذه وذلك يوقف عليه باختلاط هذه الاعراض واما الاورام السوداوية فتوافق البلغمية في عدم الوجع الا انها صلبة كمية الالوان والورم المعروف بالسرطان في هذا الجنس انما يسمى بذلك لان شكله شبيه بشكل السرطان وذلك ان العروق التي حول هذا الورم تظهر مملوة دما اسود كدرا شبيهة بارجل السرطان فهذه هي علامات الاورام التي تكون في ظاهر الجسم واما التي تكون في باطن الجسم فنذكرها عند ذكر العلل الباطنة واما العلل التي تظهر في سطح البدن وهي الجدري والحصبة والجذام والجرب والبهق والبرص فقد عرفت اسبابها والاقاويل الشارحة لها كافية في معرفتها الا ان لبعض هذه العلل علامات تدل على حدوثها قبل ان تحدث مثل الجذام والجدري والحصبة وذلك ان بحوحة الصوت واحمرار الوجه مع خشونة وتعجز وكمدة بياض العين واستدارة شكلها علامة دالة على حدوث الجذام واما الدلايل التي تدل على حدوث الجدري فهي حمى لازمة وانتفاخ الوجه والاصداغ والاوداج وحكة الانف وحمرة الوجه وخشونة الحلق وان يكون العليل ممن لم تظهر به هذه العلة وينبغي ان تعلم ان جميع البثور التي تظهر في سطح الجسم مع حمى انها علامة قاطعة على امراض عفونية خبيثة وبينة اعني انها من جنس الامراض التي تحدث عن الوبا ولا سيما ما كان من هذه البثور سودا باذنجانية واذا انفجرت تصير عليها حشكريثة سودا شبيهة بحرق النار ولما كانت الحميات وبالجملة الامراض الحادة انما تنقضي بحران قد ينبغي ايضا ها هنا ان نذكر العلامات الدالة على البحارين المحمودة او المذمومة في البحارين ومعرفة ذلك تتم باشيا اولها معرفة /الامراض التي تنقضي بحران من الامراض التي ليس فيها بحران والثاني معرفة العلامات الدالة على اوقات الامراض الاربعة فانه ليس في اي وقت اتفق منها يكون البحران جيدا والثالث معرفة الشي الذي به يكون الاستفراغ في نوع نوع من انواع الامراض فان الاشياء المستفرغة اذا كانت مناسبة لطبيعة المرض كانت محمودة والا فهي مذمومة والرابع العلامة الخاصة بحضور البحران او بالانذار به والخامس معرفة الايام التي تقع فيها البحارين المحمودة والايام التي تقع فيها بحارين ردية ثم نختم ذلك بذكر العلامة الردية باطلاق في جميع الامراض كان انقضاوه ببحران او لم يكن والعلامات الجياد التي تدل على الخلاص فنقول اما معرفة الامراض التي تنقضي ببحران من غير الامراض التي تنقضي بتحلل غير محسوس فذلك يوقف عليه من معرفة طول زمان المرض او قصره وذلك ان البحارين انما تظهر في الامراض القصيرة الازمان وقصر زمان المرض او طوله يوقف عليه من نفس طبيعة المرض ومن مناسبة الامور التي من خارج له ومضادتها وهي الهوا والبلد والتدبير والمهن وكذلك الامر في السن والمزاج وقد يوقف على العظم ايضا من نفس طبيعة العضو اذا كان شريفا مثل الاورام الكاينة في الاعضاء الرئيسية وقد يوقف عليها ايضا من الاعراض انفسها فانها متى كانت عظاما دلت على ان المرض ينقضي بسرعة ومتى كانت صغارا دلت على ضد ذلك والامراض التي تنقضي بطبيعتها قصر الزمن هي الحميات الدموية والصفراوية كانت مع اورام في اعضاء شريفة او لم تكن وذلك ان الغب الخالصة ليس تمكث اكثر من اربعة عشر يوما النهاية وربما انقضت في الاسبوع الاول وفيما دونه وما كان من هذه داخل العروق فشيء اخر وكذلك الامر في الحمى الدموية المسمى مطبقة اعني انها في غاية الحدة وبالجملة فانما كان القدماء يخصون اكثر ذلك بالامراض الحادة التي تنقضي في اربعة عشر يوما فما دون ذلك وهذا ضرورة انما يوجد في هذين الجنسين من الحميات والاورام اعني الدموية والصفراوية واما الحميات البلغمية فطويلة وليس يظهر فيها نضج قبل الثلاثة الاسابيع وهي قد تمكث اشهر وكذلك المركبة من البلغم والصفرا وحمى السودا طويلة المدة حتى انها تبقى الستة اشهر او نحوها والاشيا كما قلنا التي من خارج اذا كانت مناسبة للمرص نفسه والمزاج والسن والتدبير كانت سببا اما في القصر واما في الطول وذلك في الامراض التي تنقضي بطبايها القصر او الطول مثال ذلك شاب حم حمى صفراوية خالصة في بلد حار وزمان حار وقد كان تدبيره تدبيرا حارا ومزاجه مزاج حار فاقول ان مرض هذا ينقضي قبل السابع ضرورة وفي الضد من هذا شيخ مرض من حمى سوداوية في زمن خريف وفي بلد بارد ومزاجه سوداوي وتدبيره يقتضي ذلك فاقول ان مثل هذا ليس تنقضي حماه في اقل من ستة اشهر وهذه الاشياء متى كانت غير مناسبة للمرض دلت على امر مضاد لما يقتضيه