واما الاشيا التي من داخل فهي سوء المزاج اما فيه اولا واما في عضو مشارك له. وسو المزاج المتولد في القلب ربما كان غير مادي كحمى الدق وغير ذلك وربما كان ماديا وذلك بان يتغير الدم الذي فيه بعض التغير. واما الورم فلا يحتمله هذا العضو في نفس جرمه بل يبادر الموت الى العليل في اول حدوثه قالوا وربما حدث الورم في غشايه فلم يقع الموت فان بادر الطبيب الى علاج ذلك امكن الخلاص منه والا قتل. وقد حكى جالينوس ان من امراضه المادية رطوبة مايية تكون في غشايه يتبع ذلك ذبول البدن قالوا ويعرض فيه ان تراكم على غشايه اشيا صلبة وبالجملة فليس يمتنع عليه جميع اصناف سوء المزاج ما لم يكن مفرطا او لم يكن عن ذلك تورم. واما اذا افرط به سوء المزاج فانه يؤدي ذلك الى الغشي والغشي هو انصراف الحار الغريزي دفعة الى القلب عن ساير الاعضاء وتخليه عن تدبيرها وذلك لقلته وفرط تحلله واما الاعضاء التي يختل بمشاركتها فجميع الاعضاء الضرورية التي لها رياسة ومن اقواها مشاركة فم المعدة ولذلك سمته القدماء فوادا باسمه وذلك انه كثيرا ما يعرض عن الم هذا الموضع العارض المسمى الغشى ولكون مشاركته لهذه الاعضاء كانت الاعراض التي تلحقه في النبض دلائل على اكثر امراض الاعضاء وتعديد انواع هذه الاعراض واعطاء اسبابها كتاب العلامات اولى بذلك واما الاعضاء الخادمة للكبد فقد قلنا ان منها المرارة والطحال والكل والمثانة اما المرارة فقد بينت اسباب الاعراض اللاحقة لتعطل فعل من افعالها عندما ذكرنا اعراض الكبد واما الطحال فاذا تعطلت قوته الجاذبة حدث عن ذلك كما قلنا انتشار المرة السوداء في الدم فربما دفعتها الطبيعة الى سطح البدن فيحدث عن ذلك اليرقان الاسود وبالجملة يلحق هذا العرض جميع الامراض السوداوية واذا افرطت قوته الدافعة حدث عن ذلك مرض المعدة وقد يحدث عن ذلك خلفة سوداوية وسبب هذه الاعراض اللاحقة هي ضرورة اسباب ساير الاعراض وذلك اما مرض الي واما سوء مزاج واما مركب عنهما كالورم وهذا العضو لغلظ ما يتغذى به كثيرا ما تصيبه اورام جاسية. واما الكلى فانه يظهر من امرها ان فيها ايضا الخمس قوى فاذ ضعفت القوة المميزة التي فيها او الهاضمة او الماسكة تبع ذلك ان يخرج الدم مبثوثا في البول لان المايية الدموية الواصلة اليها من الكبد لتغتذي بها لا تغيرها. واما متى ضعفت القوة الجاذبة في هذا العضو فانه يحدث عنه الاستسقا الزقي كما قلنا وقد يفرط فعل القوة الجاذبة في هذا العضو فانه يحدث عنه الاستسقا الزقي كما قلنا فيتبع ذلك سلس بول مع شرب ماء كثير وهذه العلة هي المسماة بالبركان ويصحب افراط فعل القوة الجاذبة في هذا العضو ضرورة /ضعف الماسكة والهاضمة ولذلك يخرج البول في هذه العلة غير نضج وسبب هذه الاعراض يكون احد اصناف سوء المزاج والامراض الالية او المركبة منها جميعا. وانت فقد ظهر لك من قوة القول المتقدم ما تقدر به من تلقاء نفسك كيف تنسب عرضا عرضا من هذه الاعراض الى صنف صنف من اصناف الامراض لاكن علة البركان هي اولى ان تنسب الى المزاج الحار من جهة ان الجذب انما يكون بالحرارة وغير ممتنع ان يكون شدة الجذب لضعف الماسكة فانها متى ضعفت لم تتغذ الكلى بالمايية التغذي الذي يجب لها لقلة وكوف المايية فيها فتتحرك القوة الجاذبة اكثر مما يجب لاكن هذا الصنف يلزم ان يتبعه قلة وقوف البول في المثانة من غير ان تمتلي وقد تختل القوة الدافعة التي فى هذا العضو بسدد تعرض فيها من اجسام حجرية تتولد فيها عن اخلاط غليظة وحرارة مجففة على جهة ما ينعقد الخزف قالوا واكثر ذلك انما يتولد في جرمه لا في تجويفه وهذا المرض هو الذي يسمى حصاة في المثانة واما المثانة فانه يختل فعل القوة الدافعة فيها لسدة حادثة فيها اما مثل ورم او خلط غليظ او دم جامد واما بالحصى المتولدة فيها ويتبع جميع ذلك عسر خروج البول وقد يكون عسر البول لاختلال القوة الدافعة نفسها وقد يكون تقطير البول لافراط فعل القوة الدافعة التي فيها وسبب ذلك اما قروح فيها واما ان في البول كيفية لذاعة. واما الذين يخرج عنهم البول بغير ارادة اصلا ولا وجع وذلك يكون من استرخا العضلة المحيطة بعنق المثانة وهذا سيعدد في الاعراض الداخلة على الحركات الارادية وينبغي ان تعلم ان هذين العضوين اعني الكلى والمثانة كثيرا ما يلحقهما اعراض ردية من امراض الخشونة حتى ربما الت الى التقرح وهذا المرض المسمى في اول الامر جربا وذلك يكون عن اخلاط ردية تنصب اليها اعني في نفس جرمها وفي تجويفها وبالجملة الفاعل لهذا المرض المسمى جربا انما هو سوء مزاج مادي خبيث وحق لمثل هذه الاعضاء ان تلقى مثل هذا العرض اذا كانت طريقا لفضول الجسم ومغيضا لها. في الاعراض الداخلة على الات التناسل. وهذه الاعضاء كما قلنا منها الرحم والانثيان والقضيب والثدي اما الانثيان فانه قد يلحقهما ضعف قوتهما الهاضمة حتى لا تفعل منيا مولدا وذلك ضرورة عن احد اصناف سوء المزاج فانه متى افرط مزاجها في الحر واليبس شيطت المني واحرقته وكذلك ان افرط في البرد واليبس او في الرطوبة او في البرد مفردا لم ينضج المني وخرج رقيقا ماييا وهذه الامزاج منها ما هي في اصل الخلقة وهذه لا سبيل الى برءها ومنها ما هي عرضية وهذه فيمكن برءها وقد يختل فعل هذا العضو من الاورام المتولدة فيه ومن انقطاع معالقه او من المرض الذي يعتريه في المقدار والوضع وهو المسمى ادرة وهذا المرض يحدث من اتساع الثقب الذي فيه معاليق الانثيين وذلك ان هذه المعاليق اذا اتسعت اما لرطوبة فضلية تكون هناك واما لقحل يعرض للمعاليق انفسها انحدر المعى الى هنالك وربما اندفع لى كيسها رطوبة او ريح فيحدث المرض المسمى ادرة وقد يكون هذا المرض عن خرق كبير يكون في هذا الثقب حتى يزل في الكيس شي من المعى وهو اردأ اصنافها واما القضيب فانه تختل القوة الدافعة التي فيه بانسداد مجراه او بضعف طاريء عليه او لفساد في شكله عند الانعاظ والفساد في الشكل يعرض اما بقطع الوتر الذي به يكون انعاظه مستقيما وهو المسمى شكالا واما من يبس مفرط واما من ورم متحجر واما الارحام فلما كانت خلقتها لمكان الولادة مع انه صحب ذلك ان كانت سبيلا لفضول الهضم الثاني كانت الاعراض اللاحقة لها داخلة على هذه الافعال انفسها والرحم كما قيل ففيها الاربع قوى الهاضمة وان شئت أن تسميها الحافظة فهو اليق بها ولهذا ما ليس يظهر فيها فعل القوة المميزة اذ كان لا يظن انها تغتذي بما تحتوي عليه وان كان في هذا موضع شك واما الجاذبة والدافعة والماسكة فامرها فيها بين فنبتدي /فنخبر بذكر الاعراض الداخلة على واحد واحد من هذه القوى فنقول اما القوة الحافظة التي فيها للجنين فانها متى ضعف او بطلت كان عن ذلك اما قلة الحمل واما الا تحمل المرأة اصلا وسبب هذا يكون ضرورة احد اصناف سوء المزاج المادي والغير مادي الا ان غير المادي منه ما هو في اصل الخلقة وهذا يسمى عقرا ومنه ما هو طاري وجهة ضرر هذه الامزجة بالمنى هي بعينها جهة ضرر سوء مزاج الانثيين به وذلك انها متى كانت حارة يابسة شيطت المني ومتى كانت باردة بردته حتى يعود ماييا واما اذا ضعفت القوة الماسكة فيه فانما تكون سببا للاسقاط والسبب اكثر ذلك في ضعف هذه القوة هي رطوبة مزلقة. واما القوة الدافعة فيه فان ضعفها يكون سببا لعسر الطلق كما ان افراطها في الدفع يكون سببا للاسقاط. والقوة الجاذبة في هذا العضو قد تكون سببا لعسر الحمل او لعدمه وذلك اذا تعطل فعلها او نقص وقد تختل جميع هذه القوة في الرحم من الاورام التي تصيبها ومن المرض المعروف باختناق الرحم وهذا المرض ليس يضر بافعال الرحم بل بافعال ساير الاعضاء وذلك ان سبب هذا المرض انما هو عن تولد خلط سمي يتكون في هذا العضو فيترقى منه بخار مضاد بصورته للحرارة الغريزية على جهة ما تضادها السموم فيعتري عن ذلك تعطل افعال