وهذه القوة المحركة للحيوان هي القوة الخيالية اذا تعدمها نزوع ثم وقع بعد ذلك اجماع وهو تحريك الصورة الخيالية للقوة النزوعية على ما تبين في كتاب النفس لاكن الذي ينبغي ان نفحص ها هنا عنه من امر هذه القوة ما هي الالات التي تستعملها هذه القوة وكم هي فنقول ان هي هذه الحركة الارادية منها كلية ومنها جزئية اما الكلية فهي حركة المشي وهي النقلة التي لجميع البدن واما الحركات الجزئية فمنها حركة جلد الجبهة وحركة العينين والخدين وطرفي الانف والشفتين واللسان وحركة الحنجرة والفك وحركة الراس والعنق وحركة الكتف وحركة مفصل العضد مع الكتف وحركة مفصل الكتف مع الساعد وحركة مفصل الساعد مع الرسغ وحركة الاصابع وكل واحد من مفاصلها وحركة الاعضاء التي في الحلق وحركة الصدر للتنفس وحركة القضيب وحركة المثانة في غلقها على البول وحركة طرف المعى المستقيم في منعه خروج الثفل وحركة مراق البطن وحركة مفصل الورك والفخذ وحركة مفصل الساق والفخذ والقدم وحركة اصابع القدم فهذه هي جميع الحركات التي يظن بجلها انها ارادية وينبغي ان نفحص عما يلتيم به هذه الحركات من اعضاء الانسان / فنقول انه ظاهر من امر هذه الحركات انها تلتيم من محرك اكثر من واحد ومثال ذلك ان حركة اليد انما تكون مثلا بالوتر وحركة الوتر انما تكون بالعضل وحركة العضل انما تكون بالعصب مثلا وحركة العصب اما بذاته وامابمحرك اخر وقد تبين في العلم الطبيعي ان كل متحرك له محرك وان المحرك اذا كان جسما فانه انما يحرك بان يتحرك فلذلك ما يحتاج المحرك اذا كان جسما الى محرك اخر فان كان هذا ايضا جسما مر الامر الى غير نهاية او ويكون ها هنا محرك يحرك لا بان يتحرك وذلك بان لا يكون جسما فهذا احد ما يظهر منه ان المحرك الاقصى للحيوان في هذه الحركات ليس بجسم اصلا وانه قوة نفسانية ولننزلها كما قلنا القوة المتخيلة اذا اقترنت اليها النزوعية ووقع هنالك اجماع ولان هذه المحرك الذي ليس بجسم فلزم ضرورة ان يكون المتحرك الاول عنه جسما وذلك بان يكون المتحرك عنه كالهيولي له وهو له كالصورة اذ ليس يمكن في المحرك الاقصى في الحيوان الا يكون في غير هيولي كما يقال ان ها هنا مبادي بهذه الصفة واذا كان ذلك كذلك فلننظر اي جسم هو هذا الجسم وهو ظاهر انه الحرارة الغريزية التي في ابدان الحيوان ولذلك متى بردت الاعضاء بطلت حركتها وبالجملة فهو من البين بنفسه ومما قيل في العلم الطبيعي ان احد ما يوخذ في حد هذه الافعال الحركات هي الحرارة الغريزية وبخاصة افعال الغذاء وهذا مما لا خلاف فيه لاكن جالينوس يرى ان ينبوع هذه الحرارة هو الدماغ وانها تنبث منه في الاعصاب الى جميع البدن واما ارسطو فيرى ان الدماغ خادم في هذا الفعل للقلب على جهة خدمة الحواس اعني انه يعد لها وان هذه الحرارة ينبوعها القلب وقد يمكن ان نبين ذلك بمثل البيانات التي تقدمت وذلك انه يظهر ان الماشي في حين مشيه تنتشر في بدنه حرارة لم تكن قبل والعضو الذي شانه ان تنتشر منه الحرارة في جميع البدن هو القلب لا شك فيه ولذلك فان طرأ على الانسان شي يفزعه وانقبضت الحرارة الغريزية الى القلب ارتعشت ساقاه حتى انه ربما سقط ولم يقدر ان يتحرك واذا كان ذلك كذلك فالقوة المدبرة الاولى في هذه الحركة وهي التي تقدر هذه الحرارة في الكمية والكيفية هي في القلب ضرورة وايضا