وهذه الاعضاء منها ما يختص به الذكر وهي الانثيان والقضيب ومنها ما تختص به الانثى وهو الرحم والثدي. اما الانثيان فانهما جعلتا لمكان تكوين المني ولذلك جعلت ذات لحم غددي ابيض كالحال في الثديين فان هذا اللحم عندما يحيل الدم لتشبهه به يصير به الى البياض كما ان الكبد لحمرتها عندما تحيل الكيلوس تصرفه احمر وذلك ان الفاعل انما يصير المفعول شبيها به من جميع الوجوه وينبغي ان تعلم ان هذا العضو وان كانت فيه القوة المولدة فليست هي الرئيسية على ما يرى ذلك جالينوس لانه ليس مكتفيا في فعله بذاته بل بما يصل اليه من الروح الذي في القلب المقدر في الكيفية والكمية ولذلك ما نرى ان القوة القلبية التي تقدر له هذه الحرارة حتى يفعل بها فعله هي القوة الرئيسية المولدة وان القوة التي في هذا العضو خادمة او رئيسية جزئية واما الانثيان التي يزعم جالينوس انها توجد للمرأة فيشبه الا يكون لها تاثير في الولادة اذ كان مني النساء المتولد فيها لا مدخل له في الولادة وليس ذلك بغريب فان الثدي في النساء لمكان الولادة وليس لها في الرجال هذه المنفعة فاما من اين يظهر انه ليس لمني المرأة مدخل في الولادة فمن الحس والقياس اما من الحس فان ارسطاطاليس يرى ان المرأة قد تحمل دون ان تمنى واما انا فقد سمعت كلام ارسطو لم ازل اتعمد حس ذلك فوجدت التجربة صحيحة والفيت اكثر الحمل الذي بهذه الصفة انما يكون بالذكورة وسالت النساء عن ذلك فاخبرنني ايضا بذلك اعني انهن كثيرا ما يحملن دون ان تكون منهن لدة واما القول الموجب لذلك فلان مني المرأة ان كان يفعل فعل مني الرجل فالمرأة مولدة بذاتها ولا حاجة ها هنا الى الذكر وليس يمكن ان يتصور ان هذا الفعل ينقسم بينهما بالكمية حتى يكون مني المرأة يفعل بعض الاعضاء ومني الرجل يفعل بعضا اخر فان الاعضاء وان كانت كثيرة فانها واحدة بالمبدأ الواحد الذي فيها ومعطي هذا المبدا الذي هو القلب هو معطي جميع الاعضاء بالقوة فان كان في مني المرأة كفاية في عطا هذا المبدا فمني الذكر لا تاثير له في الولاد وان كان مني الرجل هو المعطي صورة هذا المبدا فليس لمني المرأة هذا الفعل اصلا وليس لقايل ان يقول ان مني الرجل ومني المراة ليس لواحد منهما هذا الفعل على الانفراد حتى يمتزجا ويختلطا ويصير لهما كون اخر كما انه ليس في الخل مفردا ولا العسل مفردا ان يفعل فعل السكنجبين لاكن ان وضع هذا ايضا فالمازج اذا لهذين المنيين والمعطي لهما هذه الصورة هو ضرورة المكون بالحقيقة والمنيان يجريان منهما مجرى الهيولي وليس ها هنا شيء يفعل هذا الفعل ويلزم ان يكون العضو الفاعل لذلك هو العضو الذي فيه القوة المولدة بالحقيقة فيكون على هذا القوة المولدة انما هي في الرحم واي حاجة ليت شعري كانت الى المني والدم لان يكون منهما مثل هذا الفعل وفي الدم كفاية لان تتكون منه جميع الاعضاء اذ كان يظهر انها تغتذى به واذا كان ذلك كذلك وظهر انه ليس يمكن ان يكون فعل مني المراة وفعل مني الرجل واحدا بالنوع وكان يظهر ايضا ان للمراة تاثيرا في الولادة فمن الواجب ان يكون فعل هذا غير فعل تلك ويكونان يؤمان بفعلهما غاية واجدة وهو وجود الولد فكل واحد منهما يعطي الولد جزءا مما به يتقوم وجزءا الشي هما المادة والصورة فاحدهما ضرورة هو معطي المادة والاخر معطي الصورة وليس يمكن ان نقول ان المراة هي التي تعطي الصورة والذكر المادة بل الامر بالعكس فان الذي يعطي الغذاء هو الذي يعطي الهيولي ضرورة فالذكر اذا هو المعطي الصورة