الحياة حتى لا يكاد في تلك الحال ان يحس للقلب نبض ولما كان يصيب مثل هذا العرض في الاكثر النساء البعيدة العهد بالجماع ظن ان هذا التعفن انما يعرض لمني النساء مع انه اكثر شي استعدادا لان يلقى مثل هذا العرض وليس يمتنع في الابدان الردية ان يتولد في اعضاء منها اخلاط تشبه السموم في جواهرها وبخاصة في هذا العضو لكونه مغيضا لقبول البدن التي هي اكثر شي استعدادا لقبول العفونة ولذلك راى بعضهم ان هذه العلة قد تعرض ان امتناع درور الطمث ولكون هذا العضو مغيضا لهذه الفضلة كان كثيرا ما يصيبه التاكل فيعسر برءه او لا يمكن وهذا العضو يصيبه من امراض الموضع المبطلة لجميع افعاله انه يسترخي حتى يخرج عن موضعه ويتعلق وقد يكون سببه الاشيا التي من خارج كالظفر والولادة وقد يكون سببه رطوبة لزجة وقد يجتمع الامران جميعا ومما يعوق الرحم عن الحمل العلة المعروفة بالرحى وهذه العلة تعرض من تقصير القوة المصورة التي في المني وذلك اما من فساد الالة واما من فساد الهيولي فيتولد في الرحم بعضة لحم ويعرض للمراة ان يكون بطنها شبيها ببطن الحبلى حتى ترمي بتلك البعضة وقد تنضجها الطبيعة الى رطوبات ورياح. واما الاعراض التي تلحق دم الطمث فالفاعلة لها هي الاعراض التي تلحق القوى التي في هضم العروق وذلك ان افراط خروج هذا الدم انما يكون سببه احد امرين اما ضعف القوة الماسكة واما افراط دفع الدافعة واما كليهما اما السبب في ضعف القوة الماسكة فهو احد اصناف سوء المزاح. واما السبب في افراط القوة الدافعة فهو اما خلط لذاع واما الكثرة واسباب امتساك هذا الدم هي اضداد هذه الاسباب بعينها الا ان احد ما تضعف به القوة الدافعة او يتعطل فعلها في هذا العرض هي السدد الحادثة عن غلظ الدم ولزوجته. والطمث الطبيعي في النساء اقل زمانه يكون يوما واكثر زمانه سبعة ايام والطهر المتخلل بين هذه الحيض اقل زمانه عشرون يوما واطوله ثلاثون يوما فهذه هي جميع الاعراض الداخلة على القوى المنسوبة للنفس النباتية وقد يظهر في جميع البدن او في عضو منه اعراض تنسب الى القوة الدافعة فقط من خوادم هذه القوة اما التي في جميع البدن فالرعدة والقشعريرة والتميطي واما التي في اعضاء خاصة هذه فكالسعال في الرئة والعطاس في الراس والتثاوب في الفم والفواق في المعدة. ونحن نشير الى اسباب جميع هذه وانما نسبنا هذه الافعال لهذه النفس اذ كانت ليست ارادية وان كان قد يكون للارادية في بعضها مدخل ما. فنقول اما النافض فانه حركة القوة / التي في العضل لدفع الخلط الموذي لها بالحرارة او البرودة ومن الدليل على ذلك ان مثل هذا العرض يلقى البدن عن الاشيا التي من خارج مثال ذلك انها متى صب على البدن ماء حار شديد الحرارة اقشعر منه الجسم على المكان وربما ارتعد وكذلك يلقى من الهواء البارد. واذا ضعفت اسباب هذا العرض كان عنه قشعريرة فاذا اشتدت اسبابه كان عنه النافض ولذلك لا يرى نافض لا تتقدمه قشعريرة وهذا النافض انما يكون اكثر ذلك في الحميات وبخاصة النافض الذي يكون عن الاخلاط الحارة. واما الذي يكون عن الخلط البارد البلغمي فقد يكون عنه فيما زعموا نافض بغير عفونة وذلك في النوع الزجاجي منه فقط. وزعموا الاطباء ان النافض الذي يكون عن الخلط الحار اشد لمكان لذعه وان الذي يكون عن الخلط البارد اقل لذعا ونحن نرى الابدان انما تلقا هذا العرض اشد ما يكون عن الهوا البارد واما الهوا الحار فليس يكاد ان يعرض عنه نافض بل انما تعرض عنه قشعريرة والشاهد على هذه الرعدة التي تصيب المقرورين ولهذا ما نرى ان اقوى الاسباب في النافض هو غور الحرارة الغريزية الى باطن البدن وبرد الاعضاء التي من خارج فتحرك الطبيعة الى دفع مايضادها سواء كان باردا او حارا الا ان البارد اشد مضادة واما النافص الذي يكون عند الموت فسببه هو تحرك القوة الدافعة لضعفها عن حمل الاعضاء انفسها ولذلك تنطفي باثره الحرارة الغريزية على المقام وتتحلل حركتها في هذه شبيهة بالحركة الغير محصلة الذي ليس لها سبب الا الضعف فقط كحركة السراج عندما يريد ان ينطفي ولذلك ما نرى الطبيعة عندما يطرأ عليها امر مهلك من خارج مثل ضرب العنق وغير ذلك تدفع بفضول الجسم تهيبا منها لما طرا عليها من خارج. واما السعال فانه حركة القوة الدافعة التي في الرئة للاشيا الموذية لالات التنفس وقذفها بها بالهوا الخارج بمعونة الصدر لها ومن هنا يظهر ان للارادة مدخل ما في هذا الفعل. والسبب الفاعل للسعال هو احد اصناف سوء المزاج المادي وغير المادي. اما المادي فانه اما ان يكون من رطوبة تنزل من الراس كما يعتري في النزلات واما من شي يصل الى الرية من الصدر ونواحيه كما يعتري ذلك في الاورام التي فيه واما من شي يتكون في جوهر الرية بمنزلة الورم او القرحة اوالدم المنفجر والدم ينبعث من هذا العضو اما عندما ينشق عرق من عروقه وهو خطر. وقد ينبعث منه الدم على جهة الرشح لتخلخله وقد يصير ايضا اليه من نواحي الصدر وقد زعموا انه كان يرحل سعال شديد حتى قذف حجرا من رياته فسكن سعاله وقد زعموا انه يكون ضرب من السعال عن تولد بعوض في المرية وقد تكون المواد المحركة للسعال امورا تطرأ من خارج بمنزلة الغبار والدخان وبالجملة لاشيا من طبيعتها ان تهيج هذا العرض كالقطن الذي يكون في عليق الكلب واما الامزجة الغير مادية فانها ايضا قد تهيج هذا العرض وان كانت القوة الدافعة لم تعد نحو هذا الفعل لانه ليس يحصل عن ذلك منفعة كالحال في السعال المادي لاكن لحقها ذلك بالعرض وذلك انه لما اريد من هذا العضو ان يتحرك لقذف الا شياء التي ترد عليه جعل فيه قوة جيدة الحس فعندما يحس بادنى شي يصل اليها قذفت به الدافعة فاذا عرض لها سوء مزاج غير مادي واحست به تحركت القوة الدافعة على جهة تحركها عن المادي لانه لم يكن في طباعها غير ذلك فان كل ما في الطباع اما ان يكون لمكان الضرورة وهو الذي لا يمكن غيره واما ان يكون لمنفعة وهذا المزاج يعرض اما من الاشياء التي من خارج كما حكى ان بعض الاطباء امر من كان يشكو سعالا ان تضم اطواق ثيابه فبري وربما كان هذا المزاج من خلط متقدم وربما كان من مزاحمة بعض الاعضاء للرية كما يعتري ذلك في تورم الكبد وفي الشبع المفرط. واما العطاس فانه حركة القوة الدافعة التي في الدماغ لتنقية الفضول الذي فيه وقد يصحب فيه مع تنقية الدماغ انه ينقي مع ذلك الفضول التي في الصدر والرية وربما /اندفع به بعض ما يكون في فم المعدة ولذلك ما نرى العطاس يهيج الجشا وهذه الحركة للقوة الدافعة انما تكون عند لذع الخلط الموذي بكيفية باطن الانف ولذلك ما نرى الاشياء التي تدخل في الانف تهيج العطاس واما هل يكون هذا الفضل في بطون الدماغ فيهيج منه عطاس قبل ان يسيل منه شي الى المنخرين فيبعد ذلك واما الفواق فهو من حركات القوة الدافعة في المعدة وقد ذكرناه وكذلك الامر في الجشا اعني انه ايضا من حركة القوة الدافعة للرياح المستكنة هنالك واما التمطي فهو تمديد الاعضا لينتفض منها الفضل البخاري المحتقن فيها. والتثاوب هو تمطي في عضل الفكين لتنقية الفضل الذي هنالك. واما الاختلاج فانه يكون عن فضل بخاري تولد في العضو عن تقصير القوة الهاضمة ورداة المادة اعني اذا كانت منفخة. فهذا هو القول في جميع الاعراض الداخلة على القوة الغاذية والقوى المنسوبة اليها وينبغي ان نسير الى القول في الاعراض الداخلة على قوى الحس ونبتديء من ذلك بابسطها وهو اللمس. في اعراض حس اللمس والقوة الرئيسية المشتركة الحساسة وان كانت في القلب كما قلنا فانه لا يتم فعلها الا بالدماغ والنخاع والعصب ولما كانت هذه الاعضاء اعني الدماغ والنخاع والعصب باردة المزاج بالطبع رطبة سهلة الانفعال ولم تكن رئاستها في شرف رياسة القلب كانب الاعراض الداخلة على هذه القوى انما تكون هي اكثر ذلك من جهة الدماغ او