طبيعة المرض من قصر او طول واما الاعراض التي تدل على قصر المرض فهى شدة الحرارة وسرعة النبض وعظمه وبالجملة شدة حركة المرض وتغيير سخنة البدن في زمن يسير الى الصفرة او الحمرة والقضف والاعراض الدالة على طول المرض هي اضداد هذه والمتوسطة فيما بين هذين تدل على ازمنة متوسطة في الطول والقصر واما العلامات الدالة على الازمنة الاربعة من ازمان الامراض التي تنقضي ببحران او بغير بحران فان علامة زمن الابتداهي ان تكون الاعراض بحالة واحدة غير شديدة مثال ذلك الحميات النايبة ان تكون ازمنة النوب والفترات التي بينها متساوية ومما يخص هذا الزمن انه لا يظهر فيه للطبيعة في البول نضج اصلا ولا في النفث ان كان المرض في الصدر واما زمان التزيد فهو الزمن الذي تتزيد فيه اعراض المرض مثال ذلك ان يطول زمن النوب ويقصر زمن تفتيرها واما اعتبار التقدم في النوب فليس بدليل على تزيد المرض ان لم يكن هنالك عظم من النوبة وطول زمن فانه اذا كان /السبب في تقدم النوبة عظم المرض وحفزه تبع ذلك ضرورة طول النوبة وعظمها واما متى كان السبب في تقدمها سرعة نضوج الخلط ورقته مع استيلا الطبيعة عليه لم يصحب ذلك طول ولا نوبة ولا عظم ولذلك ليس تقدم النوبة مجردا دليل تزيد ومما يخص زمان التزيد ان النضج يظهر في البول وذلك اما غمامة متعلقة في الوسط او في اعلى القارورة واقل ذلك في اللون واما زمان الانتهاء فهو الزمان الذي تتشابه فيه الاعراض والنوب وتتساوى ويكمل فعل الطبيعة في النضج وذلك بان يظهر في الول رسوب كثير وزمان الانحطاط هو الزمان الذي تخف فيه الاعراض وتستولي الطبيعة على المرض وتتباعد فيه النوب وتقصر وكما ان تقدم النوبة مفردا ليس دليلا على تزيد المرض كذلك ليس ينبغي ان يكون ها هنا تاخره دليلا على الانحطاط حتى تقترن بذلك قصر النوبة وخفة اعراضها فان التاخر قد تفعله قلة المادة وقد يفعله ضعف الطبيعة واما انواع الاستفراغات التي بها يكون البحارين فهي الاسهال والقي والعرق والبول والرعاف وانفتاح افواه العروق من المقعدة ودرور دم الطمث في النساء خاصة وقد تكون البحارين باورام لاكن انما تكون هذه البحارين مسلمة اذا كانت تلك الاورام في اعضاء خسيسة وقد تكون بخراجات في المفاصل وكل نوع من هذه الاستفراغات يخص مرض ما وذلك في الاكثر واذا كان البحران محمودا فالحميات الصفراوية بحرانها يكون بالقي والاسهال والعرق والبول وبالجملة باستفراغ الصفرا والحميات الدموية بالرعاف وانفتاح عروق المقعدة ودرور الطمث في النساء وقد يعين ايضا على نحو الاستفراغ مشاركة العضو العليل فان الدماغ متى ورم كان بحرانه بالرعاف اكثر منه بانفتاح عروق المقعدة والورم الذي يكون في محدب الكبد يكون بحرانه بالبول واما الذي يكون في مقعره فبالاسهال ان لم يكن دمويا ودرور عروق المقعدة والطمث ان كان دمويا واما البحارين الذي تكون بالخراجات والاورام فانها انما تعرض اكثر ذلك في الامراض الطويلة وهي التي تكون بحرانها اكثر ذلك بعد العشرين وربما حدث في الامراض الحادة بحارين مهلكة باورام اعضاء رئيسية ولذلك يوصي ابقراط في مثل هذه الامراض بان تستفرغ الخلط في زمن الابتداء ولا ينتظر النضج في ايام البحران واشهر الايام في كونها محمودة البحارين هي الايام التي تحسب من المرض على جهة التربيع فاولها يوم الرابع والثاني والسابع لان الرابع ها هنا يوجد مشتركا للاربوعين ثم الحادي عشر غير مشترك ثم الرابع عشر مشترك ثم السابع عشر مشترك ايضا ثم العشرين مشترك ثم الاربعة وعشرين ثم السبعة والعشرين ثم الواحد والثلاثين ثم الاربعة والثلاثين ثم السبعة والثلاثين ثم الاربعين واما ما بعد الاربعين من الامراض المتطاولة فليس يكاد يظهر فيها بحران محسوس وما قبل العشرين فقوة البحارين فيها تكون للارابيع اعني انها تحدث في الارابيع وتنذر بها الارابيع المتقدمة مثال ذلك ان البحران الذي يكون في السابع يتقدمه انذار في الرابع اذا كانت علامة محمودة مثل الغامة البيضاء المتعلقة واليوم الحادي عشر منذر باليوم الرابع عشر واليوم الرابع عشر منذر بالسابع عشر والسابع عشر منذر بالعشرين ثم ما بعد العشرين انما تكون قوة الانذار فيه في السوابيع وهذه الايام كلها محمودة البحارين والبحارين تكون فيها على الاكثر وان كانت تتفاضل في هذين المعنيين لاكن الامر فيها متقارب وها هنا ايام باحورية دون هذه في كثرة ما يحدث فيها من البحران وفي جودته ولكنها