كما يرى ذلك ارسطو والانثى تعطي المادة وليس للانثى شيء /يمكن ان نظن انه مادة الا منيها او طمثها دم الطمث فوق الكلمة السابقة لاكن المني هو رطوبة مائية تشبه الفضلة بل هي في الحقيقة فضلة ليس يمكن ان تتغذى بها الاعضاء ولو امكن فيها ذلك لكان في الدم كفاية في ذلك اذ كان هو الذي به تتغذى الاعضاء فانه لا فرق بين مادة الاغتذاء والتكون لان الاغتذا تكون في الجزء والتولد تكون في الكل ومادة الكل والجزء واحدة وايضا فمما يشهد على ان مني المراة ليس هو هيولي للمولود ان نساء كثيرة يحملن دون ان ينزلن بالمني كما قلنا وايضا فانا نجد الرحم تقذف بالمني الى خارج وتجذب مني الرجل الى داخل وهذا كله مما يدل على ان مني المراة رطوبة فضلية تسيل عند اللدة كما يسيل اللعاب من فم الجايع المبصر للطعام ومن الدليل عندي على ان مني الرجل يتنزل منزلة الفاعل ان الاعضاء لما كانت انما تغتذى بالحرارة الغريزية القلبية وكانت هذه الحرارة هي الالة الاولى للنفس الغاذية وجب ضرورة ان تكون هي الالة الاولى للقوة المكونة فلذلك ما يلزم ضرورة ان يكون في مني الرجل او في الدم الذي في الرحم جزء كبير من هذه الحرارة الغريزية موجودا بالفعل وليس يمكن ان يكون هذا الا في المني لموضع الحرارة والرطوبة الموجودة فيه فاما الدم الذي يتولد منه الجنين وهو دم الأوراد فانه بعيد جدا عن ان يكون فيه بالفعل مثل هذا الجوهر لانه دم غير منهضم وابعد من هذا ان يكون في مني المراة وليس لقايل ان يقول ان الحرارة الغريزية تتولد في الجنين من ذاتها فانه لا يولد الحرارة الغريزية الا حرارة غريزية كالحرارة الغريزية التي في المتغذي وعلى هذا فليس ينبغي ان تتوهم ان المني انما يفيد كيفية فقط بل حرارة ذات كيفية ولذلك لا حجة لجالينوس ولا لابقراط على ارسطو في الرقاصة التي اخبر ابقراط انها اسقطت في اليوم السادس والمني قد احتوى عليه احد الاغشية المحيطة بالجنين ولا ينبغي ايضا ان يطالب ارسطو كما يفعل جالينوس اين ينفش المني ويتحلل وانا اعلم ضرورة ان هذا الفحص غير مهم في صناعة الطب لان اولى المواضع به هو القول في ولادة الحيوان لاكن اثرنا ذكره ها هنا لينقله من شاء الى ذلك الموضع فانه بعد لم يتهيا لنا فراغ لتلخيص تلك المقالات فلنرجع الى حيث كنا فنقول اما القضيب فمنفعته الاولى ليقذف بالمني الى داخل الرحم وله مع هذا منفعة ثانية وذلك انه سبيل الخروج الفضلة الرطبة واما الرحم فالامر فيها بين انها لمكان الولادة وللرحم مع هذا منفعة اخرى وذلك انها سبيل وطريق لفضول الدم الغير نضج الذي يتكون في النسا وهو دم الطمث وذلك ان النساء لمكان رطوبتهن وقلة للحرارة الغريزية في ابدانهن لا تفي الحرارة بانضاج الدم الوارد على اعضايهن فتدفعه الطبيعة بادوار محدودة من هذا العضو وجعلت ذات ليف كثير ذاهب ورابا لما فيها من القوة الماسكة وفيها بعض ليف ذاهب طولا لما فيها ايضا من القوة الجاذبة للمني واما القوة الدافعة فامرها ايضا بين فيها ولذلك كان فيها ليف ذاهب عرضا واما هل في الرحم قوة مغيرة ففي ذلك نظر وذلك انا لسنا نقدر ان نقول ان الرحم هي تفعل اعضاء الجنين بل انما تفعلها القوة المصورة بالحرارة الموجودة في المنى ولو كانت الرحم هي التي تخلق اعضاء الجنين لكانت الانثى مولدة من ذاتها واذا كان ذلك كذلك فالقوة المغيرة التي فيها انما تنزل منزلة الحافظة ولذلك متى صادف المنى الهواء فسد مزاجه فعلى هذا ينبغي ان يفهم ان في الرحم قوة مغيرة واما