النخاع او العصب النابت منها. واما القلب فليس يحتمل ان يلقى من الافات والامراض ما يكون عنه تعطل هذه القوى بل الموت يبادر قبل ذلك وان كان ليس منتنعا ان يعرض عنه ضعف في هذه الحواس. والدليل على ذلك انه متى قطع شريان كبير من بعض الشراين التي تاتي للاعضاء عسر حس ذلك العضو وما يعتري عند الغشي من ذهاب الحس والحركة شاهد على ذلك وكذلك ما يعتري عند الفزع من الرعشة وليس استعمالنا هذا الموضع على الجهة التي استعملها جالينوس في الاعصاب لانه قد بين بالقول ان للقلب مدخلا في فعل هذه القوى وانما استعملنا ها هنا موضع الوجود والارتفاع على جهة الاستظهار ولما كان الامر على ما قلنا كان توفية الاطباء اسباب دخول الاعراض على هذه القوى انما هي فقط من جهة الدماغ والنخاع والعصب وانت فينبغي لك ان تفهم الامر على ما قلناه ومتى قصدت بالعلاج الى هذه الاعضاء فلا تهمل امر القلب على ما سنقوله في الجزء العلاجي. واذ قد بين هذا فلنشرع في تعديد الاعراض الداخلة على حس اللمس ثم نسير بعد الى اعطاء اسبابها وهي الامراض الفاعلة لذلك فنقول ان هذه القوة هي من جنس القوى المنفعلة وذلك انها تنفعل عن الكيفيات الاربع متحكم عليها والاعراض الداخلة عليها اصنافها هي اصناف الاعراض الداخلة على ساير القوى وذلك اما ان تتعطل جملة كبالفالج او تنقص مثل الخدر او يكون انفعالها انفعالا رديا مثل حس الوجع لاكن تعطل هذه الحاسة جملة في جميع اجزاء البدن هو موت ضرورة واما تعطلها في عضو او نقصها في جميع البدن فذلك ممكن. والاسباب الفاعلة لهذه الاعراض هي ضرورة احد اصناف سوء المزاج المادي او الذي ليس بمادي ولننزل ان هذه الاعراض انما تحدث اكثر ذلك والانسان حي متى كان سوء المزاج الفاعل لذلك اما في الدماغ نفسه واما في النخاع واما في الاعصاب النابتة منها لاكن ينبغي ان ننظر هل هذه الاعراض تحدث عن جميع اصناف سوء المزاج الثمانية ام انما تحدث عن بعضها. فنقول انه لما كانت هذه الاعضاء منها باردة يابسة وهي الاعصاب وباردة رطبة وهي الدماغ والنخاع كان تاثر هذه الاعضاء عن البرد اسرع او عن البرد والرطوبة ولذلك كانت اسباب هذه الاعراض في الاكثر هي البرد مفردا او البرد والرطوبة. واما سوء المزاج الحار فلست امنع ان يعرض عنه هذا العرض فانه اذا تبين /ان كل عضو انما يفعل بحرارة مقدرة فلا فرق في اي جهة كان خروج تلك الحرارة التي بها تفعل في كونها سببا في تعطل فعله واختلاله لاكن ان كان مثل هذا فهو نادر. واما اليبس فلست امنع كذلك ان يتولد مثل هذه الاعراض عنه ولذلك ما نرى الذين علت اسنانهم يعسر حسهم لاكن مثل هذا السبب يبعد ان يحدث دفعة واذ قد بين ان المزاج البارد بما هو بارد هو السبب اكثر ذلك في هذه الاعراض سواء كان رطبا او لم يكن وان كان ايضا المزاج الرطب قد يمكن ان يفعل ذلك بارخايه لاكن يعسر كما قلنا ان يوجد مزاج مادي رطب فقط بل انما يكون مركبا مع برودة او حرارة لاكن متى كان مع حرارة بعد ان يولد مثل هذا المرض وان كنت لا امنع ذلك وانما يعسر تصور مزاج مادي رطب فقط لان الحامل لهذا المزاج انما هو خلط خارج عن الطبع في البدن والاخلاط الاربعة هي اما باردة رطبة اوباردة يابسة او حارة رطبة او حارة يابسة واذ قد تبين اي اصناف المزاج يكون في الاكثر سبب الدخول الاعراض على انفعالات هذه الحاسة فلننظر كيف دخولها فنقول ان هذا المزاج اذا حدث في الدماغ تبع ذلك عسر الحس في جميع البدن وحدوثه في الدماغ يكون اما حدوثا اوليا واما بمشاركة فم المعدة واما متى حدث في جانب واحد منه فانه يعتري ذلك الشق من البدن هذا العرض وكذلك ايضا متى عرض في عصب خاص بعضو ما تعطل ذلك العضو والخلط الذي من شانه ان يفعل هذا في العصب انما يفعل ذلك باحد وجهين اما بان يغتذي به العصب قليلا قليلا حتى يسوء مزاجه واما ان يكون العصب مستنقعا فيه وهو مبثوث حواليه وقد يعرض ذلك في العصب المجوف من قبل السدة والسدة تحدث من الورم ومن الخلط الغليظ ومن الضغط وهذا مع انه مرض ألي هو ايضا مرض متشابه فان الورم والخلط الغليظ والضغط يتبعه سوء مزاج. وهذه الاسباب اذا قويت كانت سببا اما لتعطل الحس في عضو واحد او اكثر من واحد واما في جميع البدن واذا كانت يسيرة كانت سببا لنقصه فاما الاحساس الردي وهو المسمى وجعا فان سببه اما سوء مزاج حار واما بارد مادي او غير مادي والوجع انما يحدث متى لم يغلب مثل هذاالمزاج على جملة العضو وهو الذي يعرفه الاطباء بسوء المزاج المختلف واما متى غلب على جميع العضو هذا المزاج فانه لا يحسه بتة او يعسر حسه. والسبب في ذلك ان العضو انما يحس بمزاجه الطبيعي فمتى كان فيه سوء مزاج خارج عن الطبع فانما يحسه بمزاجه الطبيعي فاذا افرط سوء المزاج حتى يتغير جملة مزاجه الطبيعي لم يحس به اصلا وكان ذلك شبه موت للعضو والكيفيات المنفعلة التي هي الرطوبة واليبوسة تقبل حدوث مثل هذا العرض عنها مفردة اذ كانت هذه الكيفيات انما من شانها في الاكثر ان تنفعل لا ان تفعل بخلاف الامر في البارد والحار فان الفعل في هذه اكثر كما ان الانفعال في تلك اكثر وليس سبب الوجع تفرق الاتصال كما يقول ذلك جالينوس بل تفرق الاتصال هو سبب في المزاج الذي يحدث الوجع فان تفرق الاتصال انما يكون بحركة والحركة من شانها ان يتبعها سوء مزاج ولا ايضا يكون سبب الوجع من الامرين معا اعني التفرق او الحرارة او البرودة كما يقول ذلك ابن سينا فانه قد تبين في كتاب النفس ان هذه الحاسة انما تحس حسا اوليا الكيفيات الاربع التي هي الرطوبة واليبوسة والحرارة والبرودة واذا كان ذلك كذلك فالالام انما تعتريها في افراط محسوساتها الخاصة على نحو ما تعتري ساير الحواس فان العين انما تالم لافراط الالوان وخروجها عن التوسط وكذلك حال اللسان في الطعوم والسمع والسمع مع الاصوات والشم مع المشمومات ولو كانت هذه الحاسة اعني حاسة اللمس انما يحدث لها الوجع بتفرق الاتصال لكان محسوسها الخاص بها انما هو نفس تفرق الاتصال فقط كما ان العين اذا كانت تالم بالالوان المفرطة فمحسوسها هو جنس الالوان وانما /تفرق الاتصال شي يعرض عن الكيفيات المفرطة ونفس الاحساس انما هو للكيفيات وجالينوس يقر بذلك ويقول ان جلدة الكف انما جعلت في غاية الاعتدال من المزاج لتدرك بها المتضادات الخارجة واذا كان ذلك كذلك فافراط المتضادات هو السبب في المها فان الاقل والانقص يلزم ضرورة ان يكون في جنس هو هو واللذة التي هي مقابل الوجع ليست شيا اكثر من ادراك الحاسة المتوسط الشبيهة بها كالحال في استلذاذ حاسة اللمس بالماء اللبني وحاسة البصر باللون الاخضر وحاسة الذوق بالطعوم المركبة والسمع بالالحان المعتدلة والشم بالروايح العطرة فمن هذه اللذات ما يتقدمها اذا قبل فيكون موضع اللذة في ذلك اظهر عند الطباع ومنها ما ليس يتقدمها اذا فانه ليس من شروط اللذة ولا بد ان يتقدمها اذا. والاوجاع منها ما تحدث في جملة البدن ومنها ما تحدث في عضو من اعضايه مثل الاوجاع الحادثة في الراس واوجاع المعدة والاوجاع الحادثة في المعا ونحن نعدد من هذه اشهرها ونعطي اسباب جميع ذلك فنقول انه من الاوجاع ما يحدث بالراس وهو المسمى صداعا وسببه لا شك يكون اما سوء مزاج حار او بارد مادي او غير مادي وينبغي ان تفهم من المادي الريحي وغير الريحي وسوء هذا المزاج ربما حدث اولا في نعس الدماغ وربما عرض له بمشاركة عضو اخر واكثر ما يعرض له ذلك بمشاركة المعدة ومن انواع الصداع نوع مزمن يكون في جوهر الدماغ وهو المسمى بيضة تنوب بادوار وليس يكون هذا النوع الا من قبل رداة الاخلاط مع استحالة القوة التي في الدماغ وتوليدها لمثل هذا الخلط فانه هكذا ينبغي ان تفهم الامر في الامراض المزمنة اعني ان الاعضاء لا تزال الاخلاط تغيرها حتى تكتسب سوء مزاج فعال لذلك الخلط ولذلك يعسر