فنقول اما العظام فظاهر من امرها غلبة البرد واليبس عليها وكذلك الغضاريف والاظفار والشعر والرباطات والاوتار والعصب والعروق والاغشية وذلك ان البرد هو عاقدها ولذلك كانت الحرارة تلينها وهي في هذا متفاضلة وذلك انه يشبه ان يكون ايبس هذه هو الشعر وبعده العظم وبعده الغضروف ثم الرباط ثم الوتر ثم الغشاء ثم العروق الضوارب وغير الضوارب ثم العصب واما تفاضلها في البرد فالشعر اولا ثم العظم ثانيا ثم الغضروف ثالثا ثم الرباط ثم الوتر ثم الغشا ثم العصبة ثم العروق غير الضوارب ثم الضوارب لان الحرارة لهذه انما هي موجودة بضرب من العرض واما الاعضاء الغالب عليها الحرارة والرطوبة فهي الدم واللحم والارواح وهذه ايضا في الحرارة والرطوبة على مراتب فاحرها الارواح ثم الدم ثم اللحم وارطبها الروح ثم الدم ثم اللحم اذ كان الروح من جنس الهواء والهواء ارطب من الماء على ما لاح في العلم الطبيعي. واما الاعضاء الباردة الرطبة فالشحم ثم السمين ثم المخ وهيفي الرطوبة على هذا الترتيب وهذا الترتيب ينبغي ان يتقصاه ها هنا من الواقع له فراغ ونظر في كتابنا واما المرة الصفراء فحارة يابسة والسوداء باردة يابسة والبلغم بارد رطب وبالجملة فينبغي ان تسلم امزجة هذه الاعضاء صاحب هذه الصناعة من العلم الطبيعي واذ قد تبين امزجة الاعضاء المتشابهة الاجزاء فقد يمكن ان نقف بذلك على مزاج عضو عضو من الاعضاء الالية فنقول ان القلب اذ هو مؤلف من اغشية ورباطات ولحم وعروق وغضروف ودم وروح هو ضرورة حار لمكان الروح العظيم الذي فيه والدم اذ كان كالمستوقد لجميع البدن واما هل هو يابس كما يقول الاطباء او معتدل في ذلك او مايل الى الرطوبة ففيه موضع نظر والاقرب ان يكون مايلا الى الرطوبة لكثرة الروح الذي فيه واما الكبد فالظاهر من امرها انها حارة رطبة اذ كانت أكثر اجزاءها لحمية دمية وتاتيها ايضا شراين كثيرة واما الدماغ فبارد لان أعظم اجزايه هو المخ والعصب والمخ الذي فيه طباعه بارد رطب بخلاف المخ الذي في العظام والدليل على ان مخ الدماغ بارد رطب بخلاف المخ الذي في العظام والدليل على ان مخ الدماغ بارد رطب كذا أكثر من مخ العظام انه ليس فيه جزء دسم واذا طبخ صار جاسيا وذلك أن/ الجزء المائي ينفش منه بالحرارة فيبقى الجزء الارضي وكذلك النخاع والطحال والكلى من الاعضاء الحارة الرطبة وان كانت الكلي في ذلك دون الطحال لمكان عكر الدم الموجود في الطحال وهي في هذين أقل من الكبد. واذ قد تبينت امزجة الاعضاء الالية والبسيطة فقد يظهر من هذا ما هو المزاج المعتدل في جميع البدن وذلك ان من وجدت هذه الاعضاء فيه على هذه النسب كان معتدل المزاج ضرورة ولحقته تلك الخواص والعلامات التي يصفها جالينوس في المعتدل المزاج وبين ان هذا الاعتدال انما هو بالاضافة الى جملة افعال البدن لاكن لما كانت هذه الاعضا المتشابهة قد يمكن ان تشتد في مزاجها وتخرج اما لكيفيته واحدة واما اكثر من واحدة مما يمكن ان تتركب من غير ان يكون ذلك الخروج ضارا بالفعل وذلك اما لمكان الاقليم او لمكان الهيولي والفاعل او لمكان السن فان الصبي حار رطب والشباب حار يابس والشيخ بارد يابس وهذا بين من افعالهما وقربهما وبعدهما من الكون وكذلك ايضا مزاج الذكر أحر وايبس من مزاج الانثى وذلك ايضا بين من فعلهما وقد يختلف الامزجة لمكان المهن