بالجملة محمودة وهي الايام التي ليس يجري فيها البحران على ادوار محدودة وهذه الايام هي الثالث والخامس والتاسع والثالث عشر والتاسع عشر والواحد والعشرين ثم ما بعد العشرين فليس /لهذه الايام قوة اصلا لا في البحران ولا في الانذار والتاسع عشر والواحد والعشرين ثم ما بعد العشرين فليس لهذه الايام قوة اصلا لا في البحران ولا في الانذار والتاسع من هذه الايام كثيرا ما ينذر بالحادي عشر واما الايام المذمومة البحارين فهي اليوم السادس وهذا هو ارداهما وكثيرا ما تقع فيه البحارين الردية وينذر به الرابع اذا ظهرت فيه علامة ردية مثل غمامة سوداء ثم يتلو هذا في الرداءة الثاني عشر ثم الثامن ثم العاشر ثم السادس عشر ثم الثامن عشر والثاني عشر قليلا ما يقع فيه بحران وينبغي ان تعلم ان هذه البحارين تعد من وقت الابتداء وهو الوقت الذي يظهر فيه ضرر الفعل الا النفسا فانه متى اصابها مرض عدت بحارينها من وقت الولادة هكذا زعم ابقراط وبين القدما اختلاف في الايام الحميدة من هذه والذميمة لاكن هذه الايام هي التي شهد بها الرجلان المتقدمان في هذه الصناعة وهما ابقراط وجالينوس والظن بهما اوثق والنفس اليهما اميل لاكن مع هذا ينبغي ان تعلم ان هذه امور اكثرية لا امور ضرورية وقد زعم الرازي انه جرب في المارستان نحو من الفين رجلا صدقت في اكثرهم دلالات البحارين وكذبت في الاقل فاما من اين يعلم ان البحران قريب فهي سرعة حركة المرض وهيجانه وظهور علاماته في البول والنفث وعظم النبض وطبيعة المرض مما يوقف به على ذلك وكذلك تقدم نوبة الحمى ان كانت الحمى ذات نوايب واما متى كانت هذه العلامة على خلاف هذا فهي تدل على بطي البحران كما انها اذا كانت متوسطة دلت على توسط في قربه وبعده فاما العلامات الدالة على البحران الحاضر فهي الاعراض الصعبة التي تكون معه مثل القلق الشديد والتوثب واختلاط الذهن والصداع والسبات وحمرة العينين وحمرة الوجه وضيق النفس وخفقان القلب ووجع الرقبة واختلاج الشفة السفلى ولذع في المعدة والنافض والرعدة والرعشة وعسر البول واحتباس الطبيعة والعطش الشديد فمتى ظهرت هذه العلامات او بعضها ليلا دلت على ان البحران يكون من غد وان ظهرت نهارا فانها تدل على البحران في ليلة ذلك اليوم ويستدل في هذه الحال على النوع الذي يكون به البحران من جهة حركة الخلط وذلك ان اختلاج الشفة يدل على قي وحمرة الوجه والتاكل في الانف يدل على رعاف وقد يستدل ايضا على ذلك من النوع الذي به وقع الانذار فانه من ذلك النوع يكون البحران مثال ذلك ان كان الانذار برعاف فان البحران يكون بذلك وكذلك بقيء او عرق او اسهال او غير ذلك واذا كان هذا كله كما وصفنا فالبخران المحمود هو البحران الذي ياتي في نهاية المرض بعد نضج محمود وتكون المادة المستفرغة فيه مناسبة للمرض اعني الفاعلة له ويكون مع هذا في يوم محمود وتكون الانذارات التي تدل عليه انذارات محمودة والعلامات الدالة على حضور علامات غير ردية ولا مخوفة مثل الغشي الشديد ووجع الفواد والخفقان واذ قد قلنا في البحارين المحمودة والمذمومة فيما يحتاج اليه في معرفة ذلك وهي الامور التي يوقف منها اكثر ذلك في الامراض الحادة على السلامة او العطب فلنقل في غير ذلك من العلامات والدلايل التي لها قوة في هذا الشان ونبتدي بالعلامة المنذرة بالخلاص والبرء وهذه العلامات هي ماخوذة من الافعال والاعراض التي توجد عن الافعال وقد توخذ عن امراض تحدث عقب امراض فمن الدلايل الماخوذة من الاعراض ان يكون وجه العليل شبيها بوجه الاصحاء او قريبا منه وبخاصة الوجه الصحي له لان الاوجه الصحية تختلف في الناس فان ذلك دليل على السلامة استواء الحرارة في جميع الجسم يدل على سلامة الاحشاء من الاورام البراز المعتدل في الرقة والغلظ المخل الذهبي اللون دليل على سلامة المريض اذ كان هذا البراز يدل على جودة القوى الغاذية البول الاترجي اللون الذي فيه ثفل راسب /ابيض مستوي او متعلق ينذر بسلامة وبخاصة الراسب والبول الذي بهذه الصفة انما تحسبه علامة جيدة في الحميات واورام الخوف البصاق الابيض المعتدل الغليظ الذي ينفث بسهولة الغير كريه الرايحة في ذات الجنب وذات الرية دليل على السلامة العرق اذا حدث بمن به حمى حادة في يوم من الايام البحران وكان معتدل الحرارة مستويا في جميع البدن وكان مدة زمانه معتدلة ولونه ابيض ورايحته ليست بالكريهة دل ذلك على سلامة من المرض وانقضايه