الثدي فالامر فيها ايضا بين انها لمكان توليد اللبن ولذلك كان لحمها غددي ابيض وهي من الاعضاء المشاركة للرحم ولذلك نجد الرحم متى انصرفت عنها المواد صارت الى الثديين كالحال في اللواتي يرضعن فان امثال هاؤلا اما ان يقل طمثهن واما الا يطمثن البتة حتى ان بعض النساء لا يحملن من يرضعن وكذلك متى انصبت المواد الى الرحم انصرفت عن الثدي فقد قلنا في منافع الات التناسل وينبغي ان نصير الى القول في منافع الات الحس. القول في منافع الات القوى الحساسة /فنقول اما الحواس الاربع التي هي السمع والبصر والشم والذوق فبين ان الدماغ انما جعل لمكانها وانها موجودة فيه وبخاصة السمع والبصر والشم وكذلك ايضا يبين ان لكل واحد منها الة خاصة فالة البصر العين والة السمع الاذن والة الشم المنخر والة الذوق اللسان وسنفصل بعد منفعة جزء جزء من اجزاء هذه الالات واما الة اللمس الخاصية ففيها شكوك كثيرة وجالينوس يرى ان العصب النابت من الدماغ هو الالة الخاصة بهذه الحاسة وانه الذي يفيد غيره هذه القوة وذلك فيما شانه من الاعضاء ان يقبلها وارسطو يرى انها اللحم وذلك تابع لرايهما في الدماغ فان جالينوس يرى ان فيه الحواس الخمس ويرى مع ذلك انه رئيس في هذا الفعل اعني انه مستبد فيه بذاته غير محتاج الى غيره واما ارسطو فيرى ان رئاسته رئاسة جزئية خادمة في هذا الفعل لرئاسة القلب سواء وجدت فيه الحواس الخمس او الاربع فقط ولننظر نحن في ذلك على النحو الذي نظرنا في رئاسة الكبد فنقول اما انه يظهر بالتشريح ان شراين عظيمة كثيرة تتصل بالدماغ من القلب فذلك امر يقر به جميع المشرحين وجالينوس في جملتهم فمن هنا يظهر ظهورا اوليا ان الدماغ مضطر في فعله هذا الى القلب لاكن ان كان على ان القلب انما يفيد الدماغ بهذه الحرارة التي يوصلها اليه القوة الغاذية التي بها يتغذى فالقلب ضرورة خادم للدماغ في هذا ومرؤس اذ كان التغذي والقوة الغاذية انما وجدا في الحيوان من اجل الحس والقوة الحساسية وان كان انما يفيده بهذه الحرارة التي يوصلها اليه هذه الاحساسات الخمس فالقوة الحساسية الرئسية الاولى فيه وهذه القوة هي التي تعرف بالحس المشترك وقد تبرهن وجود هذه القوة في كتاب النفس لاكن جالينوس كما قلنا يرى ان هذه القوة المشتركة في الدماغ وارسطو يرى انها في القلب فاما من اين يظهر ان القلب هو الذى يعطي الدماغ الحراره المقدرة في الكمية والكيفية بحسب حاسة حاسة من الحواس التي في الدماغ فانه ليس باي حرارة اتفقت تكون اي حس اتفق ولا ايضا الحرارة التي تكون بها القوة الغاذية هي الحرارة التي يكون بها الحس فذلك بين من حال النايم واليقظان فانا نرى ان القوة الغاذية اتم ما تكون فعلا في جميع الاعضاء في وقت النوم وليس هنالك حس واذا كان ذلك كذلك فالحرارة التي يكون بها الحس في وقت النوم غير موجودة في الحواس وابين ما يظهر ذلك في الذي ينام مفتوح العين فانه لولا انصراف الحرارة التي بها يبصر حينئذ من العصبة المجوفة الى داخل لما كان يعدم البصر فليت شعري هذه الحرارة الى اين تنصرف ومن اين تنبعث فان هنالك ضرورة القوة الحساسية المشتركة اما انا فيظهر لي ظهورا اوليا ان منبعث هذه الحرارة من القلب ومنصرفها اليه ولذلك كان ظاهر البدن احر في اليقظة والقوة الغاذية اظهر فعلا عند النوم وظاهر البدن ابرد وليس لاحد ان يقول ان انتشار هذه الحرارة التي بها يكون الحس في اليقظة يكون من الدماغ فان الدماغ عضو بارد والاعصاب اعضاء باردة واكثرها ليس