والاغذية وبالجملة الامور التي من خارج. واذا امكن هذا في الاعضاء المتشابهة امكن ايضا في الاعضاء الالية ان يوجد فيها هذا الخروج واذا امكن في الاعضاء الالية امكن في جملة البدن بمقايسة بعضها الى بعض واذا امكن ذلك وكان قد تبين ان اصناف خروج الممتزج من جهة ما هو ممتزج يكون الى ثمانية اصناف فاذا الحالات التي يفعل بها عضو عضو افعاله وينفعل انفعاله او جميع البدن هي اصناف تسعة واحد معتدل وهو الطبيعي وثمانية خارجة عن الاعتدال وذلك ان البدن الذي تشتد فيه اعضاؤه اليابسة الحارة او احدها ينسب الى المزاج الحار وكذلك في صنف صنف منها فعلى هذا ينبغي ان يفهم ان اصناف الامزجة الصحية تسعة وبين ان هذا النوع من المزاج هو مشترك للصنفين من الاعضا لاكن هو للبسيطة بالذات وللمركبة بالعرض وثانيا. واذ قد تبين ما هي الحال الصحية الموجودة بالذات في الاعضاء المتشابهة الاجزاء وانواعها وثانيا للعضو الالي ولجميع البدن فلنصر الى بيان الحال الصحية الموجودة بالذات للعضو الالي من جهة ما هو ألي والى انواعها فنقول ان الاعضاء الالية من جهة ما هي مركبة يظهر من امرها انها انما تكون على الحال التي بها تفعل افعالها او تنفعل انفعالها متى كانت من كيفيتها اعني الكيفية التي في الكمية بما هي كمية ومن كميتها ومن وضعها على الحال الطبيعية ومن مشاركة بعضها بعضا في اتصالها وانفصالها وكيفية اتصالها وانفصالها اما من كيفيتها فان يكون شكلها الشكل الطبيعي وان تكون التجاويف والمنافذ التي فيها على الحال الطبيعية في السعة والضيق وان تكون سطوحها في الملاسة والخشونة على الحال الطبيعية ايضا واما من الكمية فمتى كان عدد اجزايها العدد الطبيعي وكذلك مقاديرها وان كان المقدار من جهة ما هو متصل اولى ان ينسب الى العضو المتشابه منه الى العضو الالي لان العضو الالي انما يكون بالمقدار الطبيعي متى كان كل واحد من المتشابهة التي تركب منها بالمقدار الطبيعي واما الموضع الطبيعي الذي للعضو فهو ان تكون اجزاؤه محاذية لاعضاء محدودة شانه ان يحاذي تلك الاعضاء وبذلك يكون موضعه من الجسم الموضع الطبيعي الذي له مثل المعدة والكبد وغير ذلك من الاعضاء واما قولنا وان يكون حالها من مشاركة بعضها بعضا حالا طبيعيا فان من الاعضاء ما هي منفصلة من غير ان تكون مرتبطة كالاصابع ومنها ما هي متصلة برباط او بزوايد يدخل بعضها في بعض او بكليهما. ومن هذه ما يكون اتصالها اتصالا مفصليا ومعنى ذلك انه يمكن ان يتحرك ذلك العضو الذي هو جزء المتصل بذاته مثل ذلك الكف فانها جزء من الساعد /واتصالها بها يكون بربط وزوايد وهو مع هذا ايضا اتصال مفصلي فهذه هي انواع الهيئات التي اذا كانت في الاعضاء الالية فعلت بها افعالها التي لها بالطبع وانفعلت انفعالتها الطبيعية وانت قد سلف لك مما ذكر في التشريح كيفية كل عضو وكميته ووضعه ووجه مشاركته لغيره اعني اتصاله وانفصاله فلا معنى لاعادة ذلك ها هنا لاكن لما كان قد يوجد من الامزجة الصحية المنسوبة الى الاعضاء المتشابهة الاجزاء ما هو في غاية الاعتدال وما هو خارج عن الاعتدال لاكن خروجا لا يكون عنه ضرر محسوس في الفعل والانفعال كذلك يشبه ان يكون الامر في الاعضاء الالية فيكون ها هنا كيفية معتدلة وكمية معتدلة ووضع معتدل ومشاركة معتدلة وهذه هي الهيئة الفاضلة التي رام وصفها