الرعاف متى كان في يوم من ايام البحران في الحميات الدموية او التي تكون عن اورام الدماغ او اورام الاحشا دل ذلك على السلامة فاما الماخوذة من الافعال فان صحة الذهن في الامراض الحادة وصفا الحواس وسهولة تقلب المريض وحسن اضطجاعه دليل على السلامة التنفس اذا كان حسنا جيدا ليس بالمتواتر ولا بالمتفاوت ولا المنقطع وكان النبض قويا قليل الاختلاف دليل قوي على الامن والسلامة الشهوة الصادقة للغذاء دليل جيد واما الامراض التي تنذر بقلوع الامراض المتقدمة فهي في الامراض التي تكون اسبابها مضادة للامراض المتقدمة او الامراض التي تحرك الاسباب الفاعلة للمرض المتقدم الى جهة اخرى مضادة مثال الاول انه متى كان بانسان تشنج من امتلا وحدث به حمى فانه يبرأ من تشنجه وذلك لمضادة السبب الفاعل للحمى للسبب الفاعل للتشنج وكذلك من حدث به وجع في معدته او كبده او معاه او طحاله من ريح او سوء مزاج بارد فان الحمى اذا حدثت تحله ومثال القسم الثاني اذا تاملته في اقاويل القدماء كثير من ذلك قولهم اذا حدث بصاحب الحمى المطبقة نافض في يوم من ايام البحران كان ذلك دليلا على انقضاء حماه لدفع الطبيعة الخلط الفاعل من داخل العروق الى ظاهر البدن ومن ذلك قولهم اذا حدث الدوالي باصحاب وجع النقرس ووجع المفاصل وعلل الكلى انقضى بذلك مرضهم وكذلك قولهم حدوث البواسر في الملخونيا دليل على اقلاعها فان انت تفطنت لهذه الاشياء لم يخف عليك ذلك وقد يكون عرض ما تابع لمرض حدث دليلا على خفة المرض المتقدم اذا كانت اسباب المرض الثاني من جنس اسباب المرض الاول الا انها اقل منه واضعف مثال ذلك قول ابقراط الجشي الحامض في اصحاب زلق المعى دليل محمود واذ قد قلنا في العلامة المخلصة فلنقل في العلامات الردية ولهذه العلامات مراتب في الدلالة ونحن نخص واحدا واحدا منها بلفظ خاص على ما جرت به عادة القدماء وهذه العلامة هي ايضا ماخوذة من الافعال والاعراض اللاحقة عن افعال وذلك اما في ظاهر البدن واما فيما يبرز من البدن وقد تكون ايضا امراضا تحدث بعد امراض متقدمة ولنبدأ من القول بالعلامة التي من الاعراض الوجه الذي يصفه ابقراط وهو الوجه الشبيه بوجه الميت وذلك ان يكون الانف منه حادا والعينان غايرتين والاذنان باردتين وشحمتاهما منقلبتين وجلدة الوجه ممتدة واللون اما كمد واما اخضر او تعلوه غبرة او صفرة فانه يدل على الهلاك اذ كان ذلك انما يعرض في الامراض الحادة لتبدد الحرارة الغريزية وذهابها بالمرض وبشدة مضادة الحرارة الغريبة وبالجملة فهو دليل في الامراض الحادة على عظم المرض اذ كان هذا العرض انما يظهر في الامراض المتطاولة كاصحاب السل وغيرهم اللهم الا ان يكون اصاب العليل استفراغ باسهال او سهر فان دلالة حينئذ تكون اخف اذا كان بياض العين احمر وعروقها كمدة او سود كان ذلك دليلا على الهلاك لا محالة وذلك في الامراض الحادة لان السواد يدل على موت الحرارة الغريزية والحمرة تدل على امتلاء الدماغ ونتو العين في الأمراض الحادة ردي اذ لم يكن عن رمد او قيء اذا كان الجفن والشفة والانف متلونة كمدة فالموت قريب برد الاطراف ردي جدا وذلك انه يدل على غوص الحرارة الى باطن الجسم اما الورم عظيم هنالك واما ان ذلك سبب اخلاط باردة كثيرة وبالجملة / فيدل على انطفا الحرارة الغريزية وكذلك متي كان بانسان حمى وظاهر بدنه بارد وباطنه حار فان ذلك دليل على الموت لانه يدل على ورم حار في باطن البدن تنعكس اليه الحرارة وبالجملة الحرارة التي ليست مستوية في جميع البدن دليل ردي لانه يدل على ورم في الاعضاء الشريفة كالدماغ او الكبد او المعدة اذا كان في اللسان بثور مع برد في الاطراف دل ذلك على ان الموت قريب اذ كان ذلك يدل على ان في المري والمعدة قروحا خبيثة اذا كانت الاصابع والاظفار خضرا تضرب الى الكمدة والنبض قد ضعف فالموت قريب وان كانت سودا مع قوة النبض في يوم باحوري دل ذلك على السلامة وان المرض ينقضي بتقيح تلك المواضع او بخراج يخرج. اذا كان في بدن العليل قرحة متقدمة فاخضرت او اسودت فتلك علامة ردية وذلك ان العضو المؤف هو اول عضو تخمد فيه الحرارة الغريزية اذا ظهر في البدن في الامراض الحادة نقط صغار كحب الجاورس فهو ردي وذلك انه يدل على قلة قبول المادة لنضج الفصل الذي يقول فيه ابقراط ان حدوث اليرقان قبل السابع دليل رديء قد اكذبته التجربة في بلادنا هذه وبخاصة في الامزجة الحارة والفصل الحار وعسى ذلك كان