برءها او يمتنع. ومن هذا النوع الصداع المسمى شقيقة وهو وجع ياخذ في نصف الراس مع الصدغ الذي في ذلك الجانب والعين. والمادة الفاعلة لبعض انواع هذا المرض قد تكون محمولة في دم الشراين والدليل على ذلك انها قد تبرء بسل الشريان وهذا النوع يحدث عن صنفي سوء المزاج اعني الحار او البارد الا انه لا يكون الا مادي فان الغير مادي قليل اللبث ومن الاعضاء التي يحدث بها الوجع كثيرا المعدة والمعى وذلك لمكان الطبخ الذي يكون فيها. وهي بالجملة انما تحدث فيها عندما يسوء هضمها والاسباب الفاعلة لذلك اما غذاء ريحي واما خلط والاخلاط التي يحدث منها الوجع في المعدة هي اما خلط سوداوي ريحي وبالجملة خلط غليظ وهذا النوع من الاوجاع هو ابرح اوجاعها وقد يحدث ذلك عن خلط صفراوي. واما الاخلاط التي تحدث منها الاوجاع المزمنة في المعى فهي اما خلط غليظ بارد كالبلغم الزجاجي وغيره واما خلط حار. واما الاوجاع الحادثة في جملة البدن فهي المسماة اعياء واصناف الاعياء عند الاطباء ثلاثة الاعياء القروحي والتمددي والورمي وهذه الثلاثة الاصناف منها ما يحدث من خارج ومنها ما يحدث من قبل الاخلاط انفسها فالاعياء القروحي فاعله بالجملة رداة الاخلاط وذلك اما في النوع الذي يحدث عن التعب فيما يذوب منها عند الحركة واما في الذي يسببه خلط مادي فبكثرة مثل هذا الخلط في البدن اعني الاخلاط الردية الكيفية واما النوعان الاخران من الاعياء فهما من نوع واحد وانما يختلفان بالاقل والاكثر وذلك ان للتمددي اذا قوي حسه عاد ورميا وفاعل هاذين ايضا اما الاخلاط التي في البدن واما الحركة والتعب والذي يكون منه عن الاخلاط انما يكون ضرورة مع كثرة الاخلاط وتزيدها في الكمية سوا كانت خارجة في كيفيتها او لم تكن والكثرة في الاخلاط انما تكون اما من قبل الاخلاط انفسها او من قبل ضعف القوة او من كليهما والكثرة التي من قبل الاخلاط انفسها مع صحة القوة يعرف عند الاطباء الامتلاء بحسب الاوعية. واما الكثرة التي يكون معها /احد هذه الاعراض فيعرفونه الامتلاء بحسب القوة وذلك ان القوى تكون قد ضعفت من جهة الكمية والكيفية وذلك في الاكثر وغير ممتنع ان يكون ضعفها من قبل الكمية لاكن عند ضعف القوى يصحب ضرورة رداة الكيفية وقد يحدت الاعياء عن سوء المزاج الحار او البارد من غير مادة وبالجملة فالاوجاع تحدث في البدن عن الاورام كما تحدث عن الاخلاط انفسها ولما كان الحس المسمى شهوة يخص فم المعدة فقد ينبغي ايضا ان تنظر ها هنا في الاعراض اللاحقة له فنقول ان الاعراض تدخل على هذا الانفعال على ما من شانها ان تدخل على جميع الافعال والانفعالات وذلك اما بان تبطل واما بان تنقص واما بان يكون انفعالا رديا. والاسباب التي تكون للنقصان هي بعينها سبب البطلان اذا قويت في النفس والاشياء التي تبطل هذا الانفعال المسمى شهوة او تنقص منه هي ضرورة احد اصناف سوء المزاج المادي وغير المادي. وهذه الاصناف من سوء المزاج منها ما يحدث بهذا العضو حدوثا اوليا ومنها ما يحدت فيه بمشاركة غيره على ما من شان الاعضاء ان تلقى الافات فالمزاج الذي اذا حدث بنفس هذا العضو اضر بانفعاله هي الحرارة الخارجة عن الطبع واما البرودة فقد يظن بها انها اولى ان تكون سببا لافراط الشهوة منها لبطلانها لان هذا الفعل من هذا العضو انما يتم بالبرودة ولذلك ما كان ما يصير اليه من الطحال من الحمضة معينا على هذا الانفعال وكذلك متى افرطت عليه الرطوبة او اليبوسة فان كل عضو انما يفعل او ينفعل على المجرى الطبيعي بمزاج مقدر في الكيفيات الاربع واما الذي يكون لها بمشاركة غيره فمثل ان يكون سوء المزاج الواصل اليها من قبل الدماغ للمشاركة التي بينها وذلك اما في الدماغ نفسه واما في العصب الواصل اليها منه وقد يكون ذلك من قبل ان البدن يكون مملوا فصولا كثيرة يعسر تحللها فلا تحتاج الاعضاء عند ذلك الى غذا لان حس الشهوة انما يكون عندما يتحلل من ابداننا شي يجب ان يخلف مكانه وليس يمتنع كما يقول جالينوس ان يكون احد اسباب حس هذا العضو انه اذا فقدت الاعضاء الغذا اجتذبت من الكبد فتجتذب الكبد منها وبخاصة بالعروق الواصلة منها الى فم المعدة فيفرط تحلل فم المعدة فيحدث الاشتياق الى بدل ما تحلل مع ما يتحلل ايضا من العضو نفسه والجذب في هذه الحركة هو مضاد للجذب الذي يكون على طريق التغذي لان الذي يكون على طريق التغذي هو جذب فم المعدة من الكبد والجذب الذي يحدث تحرك الشهوة هو جذب الكبد من فم المعدة لاكن انا انسنا بهذا القول ان كل واحد من الاعضاء مضطر في ان يخلف فيه بدل ما تحلل منه وليس فيه مع هذا حس بهذا الالم اعني بالتحلل الذي يصيبه واذا كان ذلك كذلك كان جميع الاعضاء انما يحس بالتحلل بهذا العضو وهو خادم لما في هذا ونقول ايضا ان التحلل يصيبه في ذاته هو ابدا كانه مقارن لتحلل الاعضاء انفسها من جهة ما هو عضو واحد منها لا ان الاعضاء من شانها ان تجتذب منه شيئا لاكن لما كان مع تحلل الاعضاء تفرط شهوة هذا العضو وتنقص مع عدم التحلل ظهر ان ذلك لمناسبة ذاتية ومواصلة غير عرضية بينه وبين ساير الاعضاء وكانه كما قلنا سبارها الذي به تحس هذا الالم ولما كان حس هذا العضو واشتياقه الى الحار اليابس وهو الغذا او البارد الرطب وهو الماء وجب ان يكون لقاؤه للاعراض في هذين الصنفين اما تعطل شهوته للحار اليابس او نقصانها فقد وفينا اسباب ذلك واما تعطل شهوة البارد الرطب فانما يكون عن سوء مزاج بارد رطب او بارد فقط واما عن سوء مزاج حار يابس فيعسر تصوره اللهم الا ما يظن ان ذلك يعتري في اواخر الحميات المحرقة عند القرب من الموت. واما اختلال هذا الانفعال وخروجه عن المجرى الطبيعي اما في الكمية واما في الكيفية اما في الكمية فمثل الشهوة التي تكون اكثر من الهضم. واما في الكيفية فمثل اشتهاء الاشيا الردية الطعوم مثل اكل الفحم والطفل وغير ذلك فسببه يكون اما في افراط شهوة كمية الطعام باحد امرين اما تخلل مفرط اصاب الجسم كما يعتري الناقهين فان هولاء شهوتهم اكثر من هضمهم واما لبرد فم المعدة اكثر مما ينبغي فان هذا الفعل كما قلنا انما يتقوم ويتم بالبرد فاذا تزيد برده من غير افراط حدثت شهوة كاذبة ولذلك كانت الاشياء الهامضة تهيج الشهوة وهذا السوء مزاج قد يكون غير مادي وقد يكون مادي عن بلغم هامض او سودا والحادث عن سوء المزاج المادي يسمى الشهوة الكلبية واما سبب افراط الشهوة للبارد الرطب فسبب ذلك ضرورة سوء مزاج حار يابس مادي او غير مادي وسوء المزاج المادي الذي يفعل هذا العرض في هذا العضو هو اما مرة صفرا واما بلغم مالح والسوء المزاج الحادث بهذا العضو قد يكون حدوثه فيه اوليا وقد يكون بمجاورة غيره ومشاركته مثل الكبد والرية وغير ذلك وبالجملة وكما قلنا قبيل ان احساس الاعضاء بما يتحلل منها من الحار اليابس انما يكون بهذا العضو عندما تجذب منه كذلك ليست امنع ان يكون الامر في الشهوة البارد الرطب وينبغي ان تعلم انه قد تدخل اعراض ردية على القوة الدافعة او الجاذبة بن تعطل فعل الحس وذلك ان القوة انما تدفع في الاكثر عندما تحس بالموذي كالحال في المعا ولذلك متى تعطل حسه عرض من ذلك نوع من القولنج وكذلك متى تعطل حس فم المعدة تعطلت القوة الجاذبة التي في المعدة. واذ قد قلنا في الاعراض الداخلة على حس اللمس فقد ينبغي ان نقول في الاعراض الداخلة على الحركة الارادية فان في الاكثر مع تعطل احدهما تعطل الاخر وبخاصة اذا كان العرض في جملة البدن واما اذا كان في عضو واحد منها فقد يتفق فيه ان يتعطل او يعسر منه الحس والحركة وقد يتفق ان تبطل الحركة ويبقى الحس ويبطل الحس وتبقى الحركة وذلك فيما حكى جالينوس وهذه المشاهدة مطابقة لما قيل في سبب الحس والحركة فان الحرارة النفسانية التي بها يكون الحس غير الحرارة النفسانية التي بها تكون