جالينوس في مقالته المترجمة بالهيئة الفاضلة ويكون ايضا ها هنا من هذه الانواع ما هو خارج عن الاعتدال فتكون على هذا انواع الصحة الموجودة في الاعضاء الالية ثمانية اصناف اربعة معتدلة واربعة ناقصة عن الاعتدال او زايدة عليه واما الجنس الخامس من اجناس هي الهيئات التي يظن انه من احد ما تشترك فيه الاعضاء الالية والمتشابهة وهو نفس الاتصال فيما شانه ان يكون متصلا فان الاتصال قسمان اتصال يكون بالربط وهذا انما هو تماس في الحقيقة ولذلك مثل هذا الاتصال هو خاص بالالية وهو معدود في هيئتها الصحية واما الاتصال الذي هو اتصال حقيقي وهو الموجود للعضو المتشابه الاجزاء فيلزم ضرورة ان يكون معدودا في الهيئات الصحية التي للاعضاء المتشابهة الاجزاء فقد تبين من هذا القول جميع انواع الهيئات الصحية للاعضاء البسيطة والالية المشتركة منها والخاصة بواحد واحد منها وتبين مع ذلك في المشتركة على اي جهة شركتها وانما عرض هذا التداخل فيها في الاشتراك لان الحد العام لها لم يكن مقولا بتواطؤ وذلك ان نسبة المزاج الى الاعضاء الالية غير نسبة الى المتشابهة فانه للمتشابهة بالذات وللالية بالعرض. ولما لم يفصل الاطباء هذا التفصيل كانت اقاويلهم في هذه الاشياء اقناعية او منطقية. وقد ينبغي بعد هذا ان نصير الى معرفة الافعال والانفعالات التي تخص عضوا عضوا وهذه هي التي تنزل من معرفة الصحة منزلة الاسباب الغائية والتي سلف القول فيها انما كانت معرفة الاسباب الصورية لها او المادية وقبل هذا فلنقدم ما يجب تقديمه مما قد لاح في العلم الطبيعي. فنقول انه قد تبين هنالك ان كل جسم مركب من مادة وصورة وان المادة انما وجدت من اجل الصورة ومجموع الصورة والمادة الذي هو بها الموجود الطبيعي ما هو انما هو من اجل فعله الذي يخصه ولذلك ما يقول ارسطو ان الطبيعة لا تفعل باطلا مثال ذلك في الامور الصناعية ان خشب السفينة انما وجد من اجل صورة السفينة وشكلها ووجد مجموع هذين من أجل فعل السفينة وهو سيرها في الماء واذا كان ذلك كذلك فهذه الاعضاء الانسانية فيها ضرورة شيء يجري هذا المجرى اعني انه يلزم ان يكون شي فيها يلزم يجري مجرى الهيولي وشي يجري مجرى الصورة وشي ثالث وهو الفعل والانفعال ويكون هذا هو الغاية لمجموع تلك. ولهذا ما ينبغي ان نفحص ها هنا اولا ما الشي الذي يجري من هذه الاعضاء مجرى الصورة وما الشي الذي يجري مجرى الماده وحينئذ نشرع في بيان فعل واحد واحد منها وانفعاله فنقول اما الاعضاء البسيطة فانه يظهر في اكثرها انها شبيهة هيولي للمركب وذلك ان العظام الموجودة في اليد والربط والاعصاب والعروق واللحم والجلد يظهر من أمرها انها انما وجدت من اجل خلقة اليد وخلقة اليد المركبة من هذه ا نما وجدت من اجل الافعال التي تخصها و الانفعالات مثال ذلك ان اليد انما امكنها المد والانبساط والقبض وغير ذلك من افعالها من جهة ما هي مركبة ولاكن وان كانت الاعضاء / المتشابهة انما كونت اولا من اجل المركب فلواحد واحد منها فعل خاص يتميز في المركب مثال ذلك ان اليد انما كان لها قوام تحمل بها الاشياء بما فيها من العظام وانما كان فيها الالتطاء بما فيها من اللحم وهذا كله ظاهر بنفسه واذا كان هذا هكذا ووضعنا الاعضاء البسيطة انما وجدت من اجل المركبة فقد ينبغي ان ننظر هل ها هنا شيء من اجله وجد