بالاضافة الى بلاد اليونانيين فان تلك البلاد ابرد. وانما كان عند ابقراط دليلا رديا لانه احد ما تكون به البحارين والبحارين التي تاتي قبل النضج دليل سوء وكانه شاهد في بلاده ان ما كان ياتي من البحارين يرقان قبل السابع فان ذلك يكون عن غير نضج. واما الاستدلال بالاعراض التي تظهر فيما يبرز من البدن فان البراز الاسود والاخضر والمنتن والدسم في الامراض الحادة دليل على الموت لان الاسود يدل على الاحتراق والدسم على ذوبان الاعضاء والشحم والبراز الرقيق الابيض رديء ايضا لانه يدل ايضا على ضعف الهضم وعلى ان المرار ترقى الى اعالي البدن وذلك في الحمى الحادة والحال في ذلك كالحال في الماء الابيض في هذه الحمى والبراز الابيض يدل ايضا على يرقان البراز اللزج اليسير رديء وذلك انه يدل على الذوبان. البراز المختلف الالوان منذر بطول المرض وغلبة الاخلاط المختلفة وكل مرض يخرج في ابتدائه المرة السوداء اما من فوق واما من اسفل فانه يدل على الموت وذلك انه اذا خرج هذا الخلط في ابتداء المرض دل اما على كثرته واما على ضعف القوى او على كليهما السحج الذي يكون عن المرة السوداء الحامضة مهلك. اذا كان البراز مرارا صرفا وذهبت به شهوة الطعام فانه ردي وكذلك سقوط الشهوة التي تتبع اسهال الدم رديء ايضا البول الاسود الثفل دليل على الهلاك. البول الرقيق في الصبيان اذا دام مدة م الزمن طويلة كان رديا وذلك ان البول الطبيعي منهم غليظ وفيه رسوب. والبول الماي في الامراض الحادة ردي مهلك. البول المتثور الذي لا يصفو ردي وذلك انه يدل على قوة الحرارة الغريبة ونشورها. البول السويقي والنخالي والصفايحي كلها مع الحمى الحادة ردية متى لم تكن من الكلى والمثانة فانه اذا كانت منها فلاتدل على الهلاك وانما تدل على الهلاك اذا كانت من ذوبان الاعضاء والفرق بين الذي يكون من المثانة والكلى وبين الذي يكون عن ذوبان الاعضاء الوجع الذي يكون هنالك اعني في الكلى والمثانة. والقيء الاسود والزنجاري ردي فان كان مع هذا منتنا دل على الموت. العرق الذي يكون في غير يوم من ايام البحران وليس تسكن بالحمى دليل رديء فان كان مع هذا باردا وكان في الراس والرقبة كان اردى فان كان مع حمى حادة دل ذلك على الموت وان كان مع حمى غير حادة دل على طول المرض. الرعاف التي تكون فيه قطرات قليلة سود فانه يدل على الهلاك في الحميات المحرقة وذلك ان هذا دليل على ورم عظيم في الدماغ واما العلامة الماخوذة من الافعال فهي هذه اذا كانت العينان تحيدان عن الضوء وتدمعان من غير ارادة فذلك دليل ردي. وان كانت مع ذلك حركتها كثيرة وهما مزورتان واحداهما اصغر من الاخرى فانها علامة مهلكة. والازورار في العين يكون لتشنج الدماغ وكذلك تقلص احدهما اذا وجدت العليل ينحدر عن راسه /نحو قدميه كان دليلا على الموت وذلك ان هذا يدل على ان القوة الحاملة للبدن قد بطلت. وبالجملة متى كان وضع العليل وضعا ليس يكون من الاصحاء فان ذلك دليل ردي وكذلك اذا لم تكن من عادته وكذلك التوثب الشديد للجلوس والتعلق بما يجد في وقت المنتهى دليل مهلك. اذا لم يسمع العليل او لم يبصر وقدضعفت قوته فالموت منه قريب. التنفس المتفاوت العظيم ردي لانه يدل على اختلاط العقل وذلك ان من يختلط عقله او يذهل شانه ان يفعل افاعيل من غير نظام التنفس المتعثر في مجاريه دليل ردي لانه يدل على تشنج عضل الصدر. اذا كان النوم يحدث وجعا فذلك من علامة الموت واما الدلايل الماخوذة من الامراض فهي كل مرض حدث عقب مرض اخر وكان الحادث اشد من الاول او في عضو اشرف فهو رديء جدا مثال ذلك ورم الذبحة اذا انتقل الى الرية في الرابع فان المريض يموت في السابع. ومنها كل مرض دل على عظم السبب الفاعل للمرض المتقدم مثال ذلك اسوداد موضع في الجنب في صاحب ذات الجنب فانه يدل على الموت السريع. ومنها ان يكون المرض الحادث من جنس السبب الفاعل للمرض الاول مثل حدوث الزكام بصاحب قرحة الرية. والفواق في الامراض الحادة دليل مهلك وذلك انه يدل على التشنج ومنها ان يكون المرض الحادث في الغاية من المضادة للمرض المتقدم كالاستسقاء الذي يحدث بعقب الامراض الحادة. وهذا القدر من العلامات فيه كفاية في التنبيه على ما ذكر الاطباء من ذلك فان كتابنا هذا ليس كتابا حافلا في الصناعة وانما نذكر فيه الاشياء التي تجري مجرى الاصول والامور الكلية من هذه الصناعة والذي بقي علينا القول فيه من العلامات هي علامة امراض