الحركة والمغايرة التي بينهما انما هي في المزاج المقدر في حرارة حرارة من الحرارات المختص بفعل ذلك العضو ولذلك يلزم ضرورة ان تكون امزجة اعصاب الحركة اعصاب الحس لموضع تعديلها للحرارة التي بها يكون هذان الفعلان ولذلك متى بتر او شد عصب الحركة بقي الحس وبطلت الحركة ومتى شد العصبان بطلا معا وهذا العرض اذا حدث في جميع البدن اعني عدم الحركة سمي استرخاء واذا حدث في عضو واحد سمي فالجا وانت فتقدر من نفسك ان تاتي بعرض عرض من الاعراض الداخلة على جميع اعضاء الحركة لعلمك بها مما سلف فانه متى تعطل عصب الصوت انقطع وضعف وكذلك عصب حركة الصدر والحجاب متى تعطل اختنق العليل وبالجملة ساير الحركات الارادية كمايصيب من خدر منه العصب الذي له تكون حركة عضل المثانة او عضل الدم فان هولاء تخرج منهم الفضلة الرطبة واليابسة من غير ارادة. وانت ايضا بمعرفتك بمنابت العصب وباتصاله بعضو عضو قد تقدر ان تعلم اذا اختل عضو ما اي العصب هو السبب في اختلال فعل ذلك العضو والاعراض اللاحقة لهذه الالات اعني الات الحركة هي ايضا ثلاثة اصناف اما ان تعطل فتسمى كما قلنا استرخاء او فالجا واما ان تنقص فيسمى ذلك خدرا. وان كان هذا الاسم انما ينطلق على نقصان الحس والحركة واما ان يجري مجرى رديا وهذا يسمى رعشة وتشنجا وينبغي ان تنظر ايضا في اسباب جميع ذلك. فنقول اما اسباب تعطل الحركة او نقصانها فهي بعينها اسباب تعطل الحس وينبغي ما قلناه هنالك من مشاركة القلب ان نتصوره ايضا ها هنا وكذلك ما قلناه في تعديد اصناف سوء المزاج الفاعلة لذلك العرض يجب ان نتصور الامر ها هنا كذلك واما الرعشة فهي / حركة مركبة تحدث للعضو من مقاومة تحدث للعضو من مقاومة القوة المحركة النفسانية لقوة الميل الذي في العضو ومجاذبتها لها اذ لم تستطع القوة المحركة ان تغلبها كل المغالبة بل يحدث بينهما حركة متضادة احيانا الى فوق اذا غلبت القوة المحركة واحيانا الى اسفل اذا غلبت قوة الميل الذي في العضو فيحدث بينهما لذلك تجاذب ما وسبب هذا الضعف يكون احد اصناف سوء المزاج لاكن اكثر ذلك انما يعرض هذا العرض عن المزاج البارد فقط او البارد الرطب والسبب في ذلك ان العصب انما يلقى الافات اكثر ذلك عن هذا المزاج على ما سلف من قولنا. واما التشنج فانه اجتماع العصبة الى نفسها وقصرهافي الطول فيجذب لذلك العضل نفسه حتى يشنج العضو وهذا العضل يلقاه من احد سببين على مثال ما تلقاه الاشيا التي من خارج مثل الاوتار وغيرها وذلك الشيان هما اما سوء مزاج حار يستولي عليه فينقبض ويتشنج كالحال في الاوتار في زمن الحر واما سوء مزاج رطب مادي يملأ العصب ويمده فيضيق عرضه وعندما يضيق عرضه يقص من طوله بذلك المقدار ضرورة والشي الذي يفعل ذلك في العصب حتى يمدده هو استحالة تلك الرطوبة الى هوايية ما فيه فيضيق عند ذلك جرم العصب عنه نظير ما يحترى في الدنان وانما كان ذلك كذلك لان الاجزاء الهوايية اعظم مقدارا من الاجزاء المايية والارضية ولذلك متى استحالت الاشياء الرطبة الى اليبوسة تقبضت واجتمعت بمنزلة السيور التي نلقي على النار ومتى استحالت الى الهوايية كانت اعظم كمية وعندما يعرص ايضا هذا التشنج كثيرا ما يحدث مقاومة بين هاتين الحركتين حركة القوة المحركة وحركة التشنج وقد يعتري العصب ضرب اخر من التشنج ليس سببه استيلاء الحر واليبس ولا رطوبة هوايية تمدده بل انما يكون سببه افراط تحرك القوة الدافعة الذي فيه للشي المولم له فيجتمع عند ذلك الى نفسه وينقبض ليقوى على دفع الشي الموذي وهذا النوع متى عرض كان سريع الانحلال واذ قد بينا الاعراض الداخلة على هذه القوة وعلى قوة حس اللمس فلنقل في حاسة الذوق وحاسة الذوق تدخل عليها الاعراض على تلك الاوجه الثلثة وذلك اما ان تبطل او تضعف او تحس حسا رديا والسبب في بطلانها هو احد اصناف سوء المزاج وذلك اذا كان حدوثه اما في الة هذه الحاسة نفسها وهو اللسان او في العضو المشارك له وهو الدماغ او العصب الذي ياتيه منه وضعفه يكون لهذه الاسباب بعينها اذا كانت انقص واما ما يعرض له من ان يحس احساسا رديا فذلك يتفق له على احد وجهين اما ان يحس طعما ما من غير ذوق شي واما ان يجد طعم الاشياء المذوقة على غير كهنها مثل ان يجد الحلوة مرة او حامضة او غير ذلك اما احساسه طعوما من غير ان يذوق شيا من خارج فذلك يعرض له ضرورة من سوء مزاج مادي فيجد طعم ذلك الخلط ان مرا فمرا وان حامضا فحامضا وان حلوا فحلوا واذا تمكن سو هذا المزاج عرض له ان يحس الاشيا كلها بذوق ذلك الطعم المتمكن فيه وذلك انه قد تبين في العلم الطبيعي ان جميع الحواس ينبغي ان تكون التها خالية من جنس مدركاتها والالم تدركها مثال ذلك ان ناظر العين لو كان ذا لون لم يقبل الالوان وكذلك الحال في هذه الحاسة ولذلك متى عرض لها هذا العارض احست الاشيا كلها بطعم واحد وقد يعرض لها عندما يكون الطعم الغريب فيها غير متمكن اذا ذاقت الاشيا ان تحس طعوما ممتزجة عن الطعم الغريب الذي في هذه الالة والطعم الوارد عليها من خارج كما يحدث لمن ياكل شيا مرا ثم يشرب ماء ان يجد طعم ذلك الماء حلوا واما حاسة الشم فانه يعرض لها ايضا اما ان تبطل واما ان تنقص واما ان تحس حسا منكرا اما بطلانها فانه يعرض لها لاحد امرين اما لسوء مزاج يغلب عليها واما لسدة تعرض في مجرى هذه الالة ونقصانها يكون من ضعف هذه الاسباب بعينها واما حسها المنكر فانه يكون عندما يعرض في الالة عفونة ما فيحس روايح كرهية واما حاسة السمع فانه يعرض لها /اما ان تبطل وذلك اما لسوء مزاج واما لسدة في الة هذه الحاسة وهي الاذن وهذه بعينها يعرض لها ان تنقص واما السمع الكاذب الذي يعرض لها فانما يكون من احد امرين اما من افراط حسها حتى تحس ابدا بادنى حركة تكون للهوى المبثوث في الاذن واما لريح مستكنة خارجة عن المجرى الطبيعي في حاسة البصر وهذه الحاسة تدخل عليها الافات ايضا من ثلثة اوجه وذلك اما الا تبصر اصلا ويسمى ذلك عما واما ان تضعف ويسمى ذلك غشا واما ان تبصر بصرا منكرا والاسباب الفاعلة لهذه الاعراض تدخل على هذه الحاسة من تغير واحد من الاجسام التي اعدت نحو هذا الادراك او اكثر من واحد وانت فقد تبين لك من كم شي تلتيم هذه الحاسة ولذلك قد ينبغي ان نصير الى اعطا اسباب هذه الاعراض من هذه الجهة فنقول اما اسباب العمى فهي امور احدها السدة تحدث في العصبة الاتية من الدماغ الى العينين بالروح الباصر ولست امنع ان يعرض ذلك من قبل سوء مزاج في ذلك الروح فان الاعضاء انما تفعل او تنفعل بامزجة موافقة في الكمية والكيفية وسوء هذا المزاج اما ان يكون باردا فيكثفه ويغلظه حتى لا يمكن فيه انفعال الابصار واما ان يكون حارا فيفرقه ويبدده حتى لا تنضبط فيه الصور وقد يعتري ذلك ايضا من امراض الرطوبة الجليدية او الطبقة العنكبوطية او كليهما وذلك ايضا اذا كدرت وعدمت الصفا جملة حتى لا يمكن ان تنطبع فيها الالوان وكذلك يحدث ايضا من نزول الماء في الرطوبة البيضية حتى تكدر وتعدم الصفا وقد يعرض من انخراق القرنية انخراقا شديدا ونتو العنبية كما يعتري ذلك في قروح العين الردية وكذلك يعتري من سيلان الرطوبة البيضية وقد يعتري ذلك من الظفرة النابتة في الملتحم اذا غشت ثقب الحدقة كله واكثر من هذه كلها واحرى ان يكون سببا للعمى هي الاورام العظام التي تحدث في جملة العين حتى تقيح بجميع اجزايها او اكثرها وتسيل وكذلك القروح العظام التي تاكل بها طبقات العين واما اسباب ضعف البصر فهي متشعبة من قبل ان ضعف البصر يعرض للناس على اوجه شتى وذلك ان منهم من لا يبصر الاشياء على بعد ويبصرها على قرب ومنهم من يلقى الامر فيه بخلاف هذا اعني انه يبصر الاشياء على بعد ولا يبصرها على قرب ومن الناس من يكون على القرب والبعد ضعيف النظر لكنه اذا كان على القرب فهو على البعد اكثر