فقد يقر جالينوس وجميع الاطباء ان القوة النزوعية في القلب واذا كان ذلك كذلك وكان ظاهرا ان الحيوان انما يتحرك بالنزوع فهذه القوة المحركة اذا في القلب والدماغ خادم لها على انه معدل لها وسوا توهمت التعديل بجرم العصب وبروح نفساني يسري فيه لا فرق بينهما الا انه ليس من العصب شي يظهر فيه روح على ما يقوله جالينوس الا العصبتان المجوفتان الذان تاتيان العين واما المتحرك الاول عن الحار الغريزي فان جالينوس يرى انه العضل اما في الاعضاء التي ليس فيها عظام ولا هي مفاصل فبنفسه واما في المفاصل فبالاوتار النابتة من العضلة الى طرف العظم وذلك ان العضل اذا انقبض الى نفسه انجذب ذلك الوتر ولانه مربوط بطرف العظم يتحرك ذلك العظم بحركته واذا كان للعضو حركتان متضادتان فان كانت له عضلات متضادة الموضع تجذبه كل واحدة منها الى ناحيتها وتمسك المضادة لها عن فعلها فان عملت كلاهما في وقت واحد استوى العضو وتمدد وقام مثال ذلك ان الكف اذا مدها العضل الموضوع في ظهرها انقلبت الى خلف وان مدها العضل الموضوع في باطن الساعد انبثت وان مداها جميعا استوت وقامت والعضل الموجود في البدن كما قلنا على راي جالينوس خمس ماية عضلة وتسع وعشرون عضلة وذلك ان في الوجه خمسا واربعين عضلة اربع وعشرون منها لحركات العين واجفانها واثنا عشر لحركات الفك وتسع لحركات ساير ما يتحرك من اعضاء الوجه بالارادة منها عضلة مستبطنة لجلد الجبهة تعين على شدة فتح العين وعضلتان تحركان طرف الانف وعضلتان تحركان الشفة العليا الى فوق وعضلتان تحركان الشفة السفلى الى اسفل وعضلتان تحركان الخد والعضل الذي يحرك الراس والعنق وهي ثلث وعشرون عضلة منها ما يجذب الراس وحده الى الجهة التي هي موضوعة فيها ومنها /ما يجذب الراس والعنق ومنها ما يكون بها جذبه الى فوق ومنها ما يكون بها جذبه الى قدام ومنها ما يكون جذبه الى خلف ومنها ما يجذب الى ناحية اليمين ومنها الى ناحية الشمال وتسع عضلات يحركن اللسان واثنان وثلاثون عضلة لحركات الحلق والحنجرة وسبع عضلات لكل كتف في كل جانب يحركه جميع حركاته وثلاثة عشرة في كل ناحية يحركن العضل جميع حركاته واربع عضلات موضوعة على العضد في كل يد اثنان موضوعتان من داخل يثنيان الذراع واثنتان يبسطانه وسبع عشرة عضلة في كل ساعد عشر منها موضوعة على ظهر الساعد وسبع في باطنه تكون بها حركة الكف الى داخل والى خارج والى ناحية الابهام والى ناحية الخنصر وتقعير الكف وماية وسع عضلات لحركة الصدر منها ما يقبضه ومنها ما يبسطه وثمان واربعون تحرك الصلب جميع حركاته وثمان عضلات ممدودة على البطن من لدن القس الى عظم العانة منها بالطول ومنها بالعرض ومنها بالتاريب تفعل جميع حركات البطن من الضم والعصر وتعين على حركات اخر واربع عضلات للانثيين في الذكورة واربع عضلات تحرك الذكر وعضلة تضبط فم المقعدة لان لا يخرج النجو بغير ارادة واربع عضلات تضبط فم المثانة لان لا يخرج البول بغير ارادة واربع عضلات تضبط المقعد لان لا يخرج النحو بغير ارادة وستة وعشرون عضلة لحركات الفخذين ووضعها فوق الفخذين وعشرون لحركة الساقين ووضعها على الفخذين وثمان وعشرون لحركة القدم وبعض حركات الاصابع ووضعها على الساقين واثنان وعشرون لبقية حركات اصابع الرجل ووضعها على القدمين فهذه العضلات هي اول شي يتحرك