المركب ومجموعتها يلتيم فعل المركب. فنقول اما ان افعال هذه الاعضاء الطبيعية وانفعالاتها انما تكون بحرارة غريزية مبثوثة فيها غير الحرارة المزاجية التي للاعضاء المتشابهة فذلك يظهر مما لاح في التشريح ومما قيل في العلم الطبيعي اما ما ظهر من ذلك في التشريح فهو ان القلب يوجد فيه جسم بخاري في غاية الحرارة متصل منه في السبل المسماة شراين الى جميع الاعضاء على ما قيل بعد وكذلك يظن ان الامر ايضا في الدماغ. واذا كان هذا هكذا واضيف الى هذا ان جميع الافعال والانفعالات انما تكون بالحرارة الغريزية على ما لاح في العلم الطبيعي وعلى ما سيتبين بعد فجميع الاعضاء انما تفعل افعالها النفسانية بصورها المزاجية وبما يصل اليها من هذه الحرارة. ومجموع هاتين الحرارتين في العضو هي صورته التي هو بها فاعل او منفعل ومن هنا تظهر رياسة القلب على ساير الاعضاء فانه يظهر من هذا انه مكتف بنفسه في فعله وغيره مضطر في فعله اليه وكذلك ايضا تظهر رياسة الدماغ بهذا المعنى بعينه على الاعضاء التي هو رئيس عليها واذا وضع هذا هكذا فالاعضاء البسيطة انما وجدت اولا من اجل المركبة والمركبة من اجل هذه الحرارة المنبعثة من القلب وحده او من الدماغ والقلب فانا لا نبالي ها هنا كيف كان الامر في ذلك وهذه الحرارة هي التي تتنزل منها منزلة الصورة وبمجموعها تكون الافعال والانفعالات التي تخص عضوا عضوا فاما هل في هذه الحرارة كفاية ام ها هنا قوة اخرى تتنزل من هذه الحرارة منزلة الصورة فذلك شي ليس يحتاج الطبيب الى الفحص عنه ولاكن لنضع ان ها هنا قوي غير هذه الصور المزاجية على ما تبين في العلم الطبيعي وهي المسماة نفوسا. فهذا هو الذي كان ينبغي ان نقدمه قبل النظر في فعل واحد واحد من الاعضاء وانفعالاته. وقد ينبغي ايضا قبل ذلك ان نعرف كم اصناف هذه الانفعالات والافعال وحينئذ نفحص عما يخص عضوا عضوا منها والسبيل الى ذلك يكون بان نعرف اولا القوى الصادرة عنها هذه الافعال فنقول ان القوى الموجودة في الانسان ثلاثة اما قوى طبيعية واما قوى حيوانية واما قوى نفسانية ويعنون بالقوى الطبيعية القوة التي بها يكون كذا التغذية والتي بها يكون النمو والتي بها يكون التوليد ويعنون بالقوى الحيوانية القوة النبضية التي في القلب والقوة النزوعية وهي التي يكون بها الاشتياق الى الشي اوالهرب عنه ويعنون بالقوة النفسانية قوى الحواس الخمس التي هي اللمس والذوق والشم والسمع والابصار قالوا والقوة المحركة في المكان وقوة التخيل والفكر والذكر والحفظ وهذه الثلاثة يدعونها بالسياسية فهذه هي القسمة التي جرت عادة الاطباء ان يقسموا اليها قوى النفس وهي وان كانت قسمة غير صحيحة فيشبه ان تكون قليلة الضرر في هذه الصناعة لاكن الاولى ان نضعها نحن ها هنا على نحو ما تبين في العلم الطبيعي فنقول ان هذه الافعال قد تبين من امرها انها ليس يمكن ان تنسب الى الكيفيات الاربع فقط بل الى قوى زايدة عليها وهي المسماة نفوسا: ان النفس ما ينسب الى النبات وهي ثلث قوى احداها الغادية ثم النامية وهذه هي كمال للغاذية ثم المولودة وهذه كانها كمال للنامية ويتبين هنالك ايضا انها انفس اذ كانت الية وانها ليست بقوى طبيعية فلذلك كانت تسميتها قوى طبيعية مجازا هذا ان ارادوا بها انها نفس وان ارادوا بذلك انها قوة مجازية ققط فهو خطأ.
صفحہ 52