وهذا في مقابل الجيد البصر على الاطلاق وذلك ان جودة البصر انماتكون بان تبصر الاشياء على القرب والبعد بقريب من حالة واحدة وبالجملة فقوة البصرانما تنسب الى روية الاشياء على بعد كما يقال في زرقاء اليمامة وذلك انما يكون لصفا الالة وجودة القوة وذكا حسها كما نرى ذلك في الجوارح وفي كثير من الطير فانه يظن ان الانسان اضعف بصرا من كثير من الحيوان بخاصة الطاير وكذلك يظن به في الة السمع والشم وكذلك واذا كان هذا كله كما وصفنا فضعف الابصار الذي هو في مقابل جودة الابصار يكون ضرورة اما لضعف قوة الحس وقلة ذكائها واما لقلة صفا الالة والضعف قد يكون لقوة هذه الحاسة طبيعيا وقد يكون عرضيا مثل ان تكون العين بارزة الى خارج فتضعف من لقا الهوا والنور لها وتمكنها منها وقد يكون ذلك لاتساع الثقب الذي في العنبية فيتمكن الهوا من مزاج العين وتغيرها واسباب اتساع هذا الثقب يكون اما لتقلص يعتري في الطبقة العنبية من جفوف واما لرطوبة تمددها حتى تتشنج واما لكثرة الرطوبة البيضية حتى تمددها وقد يعتري هذا العرض لضيق هذا الثقب اكثر مما ينبغي وذلك يكون يكون اذا استرخت الطبقة العنبية واسترخاؤها يكون اما من رطوبة فيها واما من قبل قلة الرطوبة البيضية فتسترخي العنبية وتقع اجزاؤها بعضها على بعض قالوا واما متى كان ضيق هذا الثقب طبيعيا فهو محمود وقد يكون ضعف البصر عن مرض من امراض الاجفان وقد عددها اصحاب الكنانيش وهي بالجملة انما تتولد عن سوء مزاج مادي وبالجملة فاسباب ضعف البصر هي على النصف من اسباب العمى واما الذين يبصرون الاشياء على قرب بصرا جيدا ولا يبصرونها على البعد فاما ان نتوهم ان بصرهم الاشياء على قرب ليس يكون على نحو بصر الذين يبصرون الاشياء على قرب وبعد بصرا جيدا فيكون هولاء من ضعف البصر في الحال المتوسطة بين الضعيف البصر باطلاق وهو الذي يبصر الاشياء بصرا ضعيفا القرب والبعد وبين الجيد البصر باطلاق لانه ليس يمكن ان يكون نظر الاشياء القريبة والبعيدة نظرا واحدا لا في الضعيف البصر باطلاق ولا في القوي البصر ونقول ان الابصار السليمة انما تتفاضل في روية الاشياء البعيدة واما القريبة فتراها على كنه واحد فانه ليس يشك احد انا نبصر الاشياء القريبة منا على نحو ما تبصرها العقبان وانما تفضلنا في النظر الى الاشياء البعيدة واذا كان هذا موجودا في الانواع فكذلك لا يمتنع ان يوجد في الاشخاص واما لم كان بعض الناس يبصرون على بعد ولا يبصرون من قرب فالسبب في ذلك ضعف بصره وقلة اشفافه وذلك ان الاشياء لما كانت انما تبصر بتوسط الضوء كانت الابصار الضعيفة تحتاج الى ضوء اكثر مما تحتاج اليه الابصار الحادة والشي اذا بعد من البصر كان الضوء الواقع بينه وبين المبصر اكثر ضرورة ولكون الالوان انما تبصر بتوسط الضوء صارت المريات اذا وضعت على الحدقة نفسها لم تبصرها ولهذا نرى من ضعف بصره من الشيوخ ليس يمكنه ان يقرا الخط الدقيق الا في الشمس ويشبه ان يكون مثل هذا الضعف في الابصار انما سببه سوء مزاج يابس اما عرضي واما طبيعي او رطوبة كدرة وذلك ان اليبوسة كما قيل عسرة الانفعال من غيرها ومن هذا القبيل هو المرض المسمى عشى العين بتخصيص وذلك ان صاحب هذا المرض يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل لانه لا يكتفى بشعاع الكواكب ولا بالسرج وهذه هي الاشياء التي تطابق ما قيل من امر الابصار في العلم الطبيعي واما الاسباب التي يروم الاطباء ان يعطوها في هذه الاعراض فتلك اشياء مبنية على اصول فاسدة فانه ليس في العين جسم يمكن ان يتوهم خارجا منها على ما يقولونه اصحاب الشعاعات غير الحار الغريزي الواصل من الدماغ الى العين في العصبتين المجوفتين والحار ليس يمكن فيه ان يفارق البدن طرفة عين فيبقى حارا غريزيا فضلا فيه عن ان يمتد حتى يلقى الكواكب بل كان قبل ذلك يتهيا ويفسد مزاجه من جهة ما هو حار غريزي ولا ايضا العين جسم فلكي ولا ناري فيكون فيها شعاع فتكون مضية بالطبع على ان الشعاع هو المري الاول بذاته ولا يصح ان يكون القابل في جوهره شي من المقبول وهذا كله قد تبين في العلم الطبيعي بل ينبغي ان يوضع وضعا ان الابصار يكون بارتسام الالوان في الهوا المضي والماء المضي وتادية الهوا والماء تلك الالوان بعينها الى الحدقة حتى ترتسم فيها فتدرك معاني تلك الالوان القوة المبصرة ولذلك جعلت الحدقة مركبة من اجسام شفافة وهما الماء والهواء واما الاعراض المنكرة التي تدخل على هذه الحاسة فهي اشياء كثيرة قد تبينت في علم المناظر لاكن الذي ينبغي ان نذكر نحن ها هنا من ذلك ما كان سببه مرضا من الامراض فاقول انه يعرض لها اذا اختلف وضعها ان تبصر الشي الواحد شيين مثل ان ترتفع الحدقة الواحدة وتنزل الاخرى وسبب هذا معطى في علم المناظر وقد يعرض لها ان ترى جميع الالوان حمرا او صفرا او سودة والسبب في ذلك الوان الابخرة التي تترقى الى الرطوبة المشفة التي بها يكون الابصار وذلك انه متى كانت صفراوية ابصرت جميع الاشياء صفرا وكذلك متى كانت مسودة وقد يرى ايضا بعض الناس بقا او ذبابا يطير بين يديه والسبب في ذلك ابخرة مشتتة ترقى الى العين قد ينظر الى الاشياء كان فيها كوة والسبب في ذلك بخار اسود يكون في وسط الناظر الا انه لا يبلغ ان يسد جميع الناظر وقد تعرض ايضا احساسات ردية للذين يفسد تخيلهم فانه لما كانت حركة المحسوسات انما تكون من خارج الى داخل لم يمتنع ان ينعكس الامر فيكون من يتخيل شيا ما ويقوى على خياله له تعود تلك الصورة المتخيلة فتحرك الحاسة فترى تلك الصورة كانها خارج العين وقد تبرهن سبب هذا في العلم الطبيعي فهذه جميع الاعراض الداخلة على الحواس الخمس وينبغي ان نقول في الاعراض التي تدخل على التنفس ثم نسير بعد الى الاعراض التي تدخل على قوة التخيل والذكر والفكر ثم اعراض النوم واليقظة ثم نعدد بعد ذلك من الامراض ما يلغى فيما اكثر هذه الاعراض وجميعها مما شانها ان يحدث في الاكثر وبتمام هذا الغرض يتم هذا الجزء من الطب. في اعراض التنفس والاعراض الداخلة على هذه القوة هي من جنس الزيادة والنقصان لان تعطل هذا الفعل موت ضرورة وان كان قد يعرض له في كثير من الامراض ان يخفى عن الحس في بادي الراي كما يعتري ذلك في العلة المسماة اختناق الرحم ولما كان هذا الفعل من حركتين ادخال الهواء واخراجه وكان كل حركتين فبينهما سكون وجب ان تكون الزيادة والنقصان يلحقان هذه الاشياء الاربعة اعني الحركتين والسكونين اما السكونان فنقصهما يسمى تواترا وزيادتهما تفاوتا واما الحركتان فتلحقهما الزيادة والنقصان في شيئين احدهما السرعة والبط والاخر قصر المسافة وطولها وهو الانبساط والانقباض والزيادة في هذا المعنى يسمى عظما والنقصان يسمى صفرا فهذه جميع انواع سوء التنفس البسيطة وينبغي ان نقول في الاسباب الفاعلة لواحد واحد منها فان بمعرفة البسيط يعرف المركب فنقول اما سبب العظم فالحاجة الشديدة الى التنفس وذلك يكون مع صحة القوة الفاعلة ومواتات الالات ويكون سبب ذلك اما في ادخال الهواء فشدة الحاجة الى التبريد واما في اخراجه فشدة الحاجة الى نفص الجوهر البخاري ولذلك قد يعظم احدهما ولا يعظم الاخر وكذلك السرعة ايضا سببها شدة الحاجة الى التنفس الا انه ليس يلزم ان يكون ولا بد مع صحة القوة الفاعلة ومواتاة الالات بل كثيرا ما تستعمل القوة السرعة عند عجزها على ان تفعل التنفس العظيم لتستدرك بالسرعة ما فاتها من العظم وكذلك يعتري ذلك عندما تكون القوة قوية والالات غير مواتية لذلك واما التواتر فانه ايضا لمكان الحاجة الشديدة الى التنفس لكن ليس يلزم ان يكون مع صحة القوة ومواتات الالات بل كثيرا ما تستعملها الطباع عندما يفوتها العظم وكذلك قد تستعملها عندما تفوتها السرعة لعجز القوة عند ذلك واذا كان هذا كله كما وصفنا فاذا اتفق