عن الحار الغريزي وينبغي ان تعلم انه غير ممتنع ان تكون ها هنا حركات ارادية بغير هذا العضل بل بنفس الحار الغريزي او ما يقوم مقامه في الحيوان الذي ليس بدمي وانما هذه العضلات لا شك في الحيوان الكامل ولذلك اعتاص على جالينوس اعطاء عضل يحرك اللسان الى خارج وحركة الانعاظ لانه راى قطعا انه لا تكون حركة الا بعضل بل ليس الامر كذلك واذ قد قلنا في منافع اعضاء الحركات الارادية فينبغي ان نقول في التنقس واعضايه فان جالينوس يرى انه داخل في الحركات الارادية القول في الات التنفس. والات التنفس هي الحجاب والرية وقصبتها والحنجرة واللهاة وقد ينبغي قبل الفحص عن منفعة عضو عضو منها ان نبين ما منفعة هذا الفعل باطلاق اعني التنفس فنقول انه قد جرت عادة الاطباء من جالينوس فمن دونه ان يقولوا ان للتنفس منفعتين احداهما ترويح الحرارة الغريزية التي في القلب باستنشاق الهواء البارد ودفعه اذا سخن مع ما يمكن ان يتحلل من الحار الغريزي من جوهر دخاني غير ملايم وهذه المنفعة لعمري هي حق وهي ضرورية في وجود الحيوان الحار الدموي واما ما كان من الحيوان غير حار ولا دموي فلا ضرورة به الى مثل هذا الفعل بل تكفيه من ذلك حركة الشراين التي في القلب فانا نرى ان ذلك ايضا تنفس ما واما المنفعة الثانية زعموا فليغتذي الروح الغريزي بالهواء الداخل ويخلف منه بدل ما يتحلل وهذا قول في نهاية السقوط وذلك ان المركب ليس يمكن فيه ان يغتذي من البسيط لانه لو امكن ذلك لكان يوجد حيوان بسيط غير مركب بل هو من اسطقس واحد وجالينوس ينكر ذلك ولذلك يقول ان الماء ليس بغاذ وهذا بين بنفسه لمن زاول العلم الطبيعي فلنعمل اذا على ان منفعة التنفس هي المنفعة الاولى واما لاي قوة من قوى النفس هو هذا الفعل فان جالينوس يرى ان ذلك للقوة الارادية ويحتج على ذلك بان لنا ان نتنفس والا نتنفس وايضا فانه يزعم ان الالة الخاصة بهذه القوة هي العصب والعضل وزعم انه اذا بتر العصب الذي يحرك الحجاب لم يعش الحيوان الا مقدارما يعيش المخنوق بالرهق واما غيره فيرى انه للقوة الغاذية كالحال في النبض ويمكن ان نحتج لهذا الراي باشياء احدها انا نتنفس في النوم والفعل الارادي انما يكون مع تحيل ونزوع على /ما سلف والثاني انا نرى التنفس الذي لا نتعمده يحاكي النبض حتى ان ابقراط كان يقيمه في اكثر الحالات مقام النبض وذلك حيث لا يكون مرض في الات التنفس لانه اذا كان الامر هكذا دل حينئذ على مزاج القلب كما يدل النبض نفسه وقوم راوا انه مركب من الفعلين جميعا اعني من الارادي والفعل الغير ارادي وهو الفعل المنسوب للقوة الغاذية التي يعرفها الاطباء بالقوة الطبيعية وذلك كحركات كثير من الاعضاء مثل حركة الجفن فان الامر فيها بين انها مركبة وكذلك حركة الازدراد كما نرى ذلك يعترينا عن سقوط الشهو ويشبه ان يكون هذا الراي الاخير اصوب الاراء اعني ان هذا الفعل مركب لاكن ينبغي ان يعتمد ان الاملك به انه فعل طبيعي اذ كان اكثر تنفسنا في حال الصحة وفي حال المرض انما يكون من غير ان نتعمده وبذلك امكن ان يجعل دليلا على مزاج القلب والتنهد الذي يصيب الانسان هو شي غير متعمد له وايضا اذا كثرت حاجتنا الى التنفس فانا لا نقدر الا نتنفس كالحال في السعال وغير ذلك وانما ارفدت الطبيعة هذه القوة بالارادة للحاجة الى ذلك في الموضع الذي لا