الاعضاء الباطنة في دلايل الاعضاء الالمة والاشياء التي نطلب الاستدلال عليها ها هنا هي احد ثلثة اشياء كما قلنا اما العضو الالم وامراضه واما سبب المرض واعني ها هنا بالسبب الفصل الخاص بالمرض والاشياء التي منها يكون الاستدلال على هذه الاشياء في الاكثر هي الاعراض الداخلة على ا فعال الاعضاء وانفعالاتها والاعراض اللازمة عنها وذلك اما في ظاهر البدن واما فيما يظهر في الفضلات البارزة من البدن اما الاعراض الداخلة على الافعال والانفعالات فتدل اكثر ذلك على العضو الالم وذلك متى كان الفعل المضرور او الانفعال خاصا بذلك العضو ومساويا مثل سقوط الشهوة الدالة على اعتلال فم المعدة. واما متى لم يكن خاصا فانه لا يدل على العضوالالم منال ذلك عسر حركة الاصابع فانه لا يدل على ان الالم في الاصابع انفسها بل قد يكون ذلك عن اعتلال العصب الواصل اليها وقد يتفق ان يكون العرض الداخل على افعال الاعضاء وانفعالاتها دالا على العضو وعلى المرض نفسه وذلك اذا كان خاصا بهما معا. مثال ذلك الوجع الحاد الناخس فانه يدل على ان العضو الموف غشائي وان فاعله خلط مراري. والجشى الحامض يدل على اعتلال فم المعدة وان الفاعل سبب بارد والمواضع من ظاهر البدن التي يحس بحذايها الالم تدل على العضو الالم اذا كان ذلك الموضع خاصا بذلك العضو مثال ذلك الوجع فيما دون الشراسيف فانه دليل على ان المرض في المعدة. واما متى لم يكن خاصا فانه ليس بدليل مثال ذ لك وجع الخاصرة فانه قد يمكن ان يكون عن مرض في المعا الغلاظ او في الكلية. والاشياء التي برز ايضا من البدن تدل على العضو الالم وذلك اما بطبايعها وخلفها مثل القشر الصفائحي فانه يدل على علة الكلى والنخالي على علة المثانة وذلك اذا لم تكن هنالك حمى حادة واما بمقاديرها مثال ذلك انه متى نفث انسان بالسعال عرقا كبيرا دل على انه من الرية. وان كان صغيرا دل على انه من قصبة الرية واما من موضع خروجها او من جهة خروجها اما من الموضع فمثل خروج الدم من المقعدة فانه يدل على ان المرض اما في المعا واما في مقعر الكبد واذا خرج من طريق البول دل على ان المرض في المثانة او في الكلى واما في محدب الكبد / ومثال جهة خروجها ان الدم الذي يكون بالسعال يدل على ان خروجه من الرية والذي يكون بالتنخع يدل على انه من المري. وللنبض والوجع دلالة قوية على العضوالالم وان كانا من جنس الاعراض الداخلة على الافعال والانفعالات فان تفصيل دلالتهما تجري مجرى القوانين الكلية اما النبض المنشاري فانه يدل على ان العلة في عضو عصبي واما الموجي فانه يدل على عضو لحمي واما الوجع اذا كان ناخسا كانه يستدير عرضا فهو في عضو غشائي وان كان رخوا دل على ان المرض في اللحم فان كان ضاربا دل على ان الالم في عضو كثير الشراين ومعنى ذلك ان الانسان يحس بضربان العنق في موضع الالم وان كان ثقيلا دل على ان العلة في عضو عديم العصب كالكبد والطحال. وان كان ممتدا بالطول دل على ان العلة في عصبة او عرق فان كان شبيها بالثقب والمسلة فهو يدل على ان المرض في عضو غليظ. وذلك اما في الكلى واما في المعى الغليظ. وان كان مكسرا دل على ان الالم في عضو عظمي فهذه هي الطرق التي منها يمكن ان يوقف على العضو العليل ولست احتاج ان افصل لك ها هنا الافعال الخاصة والانفعالات بعضو عضو ولا المشتركة فان ذلك شي قد عرفته من كتب الصحة ولا ايضا مواضع الاعضاء والذي يحتاج فيه ها هنا الى بعض تفصيل هو ان نقول في اصناف دلالات ما يبرز من البدن على العضو فنقول ان الاشياء التي تبرزمن البدن صنفان صنف شانه ان يبرز منه كالبول والغايط والبصاق وصنف ليس شانه ان ييرز منه كالدم وبعض اجزاء الاعضاء فاما الصنف الذي شانه ان يبرز فالاعراض اللاحقة له انما يستدل بها اكثر ذلك على الامراض واسبابها وقد قيل فيما سلف في دلالاتها واما الاشياء التي تبرز من البدن من غير ان يكون شانها ان تبرز منه فهي تدل اكثر ذلك على العضو الالم وانت فقد عرفت جواهر الاعضاء من كتاب التشريح فلا يخفى عليك ذلك والذي ينبغي ان نفصل ها هنا هي دلالة خروج الدم فنقول ان الدم اما ان يبرز من اعالي الجسم واما من اسفله. فاما الدم الذي يبرز من اعالي الجسم فاما ان يكون من الفم وخروج هذا يكون بالبطو. واما ان يكون من الحلق وخروج هذا يكون بالتنخع واما ان يكون من المعدة وخروج هذا يكون بالقي واما ان يكون من الرية او من الصدر وخروج هذا يكون بالسعال لاكن الذي