في التنفس ان كان سريعا عظيما متواترا فهناك شد الحاجة الى التنفس مع صحة القوة وسلامة الالات واما اسباب التنفس في هذه الاشياء فهي اضداد اسباب الزيادة اما الصفر فانه يفعله اما ضعف القوة واما ان الالات لا تواتي وعدم مواتاة الالة يكون اما لسدد في تجاويف قصبة الرية والسدة فيها تكون من اخلاط بلغمية تنصب من الراس وبخاصة في المرض المسمى بصرا ويكون ايضا من الاورام وبالجملة من الاشياء التي تعرض منها السدد وقد يكون ذلك لضيق تجويف الصدر الذي فيه تتحرك الرية اما لورم هناك واما لضغط كما يعتري في اورام الكبد والمعدة وكما يعتري ذلك عند الشبع الكثير وقد يكون سوء التنفس في اناس ان الصدور منهم ليست على نسبة رياتهم وقد يكون ايضا سبب ضيق الصدر القماط وغير ذلك ومن اسباب الصغر الوجع الحادث في الحاجب او الصدر او الاعضاء المشاركة لها واما أسباب البط فالفاعل له شيان اما ضعف القوة واما قلة الحاجة الى ادخال الهوا واخراجه لاكن اذا كان السبب في ذلك قلة الحاجة لم يكن هنالك تواتر واما اذا كان السبب في ذلك ضعف القوة فقط فربما كان هنالك تواتر فهذه جميع انواع التنفس البسيطة واسبابها ولن يخفى عليك المركب مثل التنفس الذي تسميه الاطباء نفس الانتصاب فانه تنفس صغير سريع متواتر والسبب فيه ان القوة قوية والحاجة شديدة والالة غير مواتية وذلك ان هذا التنفس انما يحدث عند الاورام العظام الحادثة في الرية والسدد العظام وانما سمي نفس الانتصاب من هيئة صاحبه وذلك انه لا يستطيع ان يستلقي على ظهره لان اجزاء الرية حينيذ / يقع بعضها على بعض وتقع ايضا اجزاء الصدر عليها فيضرهم الامر الى هذا الموضع وينبغي ان تعلم ان الوقوف الذي يكون بعد ادخال الهوا اقصر مدة في التنفس الطبيعي من الوقوف الذي يكون بعد اخراج الهوا وان حركة الاخراج في النوم اطول من حركة الادخال للحاجة هنالك الى نفض الجوهر الدخاني وهذا الذي قلناه في اعراض التنفس كاف بحسب غرضنا في الايجاز القول في اعراض القوى التي تعرفها الاطباء بالقوى السياسية وهي التخيل والفكر والذكر وهذه القوى يظهر من امرها انها لا يتم فعلها الا بالدماغ ولما كان الدماغ سهل الانفعال لكونه باردا رطبا كانت الاعراض الداخلة على هذه القوى اكثر ذلك انما سببها امراض الدماغ اما مرض اولي فيه واما بمشاركة غيره من الاعضاء وهذه القوى اما ان يعتل جميعها وذلك اذا كانت الافة في جميع الدماغ واما ان يعتل بعضها وذلك اذا كانت الافة في الموضع الذي يخص قوة قوة من هذه القوى فانه متى اعتل مقدم الدماغ اعتل التخيل ومتى اعتل وسطه اعتل الفكر ومتى اعتل مؤخره اعتل الذكر والحفظ وهذه القوى تلقى الاعراض ايضا على الانحا الثلاثة التي لقيتها ساير القوى وذلك اما ان تبطل واما ان تنقص واما ان يجري فعلها مجرى رديا فاما سبب تعطل هذه الافعال او نقصانها فهو سوء المزاج البارد الرطب او البارد فقط وهذا منه مادي ومنه غير مادي والمادي انما يوجد ابدا مزدوجا في كيفيتين مثل ما يعتري ذلك في المرض المسمى سكاتا وسباتا وربما كان المزاج المادي مع تورم مثل العلة التي تعرف بالشر البارد وربما كان هذا الالم للدماغ بتوسط فم المعدة واما السبب في ان يكون فعل هذه القوى فعلا منكرا فهو سوء المزاج الصفراوي او السوداوي وذلك انه متى غلب على الدماغ سوء مزاج صفراوي حدثت تحابيل فاسدة وتوثب وارق وغير ذلك من اختلال الفكر والذكر وهذا ربما كان عن سوء مزاج حادث في الدماغ فقط دون تورم وهذا ايضا ربما كان في الدماغ نفسه وربما كان بمشاركة غيره من الاعضاء كما يعتري ذلك في الحميات الحارة من الابخرة الصاعدة من المعدة اليه وربما كان هذا مع تورم والتورم ربما كان في نفس الدماغ وربما كان في الحجاب او عن الاورام التي تكون في فم المعدة واما الفساد الذي يعرض عن سوء المزاج السوداوي فيخصه فزع من غير سبب وافكار و هموم وسوء ظنون وخوف امور غير ممكنة الوقوع واذا كانت هذه السودا محترقة شابتها اعراض الصفرا فكان عن ذلك تهور وتوثب واخلاق سبعية وهذا الفعل للنفس انما هو شي تابع للمزاج السوداوي لا ان سبب ذلك هو ظلام السودا وسوادها كما تسمع الاطبا يقولون ذلك فانه ليس اللون سببا بالذات لاختلال قوة من قوى النفس وانما سبب ذلك احد اصناف سوء المزاج كما انما السبب في جميع الافات وقولهم ان النفس تستوحش من الخلط السوداوي كما يستوحش المؤمن الظلمة قول شعري فان الاذى الذي يلحق النفس في الظلام ليس شيا اكثر من عدم حاسة البصر محسوسها والنفس داخل الجسم ليست مبصرة فتحس سواد الخلط بل ينبغي ان تعلم ان الخلط السوداوي من شانه ان يتبعه هذا العرض كما من شان الدم ان يتبعه الطرب والسرور افترى يلزم ان يكون الدم نيرا وهذا بين بنفسه لمن ارتاض بالعلم الطبيعي وهذه العلة هي المعروفة بالملخونيا وهذه العلة ربما كانت من قبل الدماغ نفسه وربما كانت من قبل القلب اذا احترق دمه وربما كانت من قبل المعدة وهي المعروفة بالمراقية وقد اضطرب الاطباء في اعطاء سبب هذه العلة فقوم راوا ان سببها ورم في قعر المعدة واخرون راوا انها انما تكون عن ورم في الماسريقا واخرون راوا ان السبب في ذلك هو ان الطحال يصب في المعدة خلطا سوداويا خارجا عن الطبع في كيفيتها وراوا ان ما يقول اوليك / ممتنع لمكان ظهور الاعراض التي تعرض في هذه العلة وذلك ان اصحاب هذه العلة يتحبثون حبثا حامضا وتعتريهم نفخة وليس يعطشون عطشا كثيرا فهذا احد ما دفع به من يرى هذا الراي اعني ان يكون سبب ذلك ورم حار وايضا فانهم دفعوا ذلك من جهة ان الاورام الحارة فيما زعموا متى كانت في هذه الاعضاء تبع ذلك حمى ضرورة وهذه العلة ليس يصاحبها حمى اصلا ونحن نقول اما احتجاجهم بانها لو كانت عن ورم حار هنالك لتبع ذلك اعراض الحرارة مثل العطش الشديد واستحالة الغذا الى الدخانية وقلة النفح فليس يلازم ضرورة بل قد قلنا ان الحرارة من جهة ما هي حرارة غريبة غير ممتنع عليها من جهة ما تبدد الحار الغريزي وتضعفه ان يتبعها اعراض البرد في العضو فيتولد فيه شبيها بهذه الاعراض ولا سيما متى اتفق فيها ان كانت بصورتها الطبيعية مضرة بالحرارة الغريزية مضادة لها وانما تشتد افعال الحرارة الغريزية بالحرارة التي ليست مضادة لها بالصورة بل بالكيفية فقط وبخاصة اذا طال للعضو نكؤها واما قولهم ان كل ورم حار يحدث في هذين العضوين يلزم فيه ضرورة ان يحم صاحبه فان شهدت التجربة بذلك فليس يمكن ان تكون هذه العلة بغير حمى عن مثل هذا السبب اللهم الا بعد انحطاط الورم حين ليس يبقى من الحرارة الغريبة ما يصل الى القلب بل ما يضر بالمعدة والدماغ فقط واما كون هذه العلة عن الطحال فذلك ممكن ويشبه ان يكون احد انواعها واما الاعراض الداخلة على النوم فهو استغراقه وهو المسمى سباتا والسبب في ذلك غلبة الرطوبة مع البرودة على الدماغ او على العضو المشارك له ومن الاعراض الداخلة على هذا الفعل السهر وسببه هو ضد استغراق النوم وهو الحر واليبس وقد يتركب عن هذين الشيئين مرض يسمى صاحبه المنتبه وسببه برودة ويبوسة اما من حيث البرودة فهو ملقى كالنايم ومن حيث اليبوسة فهو كالساهر فاتح جفنيه فهذا هو القول في جميع الاعراض الداخلة على الا فعال السياسية واعطا اسباب جميع ذلك وها هنا امراض يجتمع فيها جل هذه الاعراض وجميعها ولن يخفى على من عرف هذا المقدار الذي كتبناه اعطاء اسبابها اذا شاهدها او وصفت له ولاكن الاولى ان نذكر نحن منها اشهرها ونوفي اسباب جميع ذلك فنقول ان هذه الامراض منها الدوار ومنها الكابوس ومنها الصرع ومنها السكتة فاما الدوار فان الفاعل له خلط ريحي يصعد الى الدماغ ويتحرك هناك فيحس الانسان كأن الحركة من خارج وذلك معروف من فعل الحواس فانها وان كانت المحسوسات انما تحركها من خارج قد تعود فتتحرك ايضا عن الاخلاط التي من داخل