تفي القوة الطبيعية بما يحتاج القلب من ذلك واما ما يحتج به جالينوس على ان هذه القوة ارادية محضة من انها تبطل بقطع العصب فليس في هذا حجة وهو موضع مختل كما قيل غير ما مرة فانه اذا ارتفع العصب فارتفع بارتفاعه حركة ما فليس يلزم ضرورة اذا وجد العصب ان توجد تلك الحركة حتى يكون العصب هو السبب الخاص في ذلك الفعل وقد شوهد ان من شد له عرقا السبات الصاعدان الى الدماغ انه يختل افعاله الاراديه كلها ولذلك سمي هذان العرقان بهذا الاسم وحكى الرازي ان ملوك الهند كانت تقتل بذلك وايضا فما الذي يصنع ان يكون فعل العصب في ذلك انما هو احد ما يتم به هذا الفعل فاذا اختل هوضرورة اختل ذلك الفعل وليس هو سبب خاص بذلك ولا يلزم ان تكون كل حركة للعصب يدخل في وجودها ان تكون ولا بد ارادية محضة وكيف لا وهو يقر ان حركة الاجفان انما تكون بالعصب وهذا كله بين بنفسه واذ قد تبين ما منفعة التنفس واي قوة هي هذه القوة فقد ينبغي ان نشرع في منفعة عضوعضو من الاعضاء المنسوبة الى هذا الفعل فنقول ان اشهر الاعضاء منفعة في هذا الفعل هي الرية وذلك انها اذا انبسطت جذبت الهواء الى داخل واذا انقبضت دفعته الى خارج وبالجملة فما لا شك انها الالة الخاصة بهذا الفعل لاكن مما فيه موضع نظر هل حركتها هذه الحركة التي بها يكون ادخال الهواء واخراجه تابعة لحركة الصدر من غير ان يكون لها في نفسها حركة ام حركة الصدر في التنفس شي مصاحب لحركتها وكانه معين لها اما جالينوس فيرى انه ليس لها في ذاتها حركة تخصها وان حركتها انما هي تابعة لحركة الصدر وان حركة التنفس الذي على المجرى الطبيعي انما تكون بالعضلة العظمى التي تسمى الحجاب وهي الفاصلة بين الاعضاء الفوقية والسفلية ويرى ان اخص منافع هذا العضو هو هذا الفعل واما في وقت ارسطو فلم يكن وقف من منفعة هذا العضو على شي سوى انه حاجب بين الاعضاء الرئسية وبين الاعضاء التي تطبخ الغذاء لان لا يصل اليها في حين الطبخ شي من الحرارة وليس مثل هذا بنكير فان الحال فيما يدرك بالتشريح كالحال فيما يدرك من حركات الاجرام السماوية وجالينوس مع ان في زمانه كانت هذه الصناعة اكمل شي يقول انه ليس يمتنع ان يقف غيري من هذه الاشياء على ما لم اقف ولذلك جل الامور الذي يظن بجالينوس انه يناقض فيها ارسطو ليست في الحقيقة مناقضات وانما هي كالتتميمات والزيادة مثال ذلك ما حكاه ارسطو في منفعة الحجاب وما يظن به انه لم يحس الاجسام التي تسمى عصبا لاكن لم يكن ذلك ضارا له فيما يعتقده من الاقاويل الكلية في الحركة والحس في منفعة القلب والدماغ وكما ان من شان من ادرك في علم الهيئة حركة زائدة ان يضيفها الى ما/ما ادرك المتقدم كذلك ينبغي في هذه الاشيا ها هنا لا ان ما اتى به جالينوس من الامور الجزئية يناقض تلك الكليات وقد خرجنا عما نحن بسبيله فلنرجع الى حيث كنا فنقول انا انما قلنا فيما يراه جالينوس من ان حركة الرية تابعة لحركة الصدر موضع نظر لانه انما يصح ذلك بانه اذا تعطلت حركة الصدر تعطلت حركة الرية ومات الحيوان وهذا ليس يظهر منه ولا بد ان حركة الصدر هي السبب الخاص لحركة الرية وذلك انه قد يمكن ان يكون الصدر والرية في هذه الحركة كل واحد منهما متحرك من ذاته لاكن ليس يمكن لاحدهما حركة دون الاخر فعلى هذا ايضا متى تعطل احدهما تعطل الاخر وليس ولا واحد