يظهر ان فيها روحا فضلا عن ان يسخن البدن وايضا فقد يظهر بالقول ان الحرارة التي هي هيولي النفس الغاذية هي والحرارة التي هي النفس الحسية واحدة بالموضوع وليست اثنين بالموضوع ولا في عضوين مختلفين وذلك ان النفس الغاذية لما كانت في الجنين مستعدة لقبول النفس الحسية وكانت الحسية تتنزل منها منزلة الصورة والكمال والغاذية منزلة الهيولي فحيث الاستعداد للقبول فهنالك ضرورة يكون القبول وبين ان النفس انما صارت مستعدة بموضوعها الذي هو الحرارة الغريزية فقبولها الصورة الحسية يكون ضرورة في هذا الموضوع بعينه وهذه حال الكمالات مع التوطيات وبهذا صار المجتمع منها واحدا اعني بالموضوع واذا كان هذا كله هكذا وظهر ان الحرارة التي بها تتدبر / الحواس هي حرارة القلب فالقوة المدبرة الحساسة المشتركة هنالك والدماغ خادم لهذه القوة ورئيس على غيره من الاعضاء لا ان رياسته رياسة مطلقة وقد كان يمكن ان نبين هذه الاشياء بطرق اوضح لاكن قصدنا الايجاز. واذ قد تبين ان الدماغ يخدم القلب في افادته القوى الحسية على جهة ما يخدم صاحب الجيش الملك في تتميم غرضه والملك هو الذي رسم له الغايات التي اليها ينتهي ونحوها يفعل وقد ينبغي ان ننظر اي جهة هي هذه الجهة التي بها نقول ان الدماغ يخدم القلب فانه قد كان ظهر النحو الذي به يخدم الكبد القلب وذلك انه يعد له الغذاء فنقول انه لما كان ليس باي مقدار من الحرارة يتم فعل حاسة حاسة وكان يظهر من امر الحواس انها ليست تحتاج الى حرارة قوية فان الحرارة القوية فيها تعوقها عن ادراك محسوساتها التي من خارج وتشو شها عليها حتى ان الذين تسخن رؤسهم في الامراض الحادة يحمل اليه انهم يسمعون اشيا ويبصرونها من غير ان تكون موجودة واكثر ما يظهر هذا المعنى في حاسة اللمس وذلك انه لما اريد فيها ان تدرك المتضادات الاربع ولم يمكن ان تكون التها خلوا منها اذ كانت ممتزجة جعلت في الغاية من الاعتدال ليكون بذلك حسها اصدق ولما كان القلب في الغاية من الحرارة جعل يقابله الدماغ ليعدل من حرارته حتى تظهر المحسوسات على كمالها ولم يمكن ان تجعل هذه البرودة نفسها في خلقة القلب اولا فانه كانت تنقص الافعال الغاذية بذلك نقصانا بينا وكان الطباع لما رام ان يجعل هذين الفعلين في الحيوان الكامل على اتم ما يكون قرن الى القلب الدماغ واما في الحيوان المنباتي المعروف باسفنج البحر وفي كثير من الحيوان الناقص فيشبه الا تكون الحاجة فيه مضطرة مثل هذا الاضطرار الى وجود الدماغ وبخاصة العصب النابت من الدماغ ولذلك متى فصل جزء من ذلك الحيوان النباتي اي جزء كان امكن ان يعيش ويتغذى وينمى حتى يعود الى حاله وهذا هو السبب في انك ترى كثيرا من الحيوان يعيش بعد ان يفصل وهذه الجهة من خدمة الدماغ للقلب هي التي يراها ارسطو وجميع المثاين وانما جعل عظم الراس ليحجب الدماغ وجعل مستدير الشكل لانه ابعد من الافات ومنفعة النخاع من جنس منفعة الدماغ وايضا فكانه مسمار يربط الفقارات واذ قد تبين من هذا القول كيف نسبة رياسة الدماغ في الحس الى رياسة القلب وتبين مع ذلك اي منفعة منفعته فقد ينبغي ان نشرع في منفعة عضو عضو من الاعضاء التي اعدت نحو هذه القوى الخمس فنقول اما اللحم فانه الالة الخاصة لحس اللمس اذ كان هو العضو المشترك لجميع الحيوان كما ان اللمس هي الحاسة المشتركة وانما جعل العصب في الحيوان الكامل لمكان تعديل مزاج اللحم وذلك انه لما كان شبيها بجوهر الدماغ لزم ان يكون منفعته من جنس منفعته ولذلك كانت