فنقول ان حد المرض مفهوم من حد الصحة اذ كان مقابله ولما كانت الصحة هي حال في العضو بها يفعل الفعل الذي له بالطبع او ينفعل الانفعال الذي له لزم ضرورة ان يكون المرض حالة في العضو بها يفعل على غير المجرى الطبيعي او ينفعل وقد ينبغي ان نفعل اولا في تعرف انواع المرض ما فعلنا في تعرف انواع الصحة فنعرف اولا ما هي هذه الحال وانواعها ونعطي اسباب جميع ذلك ثم نعرف بعد ما الافعال التي تكون على غير المجرى الطبيعي وما الانفعال وهو المسمى عند الاطباء عرضا فانا ايضا متى فعلنا ذلك نكون قد احطنا علما بالامراض لجميع الاسباب الاربعة وهي غاية المعرفة بالشي والوقوف على جميع ذلك كما قلنا يكون مما تقدم من معرفة الصحة فان انواع المرض معادة لانواع الصحة ومفهومة منها وان كان يظن ان كثيرا من انواع الامراض اعرف من انواع الصحة لان كثيرا من الامراض لها اسما وليس للصحة المقابلة لواحد واحد منها اسم لاكن لا سبيل هنا الى معرفة الامراض بيقين الا بمعرفة مقابلها ولذلك قيل ان علم الاضداد واحد فنرجع فنقول لما كانت الحال الصحية في العضو صنفين اما مزاج وذلك في الاعضاء المتشابهة واما تركيب وذلك في الاعضاء الالية وجب ان نقسم الامراض اولا الى هذين القسمين فنبتدي نحن فنعرف اولا امراض الاعضاء المتشابهة الاجزاء ونعطي اسبابها الفاعلة والمادية ثم نعرف بعد ذلك انواع امراض التركيب ونعطي ايضا اسبابها فنقول لما كانت الاعضاء المتشابهة الاجزاء انما تفعل او تنفعل على المجرى الطبيعي متى كانت مقادير الحرارة كذا والبرودة والرطوبة واليبوسة فيها هي مقادير صنف صنف من اصناف الامزجة الصحية التي عددت في كتاب الصحة لزم ان تكون امراض هذه الاعضاء انما هي خروجها عن تلك المقادير في كيفية واحدة او اثنتين مما يتركب فتكون اصناف امراض هذه الاعضاء ثمانية اما حارة واما باردة واما رطبة واما يابسة واما حارة رطبة واما حارة يابسة واما باردة رطبة واما باردة يابسة وهذه الاصناف من الامراض انما توجد اولا للاعضاء المتشابهة الاجزاء وثانيا للمركب من جهة المتشابهة وذلك كالحال في المزاجات الصحية وهذه الاصناف الثمانية منها مادية ومنها غير مادية الا انه يعسر تصور مرض مادي مفرد بل انما الامراض المادية مركبة وينبغي ان نصير الى اعطاء اسبابها فنقول اما الامراض المادية فاسبابها هي الاخلاط الاربعة اذا خرجت عن الاعتدال اما في كيفيتها واما في كميتها وسبب خروجها في كيفيتها وكميتها يكون اما من قبل الهيولي واما من قبل الفاعل وذلك ان الاعضاء انما تكون على امزجتها الصحية اذا كان ما يصل اليها من الدم موافقا في الكمية والكيفية وانما يكون بهذه الحال متى كانت الاعضاء الفاعلة للغذا على امزجتها الصحية وكانت الاغذية التي ترد البدن اغذية طبيعية واستعملت بالمقدار الذي ينبغي وفي الوقت الذي ينبغي وعلى الترتيب الذي ينبغي واما اذا كانت الاغذية غير طبيعية واستعملت على غير المقدار الذي ينبغي وفي غير الوقت الذي ينبغي فانها ليس تكون فقط اسبابا هيولانية لتولد مثل هذه الاخلاط في البدن بل وتكسب للاعضاء الفاعلة للغذا سو مزاج حتى يكون تولد الاخلاط الخارجة عن الطبع من جهتين من قبل الهيولي والفاعل وقد تكون الاغذية طبيعية وتستعمل على المجرى الطبيعي وتكون الاشياء التي من خارج تكسب الاعضاء الفاعلة سوء مزاج موافق لتوليد خلط منها والاشياء التي من خارج /هي مثل الاهوية والمهن وغير ذلك وقد يجتمع الامران جميعا وحينئذ اعظم ما يكون تولد امثال هذه الاخلاط وخروجها في الكمية والكيفية وقد يكون ذلك من رداة مزاج اصلي في خلقة الاعضاء الفاعلة للغذا وكثيرا ما يكون سبب هذا المزاج الاباء اذا كانت امزجتهم منحرفة وبهذه الاستعدادات الاول التي في الخلقة ترى كثيرا من الناس متشابهين في الخلقة الظاهرة وفي التدبير ويختلفون فيما يصيبهم من كثرة الامراض وقلتها وفي طول العمر وقصره واذ قد تبين اسباب حدوث هذه الاخلاط باطلاق فينبغي ان ننظر كيف حدوث واحد واحد منها وكم هي الامراض التي تتولد عنه.
~~في اسباب الامراض الحارة اليابسة المادية
صفحہ 107