منهما سبب لصاحبه في هذه الحركة ولو قدرنا الرية في هذه الحركة غير متحركة على ما يراه جالينوس لتعطلت ضرورة حركة الصدر افترى كنا نقول اذ ذلك ان الرية تحرك الصدر لانه اذا لم تتحرك لم يتحرك الصدر فهذا هو اختلال هذا الموضع هنا فانه غير ممتنع ان تكون حركة الصدر والرية كالمتحركتين معا من تلقا انفسهما في رباط واحد فانه متى لم يتحرك احدهما لم يتحرك الاخر وليس واحد منهما يحرك صاحبه وايضا فليس ممتنعا عندما يتولد بالصدر سوء مزاج من قطع العصب الواصل اليه او شده ان يتعدى ذلك الى الرية على سبيل المشاركة فان احد ما تعتقد به الاعضاء هي جهة مشاركتها وجالينوس يقر بذلك وعلى هذا الجهة تكون حركة الصدر كانها معينة لحركة الرية ولا سيما عند الحاجة الى التنفس الشديد وجالينوس لزم في هذا القول اصوله وذلك انه لما كانت هذه الحركة عنده ارادية وكانت الحركة الارادية عنده انما تكون بالعصب فقط ولم يكن ظهر له بالتشريح انه ياتي من العصب للرية ما به يتحس فضلا عما به يتحرك وكانت طريقة الارتفاع عنده يقينية اعني انه وجد حركة الرية ترتفع بارتفاع الصدر حكم حكما باتا ان الصدر يحرك الرية في هذه الحركة وان الرية مستتبعة له ويشبه الا يكون في ايدينا من المقدمات ما نصل به الى اليقين في كثير من هذه المطالب لاكن مع هذا ينبغي ان يقال في ذلك بحسب الطاقة فانه غير ممتنع ان تلوح ها هنا اشيا فيما بعد يمكن منها الوقوف على اليقين في كثير مما لا يمكننا نحق في زماننا هذا وانما قسم الصدر بقسمين وجعلت اجزا الرية مضاعفة ليكون متى اعترى في احدهما شي قام الثاني بالمنفعة مثال ذلك ما يعتري في الجراحات التي تخرق احد التجويفين من تتجاويف الصدر فان القسم من الرية الذي في التجويف الغير منخرق يقوم حينئذ بمنفعة التنفس واما اذا انخرق تجويفا الصدر معا فانه يهلك الحيوان واما قصبة الرية فانها ايضا من اجل ادخال الهوا واخراجه لاكن يصحب اخراج الهوا منفعة اخرى وهو حدوث الصوت ولذلك جعل في طرفها العضو الذي به يمكن ذلك وهو المسمى حنجرة فان هذا العضو خلق خلقة مواتية لحدوث الصوت ولذلك جعل فيه الجسم الشبيه بلسان المزمار ووصل به من العضل ما يتاتى به ان يتشكل باشكال مختلفة حتى يحدث عنه اصوات مختلفة وهذه المنفعة في الحيوان هي من اجل الافضل لا من اجل الضرورة فانه ليس الصوت ضرورة في وجود الشخص وكثيرا ما تتوخى الطباع هذا فتصرف العضو الواحد في منفعتين وثلاث اذا امكن ذلك كالحال في الخياشيم فانها جعلت للشم واتفق فيها ايضا ان كانت سبيلا لتنقية فضول الدماغ فهي بهذا الوجه تخدم القوة الغاذية وبالوجه الثاني القوة الحساسة ومن الدليل على ان الحنجرة هي الالة الخاصة بالصوت انا متى نفخنا بشدة في قصبة رية اي حيوان اتفق حدث صوت شبيه بصوت ذلك الحيوان وجعل على فم هذا المجرى غطا يحجب لان لا يصل اليه شي مما يمر بالفم فيهلك الحيوان ولذلك متى ذهب هنالك شي له قدر ما احدث سعالا واما العنبة فان منفعتها ان تمنع ايضا الغبار والدخان وما اشبهه مما يمكن ان يصل الى الحنجرة وهي مع هذا تحجب البرد لئلا يصل الى اعضاء التنفس ولذلك متى افرط في قطعها/ غلب على الصدر والرية البرد حتى ان كثيرا من الناس يهلكون لذلك ويشبه ان يكون لها ايضا مدخل في وجود الصوت فهذا هو القول في منافع الات التنفس.
صفحہ 96