الاعضاء التي لا ياتيها عصب كثيرة عسيرة الحس وهذه القوة منها عامة لجميع اجزاء اللحم وهي الاحساس بالكيفيات كذا المتضادة الاربعة التي هي الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة ومنها خاصة كاحساس فم المعدة بما يتحلل منه وهذا الاحساس يسمى جوعا وعطشا اما الجوع فانه الاحساس تجلل الجوهر الحار اليابس واما العطش فانه الاحساس تجلل من الجوهر البارد الرطب وكاحساس الكمرة بالدغدغة التي تكون عند الجماع فهذان الصنفان من الاحساس هما ضرورة معدودان في هذا الجنس من الحس واما اللسان فالامر فيه بين انه انما اعد نحو فعل الذوق وان كان مع هذا يصحب فيه امر اخر من جهة الافضل وهو انه الذي به يتهيا تقطيع الحروف وفي اصل اللسان فوهتان يفضيان الى لحم غددي يقال له مولد اللعاب ومنفعة هذا اللعاب انه يغسل الاشياء المذوقة حتى يظهر طعمها في الفم واما العينان فالامر فيهما بين انهما الة الابصار لكن لما كانت / على ما ظهر بالتشريح مولفة من سبع طبقات وثلث رطوبات فقد ينبغي ان ننظر في منفعة واحدة واحدة منها وقد يظهر ان الالة الخاصة بهذه الحاسة هي الرطوبة المستديرة الشكل المسماة جليدية اوالشبكة العنكبوتية الموضوعة على هذه الرطوبة وذلك انه قد بين في العلم الطبيعي ان الة هذا الادراك انما يتم بالجسم المشف الذي هو الماء والهواء وليس يظهر جسم في العين في غاية الصقالة والصفا اللتين شانهما ان تتولد عن ممازجة الهواء والماء غير هذين الجسمين وبهذا الصفا الذي فيهما والشفيف امكن ان يقبلا الالوان وانما جعلت استدارة هذه الرطوبة مفرطحة قليلا لتلقى من المحسوسات مقدارا كبيرا واما ساير الرطوبات والطبقات فانما جعلت لمكان هذه الرطوبة الجليدية اما الزجاجية فانها جعلت لتغذوها على جهة الرشح وذلك ان الدم لما كان بعيد الطبع من هذه الرطوبة احتيج الى متوسط يصير اليه الدم اولا ويتحول وحينيذ يمكن ان يكون غذاء لهذه الرطوبة واما البيضية فانما جعلت لتندى هذه الرطوبة وتحفظ مزاجها من الهواء الذي من خارج ولتمنعها ايضا من ملاقات الطبقة التي فوقها وهي العينبية واما الطبقات فان الصلبة منها جعلت لتوفي العين من صلابة العظم وان تربط العين بالعظم واما المشيمية فجعلت لتغذو الشبكة بما فيها من الاوراد وتفيدها ايضا الحرارة الغريزية بما فيها من الشرايين واما الشبكية فمنفعتها الاولى أن تؤدى الروح الباصر بما فيها من العصب وهو الحار الغريزي الذي قد تعدل مزاجه في الدماغ وفي العصبتين التين ينفذان الى العينين وايضا فانما تغذي الرطوبة الزجاجية على طريق الرشح وتفيدها حرارة غريزية بما فيها من الشرايين واما الطبقة العنكبوتية فان جالينوس يقر ان هذه الشبكة في غاية الصفا والصقالة وانها ترتسم فيها الاشكال والالوان واذا كان ذلك كذلك فهذه الطبقة هي الالة الخاصة بالابصار اما مفردة بذاتها واما مع عون الجليدية لها على هذا الفعل واما العينبية فزعموا ان لها ثلاث منافع احدها ان تغذو القرنية ولذلك جعلت كثيرة العروق والثانية ان تحجب الجليدية من القرنية لان لا تضر بها صلابة القرنية ولذلك جعلت هذه الطبقة لينة والثالثة لان لا يتبدد الروح وذلك باللون الاسود الذي لها اذ كان من شان هذا اللون ان يفعل هذا والثقب الذي في وسط هذه الطبقة انما جعل ليؤدي صورة الشيء المحسوس الى الرطوبة الجليدية او الشبكة العنكبوتية او كليهما فانه ليس الابصار لشيء يخرج من العين على ما يرى ذلك جالينوس بل العين يقبل الالوان