يكون من الرية يكون كثيرا ويقذف به دفعة واحدة ويكون مع ذلك دم شرياني زبدي وبغير وجع. والذي يكون من الصدر يكون معه وجع وليس يكون تلك الكثرة ولا يخرج دفعة ولا يكون لونه لون دم الرية ويخرج فيه علق اللهم الا ان ينبثق هنالك شريان. وقد ينزل دم من الراس فيحدث سعالا ويظن به انه من الرية لاكن هذا الدم يخالف دم الرية فلونه وقوامه فان كثيرا ما يكون هذا الدم منعقدا ويستدل ايضا عليه بعلامة الامتلاء في الدماغ وقد يخرج الدم من المري وعلامته الوجع بين الكتفين واما الدم الذي يخرج من اسفل فقد يكون من انفتاح افواه العروق التي في فم المقعدة وهذا تستعمله الطباع على وجه الاستفراغ ما لم يفرط ذلك عند تزيد الدم في كميته وفساد كيفيته وهذا يوقف عليه من الاعراض التي تعرص بفم المقعدة وقد يكون 12 الدم الذي يخرج من هذا السبيل اما لقرح وسحج في المعى واما لضعف القوة الماسكة في الكبد او لرداة كيفية الدم فتدفعه القوة الدافعة ويعم هذين الصنفين من الدم اعني الذي يكون عن ضعف القوة الماسكة وعن السحج انهما يكونان شبيه الماء الذي يغسل به اللحم اعني انه لا يكون دما صرفا ويخص الذي يكون عن سحج المعا انه يكون بوجع في العضو الالم ويكون خروجه قليلا قليلا ويكون مختلطا بالخراطة التي في الامعاء واما الذي يكون في الكبد فيستدل عليه بالاعراض الدالة على ضعف الكبد مع انه يخرج بغير وجع واما الذي تدفعه الكبد لرداته فيستدل عليه بلونه وذلك انه /دم اسود محترق واما الدم الذي يخرج من مجرى البول فقد يكون من المثانة ومن الكلى ومن مقعر الكبد والذي يكون من الكلى يكون خروجه على احد وجهين اما بانفتاح عرق فيها او لانصداعه كما يعتريها في الحصى المتولدة فيها فان هذه الحصى انما تتولد في نفس جرمها ثم تشق اللحم وتخرج وكذلك اذا ابتدات الحصى في السكون ابتدا الوجع حتى تندفع واما لضعف القوة الغاذية التي فيها عن ان تعتري تلك المايية الدموية التي اعدت لغذايها ويستدل على الدم الذي يكون من مقعر الكبد من الاعراض الدالة على ضعف الكبد مع عدم الاعراض الدالة على ضعف الكلى ويستدل على الذي يكون لضعف الكلى بالاعراض التابعة لضعف الكلى مثل الوجع الذي يصيبها لسوء المزاج وهزال الجسم وضعف الباه. واذا كان الدم الخارج عنها لانفتاح عرق فالفرق بينه وبين الدم الذي عن ضعف القوة الغاذية التي فيها ان الدم الذي يكون عن انفتاح العرق يغلب على طبيعة البول حتى يظهر البول كله دموياوذلك في اول الامر. واما الدم الذي يكون من ضعف الكلى فانما يكون غساليا وايضا فان الاعراض التابعة لضعف الكلى ليس تكون في اول الامر ظاهرة في هذه العلة كظهورها في العرض التابع لضعف القوة الهاضمة. واما ان كان لانصراع عرق فيها او تاكله فانه يستدل عليه بالوجع فان هذا شي ينبغي ان يخطره بالك اعني ان الدم الذي يكون عن انفتاح افواه العروق يكون اكثر ذلك بغير وجع كما يعتري المرعوف. واما الذي يكون عن الانصداع او التاكل فانه يكون اكثر ذلك بوجع ما لم يتمكن بالعرق وسوء مزاج مستو. واما الذي يكون من المثانة فانما يكون بوجع لان الدم انما يخرج من هذا العضو اكثر ذلك من جهة الاخلاط التي تسحجه ومن الاشياء البارزة عن البدن مما شانه ان يخرج منه مما لم نذكره بعد اذا خرجت عن الطبع في كميتها وكيفيتها دلت على الاعضاء الاليمة العرض المسمى اسهالا فانه قد تبين في كتاب المرض ان هذا العرض قد يكون لضعف المعا ولضعف المعدة ولضعف الكبد او لضعف الاعضاء انفسها واعني ها هنا بالضعف سوء المزاج الغير مادي. وقد يكون هذا العرض ايضا لسوء مزاج مادي حاصل في واحد واحد من هذه الاعضاء او اكتر من واحد وحينئذ لا يدل هذا العرض على العضو الالم فقط بل وعلى السبب الفاعل وينبغي ان نشرع في العلامات التي اذا اقترنت بهذا الاستفراغ دلت على العضو الالم فنقول ان الفرق بين الاسهال الذي يكون عن مرض مادي في واحد من هذه الاعضاء او في اكثر من واحد وبين الذي يكون عن مرض غير مادي ان الذي يكون عن مرض مادي يخرج مع الثفل فيه الخلط الفاعل لذلك المرض فاذا كان الاسهال عن المعدة استدل عليه بالاعراض التابعة لالام المعدة سواء كان مرضها عن سوء مزاج مادي او غير مادي ويخص ذلك ضرورة قلة لبث الطعام فيه وذلك ان الذي يكون من قبل المعدة انما سببه احد امرين اما ما يزعج القوة الدافعة الى الدفع ويرهقها واما لضعف القوة الماسكة واي ما كان فيلزم عن ذلك ضرورة قلة لبث