فان سوء مزاج الدماغ جدا لذلك التموج سقط السدر على الارض كانه مصروع هذا البخار قد يتولد في الدماغ نفسه وبخاصة في الشراين وقد يصعد اليه من المعدة او غيرها من الاعضاء واما الكابوس فهو ان يحس الانسان في النوم كأن شيا يضغطه ويثقله ولا يقدر هو على النهوض ومن البين ان ذلك انما هو تعطل ما في القوة المحركة الا انه لما كان ذلك يخل بسرعة ظن ان الفاعل لذلك انما هو خلط بخاري يصعد الى الدماغ فيخدره بكيفيته واما الصرع فانه سقوط الانسان بغتة مع تشنج يعتريه في جميع بدنه يتحرك بذلك حركة منكرة الى ان يزيد فكون الانسان فكون الانسان يسقط الى الارض ويفقد حواسه وجميع قواه النفسانية دال على ان ذلك الالم في الدماغ وكونه تتشنج اعضاوه مع حركة منكرة دليل على ان هذا النوع من التشنج هو الذي يعتري عن حركة القوة الدافعة واجتماع الاعضاء لانفسها لتدفع بذلك الشي الموذي وبخاصة الدماغ ولذلك ما نرى ان هذا الخلط في غاية المضادة لمزاج الدماغ اما باحد كيفياته واما بصورته والدليل على ان هذا النوع من التشنج ليس هو الذي يكون لموضع رطوبة العصب واستنقاعه سرعة تحلل هذا/ واما الخلط الفاعل لهذا المرض فيلزم ضرورة من سرعة انقضاء نوبته ومدتها ان يكون لطيفا على ما شانه ان يوجد الامر في الامراض الحادة لاكن لما راينا اكثر الذين يعترهم هذا المرض امزجتهم باردة رطبة كالصبيان او باردة يابسة كالكهول وبالجملة فالاعراض التي تظهر على اكثر من يصيبه هذا الالم تدل على ان الفاعل له خلط غليظ وكان الخلط الغليظ بما هو غليظ ليس يتحلل بسرعة كان جاريا كما يقول جالينوس في مجار واسعة او ضيقة لان معنى التحلل ليس شيا اكثر من ان تستولي الطباع عليه فتنضجه وتغتذي بما شانه منه ان يقبل التغذي وتدفع الباقي وهذا ليس يتفق في الخلط الغليظ بما هو غليظ الا في زمان له عرض على ما اعطت المشاهدة في الامراص ولذلك ما نحدس ان هذا المرض انما يحدث عن ريح تتولد اما في الدماغ نفسه واما في عضو اخر وتترقى منه الى الدماغ كما حكى جالينوس عن الفتى الذي كان يحس كأن ريحا باردة تصعد من بعضه اعضايه ثم يصرع وقد كانت هذه المشاهدة من امر هذا الفتى كافية في ان سبب هذا الالم انما هو ريح لاكن هذه الريح ضرورة هي مضارعة للاخلاط الباردة الرطبة او الباردة اليابسة ومثل هذه الاخلاط اذا كانت في البدن هي هيولي هذه الريح ولذلك كان شفاء من شانه ان يقبل الشفا من اصحاب هذه العلة باستفراغ تلك الاخلاط منهم ومع هذا فقد حكى انه قد يكون هذا العارض عن خلط مراري ولست امنع ان يقع مثل هذا فان سرعة انقضاء النوبة تشهد بذلك وقد نرى الذين يصرعون بمشاركة معدهم انما يعتريهم ذلك في الاكثر عند الجوع الشديد والصوم او عند ضيق الخلق فهذا ايضا دليل على ان الخلط الفاعل لذلك مراري وجالينوس يستفرغه بايارج الفيقرا وقد علمنا ان الصبر انما يخرج احد امرين اما صفرا او اما خلط شابته صفرا وزعم بعضهم ان هذا المرض قد يكون عن سوء مزاج غير عادي بارد يابس وهذا يبعد لكون هذا المرض انما يصيب في الاكثر بادوار وايضا فلو كان عن سوء مزاج غير مادي فانما يكون عن الاشياء التي من خارج لان سوء المزاج الغير مادي الذي يكون سببه مزاج مادي هو عسير الانقلاع وليس يمكن عن مثل هذا ان تعتري نوبة الصرع واذا كان ذلك كذلك فانما يكون هذا النوع عن الاشياء التي من خارج لان سوء المزاج المتولد عن مثل هذه الاشياء اعني التي من خارج سريع التحلل لاكن يبعد ان تبلغ رداة مزاج دماغ انسان ما ان يصرع عن الاشياء التي من خارج أعني الهواء البارد لاكن هذا الذي قلناه انما هو استبعاد فان شهدت التجربة بذلك فيشبه ان يكون قليل الوقوع وينبغي ان تعلم انه لا سبيل الى الوقوف في هذا العلم على امكان مرض يحدث اولا امكانه مما لم يشاهد الا بطريق تخميني وذلك في الاكثر بل سبيل جميع الامراض ها هنا ان تثبت بالحس والمشاهدة ثم نعطي فيها الاسباب والسبب في هذا معطى في غير هذا الموضع واما السكتة فهي سقوط الانسان بغتة على الارض وانقطاع صوته وجميع افعال الحركة في جميع البدن ما خلى التنفس فانه اذا انقطع في هذه الشكاية مات العليل ولذلك ما يستدل على شدة هذه الشكاية وضعفها من التنفس اعني انه اذا كان التنفس فيها مستكرها دل على عظمها واذا كان سهلا دل على خفتها وابقراط يقول ان السكتة اذا كانت ضعيفة لم يسهل برؤها واذا كانت قوية لم يبر اصحابها فاما سبب هذا المرض فانه يكون ضرورة من تعطل هذه الحركة الكلية والجزئية ولما كان قد تبين ان لحركة الكلية مبدأين مبدأ اول وهو القلب ومبدأ ثان وهو الدماغ وكان الدماغ انما يفعل فعله بالقلب فقد يجب ان يحدث في الدماغ فهذه العلة افة عامة وذلك ضرورة اما بانسداد مجاري الروح التي بين القلب والدماغ وهي العروق المسماة شرايين واما بانسداد بطون الدماغ انسدادا ثانيا اما لان بطون الدماغ اذا انسدت منعت الروح النفساني الذي يبعث منه الى جميع الاعضاء التي به يكون الحس والحركة ان كان ينبعث من الدماغ روح نفساني على راي جالينوس كما ينبعث من القلب روح غريزي واما لان مزاج الدماغ اذا فسد التعديل الذي يوجد منه الحار الغريزي حتى يفعل الحس والحركة على ما تقرر من هذه الاشياء في العلم الطبيعي واما ان يحدث هذا المرض لافة نزلت في بطون القلب فليس يمكن ذلك لانه متى حدثت افة في هذه البطون مات العليل من ساعته واذا تقرر بالبرهان ان الافة التي سبب هذه الشكاية تحدث في هذين الموضعين فقد يظهر لك من هذا صدق ما قاله ابقراط في اعطاء سبب هذه الشكاية وما قاله ايضا جالينوس وذلك ان ابقراط قال من انقطع صوته بغتة وسقط على الارض فان افته انطباق عروقه يعني الشرايين التي بين القلب والدماغ وقد اعترف جالينوس من تكون هذه العلة حادثة عن هذا السبب في كتابه في العلل والاعراض وقال في كتاب الاعضاء الالمة انما تحدث عن هذه في بطون الدماغ عظيمة والحق هو الجمع بين القولين اعني انه قد يكون منها ما يحدث عن الامرين جميعا وعلامة ما يحدث منها عن انطباق الشرايين ظهور علامات غلبة الدم على العليل وهذا النوع من السكتة يشفي منه الفصد وعلامة النوع الثاني ظهور علامة غلبة الخلط البارد على البدن وهذا الخلط شفاؤه يكون بالاحالة لمزاج ذلك الخلط بالادوية الدرياقية المحيلة واستفراغه بالادوية المسهلة للاخلاط الباردة والحقن واما العلة تعرف بالسبات فانه اقرب الى ان تكون من انسداد الشرايين من ان تكون من انسداد العصب وذلك لانها لا يعرض فيها عسر في التنفس ولاتتحلل الى فالج كالحال في السكتة والسبات ان كان من خلط يابس كان مفتوح العينين وهو الذي يعرفه الاطباء بالجمود وان كان رطبا كان مغموض العينين وهو الذي يخصه الاطباء باسم السبات فقد قلنا في الامراض والاعراض ووفينا اسباب جميع ذلك بحسب ما ظهر لنا انه كاف في غرضنا في الايجاز فان هذا الكتب انما قصدنا فيه ان نجعله كالدستور والقانون لمن احب ان يستوفي اجزاء الصناعة على هذا التقسيم والترتيب وبالجملة فنسبته الى الصناعة يشبه ان تكون نسبة اسطقسات الصناعة الى الصناعة فكما ان الزواقين انما يرسمون اولا الصورة التي يقصدون تصويرها ثم يملون تلك الرسوم بالاصباغ والالوان حتى تحصل تلك الصورة على الكمال الاخير كذلك حالنا نحن في هذا الكتاب فان فسح الله في العمر وافرج عن ضيق الوقت فسنكتب في هذه الصناعة كتابا نحتذي به هذه القوانين التي سلكنا ها هنا يكون مستوعبا لجميع اجزاء الصناعة والله الميسر بمنه وعونه وهنا انقضى هذا الجزء من العلم يتلوه ان شاء الله كتاب العلامات والحمد لله كما هو اهله بلغنا مقابله بكتاب مؤلفه رضي الله عنه وعن سلفه فصح / بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على محمد وعلى اله وسلم تسليما اللهم يسرعلى عبدك بكرمك
~~كتاب العلامات
صفحہ 190