بالاجسام المشفة التي فيها على الجهة التي تقبلها المراة فاذا انطبعت الالوان فيها ادركتها القوة الباصرة وهذا كله قد تبين في العلم الطبيعي ولذلك اي جسم من هذه الاجسام التي تركبت منها العين كان اجدى ان تنطبع فيها الالوان لشدة صقالتها فذلك الجسم هو الالة الخاصة بالعين والقرنية ايضا منفعتها الوقاية وجعلت صافية رقيقة لان لا تعوق الرطوبة الجليدية من قبول الصور واما الملتحم فمنفعته ان يربط العين كلها بالعظام قالوا وان يحرك العضل الذي يحرك العين فهذه منافع اجزاء العين على ما يراه جالينوس واكثرها كما ترى منافع حدسية وتخمينية ولاكن لا يشك بالقول المطلق ان في كل واحد منها منفعة ما خاصة وان الجزء الرئيس فيها انما هو الذي شانه ان تنطبع فيه الالوان واما الة السمع فالامر فيها بين انها الاذنان والالة الاولى فيها للسمع هي العصبة التي تاتيها المغشية لثقب الاذن وجعل ثقب الاذن موربا زعموا لئلا يكون الهواء باردا في بعض الاوقات فيؤذي الة السمع والاشبه ان يقال في ذلك/انه انما جعل موربا لئلا يلقى الهواء المؤذي للصوت الصماخ بشدة في الاصوات القوية وبالجملة فينبغي ان يعتقد ان لذلك الشكل منفعة ما في تادية الصوت ولذلك جعل الجسم الغضروفي المسمى عند الناس الاذن مقعرا ومن منافع هذا الجسم اما في الانسان فلان يستر الثقب مما ينزل من الراس واما في ساير الحيوان فان فيه منفعة اخرى ليلتقي بها الاصوات من اي جهة وردت ولذلك تحركها كذا في الشم وهو ايضا ظاهر ان الة الشم هي الانف وان ذلك يكون في الحيوان المتنفس بالاستنشاق وفي غير المتنفس بغير استنشاق كالزنابير وغير ذلك من الحيوان الذي ليس بمتنفس وارسطو فيما احسب يرى ان الموضع الذى يكون به هذا الادراك هما المجريان الظاهران في الانف وجالينوس يرى ان هذا الادراك انما يكون بمقدمتي الدماغ بالزايدتين التين هما هنالك المشبهتين بحلميتي الثدي ويقول ان لبعد هذا الموضع احتيج الى الاستنشاق وانا اقول انه لو كان الامر كما يقول جالينوس لكنا متى سددنا انوفنا واستنشقنا الهواء على الفم احسسنا الروائح ضرورة اذ كان الحنك منفوذا الى الانف وليس يلقى الامر كذلك وكان يلزم ايضا كما يقول ابو نصر ان نحس بروايح الاطعمة عندما تبتدي تنطبخ في المعدة وليس الاستنشاق دليلا على ان بتلك الزائدتين يكون الشم ولو كان ذلك كذلك لما امكن ان يشم الحيوان الذي لا يستنشق بل انما جعل الاستنشاق لمكان الشم لاحد امرين اما من جهة الافضل واما لغلظ هذه الحاسة في الحيوان المستنشق لانه قد كان يمكن ان يكون البخار يصل من ذاته الى نفس الحاسة لاكن لما كان الحيوان المتنفس فعله احد بين هذين اما اخراج الهواء واما ادخاله ولم يكن يمكن ان يصل البخار المشموم عند اخراج الهواء كان وصوله حاسة الشم عند ادخاله اكثر فان وصول ذلك الهواء المشموم يكون بالاستنشاق اكثر منه بغير الاستنشاق ولذلك يكثر من استعماله عند اختيار الروايح ويشبه ان يكون الحيوان الذي يشم دون استنشاق اذكى حاسة من الذي يستنشق كما نرى ذلك في النمل والنحل ولضعف هذه الحاسة في الذي يستنشق يكون ما يصل اليه في غير حين الاستنشاق نزرا لا يحسه والانسان في هذه الحاسة ينقص بالاضافة الى كثير من الحيوان الذي هي ضرورة في معاشه ولذلك يقال في امثال هذه الحيوانات انها تاتي اغذيتها بوحي والهام واذ قد قلنا في الات الحواس الخمس فلنقل في الاعضاء التي جعلت من اجل القوة المحركة.
~~القول في منافع اعضاء الحركة الارادية
صفحہ 85