الطعام فيه وقد يكون الاسهال من المعا نفسه كما قلنا ويستدل عليه بالاعراض التابعة لضعف المعا وان تكون مع ذلك المعدة ليس بها ضرر بل يمكث فيها الطعام الزمن الطبيعي للبثه. واما الذي يكون من الكبد او من العروق او من بعض الاعضاء كالراس وغير ذلك فيستدل عليه ان كان ماديا بالعلامات الدالة على غلبة الخلط على ذلك العضو وبالاعراض الخاصة بذلك العضو كما حكى بعض الاطباء ان انسانا كان به اسهال فكان يشتد عقب النوم ويخف في اليقظة فحدس من ذلك ان الخلط الفاعل لذلك في الدماغ فقصد الى معالجته فبري واما النوع من الاسهال الذي يكون عن السدد العارضة في الجداول الواصلة من المعا الى الكبد فانه يستدل عليه بان يخرج /الطعام كيلوسيا مع لبثه الطبيعي في المعدة والمعى او قريب من لبثه الطبيعي واذا عرض هذا المرض لحق ذلك هلاس البدن في مدة يسيرة اقصر من مددالزمن الذي يلحق فيه الهلاس من ضروب الاسهال الاخر. واذا تركبت هذه الامراض صعب الوقوف عليها وبالجملة فجل هذه العلامات انما هي حدسية تخمينية من جنس الاقاويل الظنية ولذلك ما ينبغي ان نتحر الاجتهاد فيها فاذا غلب على ظنه شيء ما من ذلك استعمل اولا في ذلك لطيف العلاج وذلك بحسب ما ظن في المرض فان انجح تمادى وعلم ان الذي ظن صادق والا اعرض عن ذلك مثال ذلك انه متى ظن ان السبب في الاسهال هذه السدد استعمل في ادويته يسير تفتح وان راى النجح يتبع ذلك وثق بظنه والا تدارك بعد ذلك خلل ما صنع ولذلك تعد الاطباء السبار الذي يكون بالعلاج احد الاجناس التي يوقف منها على الامراض واسبابها وكذلك متى ظننا ان سبب المرض سبب حار عالجناه بالاشياء المبردة تبريدا يسيرا فان وجدناه ينتفع بذلك وتثقنا بظننا وقوينا على المرض في فعله فهذه هي الطرق التي يوقف منها اكثر ذلك على تعرف الاعضاء الالمة وقد يوقف على ذلك بالاعراض تعرض في العضو المشارك للعضو المريض مثال ذلك السعال الحادث عن ورم الجنب وعن ورم الكبد وانجذاب الترقوة عن ورم الكبد لاكن امثال هذا الاستدلال انما يدل على العضو الالم باقتران غيره اليه من الدلايل مثال ذلك ان السعال والنفث انما يستدل منه على ورم الجنب متى كان هنالك وجع ناخس وحمى حادة والاعضاء الالمة منها ما يكون حدوث الالم فيها حدوثا اوليا ومنها ما يكون بمشاركة غيره من الاعضاء والقانون الطبي في ذلك ان الاعضاء التي يزيد اعتلالها باعتلال اعضاء اخر وتنقص بنقصانها ان تلك الاعضاء مريضة عن غيرها مثال ذلك ان الصداع الذي يزيد عند تهوع المعدة او فساد الاغذية او خلوها من الطعام فانما هو عارض للدماغ بمشاركة المعدة. وهذا الموضع هو موضع اقناعي وذلك انه قد يتفق ان يتزيد مرض عضو ما بتزيد مرض عضو اخر بضرب من العرض او لان العضو به مرضان مرض خاص ومرض مشارك فيزيد المرض المشارك في المرض الخاص فيظن به ان مرض ذلك العضو مشارك فقط ولذلك موضع الوجود والارتفاع هو اقوى من هذا وذلك ان العضو الذي يصح بصحة عضو اخر ويمرض بمرضه قد يظن ان ذلك العضو هو السبب في مرضه لاكن في هذا ايضا اختلال ما وذلك انه قد يكون مرضاهما تابعين لمرض عضو اخر. ولموضع وهايه هذا الاستدلال ينبغي للناظر في هذه الصناعة ان يستكثر من الادلة ما امكنه فاذا اقوى ظنه في امر ما امتحن ذلك بالمعالجة الرفيقة فان شهدت بصدق ما ظن قطع بذلك والا استدل على العلة بوجه اخر. واذ قد قلنا في الطرق الكلية التي منها يوقف على الاعضاء الالمة فلنقل في الامور التي منها يوقف على الامراض واسبابها فنقول ان الامراض التي يحتاج الى الاستدلال عليها هي بالجملة اما سوء مزاج مادي او غير مادي. والمادي اما مع ورم واما بغير ورم. اما سوء مزاج المادي فيستدل عليه بالعلامة الدالة على غلبة الخلط على البدن او على العضو الموف وقد تقدم لك ذكر ذلك وقد يستدل ايضا من الاشياء التي تبرز من البدن على الخلط الفاعل لسوء المزاج المادي وذلك فيما يخرج بالقيي او بالبراز. وفي البول علامة صالحة على جنس السبب الفاعل وجميع هذا قد تقدم وكذلك النفث ايضا مما يستدل به على نوع السبب الفاعل مثال ذلك ان النفث الاحمر دليل على غلبة الدم والاصفر دليل على غلبة الصفراء والاسود دليل على غلبة الخلط الاسود المحترق ولذلك كان في امراض الصدر دليل على الهلاك وانما النفث المحمود الابيض الاملس المستوي الذي ينفث ويخرج بسهولة واما الاورام فانه يستدل على الخلط الفاعل لها بالعلامات الدالة على غلبة الخلط.
صفحہ 264